في ذكراها الرابعة عشرة…شباب ثورة فبراير يجددون التمسك بمبادئها ويتعهدون بتحقيق كامل أهدافها
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
يمن مونيتور/ من إفتخار عبده
تحلّ علينا اليوم الذكرى الرابعة عشرة لثورة الحادي عشر من فبراير، الثورة التي شكّلت منعطفًا حاسمًا في مسيرة النضال اليمني بنضالها السلمي الذي استمر لأربع سنوات.
اليوم وبعد أربع عشر عاما تقف هذه المناسبة في المنتصف بين مؤيدٍ لها ومعارض لها متهمها بأنها السبب في وصول اليمن لهذه المرحلة من الحرب والصراع.
وعلى الرغم من المآلات التي آلت إليها هذه الثورة والتهم الموجهة ضدها إلا أن الثوار ما يزالون متمسكين بثورتهم حتى استكمال كافة أهدافها، مؤكدين أن النجاح سيكون حليفًا لها ولو بعد حين.
خلاصة الثورات اليمنية
بهذا الشأن يقول عبده عماد، الأمين العام لمجلس قيادة صوت الثورة، ورئيس تحرير صحيفة صوت الوطن الناطقة باسم مجلس قيادة صوت الثورة، إن:” 11 فبراير خلاصة الثورات اليمنية وهي محطة يمنية شعبية شبابية سلمية بامتياز، لم تكن ثورة نخبة ولم تكن ثورة طارئة؛ بل كانت آمال وأحلام الملايين من أبناء الشعب اليمني الذين وصلت بهم الحال إلى طريق مسدود وأوصل النظام الهالك الشعب بكل فئاته إلى عنق الزجاجة”.
وأضاف عماد” أتذكر قبل ثورة الـ11 من فبراير كنت أحدث الكثير من الشباب والأقارب أن ثورة الثورات وأم الثورات لابد منها للانتقال باليمن إلى الديمقراطية والعدل والمساواة والتنمية؛ لأن النظام كان قد أفسد كل شيء وسمم كل الأجواء ودمر كل القيم اليمنية من شهامة وشجاعة ونجدة “.
وأردف” 11 فبراير لم تُخلق فجأةً، أو تم استيرادها من خلف الحدود، فقد سبقتها أحداث وفعاليات في الجنوب والشمال وحركة وعي سياسي واجتماعي وثقافي منقطع النظير، بعدما وصل الوضع اليمني السياسي والاقتصادي والاجتماعي إلى درجة لا تطاق إلا أن اشتعال ثورات الربيع العربي عجلت بخروج القوى اليمنية من كل الاتجاهات والقطاعات للمطالبة بتحسين الأوضاع والتحذير من التوريث وفقدان النظام الجمهوري”.
وتابع” عندما سقط نظام بن علي وحسني مبارك خرج الناس إلى الشارع وبالذات في تعز خرجنا إلى فندق ديلوكس وشارع جمال شبابًا مستقلين وحزبيين من كافة الأطياف بثورة شبابية سلمية تنشد الحرية والعدالة وتحسين الأوضاع وانسحب البعض قبل منتصف الليل والبعض صمد في الشارع”.
وواصل” وبسبب قمع السلطة الطائش واعتقال بعض الشباب في المواجهات التي حدثت، دُشنت الثورة السلمية فعليًا وتحركت القوى السياسية بعد ذلك بمحاولة الأفراج عنهم وانتقال ساحة الاعتصام من التحرير إلى صافر واحتشدت تعز بعدهم بكامل قواها وبالذات بعد مقتل أول شهيد للثورة السلمية الشبابية” مازن البذيجي” وقد كانت الحادثة يوم الجمعة ولم يأتِ وقت صلاة العصر إلا والساحة تعج بعشرات بالألاف من الثوار”.
وأكد” لقد كانت ثورةً سلمية شبابية لم تقطف زهرة أو تكسر نافذة، أهدافها واضحة وسلميتها أكثر وضوحًا ولولا تدخل الإقليم والقوى السياسية لكانت الثورة قد نجحت في الأشهر الأولى لها، إلا أن هذا التدخل أحدث منعطفات جديدة وفصولًا مسيئةً أوصلت الثورة إلى هذاالوضع الذي نحن فيه اليوم وضع اللا حرب واللا سلم”.
وأشار عبده إلى أن” التدخل الإقليمي قام بإجهاض الثورة قبل أن تلد منجزاتها، وما زاد الطين بلةً إضافة إلى ذلك هو انقلاب 21 سبتمبر المليشاوي والذي حاول كل الحاقدين تجيير نتائجه الكارثية على ثورة الـ11 من فبراير”.
ووضح أن” الثورة استمرت بسلميتها حتى جاء الانقلاب الحوثي المليشاوي، فانتقلت إلى المقاومة المسلحة، كما أن تدخل التحالف ومشاركة من كافة القوى السياسية أوصل الثورة والشعب إلى هذ الوضع الذي نحن نناشد بتغييره من أول لحظة وندعو إلى ثورة في طور جديد حتى نرى ونعيش مجتمع الثورة وحكومة الثوار بكامل أهدافها الوطنية التنموية والوحدوية والإنسانية الشاملة”.
واختتم” الثورة ما تزال مستمرة رغم كل الحرب والتشويه والخداع الذي أُلقي على كاهلها؛ بسبب الفشل الذريع لأداء مابعد مرحلة باسندوة، والتي كانت فعلا المرحلة الحقيقية والمعبر الصادق لكفاح الثوار الأحرار”.
قامت ضد الفساد المستشري بأجهزة الدولة
في السياق ذاته يقول محمد الحميدي ( أحد قادة ثورة فبراير )” الـ 11 من فبراير هي الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي قامت ضد مشاريع تهدد وحدة الوطن وأمنه واستقراره وضد الفساد المستشري في اجهزة الدولة وضد الحكم العائلي المستبد، إذ وصلت الأمور- قبل اندلاع الثورة- إلى انسداد الأفق السياسي ولم يبقَ لليمنيين من وسائل تغيير إلا تلك الثورة الشبابية الشعبية السلمية”.
وأضاف الحميدي لـ” يمن مونيتور” هذه الثورة قدم فيها اليمنيون تضحيات كبيرة وخرجت
في نهاية المطاف بوفاق سياسي ووطني في مؤتمر الحوار الوطني وكان هذا المؤتمر كفيلًا ببناء وطن آمن ومستقر ومزدهر؛ لكن الأيادي الخبيثة أبت إلا أن تنقلب على إرادة الشعب المتمثلة في مخرجات الحوار الوطني الشامل عبر الانقلاب المشؤوم في 21 سبتمبر 2014″.
وأردف” انقلاب سبتمبر يعتبره اليمنيون نكبة وطن؛ إذ دخلت فيه البلاد في دوامة من الحرب التي قتلت اليمنيين و شردتهم وقضت على أحلامهم واستدعت التدخلات الخارجية ومزقت النسيج المجتمعي وعملت على تفكيك الجغرافيا اليمنية”.
وأكد” ورغم ذلك فنحن ثوار فبراير اليوم ونحن نحتفل بالذكرى 14 لثورتنا المجيدة نؤكد أننا مستمرون بثورتنا حتى تحقيق كامل أهدافها بما فيها إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة وبناء مؤسساتها بحيث تسودها العدالة والمساواة والمواطنة المتساوية وترسخ فيها مبادىء الديمقراطية الحقيقة المنبثقة عن الإرادة الشعبية اليمنية والسعي نحو المشاركة السياسية الواسعة في بناء الدولة الحديثة القائمة على أسس الحكم الرشيد”.
نقطة تحول تأريخية
بدوره يقول الصحفي والناشط السياسي وليد الجبزي” ثورة 11 فبراير، كانت نقطة تحول تاريخية في مسار اليمن نحو التغيير، ورغم التحديات والصعوبات التي شهدتها البلاد من حرب مع مليشيا الحوثي الانقلابية والانقسامات الداخلية داخل منظومة الحكم للحكومة الشرعية والوضع الاقتصادي المنهار الذي يعيشه المواطن اليمني، إلا أن هذه المناسبة تظل تذكيرًا بأهمية التمسك بمبادئ الحرية والعدالة التي نادت بها الثورة”.
وأضاف الجبزي لـ”يمن مونيتور” نحن وحتى اليوم لا زلنا مؤمنين أن أهداف ثورة فبراير في بناء دولة مدنية ديمقراطية قائمة على المساواة والحقوق يجب أن تتحقق، وأن إرادة الشباب هي التي ستظل المحرك الأساسي لأي تغيير حقيقي في المستقبل”.
وأردف” منذ انطلاق ثورة 11 فبراير 2011 في اليمن، كانت شرارة التغيير التي ألهبت الشارع اليمني، تمسك شباب الثورة بمبادئهم وأهدافهم في السعي لتحقيق دولة مدنية ديمقراطية تُؤمن بالعدالة والمساواة، بعيدًا عن الاستبداد والفساد. وقد تجسد هذا التمسك في عدة جوانب”.
وتابع” إن شباب الـ11 فبراير لم ينطلقوا من أجل تغيير شخص، بل من أجل تغيير النظام بكامله، وقد كان لديهم إيمان راسخ بمبدأ الديمقراطية والحرية، وعزموا على بناء دولة قوية وعادلة تقوم على المواطنة المتساوية، وواكب هذا التمسك تحقيق إصلاحات جذرية في مختلف المجالات، خاصة في العدالة الاجتماعية، والشفافية ومكافحة الفساد”.
وأشار إلى أنه” على الرغم من مرور عقد من الزمن على الانحراف عن المسار الثوري بسبب التدخلات السياسية الخارجية وانقلاب مليشيا الحوثي المسلحة على السلطة في 21 سبتمبر 2014م ، لكن يظل شباب 11 فبراير مصممين على استعادة المسار الثوري؛ فهم يتمسكون بإرث ثورتهم و التحرر من الهيمنة، والتدخلات الأجنبية ويصرون على استعادة الدولة، مطالبين بإصلاح النظام السياسي القائم في البلاد، الذي يشهد تصدعًا بسبب الأزمات المستمرة”.
وأكد” لقد كانت ثورة 11 فبراير تعبيرًا عن وحدة الشعب اليمني ضد الفساد والاستبداد، لذا فإن الشباب الثوار لا يزالون مصممين على أن وحدة الشعب هي أساس التحول السياسي المنشود، كما يسعى هؤلاء الشباب إلى بناء دولة مدنية تنبذ التقسيمات الطائفية والمناطقية، وتؤمِّن للجميع حقوقهم المتساوية في المشاركة السياسية”.
وأوضح” لقد نجح شباب فبراير في رفع الوعي الوطني بأهمية التغيير والمشاركة في صناعة مستقبل أفضل لليمن وهو ما يعكس تمسكهم بأهداف الثورة وإيمانهم بإمكانية تحقيق الدولة المدنية المنشودة”.واختتم” نحن ثوار الحادي عشر من فبراير مصممون على موقفنا وثابتون على مبادئنا حتى تحقيق كامل أهداف الثورة وتمسكنا بمبادئنا وثورتنا سيوصلنا إلى النصر الحتمي بإذن الله”.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: اليمن ثورة فبراير من فبرایر إلا أن شباب ا
إقرأ أيضاً:
طلبات المدارس... عبء مالي يرهق الأسر ومطالبات بتحقيق التوازن والمراعاة
يعاني الكثير من أولياء الأمور من تزايد طلبات المدارس، وتكليف الطلبة بشراء بعض المستلزمات بشكل متكرر، مما أسهم في عجز العديد من أولياء أمور عن توفير طلبات أبنائهم، في ظل ارتفاع أسعار السلع، والظروف المعيشية، لبعض الأسر.
ويؤمن أولياء الأمور بالدور المهم للأنشطة المدرسية في تحسين مستويات الطلبة التعليمية والفكرية، وفي الوقت ذاته ترهقهم كثرة الطلبات اليومية التي يطلبها المعلمون والمعلمات من الطلبة، خاصة أن بعض الأسر لديها أكثر من طالب في مراحل تعليمية مختلفة.
ويقع أولياء الأمور في حرج كبير من عدم توفير ما يطلبه أبنائهم، خوفا من أن يشعر الأبناء بالحرج أمام زملائهم من عدم تمكن ولي أمرهم من توفير ما يلزم من طلبات أسوة بزملائهم.
وبين كثرة الطلبات، والأوضاع المالية للأسر، عبّر عدد من أولياء الأمور عن آرائهم بضرورة تحقيق التوازن في الطلبات، والتخفيف على الطلبة، ومراعاة ظروف أسرهم المالية، والمعيشية، مطالبين بمزيد من التواصل مع الأسر والاستماع للمقترحات من قبل أولياء الأمور .
مراعاة الأسر
وقال ناصر بن محمد الجابري: أذهب إلى المكتبات والقرطاسيات في الأسبوع أكثر من مرة، الطلبات لا تنتهي، وفي كل مرة طلب مختلف، ومعظم المواد يتم تكليف الطلبة بشراء بعض المستلزمات، وطباعة بعض الأوراق والصور والرسومات.
وأكد الجابري أن كثرة الطلبات مهرقة ماليا، وكثير من أولياء الأمور يتحدثون عن ذلك، في المجالس، ويتواصلون مع المدارس لتخفيف الطلبات، وتقليلها، لأن بعض أولياء الأمور لا يملكون القدرة المالية على توفير كل الطلبات.
وأضاف: لدي أكثر من طفل يذهب إلى المدرسة، وكل واحد منهم يأتي بطلبات مختلفة، لا أستطيع أن أرفض طلبهم ولكن في الحقيقة هذه الطلبات لها تأثيرها المادي.
وأعرب الجابري عن أمله في أن يتم مراعاة الأسر، والتخفيف على الطلبة من كثرة الطلبات ومراعاة ظروف الأسر المادية.
إحراج وقلق
من جانبها قالت الريان بنت سليمان الغافرية في ظل الأعباء المالية التي تُثقل كاهل العديد من الأسر؛ يمكن أن تؤدي كثرة المتطلبات المدرسية إلى عدة تحديات نفسية داخل الأسرة، تتمثل أولها في شعور الوالدين بالضغط النفسي نتيجة عدم قدرتهم على تلبية هذه المتطلبات؛ الأمر الذي قد يثير فيهم مشاعر العجز والقلق بشأن كيفية تلبية احتياجات أبنائهم.
وأوضحت الغافرية أن ضرر هذا الأمر يمس الطلبة أيضاً؛ فإن شعورهم بأن أُسرهم تواجه صعوبات في تلبية هذه المتطلبات قد يُنشئ حالة من الإحراج والقلق، وقد يجعله كذلك يشعر بأنه يسبب عبئاً على عائلته، بالإضافة إلى أن المقارنة مع باقي زملائهم الطلبة الذين لديهم القدرة في تلبية هذه المتطلبات بسهولة قد تجعلهم يشعرون بمشاعر عدم المساواة، خاصة لدى بعض الأعمار الذين يكونون أكثر حساسية تجاه الفروقات بين الأقران.
وأكدت أن تجمع كل هذه الضغوط لتصنع جواً عاماً من التوتر داخل الأسرة، مما يزيد بدوره الإرهاق النفسي لديهم، وقالت إنه يمكن لأولياء الأمور اتباع أساليب للتعامل مع هذا الأمر؛ من خلال التوضيح للكوادر التعليمية في المدرسة بأن بعض الطلبات تتجاوز المقدرة المالية للأسرة، إلى جانب ذلك يمكن لأولياء الأمور استخدام مواد بسيطة متوفرة في المنزل، بدلاً من المستلزمات المكلفة التي تثقل كاهلهم.
وأشارت إلى أن على الأسر أن تكون مدركة تمامًا لاحتياجات أبنائها؛ لعمل خطة واضحة لميزانية الأسرة وتوفير مبلغ لمتطلبات مهامهم المدرسية.
وطالبت الريان الغافرية الكوادر التعليمية بضرورة مراعاة أن العديد من الأسر تمر بظروف مالية صعبة، وقد يرهقهم تلبية كل المتطلبات المتزايدة؛ فمن المهم أن تكون هذه الطلبات بسيطة وغير مكلفة مادياً، وأكدت أن تخفيف المتطلبات على الأسر وتوفير البدائل الميسرة سيساعد بشكل كبير على تقليل الضغط عليهم وينتج بيئة تعليمية أكثر راحة واستقرارا للطلبة.
وأكدت ريان الغافرية أن مد جسر التفاهم والتواصل بالحوار بين المدرسة والأسرة هو أساس نجاح العملية التعليمية، ومراعاة هذه الجوانب تعزز الثقة والشراكة الإيجابية بين الأسرة والمدرسة.
بيئة تعليمية
من جانبها قالت فاطمة بنت خليفة الجابرية: في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة وارتفاع تكاليف المعيشة، أصبحت العديد من الأسر تواجه ضغوطًا مالية متزايدة عند محاولة تلبية الطلبات المدرسية المتكررة؛ فمع ازدياد الأسعار وتعدد المسؤوليات الأسرية، تتحول بعض المستلزمات -على الرغم من أهميتها في دعم العملية التعليمية- إلى عبء إضافي يُثقل كاهل أولياء الأمور، خصوصًا لدى الأسر ذات الدخل المحدود.
موضحة أنه من منظور اجتماعي، تبرز الحاجة إلى إعادة تقييم حجم وتواتر هذه الطلبات، بحيث تُراعى الفروقات الاقتصادية بين الأسر ويُنظَر إلى ضرورة كل متطلب بواقعية واتزان.
وأوضحت أن عدم قدرة وليّ أمر الطالب على توفير جميع المستلزمات المطلوبة ينعكس بشكل مباشر على الطالب نفسيًا وسلوكيًا؛ فقد يشعر الطالب بالحرج أو النقص مقارنة بزملائه، مما قد يؤثر على مشاركته وثقته بنفسه داخل الصف، وهنا يبرز الدور التربوي والإنساني للمعلم، الذي ينبغي أن يتعامل بمرونة مع هذه الفروقات، وأن يُميّز بين ما هو ضروري فعلاً للتعلُّم وما يمكن الاستغناء عنه أو استبداله ببدائل بسيطة ومتاحة للجميع، كما أن التعاون بين الكادر التعليمي والأخصائي الاجتماعي يعد عنصرًا أساسيًا في فهم ظروف الأسر وتقديم الدعم المناسب دون أن يشعر الطالب بأنه مختلف.
وأشارت الجابرية إلى أن المدارس تشهد العديد من المناسبات التربوية والتوعوية التي تهدف إلى تعزيز قيم إيجابية لدى الطلبة، مثلًا يوم الشجرة ويوم الصحة وغيرها، إلا أن بعض الأسر أصبحت تشعر بأن الاستعداد لهذه المناسبات يتطلب مستلزمات إضافية قد لا تكون ضرورية، خصوصًا حين يتعلق الأمر بملابس خاصة أو تجهيزات بسيطة تتكرر على مدار العام.
وأكدت بأنه من المهم أن تظل هذه المناسبات في إطارها التربوي الهادف، وأن تُقدَّم بصور بسيطة وغير مكلفة، بحيث يستفيد منها الطالب فكريًا وقيميًا دون أن تتحول إلى التزام مادي إضافي على الأسرة.
وفي ختام حديثها قالت الجابرية إن التعليم مسؤولية مشتركة، وتحقيق العدالة فيه يستدعي مراعاة الإنسان قبل متطلباته المادية، وضمان أن تكون المدرسة بيئة تعليمية شاملة لا يتأثر فيها الطالب بقدرة أسرته المالية، بل بقدرته على التعلُّم والنمو.
شراكه حقيقية
من جانبها أكدت فاطمة بنت عامر العمرية على أهمية التوازن بين ضرورة المستلزمات المدرسية، والتركّيز على الجوهر لا العبء، فليست كل المتطلبات ضرورية للعملية التعليمية، بعضها يُعد من الكماليات، وبعض الأنشطة يمكن تحقيق أهدافها بوسائل أقل تكلفة وجهدًا، دون أن تكون مرهقة جدًا لولي الأمر، خاصة عندما تتطلب مواد يصعب توفيرها، أو عندما يُطلب من الطالب مشاريع تتطلب طباعة وزخارف فاخرة، هنا يمكننا وصف هذه المتطلبات بـ"الرفاهية التعليمية" التي أصبحت تُرهق ميزانية الأسرة وتسبب تشتتًا للطالب وتُشغله وتُشغل الأسرة معه.
وأشارت العمرية إلى أن هناك خطوات للخروج من فخ الكلفة كإعادة التدوير والموارد المتاحة؛ وتوجيه المعلمين للطلاب لاستخدام مواد متوفرة في المنزل أو مُعاد تدويرها، موضحة أن هذا الأمر يزرع فيهم قيمة الإبداع والاقتصاد بدلاً من الشراء. أيضًا مشاركة المدرسة للموارد، حيث يجب أن تساهم المدرسة في توفير الأدوات وإنجاز المشاريع داخل الحرم المدرسي وتحت إشراف المعلم، بدلاً من إرهاق ولي الأمر بالعمل على المشاريع المنزلية، فضلاً عن استبدال المطبوعات بالملفات الرقمية، ففي زمن التحول الرقمي، يمكن استبدال الأبحاث المجلدة بملفات رقمية أو عروض تقديمية؛ مما يقلل من كلفة الطباعة ويدعم حماية البيئة.
وقالت: يجب خلق توازن بين الحاجات التعليمية وبين وضع الأسرة المالي، وهذا بدوره يحقق عدالة الفرص التعليمية ويمكّن الأسرة من مساعدة أبنائها، وهذا التوازن لا يتحقق إلا عبر شراكة حقيقية وإعادة هندسة للعملية التعليمية لتركّز على الكفاءة بدلاً من الكم، والجوهر بدلاً من المظهر.
وعن آليات تحقيق التوازن، أوضحت العمرية أن معادلة التوازن تكمن في تبني استراتيجيات منها تفعيل دور الإدارة المدرسية كمصفاة للمشاريع المطلوبة؛ أي أن تعمل كـ "مصفاة" (فلتر) لجميع طلبات المعلمين، مع المتابعة والتقييم بناءً على معيارين: الضرورة التعليمية الجوهرية والكلفة المالية والجهد الأسري، والتركيز على المحتوى لا الشكل بحيث يجب على المعلمين تقييم المشاريع بناءً على جودة المحتوى العلمي أو الفني وقوة العرض والإبداع الفكري، وليس على جمالية الأدوات المستخدمة، وهذا يخفف الضغط المالي عن الأسرة.
كما بينت أهمية ابتكار حلول تخفف الضغط بحيث يمكن للمدرسة تبني مشاريع بشراكة مجتمعية لتوفير الأدوات والمستلزمات اللازمة لإنجاز متطلبات التعليم، وتحقيق الشراكة مع ولي الأمر من خلال إتاحة الفرصة لولي الأمر للتعبير وإبداء رأيه بشفافية ووضوح، ورفض ما لا يناسبه، وتفهم الإدارات المدرسية لظروف الأسر وتقدير ظروفهم المالية وتخفيف العبء عنهم، وإزالة القلق والخروج من فخ الكلفة.
وطرحت العمرية عددا من الحلول التي تكمن في التركيز على الإبداع الاقتصادي والمسؤولية المالية، من خلال الفهم العميق للمفاهيم لا يتطلب بالضرورة مواد باهظة، حيث عندما يطلب المعلم نموذجاً معقداً أو طباعة فاخرة يرهق بذلك الأسرة مالياً ويحول تركيز الطالب من قيمة البحث إلى جمالية التغليف، وقالت: يمكن للمدارس أن ترشد الطلاب لاستخدام الموارد المعاد تدويرها والمتوفرة في المنزل، مثل الورق المقوى، والأقمشة القديمة، والمواد الطبيعية كلها بدائل ممتازة، ويمكن للمناهج أن تعلم الطلبة كيفية البحث عن البدائل المجانية، وتوظيف الإبداع بدلاً من الشراء، فبهذا نزرع فيهم مهارات المسؤولية المالية والابتكار، ونحول المدرسة إلى شريك يخفف العبء، بدلاً من أن تكون مصدرًا إضافيًا للإنفاق.
وفي ختام حديثها قالت فاطمة العمرية إن الشعور بالتحكم في الموارد المالية هو أساس الاستقرار الأسري، إذ إن الطلبات المفاجئة والمتكررة تُفقد الأسرة التحكم والسيطرة، وترفع مستويات التوتر، والحل الإداري هنا هو الالتزام بـ "سياسة ميزانية الطالب المعلنة"؛ بتوفير قائمة شاملة وموحدة تُرسل في بداية العام، لتتمكن الأسرة من التخطيط المالي السنوي.