جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-13@00:19:30 GMT

الاعتداء الجنسي خطر يهدد سلامة الطفل

تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT

الاعتداء الجنسي خطر يهدد سلامة الطفل

 

◄ النظيرية: التأثيرات النفسية للتحرش تختلف من شخص لآخر

◄ اللويهي: التوعية خط الدفاع الأول لحماية الأطفال

◄ الفزاري: المدارس حريصة على التصدي لمثل هذه الظواهر

◄ اللواتي: على الأسرة توفير بيئة آمنة وداعمة للأطفال

◄ الشكيلية: آثار التحرش على الطفل تتجاوز الحدود النفسية وتصل للدماغ

الرؤية - إيمان العويسية

أكد عدد من المختصين والمسؤولين أنّ التحرش الجنسي بالطفل يُعدّ من أخطر الجرائم التي تُهدد سلامة الطفل النفسية والجسدية، لأنها تخلِّف آثارا عميقة تمتد إلى مراحل حياته المختلفة، لافتين إلى أن القانون يفرض عقوبات صارمة على الجاني تصل إلى السجن خمس سنوات لضمان ردع المتحرشين وحماية حقوق الطفل.

وشددوا -في تصريحات لـ"الرؤية"- على أهمية تكثيف الجهود المشتركة بين المدارس والأسر لتوعية الأطفال بمخاطر التحرش، وتعليمهم كيفية حماية أنفسهم من خلال الحوار المفتوح والتواصل الأسري والبرامج الإرشادية، مما يسهم في بناء بيئة آمنة تشجع على احترام خصوصية الطفل وسلامته.

وتقول عائشة بنت عامر النظيرية أخصائية نفسية: إن التحرش الجنسي يترك آثارا نفسية عميقة على الطفل، تختلف حدتها حسب العمر ودرجة الاعتداء وردة فعل المحيطين به وطريقة تربيته وقرب أو بعد الأهل عنه، إذ قد يشعر الطفل بالخوف والقلق والاكتئاب، ويتطور لديه شعور دائم بعدم الأمان وفقدان الثقة بالنفس وبالآخرين، مضيفة إن هناك علامات تكشف عن تعرض الطفل للتحرش مثل: التصرفات غير المعتادة والخوف المفرط من أشخاص معينين، وتجنب أماكن محددة، بالإضافة إلى تكرار كلمات أو سلوكيات غير مناسبة أو الصمت، إلى جانب اضطرابات النوم مثل الكوابيس المتكررة والتبول اللاإرادي أو النوم لفترات طويلة، وكذلك تحدث تغيرات في الشهية كفقدانها المفاجئ أو الإفراط في الأكل، وكذلك تظهر أحيانا اضطرابات نفسية وانخفاض في الأداء الدراسي وضعف في التركيز، والشكاوى الجسدية المتكررة دون سبب طبي واضح، أو لمس غير مبرر لأجزاء حساسة من جسده أو جسد الآخرين.


 

وتوجه النظيرية أفراد الأسرة بضرورة الاستماع الجيد للأطفال ومنحهم الأمان والطمأنينة اللازمة للتعبير عما حدث، حتى يكون الطفل قادرا على التعبير عن التهديدات التي تلاحقه دون خوف، مبينة: "يجب ألا نقلل من مشاعر الأطفال، وأن نعزز الثقة في نفوسهم بأن يتحدثوا عن أي تصرف غير مقبول، إذ إن الوقاية تبدأ بالوعي، والحماية تبدأ بالحب واللمسة الحانية من الوالدين، فيجب على الأسرة أن تكون المصدر الأول للشعور بالأمان والحب".

الوعي القانوني

ويوضح المستشار القانوني أحمد بن سعيد اللويهي، أن جريمة التحرش وانتهاك عرض الطفل تعد ضمن الجرائم الجنائية التي تهدد استقرار المجتمع، مما يستوجب على القانون فرض عقوبات صارمة لضمان حماية حقوق الطفل، مشيرا إلى أن قانون الطفل العماني، الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 22/ 2014، يحظر بشكل قاطع أي اعتداء جنسي على الطفل، بما في ذلك التحرش به وتشجيعه على ممارسة الجنس فعليا أو بالمحاكاة، أو تصويره أثناء الممارسة، أو تصوير أعضائه الجنسية بقصد تحقيق غرض غير أخلاقي.


 

ويبين اللويهي أن التحرش الجنسي جريمة يعاقب عليها القانون بمقتضى المادة (72) من قانون الطفل بدلالة المادة (56/ب) من ذات القانون، حيث جاءت العقوبة رادعة لمن تسول له نفسه التعدي على براءة هؤلاء الأطفال فقد نصت المادة: "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (5) سنوات، ولا تزيد عن (15) سنة، وبغرامة لا تقل عن (5000) ريال عماني، ولا تزيد عن (10000) ريال عماني".

ويستعرض المستشار القانوني أبرز حقوق الطفل التي نص عليها القانون، والتي ينبغي لأولياء الأمور الإلمام بها، وتشمل هذه الحقوق الحماية من كافة أشكال الاعتداء الجنسي، وتعليمهم كيفية التمييز بين اللمس الآمن وغير الآمن، بالإضافة إلى ضمان خصوصيتهم وأمانهم أثناء استخدام الإنترنت، لافتا إلى حق الطفل في الإبلاغ والحصول على الحماية القانونية، إلى جانب حقه في التربية السليمة والتوجيه المناسب.

ويقول اللويهي إن المعرفة والوعي يمثلان خط الدفاع الأول في حماية الأطفال من التحرش والانتهاكات، مؤكداً أن إدراك الأهل والأطفال لهذه المخاطر يعزز قدرتهم على منع وقوعها والتعامل الصحيح في حال حدوثها، مؤكداً أن الوعي القانوني لدى الأطفال يسهم في بناء ثقافة الرفض والمواجهة.

ويوجه اللويهي الآباء في حالة تعرض الطفل لأي شكل من أشكال الاعتداء الجنسي، الاستماع إليه بهدوء وتقديم الدعم العاطفي له وتوثيق الحادثة بتسجيل ما رواه الطفل والحصول على الأدلة المتاحة مثل الرسائل أو التسجيلات أو اللقطات من كاميرات المراقبة القريبة، إلى جانب تقديم بلاغ للجهات المختصة دون تساهل أو تعاطف جزاء لفعله الإجرامي.

دور المدرسة والأسرة

ويشير مروان بن أحمد الفزاري -مدير مدرسة عبدالله بن سلام التعليم الأساسي- إلى أن المدرسة تعمل على مواجهة مثل هذه المشاكل، وتقديم برامج توعوية للطلبة وأولياء الأمور ووضع منشورات عن مخاطر الاعتداء الجنسي، إضافة إلى تفعيل دور المشرفين أثناء تجمع الطلبة في الفسحة، وأنشطه الجمعية، ومتابعة دورات المياه الخاصة بالمدرسة والفصول.


 

ويتابع الفزاري قائلا: "في حالة وقوع حالة تحرش لطالب نسعى إلى توفير الدعم والأمان وإشعاره بالطمأنينة حتى يسرد للاختصاصي الاجتماعي تفاصيل الواقعة، والذي بدوره يعمل على إعادة تأهيل الطالب لدمجه في محيطه الدراسي، والوقوف على المخاوف من أي خطر يلحق به، كما أنّ المدرسة توجه الأسرة بضرورة متابعة الطفل وتوجيهه نحو السلوكيات الصحيحة".

وفي السياق، يقول فلاح بن حسن اللواتي مستشار أسري: إنّ بناء أسرة سليمة مسؤولية عظيمة يقع عبؤها على الوالدين بصفة مشتركة، وحتى تكون الأسرة متماسكة دافئة وقوية ينبغي أن تعيش أجواء مفعمة بالحب والمودة والرحمة، يكون الأب حاضرا بين أبنائه يزرع فيهم القيم والأخلاق مثل القوة والشجاعة والحزم والأم موجودة بينهم تزرع في أبنائها الحب والعاطفة والحنان وتتمازج الأدوار بينهم لتثمر جيلا قويا واعيا وناضجا.


 

ويُشدّد على أهمية دور الأسرة في توفير بيئة آمنة وداعمة للطفل تعزز شعوره بالأمان وتمنحه مساحة للتعبير عن نفسه بحرية، وتسهم في بناء شخص مليء بالثقة بالنفس، مما تساعده على النمو بشكل صحي وسليم.

ويؤكد المستشار الأسري ضرورة تنمية الوعي الجنسي لدى الأطفال في سن مبكر من خلال تعليمه أسماء أعضائه التناسلية، وتعرفيهم بالمناطق الخاصة التي لا يجوز لأحد لمسها، كما يوضح أهمية توجيه الطفل إلى الأشخاص الذين يمكنه الوثوق بهم وإبلاغهم في حال تعرضه لأي لمس غير لائق، مشيرا إلى أهمية فتح قنوات حوار وتواصل داخل الأسرة لتشجيع الطفل على التحدث بأريحية عن يومه وما يواجهه، مما يساعد الوالدين على ملاحظة أي تغيرات غير طبيعية في سلوكه أو الخوف من أشخاص معينين.

ويوضح اللواتي أنّ البيانات الصادرة من الجهات المختصة بشأن تزايد جرائم التحرش، خاصة وسط الأسر المفككة أمر مؤسف ومؤلم، مشدّدا على أهمية استشعار المسؤولية العظيمة الواقعة على عاتقهم، وضرورة العمل على إزالة هذه المشاكل والعودة بالحياة الزوجية إلى الصفاء والسلام والوئام، والابتعاد عن فكرة الطلاق قدر المستطاع.

خطط علاجية وتأهيلية

وتذكر الدكتورة منى بنت سعيد الشكيلية استشاري طب نفسي أطفال ومراهقين وخبيرة في القضايا الأسرية الجنائية، أن الآثار البيولوجية والنفسية للتحرش الجنسي على الطفل تتجاوز الحدود النفسية والعاطفية لتصل إلى الدماغ نفسه، مبينة أن الصدمة تحدث تغيرات في نشاط الدماغ، مما يؤثر على مناطق حساسة مثل اللوزة الدماغية (المسؤولة عن تنظيم المشاعر مثل الخوف) والقشرة الجبهية (المسؤولة عن اتخاذ القرارات وتنظيم المشاعر).


 

كما أوضحت أن تعرض الطفل للتحرش يؤدي إلى ارتفاع مستويات التوتر وزيادة إفراز هرمون الكورتيزول، مما ينعكس سلبًا على صحة الدماغ مسبباً مشاكل في الذاكرة والنمو العصبي، والتركيز، واضطرابات النوم، والتفاعل الطبيعي مع الأحداث، مما يعيق النمو العقلي والاجتماعي للطفل.

وتلفت إلى أن التأثيرات النفسية والعاطفية العميقة التي يخلفها التحرش على المدى الطويل كالقلق المستمر والاكتئاب العميق، قد تدفع الطفل إلى العزلة وفقدان الاهتمام بالأشياء التي كان يستمتع بها، إلى جانب الاضطرابات السلوكية مثل العدوانية أو الانسحاب الاجتماعي، إضافة إلى فقدان الثقة بالنفس والتأثير على قدرته في بناء علاقات اجتماعية سليمة.

وحول التدخلات ما بعد الاعتداء الجنسي، تؤكد الشكيلية أن هذه المرحلة تكون صعبة جدًا على الطفل، حيث يواجه مخاوف من عدم تصديقه أو تعرضه للّوم، ولذلك يجب الحرص على أن تكون المقابلات الجنائية آمنة للطفل، وتقديم رعاية شاملة للأطفال الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي، بدءًا من التقييم الجنائي وصولًا إلى العلاج النفسي المتخصص من خلال المقابلة الجنائية وفقًا لبروتوكول صياصي في بيئة آمنة وداعمة، بالتنسيق مع الجهات المعنية لضمان جمع الأدلة دون التسبب في المزيد من الأذى النفسي، وإجراء تقييم نفسي شامل لتشخيص القلق والاكتئاب واضطرابات السلوك، يلي ذلك خطة علاجية مخصصة تشمل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) لمساعدة الطفل على تغيير الأفكار السلبية المرتبطة بالتحرش، والعلاج السلوكي المرتبط بالصدمة لمعالجة الكوابيس والقلق المستمر، والعلاج الأسري لتعليم الوالدين كيفية تقديم الدعم العاطفي والنفسي خلال فترة العلاج.

وتشدد الشكيلية على أهمية التدخل المبكر للتعامل مع هذه الحالات، باعتبار ذلك مفتاح التعافي السريع للطفل، مما يساعد على تقديم العلاج النفسي المناسب للحد من الآثار السلبية طويلة المدى على صحته النفسية والعاطفية، وأهمية تقديم الدعم للأسرة وتوجيهها لمساندة الطفل خلال هذه المرحلة الحساسة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هند الخالدي.. حكاياتها ملهمة للأجيال

خولة علي (أبوظبي)
بين صفحات ملونة وأصوات تسرد الحكاية، ينهض جيل جديد يتعلم كيف يرى العالم بعين الخيال، ويكتشف ذاته عبر الكلمة. فالقصة ليست تسليةً عابرة، بل نبض يرافق الطفولة، يرسم في داخلها ملامح الغد، ويعلمها أن للحروف قلباً، وللأحلام جناحين.
من هنا كرّست الكاتبة والناشرة الإماراتية هند الخالدي قلمها لتغرس في الأطفال حب القراءة، وتعيد للحكاية مكانتها الأولى في تشكيل الوعي وتنمية الخيال. آمنت بأن الكلمة قادرة على فتح نوافذ صغيرة في قلوب الصغار، يطلون منها على عالم من الدهشة والمعرفة، وأن كل قصة يمكن أن تكون بذرة لحلم يكبر معهم. بهذا الإيمان، صنعت هند الخالدي مشروعها الأدبي والتربوي، لتقدم عبر دار هند للنشر قصصاً تنبض بالحياة، وتحمل بين سطورها دفء الأمومة وعمق الرسالة الثقافية التي تجعل من الطفل قارئاً فاعلاً لا متلقياً فقط.

نقطة التحول
تعود بدايات هند الخالدي إلى تجربة شخصية مؤثرة مع ابنتها سارة، التي كانت في طفولتها تمتلك صديقة غير مرئية، ما ألهم والدتها لكتابة أولى قصصها بعنوان «صديقة غير مرئية». وتوضح الخالدي أن تلك اللحظة كانت نقطة التحول في مسيرتها، إذ اكتشفت كم هو عمق خيال الطفل، وكم يحتاج إلى من يشاركه عالمه الجميل. وتضيف: بدأت رحلتي لأمنح الأطفال مساحة آمنة للتعبير عن خيالهم، ليجدوا في القراءة مرآة لأحلامهم الصغيرة.
واجهت الخالدي في بداياتها تحديات في تحقيق التوازن بين الخيال والرسالة التربوية داخل القصة، إضافة إلى صعوبة إيجاد رسامين يفهمون روح النص ويجسدون الشخصيات بما يعكس البيئة الخليجية. وتقول: تعلمت أن نجاح القصة يكمُن في الفكرة البسيطة والعميقة، واللغة القريبة من الطفل، والشخصيات التي تشبهه وتشجعه على التفكير الإيجابي. وتؤكد أن الرسوم ليست مجرد مكمل للنص، بل شريك أساسي في تحفيز الخيال وإيصال الفكرة.

ورش تفاعلية
لم تقتصر تجربة الخالدي على الكتابة، بل امتدّت إلى تقديم ورش قرائية للأطفال تعتمد على التفاعل والمرح. ومن أبرزها ورشة «كلمني بالعربي» التي تهدف إلى تشجيع الأطفال على التحدث بالعربية الفصحى بأسلوب ممتع. تقول: أردت أن أظهر جمال لغتنا العربية وهويتها الثقافية بعيداً عن الجمود والتلقين، فحولت القراءة إلى تجربة مليئة بالضحك والاكتشاف.
وتؤكد الكاتبة أن القراءة قادرة على إحداث تحوّل حقيقي في شخصية الطفل، إذ لاحظت بعد ورشها تغير تفاعل الصغار مع الكتب، وزيادة جرأتهم في التعبير عن أفكارهم. وتضيف: الطفل الذي كان خجولاً في البداية يصبح أكثر ثقة حين يشارك القصة أو يستخدم الدمى في التمثيل، لأن القراءة تمنحه صوتاً وفضاءً للخيال، مشيدة بدور الأسرة والمدرسة في ترسيخ عادة القراءة اليومية وجعلها جزءاً من الروتين العائلي.
قدمت الخالدي حتى اليوم 11 إصداراً تنوعت بين القصص التربوية والخيالية والإنسانية، منها «عالمي في كتاب»، والتي نالت عنها جائزة منحة المكتبات في الشارقة. وتطمح في المرحلة المقبلة إلى توسيع نطاق دار هند للنشر لتصل إصداراتها إلى الأطفال في مختلف الدول العربية، مع الحفاظ على الهوية الإماراتية في المضمون.

أخبار ذات صلة احتمال سقوط أمطار غداً افتتاح عيادة «بركتنا» لتوفير الرعاية الصحية للمرضى من كبار المواطنين

مقالات مشابهة

  • حفاظًا على الأطفال.. مصطفى بكري يدعو لتطبيق عقوبة الإعدام في جرائم التحرش المدرسي| فيديو
  • هند الخالدي.. حكاياتها ملهمة للأجيال
  • القبض على مدرب بمحاولة الاعتداء على الأطفال بأكاديمية كرة قدم
  • إعلام المنوفية يواصل حملة حمايتهم واجبنا لمواجهة التحرش بالأطفال
  • مدرب أكاديمية كرة بالمنصورة صور الأطفال أثناء الاعتداء لبيع مقاطع فيديو بالدارك ويب
  • صحة غزة: البرد يهدد حياة الأطفال وكبار السن بخيام القطاع
  • كيف ننقذ أطفالنا من صدمة التحرش؟ نصائح ذهبية لـ خبير تربوي
  • «سلامة أطفالنا مسئوليتنا جميعًا».. ندوة توعوية بمجلس الشباب المصري لمواجهة التحرش والتنمر
  • "إعلام البحيرة" يطلق فعاليات توعية للأطفال ضد التحرش
  • إعلام بئر العبد ينظم لقاء حول حماية أطفالنا من التحرش