البوابة نيوز:
2025-08-01@20:21:54 GMT

القس سهيل سعود يكتب : لغز معضلة الألم

تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

طرح الإنسان منذ وجوده على هذه البصيرة، السؤال الوجودي الأصعب، الذي لم يجد له جوابا شافيا حتى الآن. هذا السؤال هو: لماذا الألم؟ ما هي أسبابه؟ لماذا البعض يتألم بآلام موجعة، بينما البعض الآخر لا يتألمها؟ هل هناك من إجابات مقنعة، للغز معضلة الألم والمرض والموت، الذي لا يميّز بين صغير وكبير؟ إن تفسير معضلة الألم، تبقى التحدّي الأكبر والأصعب لمهمة الإيمان المسيحي.

فكيف نفسّر هذه المعضلة، للإنسان المؤمن الذي يعاني المرض والألم، ونحن ندعوه للإيمان بالله الكلّي السيادة والكلّي القدرة والكلّي الخير؟

إذا ما درسنا العهد القديم من الكتاب المقدس، فإننا نلاحظ أن الفكر الذي كان سائدًا في ذهن العبرانيين، هو إرجاع سبب الألم إلى الخطية، إما خطية الإنسان نفسه، أو خطية آبائه وحتى أجداده. وهذا الفكر أيضا اشتركت فيه شعوب المنطقة المحيطة بالشعب العبري، منطقة شعوب الشرق الأدنى. فمفهوم الألم، كقصاص من الله على خطايا الإنسان أو أهله أو أجداده نراه واضحاً في قصة إرسال الله للطوفان، وقصة إحراق الله لمدينتي سدوم وعمورة، وغيرها من القصص الأخرى. أما السبب الآخر للألم، الذي يذكره العهد القديم، هو ليس القصاص وإنما تجربة الإنسان المؤمن واختبار مدى ثبات إيمانه ونضجه في علاقته الروحية مع الله. وفي هذا الإطار نفهم الآلام الكبرى التي تعرض لها النبي أيوب.

يطلعنا إنجيل يوحنا في الاصحاح التاسع من إنجيله، على إجابة المسيح لتلاميذه حول تساؤلاتهم عن ألم إنسان ولد أعمى فاقد لنظره، محاولين معرفة سبب ذلك، فسألوه مستندين إلى الفكر السائد بين الشعب، «يا معلّم من أخطأ هذا أم أبواه حتى حتى ولد أعمى؟» (يوحنا 9: ) 2). فأجاب المسيح قائلا: «لم يخطئ هذا ولا أبواه، لكن لتظهر أعمال الله فيه». وبالتالي، فالمسيح لم يحمّل مسئولية الألم لا لخطيئة الأب ولا لخطيئة الابن. ولكنه في نفس الوقت

لم يخبرنا عن سبب الألم، ولم يفسّر هذا السر اللغز لتلاميذه، إلا أن المسيح لم يقف مكتوف اليدين أمام ألم الأعمى، بل مدّ يده وساعده، فتفل على الأرض وصنع من التفل طيناً، وطلى بالطين عيني الأعمى، وقال له اذهب اغتسل في بركة سلوام. فمضى واغتسل، وأتى بصيرًا".

إن مشكلة الألم تطرق إليها عدد من آباء الكنيسة واللاهوتيين عبر التاريخ، أبرزهم القديس أوغسطينوس الذي عاش في القرن الرابع الميلادي. في كتاباته حول «أصل وطبيعة وحلول مشكلة الألم والشر في العالم»، ذكر أوغسطينوس بأن خليقة الله جيدة في الجوهر لأن الله عندما خلق الكون «كما تقول قصة الخليقة في سفر التكوين»، فقد رأى ذلك أنه حسن، إنما بسبب الخطية المتمثلة في سقوط آدم وحواء، حدث تشوّه في الإرادة والحرية البشرية، مما أدى إلى إساءة الإنسان علاقته مع الله ومع نفسه، ومع الآخر، في المجتمع، وأيضا مع الطبيعة.

ونتيجة لهذا التشوه الإرادي وتدهور العلاقة على كل الأصعدة، ظهر ويظهر الشر بشكل متعاظم في العالم، يتجسد جزء منه في الحروب والقلاقل والمجاعات والآلام الأخرى التي يسببها الإنسان بسبب تشوه وفساد إرادته. وفي هذا الإطار نستطيع أن نفهم تحميل الرسول يعقوب للناس مسئولية الحروب «يعقوب 4: 1-3» والتفجيرات وقتل الناس الأبرياء.

وأيضاً من نفس مبدأ تشوه وفساد الإرادة والحرية الإنسانية، نستطيع أن نفهم سوء علاقة الإنسان مع الطبيعة، بل سوء استخدام الإنسان للطبيعة والموارد الطبيعية، الأمر الذي يؤدي إلى ظهور الكثير من الأمراض والأوبئة. لهذا تتعالى الأصوات اللاهوتية المسيحية اليوم التي تدعو إلى ضرورة حسن معاملة الطبيعة خليقة الله، والحفاظ عليها لأنه بالحفاظ عليها نحافظ على حياتنا وعلى عالمنا الذي نعيش فيه. فسر القديس أوغسطينوس الأمراض على أنها تشوه وظيفي، بل ظهور أعطال في النظام الوظيفي في الجسم الإنساني. ومن المبدأ نفسه نستطيع أن نفهم أسباب الزلازل والبراكين على أنها يضاً تشوه وظيفي وضعف جيولوجي يصيب بعض المناطق الجغرافية في العالم.

بالرغم من محاولة القديس أوغسطينوس وغيره، تقديم تفسيرٍ جزئيّ لمعضلة الألم في العالم، إلا أنهم لم يستطيعوا سبر غور هذا اللغز الذي يبقى معرفته في سلطان الله. تمنى الشاعر والفيلسوف عمر الخيام، الذي بعد تفكيره وبحثه في أسرار الحياة،في القرن الحادي عشر، أمنية كبيرة مستحيلة التحقّق، فقال، «إن رغبة قلوبنا لو نستطيع أن نعيد صنع الكون بدون ألم».

لكن الحقيقة الصارخة التي نواجهها كل يوم هي وجود الألم، لهذا فالسؤال الأساس الذي يجب أن نجيب عنه هو، كيف نتجاوب مع الألم عندما يعترضنا؟ لقد دعى اتباع الفلسفة الرواقية اليونانية القديمة إلى قبول الألم وتحمله بشجاعة لأن الإنسان يولد في عالم يحتوي الألم، وهو جزء من هذا العالم، فليخضع لهذا الواقع ويتحمله بهدوء. أما الجواب المسيحي واللاهوتي للآلام الإنسانية، هو أنه ليس هناك انتصاراً ظاهرياً وخارجياً لمعضلة الألم المستمرة في هذا العالم الحاضر.

فالانتصار على معضلة الألم، هو أمر روحيّ داخليّ. يتحقــــق ليس بقــــدرات وانجازات الإنســــان، ولكـــن بحضــــور الله فـــي الحياة، إن الرؤية المسيحية للعالم المتألم هي، تقديم حقيقية النعمة والقوة وسط الألم، لتسنده وتمنحه الصبر لتحمل آلامه.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الانسان الألم الكتاب المقدس الشعب العبري الله فی العالم نستطیع أن

إقرأ أيضاً:

بعد زلزال روسيا والتسونامي الذي ضرب عدداً من البلدان... هذا ما كشفه خبير جيولوجي عن لبنان

كتب الخبير الجيولوجي طوني نمر، اليوم الأربعاء، في منشورٍ على حسابه عبر منصة "إكس": "الزلزال الذي حصل صباح اليوم بالتوقيت المحلي قبالة كامشاتكا الروسية بقوة 8.7 درجات وعمق 21 كلم جاء نتيجة انزلاق صفيحة المحيط الهادئ تحت الصفيحة الأميركية الشمالية".

تابع في منشور آخر: "الخريطة المرفقة تظهر الحدود الشمالية الغربية لصفيحة المحيط الهادئ مع نقاط ارتكاز الزلازل المسجلة عليها منذ العام 1918 وفق هيئة المسح الجيولوجي الأميركية". 


2/4
الخريطة المرفقة تظهر الحدود الشمالية الغربية لصفيحة المحيط الهادئ مع نقاط ارتكاز الزلازل المسجلة عليها منذ العام 1918 وفق هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية pic.twitter.com/VWOZUuYFKZ

— Tony S. Nemer, PhD (@tony_nemer) July 30, 2025
وأوضح: "قوة الزلزال وضحالة عمقه أدّيا الى انكسار قعر المحيط وتحريك مياهه مما ولّد موجات تسونامي ما زالت تتمدد عبر المحيط الهادئ باتجاه الشواطئ القريبة والبعيدة كما يظهر النموذج المرفق وفق وكالة الأرصاد الجوية وعلم المناخ والجيوفيزياء الأندونيسية".

3/4
قوة الزلزال وضحالة عمقه أدّيا الى انكسار قعر المحيط وتحريك مياهه مما ولّد موجات تسونامي ما زالت تتمدد عبر المحيط الهادئ باتجاه الشواطئ القريبة والبعيدة كما يظهر النموذج المرفق وفق وكالة الأرصاد الجوية وعلم المناخ والجيوفيزياء الأندونيسية pic.twitter.com/XZAYXzkczi

— Tony S. Nemer, PhD (@tony_nemer) July 30, 2025
ختم: "تجدر الإشارة أنه بالرغم من المسافات الفاصلة بين المحيط الهادئ والبحر المتوسط وانعدام إمكانية وصول التسونامي الحالي الينا، يجب التحوّط دائماً عند الشعور بأية هزة أرضية والابتعاد فوراً عن الشاطئ واللجوء الى أماكن مرتفعة نسبياً عن سطح البحر، بانتظار مزيد من المعلومات حول الحدث". 


4/4
تجدر الإشارة أنه بالرغم من المسافات الفاصلة بين المحيط الهادئ والبحر المتوسط وانعدام إمكانية وصول التسونامي الحالي الينا، يجب التحوّط دائماً عند الشعور بأية هزة أرضية والابتعاد فوراً عن الشاطئ واللجوء الى أماكن مرتفعة نسبياً عن سطح البحر، بانتظار مزيد من المعلومات حول الحدث. pic.twitter.com/lrQ2Jy3493

— Tony S. Nemer, PhD (@tony_nemer) July 30, 2025

  مواضيع ذات صلة عن أسباب العاصفة غير المسبوقة في الإسكندرية.. هذا ما كشفه خبير جيولوجي Lebanon 24 عن أسباب العاصفة غير المسبوقة في الإسكندرية.. هذا ما كشفه خبير جيولوجي 30/07/2025 11:14:34 30/07/2025 11:14:34 Lebanon 24 Lebanon 24 نظام التحذير الأميركي: التحذير من التسونامي يشمل كاليفورنيا والاسكا بعد الزلزال قبالة سواحل روسيا Lebanon 24 نظام التحذير الأميركي: التحذير من التسونامي يشمل كاليفورنيا والاسكا بعد الزلزال قبالة سواحل روسيا 30/07/2025 11:14:34 30/07/2025 11:14:34 Lebanon 24 Lebanon 24 هذا ما كشفه موقع "أكسيوس" عن الاجتماع السوري الإسرائيلي الذي عُقد في باريس Lebanon 24 هذا ما كشفه موقع "أكسيوس" عن الاجتماع السوري الإسرائيلي الذي عُقد في باريس 30/07/2025 11:14:34 30/07/2025 11:14:34 Lebanon 24 Lebanon 24 عن هجمات إسرائيل في اليمن.. هذا ما كشفه خبير عسكريّ Lebanon 24 عن هجمات إسرائيل في اليمن.. هذا ما كشفه خبير عسكريّ 30/07/2025 11:14:34 30/07/2025 11:14:34 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً حريق ضخم يلتهم أشجار الزيتون والأعشاب في بلدة عزة Lebanon 24 حريق ضخم يلتهم أشجار الزيتون والأعشاب في بلدة عزة 11:02 | 2025-07-30 30/07/2025 11:02:41 Lebanon 24 Lebanon 24 قراءة في موقف جعجع.. هل تدفع "القوات" نحو المواجهة مع "حزب الله"؟! Lebanon 24 قراءة في موقف جعجع.. هل تدفع "القوات" نحو المواجهة مع "حزب الله"؟! 11:00 | 2025-07-30 30/07/2025 11:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 بشأن ملف السلاح... نائب يكشف ما جرى بين "حزب الله" والرئيس عون Lebanon 24 بشأن ملف السلاح... نائب يكشف ما جرى بين "حزب الله" والرئيس عون 10:49 | 2025-07-30 30/07/2025 10:49:58 Lebanon 24 Lebanon 24 بحضور السيدة الولى... توقيع مذكّرة تعاون بين الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وجامعة هايكازيان Lebanon 24 بحضور السيدة الولى... توقيع مذكّرة تعاون بين الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وجامعة هايكازيان 10:47 | 2025-07-30 30/07/2025 10:47:13 Lebanon 24 Lebanon 24 سليمان: السعودية تثبت مجدداً أن فلسطين كانت وستبقى قضية الأمة Lebanon 24 سليمان: السعودية تثبت مجدداً أن فلسطين كانت وستبقى قضية الأمة 10:45 | 2025-07-30 30/07/2025 10:45:55 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة وضعه خطير جدّاً... نقل فنان معروف إلى العناية المركّزة بعد تدهور حالته الصحيّة Lebanon 24 وضعه خطير جدّاً... نقل فنان معروف إلى العناية المركّزة بعد تدهور حالته الصحيّة 15:10 | 2025-07-29 29/07/2025 03:10:55 Lebanon 24 Lebanon 24 ماذا طلبت السيّدة فيروز بعدما قدّمت نجوى كرم التعازي لها؟.. شاهدوا الفيديو Lebanon 24 ماذا طلبت السيّدة فيروز بعدما قدّمت نجوى كرم التعازي لها؟.. شاهدوا الفيديو 13:04 | 2025-07-29 29/07/2025 01:04:40 Lebanon 24 Lebanon 24 فرحة تحوّلت إلى مأساة... هكذا خسر محمد حياته بعد نجاحه في الإمتحانات Lebanon 24 فرحة تحوّلت إلى مأساة... هكذا خسر محمد حياته بعد نجاحه في الإمتحانات 13:24 | 2025-07-29 29/07/2025 01:24:40 Lebanon 24 Lebanon 24 نائب تعرّض لأزمة قلبية.. وهذه حالته Lebanon 24 نائب تعرّض لأزمة قلبية.. وهذه حالته 13:25 | 2025-07-29 29/07/2025 01:25:25 Lebanon 24 Lebanon 24 غرق... فنان شهير يخسر حياته خلال السباحة Lebanon 24 غرق... فنان شهير يخسر حياته خلال السباحة 16:07 | 2025-07-29 29/07/2025 04:07:28 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 11:02 | 2025-07-30 حريق ضخم يلتهم أشجار الزيتون والأعشاب في بلدة عزة 11:00 | 2025-07-30 قراءة في موقف جعجع.. هل تدفع "القوات" نحو المواجهة مع "حزب الله"؟! 10:49 | 2025-07-30 بشأن ملف السلاح... نائب يكشف ما جرى بين "حزب الله" والرئيس عون 10:47 | 2025-07-30 بحضور السيدة الولى... توقيع مذكّرة تعاون بين الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وجامعة هايكازيان 10:45 | 2025-07-30 سليمان: السعودية تثبت مجدداً أن فلسطين كانت وستبقى قضية الأمة 10:45 | 2025-07-30 "الهواتف"ممنوعة أمام "فيروز" فيديو انحنى ليواسيها.. هذا ما قالته السيدة فيروز للسفير المصري (فيديو) Lebanon 24 انحنى ليواسيها.. هذا ما قالته السيدة فيروز للسفير المصري (فيديو) 09:31 | 2025-07-30 30/07/2025 11:14:34 Lebanon 24 Lebanon 24 ستنافس سامسونغ وآبل.. هذه مواصفات ساعة غوغل المنتظرة (فيديو) Lebanon 24 ستنافس سامسونغ وآبل.. هذه مواصفات ساعة غوغل المنتظرة (فيديو) 08:32 | 2025-07-30 30/07/2025 11:14:34 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنانيون يشربون البلاستيك.. هذا ما تحتويه مياهنا! Lebanon 24 لبنانيون يشربون البلاستيك.. هذا ما تحتويه مياهنا! 19:35 | 2025-07-29 30/07/2025 11:14:34 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • هل أعمال الإنسان قدر أم من اختياره؟.. أمين الإفتاء يجيب
  • لماذا تجب علينا المكابدة؟
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: والحرب الحقيقية تبدأ الآن
  • شيخ الأزهر: مبررو مأساة غزة فقدوا غطاءهم الزائف من دعاوي حقوق الإنسان
  • بعد زلزال روسيا والتسونامي الذي ضرب عدداً من البلدان... هذا ما كشفه خبير جيولوجي عن لبنان
  • باسل الطراونة يكتب : عن شخص معالي يوسف العيسوي رئيس الديوان الملكي العامر
  • معضلة الذكاء الاصطناعي والمؤلف العلمي
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (رصف الدخان)
  • "العالم الإسلامي" ترحب بإعلان بريطانيا عزمها الاعتراف بدولة فلسطين
  • القضاء يكتب السطر الأخير في فوضى خور عبد الله.. ما هو قانوني وما هو مزايدة