أبعاد أزمة معبر طورخم الحدودي بين أفغانستان وباكستان
تاريخ النشر: 2nd, March 2025 GMT
كابل- يتواصل إغلاق معبر طورخم الحدودي بين أفغانستان وباكستان لليوم السابع على التوالي، مما تسبب في أزمة إنسانية واقتصادية متفاقمة، حيث يعاني المسافرون، وخصوصا المرضى الذين يحتاجون إلى العلاج في باكستان، من أوضاع صعبة، في حين تكبد التجار خسائر فادحة نتيجة توقف حركة البضائع.
ومع استمرار تعثر المفاوضات بين الحكومة الأفغانية والسلطات الباكستانية، يبرز البعد السياسي والأمني للإغلاق كعامل رئيس في تعقيد الأزمة، إلى جانب تداعياته الإقليمية والدولية التي تزيد من الضغوط على الاقتصاد الأفغاني.
يقول جاويد رحيمي -أحد سكان ولاية قندوز شمالي أفغانستان- إن إغلاق المعبر تسبب في معاناة كبيرة للمرضى العالقين على الحدود.
وأوضح رحيمي للجزيرة نت أن "مئات المرضى ينتظرون فتح البوابة. لقد أمضينا 7 أو 8 أيام في فندق بجلال آباد، وهناك أشخاص لا يستطيعون تحمل تكاليف الإقامة، وبعضهم ينامون في المساجد. نطالب بفتح هذا الطريق حتى يتمكن مرضانا من الانتقال إلى باكستان".
أما أحمد الله شريفي، وهو أحد سكان ولاية بروان شمالي كابل، فيشكو من وضع مماثل، قائلا للجزيرة نت "أعاني من مرض في القلب، وكنت على وشك السفر إلى مدينة بيشاور الباكستانية للعلاج، لكن المعبر مغلق. كل يوم نأتي إلى هنا على أمل فتحه، لكننا نعود خائبين. لا نعرف إلى متى سيستمر هذا الوضع".
إعلانوكانت تقارير إعلامية ذكرت أن حوالي 10 آلاف شخص كانوا يجتازون المعبر يوميا قبل إغلاقه.
لم يقتصر تأثير الإغلاق على المسافرين فقط، بل أدى أيضا إلى شلل شبه كامل في حركة التجارة بين البلدين. ويشير ضياء الحق هوتك، أحد التجار الأفغان، إلى أن توقف حركة الشاحنات المبردة قد سبب خسائر جسيمة.
وقال للجزيرة نت "مركباتنا متوقفة على كلا الجانبين، ومن الواضح أن بقاءها دون حركة يعني خسائر فادحة. جميع شاحناتنا المبردة متوقفة، ويجب تشغيلها لمنع تلف الفواكه، وهذا سيؤدي إلى استهلاك الوقود وزيادة التكاليف".
وقدرت الخسائر الإجمالية حتى الآن بحوالي 10 ملايين دولار، وفقا لما أعلنه خان جان ألكوزي أحد مسؤولي الغرفة المشتركة للتجارة بين أفغانستان وباكستان.
وصرح ألكوزي للجزيرة نت قائلا "يتكبد الطرفان خسائر بقيمة مليون دولار يوميا. للأسف، أصبحت تجارتنا مع باكستان مسيّسة، وعندما تنشأ مشاكل أمنية، تغلق المعابر، مما يؤثر على الاقتصاد ويزيد من معاناة الشعب".
وأضاف أن أكثر من 5 آلاف شاحنة محملة بالمواد الغذائية والخضراوات والفواكه متوقفة على جانبي المعبر، في حين أن حجم التبادل التجاري بين البلدين انخفض بنسبة 80% بسبب الأوضاع المتوترة.
وحذر ألكوزي من أن استمرار إغلاق المعبر قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار داخل الأسواق الأفغانية، خاصة المواد الغذائية الأساسية المستوردة من باكستان، مما قد يؤدي إلى زيادة الضغوط على المواطنين العاديين.
وختم بدعوة حكومتي أفغانستان وباكستان إلى إيجاد آلية تضمن استمرار حركة التجارة وعدم استخدام الاقتصاد ورقة ضغط سياسية.
يذكر أن معظم السلع المستوردة تمر عبر الموانئ الباكستانية، وخاصة ميناء كراتشي. وسبق أن حذرت مؤسسات مالية دولية، مثل البنك الدولي، من خطورة اعتماد أفغانستان المفرط على التجارة مع باكستان، وأشارت تقارير إلى أن العلاقات الاقتصادية الهشة بين البلدين تزيد من عدم الاستقرار الاقتصادي في أفغانستان.
إغلاق معبر طورخم لم يكن مجرد إجراء لوجستي مؤقت، بل جاء في سياق التوترات السياسية والأمنية بين حركة طالبان وباكستان. فمنذ وصول طالبان إلى السلطة في أغسطس/آب 2021، شهدت العلاقات بين كابل وإسلام آباد تقلبات حادة، حيث تتهم باكستان الحكومة الأفغانية بإيواء مجموعات مسلحة تشن هجمات داخل أراضيها، بينما تنفي الحكومة الأفغانية هذه الادعاءات.
إعلانوحسب مصادر أفغانية فإن إغلاق المعابر الحدودية مثل معبر طورخم أصبح إحدى أدوات الضغط السياسي التي تلجأ إليها باكستان عند تصاعد التوترات الأمنية.
فإسلام آباد تسعى من خلال هذه الإغلاقات إلى إجبار الحكومة الأفغانية على تقديم تنازلات فيما يتعلق بالملفات الأمنية، خصوصا ما يخص نشاط حركة طالبان باكستان، التي تتهمها إسلام آباد بشن هجمات عبر الحدود انطلاقا من الأراضي الأفغانية، كما توضح نفس المصادر.
وعلى الرغم من الحاجة الملحّة لإعادة فتح المعبر، فإن المفاوضات بين الحكومة الأفغانية والسلطات الباكستانية لم تحقق أي تقدم حتى الآن. وصرح مخلص أحمد، مسؤول غرفة التجارة بين أفغانستان وباكستان بولاية ننغرهار -لموقع الجزيرة نت- بأن المحادثات لم تسفر عن أي نتائج إيجابية.
وأضاف "نحن على تواصل دائم مع المسؤولين من الجانبين، ولكن حتى الآن لا يوجد حل ملموس. والحكومة الباكستانية تطالب السلطات الأفغانية بخطوات أمنية واضحة، بينما ترى الحكومة الأفغانية أن الإغلاق وسيلة ضغط غير عادلة تؤثر على المواطنين الأبرياء".
ويخشى محللون أن تصبح المعابر الحدودية مثل طورخم أداة دائمة للضغط السياسي بين كابل وإسلام آباد، ويرون أن الحل يكمن في اتفاقيات واضحة بين البلدين، بالإضافة إلى تفعيل آليات أمنية مشتركة لمعالجة المخاوف الباكستانية دون اللجوء إلى الإغلاقات المتكررة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان بین أفغانستان وباکستان الحکومة الأفغانیة بین البلدین للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
استعدادات أمام معبر كرم أبو سالم تمهيدًا لدخول شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة
قال يوسف أبو كويك مراسل قناة "القاهرة الإخبارية" من مدينة غزة، إنّ حالة الغموض والقلق تواصلت في قطاع غزة بشأن الآلية التي بدأت بها عملية إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر كرم أبو سالم، فالآلية الحالية تخضع لإشراف مباشر من الجانب الإسرائيلي، دون وجود أي دور فعّال للمنظمات الأممية أو الإنسانية، وهو ما أثار موجة تخوف في الشارع الفلسطيني، خاصة بعد إصدار وزارة الداخلية في غزة بيانًا يحذر من التفاعل مع تلك الآلية.
وأضاف أبو كويك، في تصريحات مع الإعلامية منى عوكل، عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أنّ الآلية المقترحة تشمل تسليم المساعدات في مناطق جنوب محور "موراج"، وهي مناطق يصنفها جيش الاحتلال كمناطق عسكرية مغلقة، يُمنع على المدنيين الوصول إليها، كما أن أنباء تحدثت عن استخدام تقنيات بيومترية مثل بصمة العين، وتفتيش السيدات على يد مجندات إسرائيليات، بالإضافة إلى منع أي شخص من استلام المساعدات نيابة عن آخر، ما يجعل هذه الآلية مشوبة بالشبهات الأمنية أكثر من كونها عملية إنسانية.
وذكر، أنّ مصادر أممية ودولية أكدت أن هذه الخطة تتسم بطابع عسكري صارم، وترفض معظم الجهات الإنسانية الدولية التعامل معها، لأنها تفتقر إلى معايير الشفافية والعدالة، وتهدف – بحسب ما قاله البعض – إلى فرض واقع جديد على الأرض.
ولفت، إلى أن المساعدات المقررة ستُوزع فقط في 3 نقاط، إحداها في رفح المدمرة، وأخرى جنوب محور نتساريم، بينما يُحرم سكان شمال غزة ومدينة غزة – حيث يقطن قرابة المليون نسمة – من أي وصول للمساعدات، ما يعزز المخاوف من تنفيذ مخطط تهجير قسري تدفع باتجاهه حكومة الاحتلال.
وأشار أبو كويك إلى أن المواطنين في غزة يعبرون عن رفضهم الصريح لهذه الآلية، ويرون فيها محاولة جديدة من الاحتلال للالتفاف على المطالب الإنسانية، وتضليل الرأي العام العالمي في ظل تفاقم المجاعة التي أودت بحياة أكثر من 60 طفلًا مؤخرًا.
وواصل، أن المواطنين يخشون من تعرضهم للاعتقال أو حتى التصفية خلال محاولتهم استلام المساعدات، خاصة مع تسريبات عن وجود صلاحيات أمنية كاملة للقوات الإسرائيلية في تلك المناطق، بالإضافة إلى غياب الثقة الكاملة في القوات الأمريكية التي من المتوقع أن تعمل هناك، ويبدو، أن هذه الخطة مآلها سيكون كمصير الرصيف البحري الأمريكي الذي فشل في أداء وظيفته الإنسانية.