مؤتمر بدبي يستشرف تحديات الذكاء الاصطناعي بقطاع التعليم العالي
تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT
استعرض “مؤتمر مؤسسة عبد الله الغرير 2025” الذي عقد اليوم وجمع قادة التعليم العالميين ومجموعة من صنّاع السياسات وخبراء المجال تحديات الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم العالي.
ركزت نقاشات المؤتمر – الذي أقيم تحت شعار “الابتكار والتحول في التعليم العالي” – على الدور المحوري للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا والعمل الخيري الاستراتيجي في تشكيل ملامح المستقبل التعليمي.
وناقش المؤتمر تعزيز التعاون بين المؤسسات الأكاديمية وسوق العمل والحكومات لبناء نظام تعليمي مرن وشامل يلبي متطلبات القوى العاملة المستقبلية وأكد أهمية العمل الجماعي في هذا الصدد من خلال تسليطه الضوء على التعاون بين جميع الأطراف لتحقيق تحول تعليمي فاعل.
وأكد سعادة عبد العزيز الغرير، رئيس مجلس أمناء مؤسسة عبد الله الغرير، أن التعليم يُشكل البوابة الأوسع للفرص ومحركاً حيوياً للابتكار داعياً إلى التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لترسيخ نظام تعليمي أكثر ذكاءً واستدامة.
واستعرضت جلسات المؤتمر قضايا محورية عديدة، منها دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم، وتأهيل الطلاب لسوق العمل في ظل الأتمتة المتزايدة.
وشدّد المشاركون في المؤتمر على ضرورة تقليص الفجوة الرقمية، خاصةً بين صفوف الشباب إلى جانب النساء اللاتي يتأثرن بشكل غير متكافئ ودور الذكاء الاصطناعي في تحسين الوصول إلى التعليم، مع التركيز على الخصوصية والأخلاقيات مؤكدين الحاجة للانتقال لنموذج قائم على المهارات والشهادات المصغّرة.
وأكدت الدكتورة سونيا بن جعفر، الرئيسة التنفيذية للمؤسسة ضرورة التحرك الجماعي لوضع تصور بشأن التعليم في ظل التغيرات السريعة مشددة على أهمية وضع استراتيجية شاملة لتجنب تعميق الفجوة التعليمية وحذرت من أن أنظمة التعليم الحالية حول العالم لا تؤدي دورها المنوط بها في تأهيل الشباب لاسيما في المجتمعات المهمّشة.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
البشر يتبنون لغة الذكاء الاصطناعي دون أن يشعروا
في ظاهرة تبدو كأنها خرجت من قصص الخيال العلمي، كشفت دراسة حديثة أن البشر بدؤوا بالفعل تبني أسلوب لغوي يشبه إلى حد كبير أسلوب الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل تشات جي بي تي.
هذا التحول الصامت، الذي رصده باحثون في معهد "ماكس بلانك لتنمية الإنسان" في برلين، لم يقتصر على المفردات فحسب، بل امتد إلى بنية الجمل والنبرة العامة للحديث، مما يثير تساؤلات عميقة حول مستقبل اللغة والتنوع الثقافي في عصر هيمنة الآلة ومنطقها في التفكير.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"كل ما نريده هو السلام".. مجتمع مسالم وسط صراع أمهرة في إثيوبياlist 2 of 2سيرة أخرى لابن البيطار بين ضياع الأندلس وسقوط الخلافةend of list تسلل إلى حواراتنا اليوميةاعتمدت الدراسة، التي لم تنشر بعد في مجلة علمية وتتوفر حاليا كنسخة أولية على منصة (arXiv)، على تحليل دقيق لمجموعة ضخمة من البيانات اللغوية، شملت ما يقرب من 360 ألف مقطع فيديو من منصة يوتيوب الأكاديمية و771 ألف حلقة بودكاست. وقام الباحثون بمقارنة اللغة المستخدمة في الفترة التي سبقت إطلاق" تشات جي بي تي" في أواخر عام 2022 وما بعدها، وكانت النتائج لافتة.
لاحظ الفريق البحثي زيادة حادة في استخدام ما أطلقوا عليه "كلمات جي بي تي"، وهي مفردات يفضلها النموذج اللغوي، مثل "delve" (يتعمق)، "meticulous" (دقيق)، "realm" (عالم/مجال)، "boast" (يتباهى/يتميز)، و"comprehend" (يستوعب). هذه الكلمات، التي كانت نادرة نسبيا في الحوار اليومي العفوي، شهدت طفرة في الاستخدام. على سبيل المثال، ارتفع استخدام كلمة "delve" وحدها بنسبة 48% بعد ظهور تشات جي بي تي.
وللتأكد من هذه "البصمة اللغوية"، قام الباحثون باستخلاص المفردات التي يفضلها النموذج عبر جعله يعيد صياغة ملايين النصوص المتنوعة. ووجدوا أن استخدام هذه الكلمات في كلام البشر المنطوق ارتفع بنسبة قد تصل إلى أكثر من 50%، مما يؤكد أن التأثير لم يقتصر على النصوص المكتوبة، بل امتد إلى المحادثات اليومية.
تغير في الأسلوب والنبرةالمفاجأة الكبرى في الدراسة لم تكن في المفردات فحسب، بل في النبرة الأسلوبية العامة. لاحظ الباحثون أن المتحدثين بدؤوا يتبنون أسلوبا أكثر رسمية وتنظيما، وجملا أطول، وتسلسلا منطقيا يشبه إلى حد كبير المخرجات المنظمة للذكاء الاصطناعي، بعيدا عن الانفعالات العفوية والخصوصية اللغوية. هذه الظاهرة تعني أننا نشهد مرحلة غير مسبوقة: البشر يقلدون الآلات بطريقة واضحة.
إعلانيصف الباحثون ما يحدث بأنه "حلقة تغذية ثقافية مغلقة" (closed cultural feedback loop)؛ فاللغة التي نعلمها للآلة تتحول، بشكل غير واع، إلى اللغة التي نعيد نحن إنتاجها.
يقول ليفين برينكمان، أحد المشاركين في الدراسة: "من الطبيعي أن يقلد البشر بعضهم بعضا، لكننا الآن نقلد الآلات"، في مشهد يؤكد تحول الذكاء الاصطناعي إلى مرجعية ثقافية قادرة على التأثير في الواقع البشري.
تآكل التنوع اللغويرغم الطابع الطريف الذي قد تبدو عليه هذه الظاهرة، فإن الدراسة تحمل في طياتها تحذيرا جادا حول مستقبل التنوع الثقافي واللغوي. يلفت الباحثون الانتباه إلى أن اعتمادنا المفرط على أسلوب لغوي موحد، حتى لو بدا أنيقا ومنظما، قد يؤدي إلى تآكل الأصالة والتلقائية والخصوصية التي تميز التواصل الإنساني الحقيقي.
وفي هذا السياق، يحذر مور نعمان، الأستاذ في معهد "كورنيل تك"، من أن اللغة عندما تكتسب طابع الذكاء الاصطناعي قد تفقد الآخرين ثقتهم في تواصلنا، لأنهم قد يشعرون بأننا نسعى لتقليد الآلة أكثر من التعبير عن ذواتنا الحقيقية.
تشير الدراسة إلى أن ما بدأ كأداة للمساعدة في الكتابة والبحث قد تحول إلى ظاهرة ثقافية واجتماعية مرشحة للتوسع. فإذا كان الإنترنت قد أدخل على لغتنا اختصارات تقنية مثل "LOL"، فإن ما يحدث اليوم هو انعكاس مباشر لعلاقة أعمق وأكثر تعقيدا بين الإنسان والذكاء الاصطناعي.
وتؤكد هذه النتائج أن اللغة ليست مجرد كلمات، بل هي مرآة للسلطة الثقافية ومنبع للهوية. ومع تحول الذكاء الاصطناعي إلى جزء من هذه السلطة، فإن تبنينا لأسلوبه قد يعني أننا، وبشكل غير محسوس، نفقد جزءا من شخصيتنا وهويتنا اللغوية الفريدة في ساحة معركة هادئة تكتب فيها فصول جديدة من تاريخ التواصل البشري.