بقلم: د. إبراهيم عمر(صاروخ)
منذ الاستقلال، واجه السودان سلسلة من الأزمات السياسية المتلاحقة والحروب الداخلية المستمرة، مما أعاق قدراته على تحقيق الاستقرار والنمو والتنمية. شهدت الأوضاع السياسية والأمنية تقلبات كبيرة، ما بين انقلابات عسكرية وثورات شعبية وحروب أهلية وقبلية. أدت هذه الأزمات والمشكلات إلى استمرار حالة دائمة من التشظي السياسي، وتفتيت النسيج الاجتماعي، والاستقطاب الإثني والجهوي، مما حال دون تحقيق الوحدة القومية والتكامل السياسي.


رغم الجهود المضنية والمتكررة للوصول إلى تسوية سياسية سلمية، وجد السودان نفسه في دوامة جديدة من الحروب الدموية والصراعات المميتة والفوضى العارمة. وفي ظل الأحداث المأساوية والمتسارعة، تزايدت المخاوف لدى السودانيين من مستقبل قاتم وغير آمن. يتجلى ذلك بشكل خاص مع إصرار مليشيا الدعم السريع والأطراف المتحالفة معها على تشكيل حكومة موازية. في المقابل، تصر القيادة العسكرية والمجموعات المتحالفة معها على أن لا مجال لوقف الحرب أو إجراء أي حوار بشأن الأزمة الجارية إلا بتحقيق النصر على الخصم أو الاستسلام.
هذا التموضع والتمترس يشيران إلى أن هدف طرفي الحرب هو تحقيق مكاسب خاصة بعيداً عن مصلحة الوطن والمواطن، مما يزيد من معاناة الشعب السوداني ويهدد وحدة البلاد ومصيرها. إن الإصرار على استمرار الحرب بلا هوادة يطرح تساؤلات ملحة حول كيفية الخروج من هذه الأزمة المركبة والنفق المظلم. فمن الواضح أن استمرار هذه الحرب الكارثية سيهدد مستقبل كيان الدولة السودانية وشعبه.
تحت وطأة هذا التعنت واللامبالاة، يتعرض المواطنون يومياً لانتهاكات جسيمة في حقوقهم بالنهب والسلب، بما في ذلك القتل الممنهج والدمار الشامل. للخروج من هذه الورطة، يتطلب الوضع تفكيراً جاداً مدعوماً بإرادة وطنية حقيقية لإيجاد حلول جذرية ودائمة للأزمة القائمة. إن العمل من أجل إنهاء الحرب يحتاج إلى أكثر من مجرد اتفاقات وتحالفات مرحلية وسطحية غير المجدية؛ بل يستوجب الأمر تقديم تنازلات من أجل مصلحة البلاد وشعبها.
من حق الشعب السوداني أن يعيش حياة مطمئنة وآمنة وكريمة، خالية من العنف والتنكيل والقتل والدمار. لتحقيق هذا الهدف، يجب على جميع فئات الشعب على مختلف توجهاتهم أن تتكاتف وتضع مصلحة الوطن فوق أي مصالح شخصية، حزبية، طائفية، قبلية وجهوية. إن الوضع الراهن لا يحتمل التأخير، بل يتطلب تحركاً عاجلاً وعملاً دؤوبا وجاداً للوصول إلى سلام شامل ومستدام ينهي مسلسل الحروب ومعاناتها.
رغم الظروف الصعبة والتحديات الكبيرة الماثلة أمام الجميع، يبقى الأمل قائماً في الوصول إلى السلام الشامل المستدام. ولكن هذا الأمل يتطلب دفع جهوداً مشتركة وتنازلات وحواراً مستمراً لتجاوز هذه المراحل الحرجة من تاريخ بلادنا الحبيبة. إن المستقبل الأفضل الذي يتمناه الجميع يتطلب من الجميع تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والوطنية والإنسانية والمساهمة الفعالة من أجل أن يكون السودان حراً، مستقراً، مزدهراً وموحداً أرضاً وشعباً.

[email protected]  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

خطوات تنظيم أمريكية للتعامل مع قضية الحرب في السودان

إلغاء إجتماعات الرباعية بشأن الحرب في السودان تقف وراءه أجندة أمريكية بعضها ظاهر .. والآخر مُستتر .. الخارجية الأمريكية تريد توسعة المشاركة وتضخيم الحدث .. كبير المستشارين الأمريكان في الشأن الأفريقي يري غير ذلك .. أن تكون المشاركة محدودة يعود فيها الفضل لأمريكا وحدها كما حدث بين رواندا والكونغو ..

■ إلغاء إجتماعات الرباعية يزيح الستار عن خطوات تنظيم أمريكية للتعامل مع قضية الحرب في السودان .. من خلال تجربة الأشهر السابقة اتضح أن أمريكا ستعيد النظر في خططها المتعلقة بالسودان .. خطوات تنظيم لترتيب الأوراق .. واشنطن لا تملك كل خيوط قضية الحرب في السودان .. وليس من مصلحتها الدخول في حلول عنيفة ستكون عواقبها مكلفة علي المدي الطويل..

■ أمريكا تبحث عن مكاسب اقتصادية وسياسية من طي ملف الحرب في السودان ولن تقبل أن يكون هنالك شركاء يتقاسمون معها الكيكة في ظل هوس ترامب بالحصول علي جائزة نوبل للسلام ..

■ أكبر الخاسرين من تأجيل إجتماعات الرباعية هي مليشيا التمرد وكلاب صيدها الذين ملأوا أشرعة أحلامهم وأتجهوا صوب واشنطن وقد رفعوا سقف توقعاتهم إلي العلالي .. بعد تأجيل الرباعية فوجئوا بالموقف القوي للإتحاد الأفريقي .. لقد عادوا خائبين .. عادوا إلي نادي العُراة يتحاشون النظر إلي بعضهم .. خاب المسعي وضلّ الطريق ..

عبد الماجد عبد الحميد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • برشلونة يُغرق سيول بـ «سباعية»
  • الوزير الشيباني: نحن في مرحلة إعادة الإعمار بحاجة لجميع الشركاء ونعمل على الاستفادة من دروس الماضي لبناء المستقبل، وشكلنا لجنة لإعادة النظر بالاتفاقات السابقة مع روسيا بما يضمن مصلحة الشعب السوري
  • حكومة الأمل: ما هي مهامها الاستراتيجية الكبرى
  • خطوات تنظيم أمريكية للتعامل مع قضية الحرب في السودان
  • الرفض الاقليمي والدولي لإعلان جنرالات الحرب
  • بالصور: أم أدهم: صمود امرأة فلسطينية في مواجهة الحرب والنزوح
  • السودان توجه نداءً عاجلًا إلي الاتحاد الافريقي لاستعادة عضويته
  • كامل إدريس يدعو الاتحاد الإفريقي للتعامل مع رفع تعليق عضوية السودان كحق مكتسب وبحيادية
  • رئيس الوزراء يبعث رسائل ساخنة إلى الاتحاد الإفريقي.. سيادة السودان “خط أحمر”
  • خالد أبو بكر: مواقف الرئيس السيسي القومية رسخت مكانته لدى المصريين ..فيديو