علماء دين وإعلاميون وخبراء: التسامح والأخوة الإنسانية ركيزة أساسية من أجل عالم مستقر وآمن
تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT
أبوظبي – الوطن:
أكدت ندوه علمية نظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات بالتعاون مع الأمانة العامة للأخوة الإنسانية أهمية ترسيخ قيم التسامح والتعايش كأساس لتحقيق السلام العالمي، ودعت إلى قبول الآخر واحترام التنوع الديني والفكري والعرقي كوسيلة للحد من النزاعات والصراعات.
حملت الندوة عنوان: «نحو عالم يسوده السلام والعدالة والتعايش.
وأشار العلي إلى أن مركز تريندز يساهم منذ تأسيسه في نشر ثقافة التسامح والسلام من خلال ثلاثة مسارات رئيسية، تشمل إنتاج المعرفة التي تعزز مبادئ التسامح والأخوّة الإنسانية، من خلال الكتب والدراسات والفعاليات العلمية، ومواجهة الفكر المتطرف والتصدي للتلاعب السياسي بالدين، عبر تفكيك أفكار الجماعات المتطرفة، وتسليط الضوء على قيم التجديد الديني والمواطنة والتعايش السلمي، وبناء شراكات معرفية عالمية لتعزيز التسامح، حيث نظم المركز عشرات الفعاليات في مختلف العواصم العالمية، مستهدفاً نشر ثقافة التعايش ومكافحة الفكر المتطرف.
وفي ختام كلمته، دعا الدكتور محمد العلي إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق هدف بناء عالم يسوده السلام والعدل والتعايش، مؤكداً أن الحوار والتعاون هما الأساس لترسيخ هذه القيم على المستويات كافة.
من جهته، أكد سعادة السفير الدكتور خالد الغيث، الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية، أهمية التعليم والتعاون الفكري في تعزيز قيم الأخوة الإنسانية بشكل مستدام. وأشار إلى أن الأمانة العامة تعمل على إقامة شراكات قوية مع الحكومات والمؤسسات لضمان أن تصبح الأخوة الإنسانية ركيزة أساسية في السياسات الوطنية والدولية.
وأضاف الغيث أن الدراسات والبحوث العلمية تلعب دوراً محورياً في تشكيل مجتمعات تقوم على الاحترام المتبادل والتعايش، مشيراً إلى التعاون النشط مع الجامعات ومراكز الفكر لتحقيق هذه الأهداف.
من جانبه أكد الدكتور حمد الكعبي، الرئيس التنفيذي لمركز الاتحاد للأخبار، أن السلام والعدالة والتعايش قيم إنسانية عليا تزدهر بها المجتمعات، محذراً من أن غيابها يؤدي إلى الحروب والكراهية. وأوضح أن التكلفة الاقتصادية للحروب والصراعات في عام 2023 بلغت 19 تريليون دولار، ما يعادل 13.5% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، مشدداً على ضرورة استثمار هذه الأموال في التنمية المستدامة بدلاً من تبديدها في الصراعات.
وسلط الكعبي الضوء على تجربة الإمارات الرائدة في تعزيز التسامح والتعايش، حيث استحدثت وزارة للتسامح في 2016، ووقعت وثيقة الأخوة الإنسانية في 2019 بحضور بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر. وأشار إلى أن الإمارات، التي تستضيف أكثر من 200 جنسية، تعد نموذجاً فريداً للتعايش بين الثقافات والأديان المختلفة، مما ساهم في ريادتها في مؤشرات التنمية البشرية والاقتصاد الجديد.
وقد أدارت الندوة الباحثة نورة الحبسي، مديرة إدارة النشر بمركز تريندز، مشيرة إلى ضرورة إدماج قيم التسامح والتعايش في المناهج الدراسية، وتشجيع التبادل الثقافي بين الشعوب.
الحوار
وفي مداخلته أمام الندوة، شدد المونسنيور الدكتور يوأنس لحظي جيد، السكرتير الشخصي السابق لقداسة البابا فرنسيس، رئيس مؤسسة الاخوة الإنسانية، على أن الحوار بين الحضارات ليس مجرد فكرة نظرية، بل ضرورة حتمية لبناء عالم أكثر عدلاً واستقراراً. وأكد أن الشباب يشكلون القوة الدافعة لتعزيز هذا الحوار، ويتحملون مسؤولية بناء مستقبل أكثر تسامحاً من خلال التعليم، والتبادل الثقافي، ومكافحة خطاب الكراهية.
وأشار لحظي إلى أن تعزيز ثقافة التعايش يتطلب نهجاً تعليمياً شاملاً يُركز على غرس قيم التسامح والاحترام المتبادل بين الأجيال الجديدة، بالإضافة إلى تعزيز دور الأديان في دعم التعايش السلمي. وقال إن الحوار بين الحضارات يجب أن يبدأ من الفصول الدراسية، حيث يتعلم الأطفال كيف يتعاملون مع التنوع الثقافي والفكري والديني، مما يؤدي إلى بناء مجتمعات أكثر تسامحاً وتماسكاً.
بدوره، أكد الشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز، أنه لا يمكن تحقيق السلام من دون أن يصبح نهجاً وسلوكاً يومياً في حياة المجتمعات، مشيراً إلى أن التسامح لا يُختزل في الخطابات الرنانة، بل يتطلب ترسيخ ثقافة النقد البناء والانفتاح على الآخر.
وأوضح طريف أن التعايش بين الأديان والثقافات يتطلب حواراً مستداماً وإيماناً عميقاً بضرورة تعزيز التواصل والتفاهم المشترك، داعياً إلى إطلاق مبادرات ثقافية واجتماعية لتعزيز الروابط بين مختلف الفئات، من خلال إقامة فعاليات شعبية وعقد لقاءات موسّعة تهدف إلى تعزيز قيم الاحترام المتبادل والاندماج المجتمعي.كما أشاد طريف بنهج دولة الإمارات العربية المتحدة في تبني قيم الأخوة الإنسانية.
وفي السياق ذاته، أوضح الإمام محمد توحيدي، نائب رئيس مجلس الأئمة العالمي، أن جميع الأديان السماوية تتشارك في قيم السلام والمحبة والتعايش، داعياً إلى تكثيف الجهود العالمية لترجمة هذه القيم إلى ممارسات عملية تعزز العدالة الاجتماعية وتحد من النزاعات الدينية والفكرية.
وأشاد بدور الإمارات في نشر ثقافة السلام والتسامح، مشيراً إلى أنها قدمت نموذجاً عالمياً في تعزيز التعاون بين الأديان، من خلال توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية واستضافة العديد من اللقاءات الدينية والفكرية التي تهدف إلى تعزيز الحوار بين الأديان.
بدوره أكد الإعلامي رفعت بو عساف أن التسامح في جوهره هو ثقافة وأصالة مجتمعية، متطرقا إلى تجربة الإمارات كدولة نموذجية في تجسيد قيم التسامح.
وفي مداخلتها امام الندوة، شددت لينا ناصر البلوشي، الخبيرة في حقوق الإنسان، على أن بناء عالم يسوده السلام يتطلب تعزيز مبادئ المحاسبة الذاتية والالتزام بالحقوق الأساسية التي تكفلها الدساتير وتحميها الحكومات، مؤكدة أن المساواة تبدأ من العقل ومن التصورات المجتمعية التي تصنف الأفراد.
واستشهدت البلوشي بـ«وثيقة المدينة» التي أرسى دعائمها النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، كأول دستور مدني للتعايش السلمي بين مختلف المكونات الاجتماعية.
وخلصت الندوة إلى عدد من التوصيات، أبرزها أهمية تعزيز التعليم كأداة رئيسية لنشر ثقافة التسامح والتعايش، وتوسيع نطاق الحوار بين الأديان والثقافات لتعزيز التقارب العالمي، ومكافحة خطاب الكراهية من خلال الإعلام والتعليم والمبادرات الثقافية، وتعزيز السياسات الداعمة للمساواة والعدالة الاجتماعية في مختلف المجتمعات، ودعم مبادرات الشباب في مجالات التسامح والسلام العالمي.
وأكد المشاركون أن تحقيق السلام والعدل في العالم يتطلب جهوداً مشتركة بين الحكومات والمؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية، مشددين على أن التسامح ليس مجرد شعار، بل هو منهج عملي يُبنى على الحوار والتفاهم المشترك.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
المدير العام لدى المنتدى الاقتصادي العالمي لـ«الاتحاد»: الإمارات شريك فاعل في تعزيز الحوار ومركز رائد للابتكار والتكنولوجيا
مصطفى عبد العظيم (دبي)
قال مارون كيروز، المدير العام لدى المنتدى الاقتصادي العالمي، إن دولة الإمارات رسّخت مكانتها مركزاً عالمياً رائداً للابتكار والتكنولوجيا، وشريكاً فاعلاً في تعزيز الحوار العالمي حول الفرص الاقتصادية والتحديات الراهنة التي تواجه العالم.
وأكد كيروز أن النمو المتسارع الذي شهدته دولة الإمارات على مدى السنوات الأخيرة جعلها واحدة من القوى الاقتصادية الرائدة عالمياً، مدعومة برؤية استراتيجية واضحة نحو تنويع الاقتصاد وتعزيز التنافسية على المستويين الإقليمي والعالمي، وبنهجها الفريد في تبني التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كعوامل رئيسية للنمو والابتكار.
وأوضح كيروز في حوار مع «الاتحاد» على هامش فعاليات الاجتماع السنوي لمجالس المستقبل العالمية 2025 في دبي، أن المبادرات الوطنية الطموحة، التي أطلقتها الدولة خلال السنوات الماضية، والتي تهدف إلى دمج الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحكومية والخاصة، لتحسين الكفاءة وجودة الخدمات، عزّزت مكانة الإمارات مركزاً عالمياً للابتكار والتكنولوجيا، ووجهةً جاذبةً للاستثمارات ومحفّزةً للشراكات الدولية، مما يسهم في دفع عجلة الاقتصاد نحو مستقبل أكثر ذكاءً واستدامة.
وأشار إلى أنه بالإضافة إلى ذلك، تولي الإمارات أهمية قصوى لتطوير التعليم والتدريب في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، مع التركيز على بناء كوادر وطنية مؤهلة، تواكب متطلبات سوق العمل المستقبلية، مما يضمن استدامة التقدم والتطور في هذه القطاعات الحيوية.
وحول الشراكة بين الإمارات والمنتدى الاقتصادي العالمي قال كيروز: «إن دولة الإمارات ترتبط بعلاقة استراتيجية راسخة وطويلة الأمد مع المنتدى الاقتصادي العالمي، حيث تُعد شريكاً فعالاً في تعزيز الحوار العالمي حول التحديات الراهنة والفرص الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه العالم اليوم، حيث برهنت الإمارات من خلال استضافتها للاجتماعات السنوية للمنتدى على مكانتها المرموقة مركزاً عالمياً رائداً للابتكار والتكنولوجيا، ومدى التزامها بدفع عجلة التنمية المستدامة والاقتصاد المعرفي».
وأكد كيروز أن الإمارات تتميّز ببيئة استثنائية تجمع بين بنية تحتية متطورة وعصرية، ورؤية مستقبلية طموحة تستشرف آفاق المستقبل، وتعمل على دعم المبادرات العالمية الرامية إلى تحقيق النمو الشامل. وتوفّر هذه البيئة المثالية منصة فريدة تتيح التقاء قادة الأعمال وصناع القرار والخبراء والمفكرين من مختلف أنحاء العالم، مما يسهم في تعزيز أطر التعاون الدولي وتبادل الخبرات والمعرفة.
دور فاعل
أشاد كيروز بالدور المحوري والفاعل الذي تلعبه دولة الإمارات في دعم عمل مجالس المستقبل العالمية التابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي، من خلال استضافتها للفعاليات والمبادرات الوطنية التي تعزّز أجندة التنمية المستدامة والابتكار العالمي.
وأشار إلى بروز ذلك الدور بشكل خاص في المجالس المتعلقة بالطاقة المستدامة، والبيئة، والاقتصاد الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، الأمر الذي يتماشى مع رؤية الدولة في تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص فيما يخصّ الذكاء الاصطناعي، وإيلاءها الأهمية الكبرى لتعزيز التعليم والتدريب في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، بهدف بناء كوادر وطنية مؤهلة، تتناسب مع متطلبات سوق العمل المستقبلي. وتسهم الدولة بخبراتها ومبادراتها الطموحة لتعزيز التعاون الدولي، ودفع أجندة الابتكار والتنمية المستدامة على المستويات الإقليمية والعالمية.
ملامح المستقبل
حول أهم المجالات التي تركّز عليها مجالس هذا العام، أشار كيروز إلى مجموعة واسعة من المحاور الحيوية التي تؤثر بشكل مباشر في رسم ملامح مستقبل العالم، وتشكّل ركائز أساسية للتنمية المستدامة والتقدم التكنولوجي والاجتماعي، مشيراً إلى أن المجالس تهدف بشكل عام إلى صياغة استراتيجيات شاملة لتعزيز الابتكار والمرونة، وتضمن انتقالاً عادلاً نحو اقتصاد مستدام ومتكامل.
وتشمل هذه المحاور التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، والاستدامة البيئية، والطاقة النظيفة، والتحولات الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى صحة الكوكب وحماية نظامه البيئي، لافتاً إلى تناول المجالس أيضاً موضوعات متقدمة مثل التصنيع المتقدم وسلاسل القيمة، ومقاومة المضادات الحيوية، والذكاء الاصطناعي العام، والأنظمة الذاتية، بالإضافة إلى اقتصاد التجربة ونمط الحياة. كما سيتم بحث قضايا حيوية تتعلق بحوكمة المناخ والطبيعة، وتنمية رأس المال البشري، والتمويل المبتكر للطبيعة والمناخ، والتكامل بين التقنيات المتقدمة كالبيولوجيا التوليدية والتقنيات العصبية والحوسبة، فضلاً عن استشراف مستقبل الاقتصاد الأزرق التجديدي والتكنولوجيا الفضائية.
وقال: «إنه فيما يخص الاقتصاد والسياسة، تناقش المجالس مواضيع مثل النمو الاقتصادي، التجارة والاستثمار الدولي، التمويل اللامركزي، والحوكمة الجيدة، والقيادة، إلى جانب القضايا الجيوسياسية والتعاون الدولي. كما تركز على القضايا الاجتماعية مثل الاستثمار في تحقيق المساواة بين الجنسين، والتعليم المالي، ودور الدين في العمل المجتمعي».