في اليوم الثلاثون من اتفاق وقف إطلاق النار، لا يزال الاحتلال الإسرائيلي يماطل في تنفيذ البروتوكول الإنساني المتفق عليه، ما يفاقم معاناة سكان قطاع غزة الذين يعانون من ظروف إنسانية كارثية.

وتؤكد الحكومة في غزة أن المساعدات المشمولة بالاتفاق مثل الجرافات والمعدات الثقيلة، لا تزال عالقة على الجانب المصري من معبر رفح، دون أي التزام واضح من الاحتلال بتنفيذ الاتفاق.

تأتي هذه التصريحات وسط حالة من الغضب والاستياء في الشارع الغزي، حيث يشكو المواطنون من ندرة المساعدات الأساسية، وارتفاع الأسعار، وغياب المأوى المناسب لمن فقدوا منازلهم في حرب السابع من أكتوبر.

وفي الوقت ذاته، تواصل المقاومة ضغوطها على الاحتلال عبر الوسطاء لضمان تنفيذ الالتزامات المتفق عليها، بما في ذلك إدخال المواد الضرورية لإعادة الإعمار وتوفير الاحتياجات الأساسية للسكان.

في سوق مدينة خان يونس، وقف المواطن الفلسطيني عبد الكريم بسيسو عابسًا شاردًا أمام أسعار السلع المرتفعة، يشكو عدم وصول المساعدات إليه.

يقول لـ"عُمان": «المساعدات القادمة لا تكفي.ما يدخل نسبة تقريبًا 10% مما تم الاتفاق عليه في بنود وقف إطلاق النار، أشتري من السوق بأسعار باهظة جدًا لا أقدر عليها».

ويضيف ، بينما ينظر إلى رفوف شبه فارغة في أحد المحال التجارية: «أسعار السلع في الأسواق في تزايد مستمر، والمساعدات لا تكفي، فالسوق متعطش لكل السلع، ولابد من زيادة العرض حتى تنخفض الأسعار.المساعدات الأساسية مثل الطحين لا تصل إلى الجميع، وغالبية ما يوزع عبارة عن رفاهيات مثل البسكويت والمشروبات الغازية».

يطالب المواطن الأربعيني المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال، لإدخال المساعدات التي تم الاتفاق عليها كاملة دون نقصان: «وعدوا بإدخال 600 شاحنة مساعدات معيشية وطبية يوميًا، لكن ما دخل إلى القطاع أقل من ذلك بكثير، وعدوا بإدخال كرفانات وخيام لإيواء المشردين، وهذه لم تصل حتى الآن، ولم نر منها أي شيء».

مساعدات شكلية لا تكفي

على أطراف بيت لاهيا، حيث تنتشر الخيام العشوائية التي لا تقي من البرد القارس، يقف معاذ علي متكئًا على قطعة خشب قديمة، متحدثًا بحرقة عن واقع المساعدات التي لا تكفي على الإطلاق، وواصفًا إياها بأنها شكلية لذر الرماد في العيون. ويضيف لـ«عُمان»: «نحن بحاجة إلى مواد أساسية مثل الأسمنت والحديد لإعادة بناء ما دمره الاحتلال. كما أننا بحاجة ماسة إلى كرفانات ومساكن تقي السكان من البرد القارس، حيث لا تكفي الخيام وحدها».

يبدي المواطن الخمسيني، دهشته من تراكم أكوام المساعدات على المعابر دون إدخالها إلى القطاع، معتبرًا أن الهدف من ذلك هو إذلال الشعب الفلسطيني، وجره إلى الهجرة أو إلى الحرب مجددًا. ويوضح : «وعدونا بإدخال خيام وبيوت جاهزة، لكن للأسف لم يدخل أي شيء حتى الآن، وكلها متجمعة على المعابر. الوضع الإنساني أصبح لا يُطاق، وهذا هو مبتغاهم طردنا من أرضنا والقضاء علينا».

ساعات حاسمة

وتعليقًا على تلكؤ الاحتلال في تنفيذ البروتوكول الإنساني الخاص باتفاق وقف إطلاق النار، يؤكد المحلل السياسي الفلسطيني ثابت العمور أن «هذا النهج من الاحتلال ليس جديدًا، فهو دائمًا ما يتهرب من أي استحقاقات سياسية أو اتفاقيات».

ويقول : «لدينا تجربة سيئة مع الاحتلال منذ أيام اتفاق أوسلو، فهو يسعى دائمًا للتهرب من التزاماته، وما يحدث اليوم هو تأكيد لهذه السياسة».

ويوضح: «الاحتلال لم يلتزم بإدخال المعدات الثقيلة اللازمة لرفع الأنقاض، ولا بإدخال الوقود بكميات كافية، ولم يوفر مساعدات طبية للمستشفيات. هذا مؤشر خطير جدًا، خاصة أننا لا نزال في المرحلة الأولى من الاتفاق، مما يثير تساؤلات حول مدى التزام الاحتلال بالمراحل القادمة».

ويؤكد أن الساعات المقبلة ستكشف للشعب الفلسطيني ما إذا كان الاحتلال الإسرائيلي صادقًا في نواياه بخصوص وقف إطلاق النار: «دخول الجرافات واللوادر العالقة على الحدود المصرية سيبرهن ضغط الوسطاء خلال الـ48 ساعة المقبلة، وإلا فالاتفاق مهدد بالإلغاء، وستتجه الأمور نحو التصعيد». مبينًا أن «هناك 12 ألف شهيد فلسطيني ما زالوا تحت الأنقاض، ولابد من دخول المعدات الثقيلة لانتشال جثامينهم».

ويشير المحلل السياسي الفلسطيني إلى أن المقاومة اضطرت للتهديد بتعليق عملية تبادل الأسرى للضغط على الاحتلال، لكنها تراجعت بعد حصولها على وعود من الوسطاء بإدخال المساعدات العالقة. ويشدد على أن الاتفاق لم يكن مجرد تبادل أسرى، بل شمل شروطًا محددة تتعلق بالحاضنة الشعبية في قطاع غزة، ويجب أن تُنفذ بالكامل.

الحكومة: الوضع لا يحتمل التسويف

من جهته، أكد سلامة معروف، رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن قطاع غزة لم يشهد حتى اللحظة دخول أي «كرفانات» أو معدات وآليات ثقيلة من المتواجدة على الجانب المصري من معبر رفح. معبرًا عن أمله في إدخالها، خلال الساعات القادمة، بحسب تطمينات الأطراف ذات العلاقة.

وقال، في تصريح لـ«عُمان»: «نتابع سلوك الاحتلال ونضع الوسطاء في صورة خروقاته يوميًا، وننتظر التزامه بتعهداته في اتفاق وقف إطلاق النار، وبدء إدخال جميع المستلزمات الواردة ضمن البروتوكول الإنساني بالكميات المحددة والمواعيد المقررة».

ويحذر المسؤول الحكومي الفلسطيني من أن الوضع الإنساني والمعيشي في غزة لا يحتمل المزيد من المماطلة والتسويف، مشيرًا إلى أن نحو 1.5 مليون إنسان بلا مأوى بعد تدمير منازلهم، وجميع سكان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون يعانون من انعدام أبسط الخدمات الأساسية.

حماس: لا تهاون في تنفيذ الاتفاق

في السياق ذاته، يؤكد د. عبد اللطيف القانوع، الناطق باسم حركة حماس، التزام الحركة بتنفيذ الاتفاق، وفقًا للضمانات، التي حصلت عليها من الوسطاء. ويضيف: «استئناف عملية التبادل جاء بناءً على التزامنا مع الوسطاء، بعد حصولنا على ضمانات لإلزام الاحتلال بتطبيق الاتفاق بالكامل»؟

وفيما يتعلق بعملية التبادل الأخيرة، أوضح القانوع أن كتائب القسام سلمت الصليب الأحمر ثلاثة أسرى إسرائيليين، بينما أفرج الاحتلال عن عدد من الأسرى الفلسطينيين.

وأوضح الناطق باسم حماس أنه «لا بدائل أمام الاحتلال سوى تنفيذ بنود الاتفاق كاملة»، مبرهنًا ذلك: «بأن التراجع أو المماطلة سيكون لهما تداعيات كبيرة، خاصة على حكومة نتنياهو التي تواجه ارتدادات قوية جراء هذا الاتفاق كما واجهت بسبب معركة طوفان الأقصى».وشدد: «لن نسمح بإفشال الاتفاق، وسنواصل العمل مع الوسطاء لضمان تنفيذ كل بنوده، بما يشمل إدخال المساعدات ورفع المعاناة عن شعبنا».

مساعي الوسطاء بحاجة إلى ضغط الدولي

مع استمرار الاحتلال في المماطلة، يبقى قطاع غزة في مواجهة كارثة إنسانية متصاعدة. يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والمياه والمساكن، بينما تواصل المقاومة الضغط لضمان تنفيذ الاتفاق. وبحسب تعبير المحلل السياسي، ثابت العمور، «مع ضعف دور الوسطاء، تبدو الحاجة ملحة لتدخل دولي حاسم يلزم الاحتلال بتنفيذ تعهداته، وإنهاء المعاناة المستمرة لأكثر من مليوني إنسان في القطاع المحاصر».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وقف إطلاق النار تنفیذ الاتفاق قطاع غزة لا تکفی

إقرأ أيضاً:

تنفيذ “البرنامج القومي لتنمية مهارات القراءة والكتابة” على مليون طالب بـ2000 مدرسة

أكد محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني ، أن "البرنامج القومي لتنمية مهارات القراءة والكتابة لطلاب المرحلة الابتدائية" يمثل نتاج شراكة استراتيجية بين الوزارة والمنظمات الدولية ويعكس الالتزام المشترك بتحسين جودة التعليم وتمكين الأجيال القادمة

وأوضح وزير التربية والتعليم والتعليم الفني ،  أن الهدف العام لـ "البرنامج القومي لتنمية مهارات القراءة والكتابة لطلاب المرحلة الابتدائية"  يتمثل في تنمية مهارات القراءة والكتابة للتلاميذ المتعثرين من خلال تنمية مهارات المعلمين لإكساب التلاميذ المهارات الأساسية في القراءة والكتابة

وأعلن وزير التربية والتعليم والتعليم الفني ، أنه جاري تنفيذ "البرنامج القومي لتنمية مهارات القراءة والكتابة لطلاب المرحلة الابتدائية" في 10 محافظات بواقع 2000 مدرسة وبإجمالي مليون طالب وطالبة كمرحلة أولى.

و أكد وزير التربية والتعليم والتعليم الفني محمد عبد اللطيف أن الوزارة تستهدف القضاء على تحدي صعوبات القراءة والكتابة لدى طلاب المرحلة الابتدائية، مشيرا إلى أن الطلاب الذين لم يجتازوا امتحانات العام الدراسي الماضي ٢٠٢٤ / ٢٠٢٥ ، إلتحقوا بالبرامج العلاجية المخصصة لتحسين مستوى القراءة والكتابة خلال الإجازة الصيفية لتحسين مستوى الطلاب في هذه المهارات الأساسية، مشيرا إلى التزام الوزارة بالتعامل بشفافية في نتائج التقييمات وأعمال السنة، لضمان تحقيق العدالة والمساواة بين الطلاب، وأخذ كل طالب نتيجته الحقيقية لمساعدته في تحقيق تحسين مستواه التعليمى.

10 إنجازات جديدة .. ماذا أعلن وزير التربية والتعليم اليوم أمام رئيس الوزراء؟

وكان قد أدلى محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم والتعليم الفني ، أمام الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء منذ ساعات ، بعدد من التصريحات الهامة التي استعرض خلالها أحدث إنجازات وزارة التربية والتعليم.

التعليم ترشح قائمة كتب جديدة لـ"انجليزي المستوى الرفيع" بمدارس اللغاتوزير التعليم: تحديث مناهج اللغة العربية من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني الإعداديسفراء التطوير.. وزير التعليم يشهد انطلاق البرنامج التدريبي الموسع لمعلمي اللغة العربية عن المناهج المطورةإئتلاف تحيا مصر بالتعليم يطالب الرئيس بالتدخل لحل أزمة نتيجة الثانوية العامة

وفي هذا التقرير يرصد موقع صدى البلد أبرز تصريحات وزير التربية والتعليم أمام رئيس الوزراء :

تم تطوير المناهج بإجمالي 94 منهجًا لجميع المراحل التعليمية (رياض أطفال، الابتدائية، الإعدادية، الثانوية)، بالإستعانة بلجنة من كبار الأكاديميين وأساتذة الجامعات ، وتم التركيز على الموضوعات التي تنمي شعور الاعتزاز بالوطن وتعميق الهوية المصرية والاعتزاز باللغة العربية،تطوير مناهج الرياضيات بالتعاون مع الجانب الياباني باستخدام المنهجية اليابانية في تبسيط المادة العلميةتفعيل برنامج تأهيل وتدريب المعلمين على المناهج المطورة بالتعاون مع منظمة “اليونيسف”تفعيل "البرنامج القومي لتنمية مهارات القراءة والكتابة لطلاب المرحلة الابتدائية" بالشراكة مع المنظمات الدولية لتنمية مهارات القراءة والكتابة للتلاميذ المتعثرين ، و جار تنفيذ البرنامج في 10 محافظات بواقع 2000 مدرسة وبإجمالي مليون طالب وطالبة كمرحلة أولى.إطلاق مقترح إلحاق الأطفال في المرحلة الأولي لرياض الأطفال بالمساجد بالتعاون مع وزارة الأوقاف، على أن يكون ذلك في إطار تجريبي لمدة عام دراسي واحد، وفي محافظة واحدة حتى يتم تقييم التجربة، وذلك في إطار اهتمام الدولة المصرية ببناء الإنسان المصري، وتربية الأطفال التربية السليمة. التوسع في المدارس اليابانية : عدد تلك المدارس سيصل إلى 70 مدرسة ببداية العام الأكاديمي 2025/2026 تم الاتفاق مع الجانب الياباني على إدخال مادة البرمجة لطلاب المدارس المصرية اليابانية في إطار خطة التوسع في مسارات تدريس البرمجة، لافتاً إلى أن المادة التعليمية المُقدمة من الجانب الياباني في هذا الإطار تتميز بالسير وفقاً لمنهج محدد وواضح، كما تنقسم إلى مستويات من مبتدئ ثم متوسط ومتقدم.الوزارة تمكنت من خفض الكثافات الطلابية إلى معدلات أقل من 50 طالباً في الصف الواحدتم رفع نسبة حضور الطلاب لتتجاوز 85% بجميع مدارس مصر تم بذل خطوات تجاه سد العجز في أعداد المدرسين وتحسين ظروفهم، وكذا إعادة هيكلة التعليم الثانويتم إعداد خطة لتحويل مدارس التعليم الفني إلى مدارس تكنولوجيا تطبيقية بالتعاون مع شركات محلية ودولية لتوفير فرص للتدريب والربط بمتطلبات سوق العمل.
  طباعة شارك وزير التربية والتعليم مهارات القراءة والكتابة البرنامج القومي لتنمية مهارات القراءة والكتابة المرحلة الابتدائية التعليم التربية والتعليم

مقالات مشابهة

  • استشهاد 37 فلسطينيًا من منتظري المساعدات برصاص الاحتلال شمال غزة
  • مفاوضات غزة: الوسطاء سلّموا حماس اعتراضات إسرائيل على ردّها.. ما هي؟
  • استشهاد 13 فلسطينيًا من منتظري المساعدات برصاص الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة
  • منذ فجر اليوم.. استشهاد 71 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق متفرقة بقطاع غزة
  • استشهاد 30 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي على وسط قطاع غزة
  • تنفيذ “البرنامج القومي لتنمية مهارات القراءة والكتابة” على مليون طالب بـ2000 مدرسة
  • منذ فجر اليوم.. استشهاد 43 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق متفرقة بقطاع غزة
  • 189 يومًا للعدوان على جنين.. تصاعد الاقتحامات والاعتداءات
  • لماذا سمحت إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة؟!
  • مستوطنون يقطعون الطريق أمام شاحنات المساعدات المتجهة إلى قطاع غزة ويعتدون عليها / فيديو