شيخ العقل: تشييع نصرالله استثنائي في تاريخ لبنان
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
اعتبر شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى أن "تشييع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله استثنائي في تاريخ لبنان في غياب رجل كبير ونتمنى أن تؤخذ العِبر في حدث وداعه".
وقال أبى المنى في حديث عبر "صوت كل لبنان"، أن "في الموت لا خصومات ولا نزاعات وما حصل كبير جدا، ولكن يجب أن يعيد اللبنانيين بعضهم الى بعض وألا يتحول الى محطة للانقسام"، لافتا الى أنّ "الجبل لم يتأخر يوما عن القيام بالواجب كما حصل بالنسبة للرؤساء كميل شمعون رشيد وعمر كرامة وريمون ادة ورفيق الحريري وداني شمعون وسواهم، وبالتالي ستكون هناك مشاركة رمزية في تشييع اليوم".
وشدد على "أهمية عقد لقاء شراكة روحية وطنية لحماية لبنان، وفي هذا الصدد كشف عن نيته زيارة المرجعيات الوطنية والدينية للاعداد لعقد قمة روحية وطنية تشكل مظلة تجمع اللبنانيين بعيدا من كل الانقسامات وتكون تحت رعاية رئيس الجمهورية"، معتبرا انه "لا بد من شراكة روحية - وطنية تحمي لبنان ومرتكزات وجوده، بعيدا من اية انقسامات حزبية او سياسية او مناطقية، وليس لنا من سبيل الا بتلك الشراكة لتعزيز الدولة وحماية الوطن، من خلال مسؤوليتنا الروحية التي ليست سياسية وعبر التوجيه والارشاد واعلاء شأن الصوت الوطني والايماني والجامع الذي يساهم في التلاقي والدفع نحو الافضل وأنسنة الدين وصون كرامة الإنسان".
وأوضح أن "التصميم موجود والنوايا موجودة للتلاقي، والأمور تحتاج الى ترتيبات وأعتقد ان جميع الرؤساء الروحيين يرحبون بذلك وفي ظل الانطلاقة الجديدة للعهد، وهذا ما يحتاجه اللبنانيون".
وشدد على أنه "علينا أن نعود جميعنا الى قراءة الذات على ضوء الواقع والدستور، وهذا ما قلته لوفد حزب الله الذي زارنا، اذ لا يمكن الاستمرار في مسارات كما يحلو لنا، لأن الوطن يبقى ويستمر أما المشاريع والارتباطات الخارجية فتزول".
وقال: "لنحصل على الدولة يجب ألا نستقوي بالخارج ومصادرة القرار الوطني وعلينا العودة الى الحالة الوطنية وهي الدولة ومن يخرج عن هذه القاعدة يعود ويدرك أن لبنان يجب أن يكون أولا في تربيتنا وثقافتنا وتحالفاتنا ومقاومتنا أيضا. والمقاومة يمكن ان تكون متعددة ثقافية واقتصادية واجتماعية ودبلوماسية، وعسكرية عندما تدعو الحاجة لذلك، ، ولعل افضل مقاومة اليوم تكمن في محاربة الفساد وفي الجهاد في سبيل قيام الدولة وصونها والتطلع جميعا بتبصر الى ما يحمي وجود الوطن ويعزز تضامنه الداخلي".
ولفت المنى الى أن "مهمة بناء الوطن ليست محصورة برئيس الجمهورية أو الحكومة أو وزير معين بل المسؤولية يتحملها الجميع، ونحن بحاجة الى قيادة ولكننا بحاجة أيضا الى شعب مسؤول".
ورأى أن "العهد الجديد ينتظره الجميع لأن على كاهله مسؤولية إعادة الروح الى مؤسسات الدولة، ونستبشر خيرا باعادة تنظيم ما تبعثر من قوانين وأنظمة وضوابط، فيطمئن المودعون مثلا على جنى أعمارهم وتسلك التربية مسارها الصحيح وينشط الازدهار والدبلوماسية وباقي العناوين، التي نأمل أن تتم معالجتها خلال هذا العهد، بناء لما عبّر عنه خطاب القسم، ويجب أن يتفاعل العهد مع تطلعات الناس لبناء دولة عصرية وحديثة تعيد ثقة اللبنانيين بوطنهم وثقة الخارج بلبنان".
وعن العلاقات مع دول الخارج، اعتبر أن "لبنان يحتاج الى دعم ونحن ننتظر من السعودية ودول الخليج أن يعودوا الى لبنان، هم الذين ينتظرون الخطوات الاصلاحية وهو ما بدأه العهد عبر تشكيل الحكومة الجديدة وما ورد في البيان الوزاري يعطي أملا بعودة الدول الصديقة الى لبنان".
وقال: "إخراج اسرائيل من لبنان يحتاج الى مقاومة دبلوماسية وسياسية، ومواجهة العدو هي مهمة الدولة وهي صاحبة القرار، والتي عليها أن تثقف شعبها على أهمية الدفاع عن النفس ومواجهة العدوان والتربية على ثقافة السلام التي تشكل غاية كل مقاومة وكل حوار، لافتا الى أنّ لدى لبنان علاقات جيدة مع دول العالم وعليه الاستفادة من ذلك، كما على المغتربين المساعدة في مسألة استقرار لبنان ولجم العدو الذي يتغطرس ويفرض نفسه بقوة ويتحكم بالقرار مع أن المقاومة استطاعت أن توجعه، رغم قدراته التفوقية".
وشدد على "وجوب أن يكون هناك ضغط حقيقي على اسرائيل، ولبنان ليس وحده مسؤولا في هذه المواجهة وهو يحتاج الى وحدة الموقف العربي والى موقف دولي ضاغط لأن استمرار بقاء اسرائيل على عدوانها ليس حالة طبيعية".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
تواصل 2025: حين تحدّث ولي العهد، الدولة الحديثة ليست بنايات وشوارع، بل عقل ونهج
صراحة نيوز ـ بقلم: النائب الكابتن زهير محمد الخشمان
في افتتاح منتدى “تواصل 2025″، لم يكن سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، يلقي مجرد خطاب رسمي في مناسبة وطنية؛ بل قدّم ما يشبه البيان الاستراتيجي لجيلٍ بأكمله، يعيد رسم العلاقة بين الإنسان والدولة، بين التكنولوجيا والهوية، وبين التحديات الكبرى والأمل المعلّق على المستقبل.
في البدء كان التواصل
“ما أحوجنا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى التواصل” – بهذه العبارة بدأ سموه كلمته، واضعًا إصبعه على جوهر اللحظة الراهنة: لحظة يتداخل فيها التوتر بالقلق، وتتصاعد فيها وتيرة العزلة رغم كل وسائل الاتصال. لكن سموه لم يتوقف عند المعنى الظاهري للكلمة، بل وسّع مفهوم التواصل ليشمل بناء الثقة، إشراك الشباب، كسر الحواجز النفسية والإدارية، واستعادة الحوار الحقيقي في الحياة العامة.
الرؤية: من وطن الموارد المحدودة إلى وطن العقول غير المحدودة
في كلمته، قال سمو ولي العهد:
“لم تعد الاقتصادات المتقدمة تُقاس فقط بما تنتجه المصانع، بل بما تنتجه العقول.”
بهذا الاقتباس، رسم الأمير معادلة جديدة لمكانة الأردن في العالم: فالأردن الذي لا يملك نفطًا ولا موارد طبيعية ضخمة، يمتلك أهم مورد يمكن لأي دولة أن تبني عليه نهضتها، وهو الإنسان الأردني. وفي ظل ما يشهده العالم من تحولات رقمية واقتصادية، كانت دعوة الأمير واضحة: لن يتقدّم الأردن إلا إذا راهن على الاستثمار في شبابه، في أفكارهم، وإبداعهم، ومهاراتهم.
تخيل أردن الغد… وابدأ من اليوم
كلمة سمو ولي العهد لم تكن تنظيرًا بعيدًا عن الواقع، بل كانت مليئة بالصور القريبة التي تمس الحياة اليومية للأردنيين:
في الطب: مواطن يراجع مركزًا صحيًا لا يتوافر فيه اختصاص معين، ويتواصل مع طبيب مختص عن بُعد دون أن يُضطر إلى السفر.
في التعليم: طالبة تتعلّم من خلال مساعد افتراضي بالذكاء الاصطناعي يجيب على استفساراتها، ويمنح المعلمين فرصة لدعم من يواجهون صعوبات.
في الإدارة: استخدام آمن للذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات السكانية والاقتصادية، والتنبؤ بالمخاطر، واتخاذ قرارات قائمة على معلومات دقيقة.
في التنمية: طائرات درون من تصنيع أردني، تراقب شبكات الكهرباء والمياه، أو تنقل مواد طبية عاجلة في المناطق النائية.
هذه الصور ليست خيالًا تقنيًا، بل هي خارطة طريق لما يمكن أن يكون عليه الأردن إذا توافرت الإرادة السياسية، والخطة التنفيذية، والشراكة المجتمعية.
قيادة شابة بلغة مخاطبة عقول الشباب
ما يميّز ولي العهد الحسين أنه لا يتحدث بلغة الخطب التقليدية، بل يخاطب الجيل بلغته، وتطلعاته، وهمومه. تحدث عن الفرص، نعم، لكنه تحدث أيضًا عن التحديات، عن ضرورة التفكير المختلف، عن إتاحة مساحة للتجريب والخطأ، عن دعم الرياديين وعدم محاسبتهم على الفشل.
ولعل من أبرز ما قاله:
“علينا أن نفتح أبواب التجريب والعمل، وألا نخشى الفشل، بل نعتبره خطوة ضرورية للتعلم.”
رسائل بين السطور: الدولة الحديثة ليست بنايات وشوارع، بل عقل ونهج
كانت هناك رسائل غير مباشرة لكنها قوية:
أن التحول الرقمي ليس ترفًا ولا خيارًا، بل ضرورة وجودية.
أن الحوار الوطني يجب أن يشمل الجميع، لا أن يظل حكرًا على النخب.
أن الريادة ليست مشروعًا اقتصاديًا فقط، بل ثقافة دولة ونهج مؤسسات.
أن أمن الأردن واستقراره لن يأتي فقط من الأمن العسكري، بل من العدالة والفرص والتحديث والتفاعل مع الجيل الجديد.
تواصل ليس اسم منتدى… بل مشروع دولة
لقد قدّم سمو ولي العهد من خلال “تواصل 2025” نموذجًا جديدًا للخطاب الوطني: خطاب مبني على الوضوح، العقل، المشاركة، والرهان على المستقبل. لم يكن الخطاب دعائيًا، بل عمليًا؛ لم يكن مفرطًا في التفاؤل، بل واقعيًا ومسؤولًا.
من تابع الكلمة عن قرب – كما فعلت شخصيًا من قلب القاعة – لا يخرج إلا بإيمان أعمق بأن الأردن قادر على أن يصنع قصته، لا بتكرار نماذج الآخرين، بل برسم مساره الخاص، بإرادة قيادته، وبطاقة أبنائه.