خطيب المسجد الحرام: من منافع الصيام ترويض الألسنة وتطهيرها من المنكر
تاريخ النشر: 28th, February 2025 GMT
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط، المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه.
وقال خطيب المسجد النبوي: إنَّ جمالَ المناسَبةِ وَجَلالَها، وَثِيقُ الصِّلَةِ بحُسنِ استِقبَالِها، وكَمَالِ السّرور وَغَامِرِ السَّعادةِ بها، وإنَّ مِن أجملِ المناسَبَاتِ وأَجلِّها في حَياةِ المسلم، مُناسبةَ هَذَا الشَّهرِ المبارَك رَمضَان، الذي أكرَمَ الله الأمّةَ بِه، وَجَعلَ صيامَه وقِيامَه واستِباقَ الخَيراتِ فيه: مِن أعظَمِ أبوابِ الجنَّة دَارِ السلام، ومِن أَرجَى أَسبابِ الرِّضا والرِّضوان، وقَد أَظَلّهم زَمانُ هذا الشَّهرِ العظيمِ، أن يُحسِنوا استِقبَالَه، ويُكرِمُوا وِفادَتَه، بالتّشميرُ عن سَواعِدِ الجدّ في استِبَاقِ الخَيراتِ، وعَقد العزمِ على اغتِنامِ فُرصَتِه، بإلزَامِ النفسِ سُلوكَ الجادّةِ، وبالسَّيرِ عَلَى نَهج الصَّفوةِ من عبادِ الله، المقتدين بخير خلقِ الله، محمّد بن عبدالله، صلوات الله وسلامه عليه، في صيامِه وقيامِه، وسائر طاعاتِه، وفي إخلاصه العملَ لله ابتغاءَ رِضوان الله".
وأشار الشيخ أسامة إلى إنَّ منافعَ الصيام وجميلَ آثاره، لتربو على الحصر، وتجلّ عن العدّ، غيرَ أن الأثر البيِّن لهذه الفريضة المباركة، في ترويض الألسنة الجامحة، وتقويمها وتطهيرها من منكر القول ومقبوح الحديث، لتتحقَّق بها صفةُ المؤمن الكامل، التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: " ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء"، مبينًا أن هذا الأثرَ التربويَّ البارز هو من أظهر ما تجب العناية به، بتوجيه الأنظار إليه، وكمالِ الحرص عليه، فذلك شأن أولي النهى، وديدنُ أولي الألباب، ونهجُ أولي الأبصار، فآفاتُ اللسان وأوضارُه، هي من أعظم ما يُخشى ضررُه، وتُحذر عاقبته، إذ بها يعظم الخطب، ويُحْدق الخطر، ويعمُّ البلاء، وتستحكم العلل، ويعزّ الدواء، فيعسر البرء، وقد يتبدَّد الأملُ بعد ذلك في الشفاء، وحسبكم في بيان ذلك.
وأكد أن على المسلم الصائم ابتغاءَ وجهِ ربه الأعلى، وأملًا في الظفر بموعود الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"، إن عليه أن يذكر على الدوام أن سِبابَ المسلم فسوق، وإن على المسلم أن يذكر أيضًا، أن تلوُّثَ الألسنة بأرجاس هذا السوء في حال الصيام أعظمُ قبحًا، وأشدُّ نكرًا، وآكد حرمة، ولذا جاء التوجيهُ النبوي الكريم بالتحذير من ذلك بقوله صلوات الله وسلامه عليه: "الصيام جنة، فإذا كان يوم صيام أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتله فليقل: إني صائم إني صائم"، كما أن على المسلم الصائم أن يذكِّر نفسَه بذلك، ليقمعَ به سورةَ الشر في أقطارها، ويذكِّر أخاه أيضًا لعلَّه أن تمسَّه رحمةٌ من ربِّه، فيقلع عما أراد من سوء، ويُحجم عما أوضع فيها من عدوان، والحث على كبح جِمَاح النفس، بكفِّها عن مقابلة ألسنة السوء بمثلها، ومن لجم اللسان عن التردِّي في وَهدة الجهل والسفَه والمخاصمة، المورِثة للعداوة والبغضاء وفساد ذات البين؛ ما لا مزيدَ عليه.
وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام على أن فريضة الصيام فرصةٌ كبرى لاعتياد مجاهدة النفس وكف الألسن عن السوء، واعتماد هذه التزكية، يأخذ بها المسلم نفسَه في أيام هذا الشهر ولياليه، ويحثّ إخوانَه على الأخذ بها، رفيقًا بهم غيرَ معنِّفٍ لهم، لتكون عدةً وزادًا لهم في مستقبل الأيام، وآيةً بينة على بلوغ الصوم غايتَه في تحقيق التقوى، لأنَّ الصيامَ من أعظم أسبابِ التقوَى، كما أخبرَ سبحانه عَن ذلك بقوله: ﱣيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَﱢ، مبينًا إن الصيام -كما قال بعض أهل العلم- هو الطريق الأعظم للوصول إلى هذه الغاية، التي فيها سعادة العبد في دينه ودنياه وآخرته، فالصائم يتقرَّب إلى الله بترك المشتَهَيات، تقديمًا لمحبّة ربِّه على محبّة نفسه، و لهذا اختصَّه الله من بين الأعمال، فأضافه إلى نفسه.
وذكر أن الصوم يُنبِّه في الصائم ما كمَنَ من عواطِف الخير، وملَكَات التكمُّل، ويتَّجِه به نحو مسلَكٍ تقبحُ فيه نفسُه الأمَّارةُ بالسوء، وتُلجَمُ فيه خِلالُ الشرِّ، ومظاهِرُ الإثم، ودوافِع الرَّذيلة، فلا يصخَب، ولا يشتُم، ولا يُمارِي، إن هِيضَ جناحُه، أونِيلَ منه، أو تُعدِّيَ عليه، وإن الصبر، وقوة العزيمة، والتضحية في سبيل القيام بالواجِب، والشفقة، والعطف، والمُواساة، والشعور بحاجة المُضطر، وغير ذلك من خِلال الخير وخِصال الحمد، من روافِد الصوم، بل هي عِمادُه ونقطةُ الارتِكاز فيه، وبمُزايَلتها ينأَى الصائمُ كثيرًا عن الهدف الأسمَى في التزكية والتطهير، ويكونُ صومُه آليًّا، وعبارةً عن طقوسٍ تُؤدَّى، ومظاهِر شكليَّة، لا تُوصِل إلى الغاية، ولا يكون لها الأثر في التقويم والصَّقلِ، وإن الوسيلةَ لتحقيق الفرحَتين اللتَين جاءَت بهما البِشارةُ النبوية الكريمة، من نبي الله-صلوات الله وسلامه عليه- بقوله: "للصائم فرحَتان: فرحةٌ عند فِطره، وفرحةٌ عند لقاء ربِّه"، هما نتيجةُ الجهد والكَدح والمُصابَرة، ومُغالَبَة مُيول النفس في سبيل أداء هذه الشعيرة، وأخذ النفسِ بها، والقيام بما تفرِضُه من التِزاماتٍ وتكمُّلاتٍ، وما يجبُ أن يُجانِبَه الصومُ فيها من هنَاتٍ، وما يحذَرُه من فلَتَاتٍ وشطَحَاتٍ، فالسعيد من عقد العزم على اغتنامه، والمغبون من أدرك رمضان ولم يغفر له،
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المسجد النبوي الحرمين الشريفين الصيام المسجد الحرام شهر رمضان
إقرأ أيضاً:
دراسة: تلوث الهواء يزيد من مخاطر انقطاع النفس أثناء النوم
كشفت دراسة حديثة واسعة النطاق أن الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تشهد مستويات مرتفعة من تلوث الهواء قد يكونون أكثر عرضة لخطر الإصابة بانقطاع النفس أثناء النوم.
وفي هذا السياق، رأى تقرير نشره موقع "New Atlas" أن الوعي بجودة الهواء قد يتيح الحد من هذا الخطر ويحسّن نمط النوم وعوامل الصحة في 25 مدينة واقعة بـ14 دولة.
وقد نشرت دورية "European Respiratory Society" مؤخراً نتائج بحث قاده مارتينو بينغو، الأستاذ المشارك في جامعة ميلانو-بيكوكا في مدريد وتضمن تحليلاً لبيانات 19325 مريضاً يعانون من انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم (OSA) ويقطنون في 25 مدينة أوروبية مختلفة. وفي الوقت نفسه، حصل الباحثون على سجلات جودة الهواء من خدمة "كوبرنيكوس" لمراقبة الغلاف الجوي (CAMS).
وقال بينغو، الذي قدم البحث الجديد في مؤتمر الجمعية الأوروبية للجهاز التنفسي ERS، إنه "من المعروف أن انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم أكثر شيوعاً لدى كبار السن ولدى من يعانون من زيادة الوزن، لكن هناك قلق متزايد من أن تلوث الهواء يمكن أن يؤدي أيضاً إلى تفاقم هذه الحالة"، مضيفاً أن نتائج الدراسات السابقة، التي ركزت في معظمها على دولة واحدة فقط، أسفرت عن نتائج متباينة. وكشف أنه وزملاءه الباحثين سعوا إلى دراسة هذا الأمر على نطاق أوسع، عبر عدة مدن أوروبية، لفهم كيف يؤثر تلوث الهواء على انقطاع التنفس أثناء النوم.
كمية الجسيمات الدقيقة
وقد تضمنت بيانات جودة الهواء التي عاينها الباحثون سجلات عن مؤشر PM10 في المدن المعنية بالبحث. ويُعرّف مؤشر PM10 بأنه كمية الجسيمات الدقيقة، التي يبلغ قطرها 10 ميكرومتر أو أقل، والتي تنبعث في الهواء من ملوثات حديثة كعوادم السيارات والمصانع.
وتوصل فريق الباحثين إلى أنه مقابل كل ارتفاع بمقدار وحدة واحدة في مستويات PM10، كانت هناك زيادة متوسطة قدرها 0.41 اضطراب تنفسي لكل ساعة نوم. ورغم أن هذه النسبة صغيرة على المستوى الفردي، إلا أنها مهمة على المستوى الجماعي. ففي المتوسط، كان لدى الأشخاص في المناطق منخفضة التلوث درجات أقل من انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم، بينما كانت حالة الأشخاص في المناطق ذات التلوث الأعلى أسوأ بكثير. وفي هذا السياق، قال بينغو: "تم تأكيد وجود علاقة بين متوسط التعرض طويل الأمد لتلوث الهواء، وتحديداً للجسيمات الدقيقة المعروفة باسم PM10، وشدة انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم".
وتُضاف هذه الدراسة إلى مجموعة الأدلة التي تُشير إلى أن العوامل البيئية، مثل جودة الهواء والتحولات الموسمية ودرجة الحرارة، تلعب دوراً مهماً في شدة انقطاع التنفس أثناء النوم. وقد قال بينغو: "من أكثر النتائج إثارة للاهتمام أن الصلة بين تلوث الهواء وشدة انقطاع التنفس أثناء النوم لم تكن هي نفسها في جميع المناطق الأوروبية. ففي بعض المدن، كان التأثير أقوى، وفي مدن أخرى كان أضعف أو حتى غائباً. ويمكن أن تُعزى هذه الاختلافات الإقليمية إلى عوامل مثل المناخ المحلي، أو نوع التلوث، أو حتى كيفية تشخيص أنظمة الرعاية الصحية لانقطاع التنفس أثناء النوم".
من جهتها، صرحت البروفيسور صوفيا شيزا، رئيسة مجموعة ESR المعنية باضطرابات التنفس أثناء النوم، التابعة لجامعة كريت: "بالنسبة للأطباء الذين يعتنون بالمصابين بانقطاع التنفس أثناء النوم، يُسلط هذا البحث الضوء على ضرورة مراعاة العوامل البيئية، مثل جودة الهواء، إلى جانب عوامل الخطر الأخرى". وأضافت: "تُعزز هذه الدراسة العلاقة بين الصحة البيئية وطب النوم. وتُذكرنا بأن معالجة تلوث الهواء مفيدة لكوكب الأرض طبعاً، كما أنها ضرورية أيضاً لرئة الإنسان وجودة نومه".
يذكر أن لانقطاع التنفس أثناء النوم عواقب صحية وخيمة، تشمل خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم والنوبات القلبية والسكتات الدماغية وقصور القلب. وإذا تُرك دون علاج، يمكن أن يؤدي هذا الأمر إلى الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني والاكتئاب والاختلالات الإدراكية. ويمكن أن يُساعد استخدام أجهزة تنقية الهواء الداخلية في الحد من خطر الإصابة بانقطاع التنفس الانسدادي الحاد الناتج عن التلوث.