«الحداء».. إيقاع الصحراء ووسيلة للتواصل مع الإبل
تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT
خولة علي (أبوظبي)
يمثل التراث الثقافي غير المادي جزءاً أساسياً من الهوية الإنسانية والتاريخ المشترك بين الشعوب، ويعكس ثراء التنوع الثقافي والعادات المتوارثة عبر الأجيال، من بين هذه التقاليد، يبرز «الحداء»، وهو فن شفهي قديم يمارسه البدو والرحالة، ويعكس علاقة وثيقة بين الإنسان والإبل، وكان إدراج «الحداء» على لائحة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) يهدف إلى الحفاظ على هذا التقليد الغني ونقله إلى الأجيال القادمة، ليس فقط لتكريم لهذا الفن الأصيل، بل هي خطوة أساسية للحفاظ على هوية المجتمعات التي تحتفظ بها منذ أمد بعيد، إضافة إلى تعزيز هذا الجزء المهم من الثقافة الإماراتية والعربية ونقله عبر الأجيال.
لغة تواصل
وتعرف الباحثة في التاريخ والتراث مريم سلطان المزروعي «الحُداء» بأنها لغة ووسيلة للتخاطب والتواصل مع الإبل، فهي تراث وتاريخ وأيقونة ورمز من رموز تراثنا الأصيل، وأداة للسفر والترحال لا يمكن أن يستغني عنها «الحادي»، الذي يعتمد عليها في تدريب قطعانه حتى تمتثل لأوامره وتسهّل تواصله معها، فهي وسيلة تخاطب للحصول على غرض ما، كالتجمع لشرب الماء عند الآبار، أو عند الانتهاء من الرعي واستعداداً للعودة قبل غروب الشمس.
وتشير المزروعي إلى أن استخدام «الحداء» في الماضي كان رغبة في خلق أجواء من التسلية خلال الرحلات الطويلة، عبر التغني بأشعار خفيفة لتطريب الإبل وحثها على السير، حتى أصبحت متوارثة بين الأجيال، لذلك سعت دولة الإمارات العربية المتحدة بالتعاون مع المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، إلى توثيقها عام 2022، وأصبحت من ضمن قائمة اليونيسكو للتراث غير المادي.
علاقة عميقة
وترى المزروعي أنه سرعان ما تنشأ علاقة عميقة بين الإبل وراعيها، فالراعي يستخدم صوته لتهدئة الإبل وجعلها تمتثل لأوامره، عبر رحلة طويلة بين ربوع رمال الصحراء الشاسعة، لتصدح أجمل الأصوات بقصائد شعرية تمتاز بالعذوبة وسحر القافية وتناغم المقطوعات القصيرة، حيث تبدأ «الحداء» بعدة كلمات مثل: «هيد هيد أو هي دو داه..»، ومن أمثلة إحدى القصائد: «هب ولفح من بره...ياني مبرد هواه...بو قصه مسمره...ومن الطيب امحشاه»، وهذه الأشعار يتم الرد عليها بصوت يشبه الهدير، مشيرة إلى أن الأشعار في الماضي كانت تتميز بالبساطة تعكس البيئة البدوية في ذلك الوقت، واليوم وُثّقت هذه الأشعار والمفردات التي تمتاز بسحر القافية.
الراعي وناقته
تذكر المزروعي حكاية أخبرها عنها والدها، قائلة إنه كان له صديق قد فقد ناقته وحزن حزناً شديداً لفراقها، حتى مرت سنوات، وذات يوم ذهب لزيارة أحد من أقاربه ولم يكن قد وصل إلا وقت غروب الشمس، فركن مع قطيعه ونصب خيمته، ولم يمر وقت طويل حتى سمع صوتاً خارج خيمته فوجد ناقته ومعها صغيرها، فأسرعت نحوه وكأنها فرحة برؤيته، وهذا يدل على قوة العلاقة بين الراعي وإبله ومدى ارتباطهم ببعضهم بعضاً.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: التراث الثقافي الإبل الإمارات التراث الإماراتي التراث التراث الشعبي اليونسكو
إقرأ أيضاً:
فعالية "التواصل الثقافي" تسلط الضوء على الابتكارات التكنولوجية الصينية
بكين- فيصل السعدي
شارك الموظف العماني بشركة الاستكشاف الجيولوجي الصينية، سامي سالم الهنائي، في فعالية بعنوان: "التواصل الثقافي مع الصين الوطنية للبترول"، والتي أقيمت خلال الفترة من 20 إلى 26 مايو 2025، بحضور عدد من الضيوف الأجانب لاستكشاف الابتكارات التكنولوجية والقوة الصناعية الصينية.
وفي 21 مايو، أُقيم حفل افتتاح الفعالية في شركة الصين الوطنية للبترول، حيث عبّر الضيوف من مختلف الدول عن توقعاتهم من الفعالية، وأعربوا عن أملهم في أن يتمكنوا من خلال تجربتهم الشخصية من فهم مسؤوليات شركات النفط الصينية في صناعة الطاقة العالمية، والإحساس بمساهمة الشركات الصينية في مجال الطاقة العالمي.
وفي نفس اليوم، زار سامي سالم الهنائي والضيوف الدوليون معرض البترول الجيولوجي، ومركز GeoEast للتصور، وأكبر مركز حوسبة عالية الأداء في آسيا، خاصة في مركز GeoEast، وقام سامي بتجربة عرض بيانات المسح الزلزالي ثلاثي الأبعاد باستخدام تقنيات AR/VR، وكان شديد الإعجاب بالابتكارات والإنجازات التي حققتها الصين في مجال البحث العلمي الرقمي.
وفي 22 مايو، توجهت مجموعة الفعالية إلى موقع العمل في شانشي، حيث زاروا مشروع جمع الزلازل في الجبال الذي تشرف عليه فرع الشمال الصيني لشركة الاستكشاف الجيولوجي. وفي الموقع، جرب سامي وبقية الضيوف تطبيق تقنيات الطائرات بدون طيار المتقدمة. وقال: "إن تطبيق هذه التقنيات العالية جعلني أؤمن أكثر بأن الابتكار التكنولوجي هو المفتاح لدفع العمل للأمام، خاصة في بيئات العمل المعقدة والمتطرفة مثل هذه."
ثم انتقلت المجموعة إلى كورلا في شينجيانغ لبدء زيارة مثيرة إلى حوض تاريم، وفي فرع تاريم لشركة الاستكشاف الجيولوجي، تعرف سامي مع الضيوف الدوليين على الجهود التي بذلها عمال النفط الصينيون في بيئات قاسية لضمان أمن الطاقة الوطني.
وأثناء زيارة "نصب تذكاري لفتح صحراء تاكلماكان"، قال سامي: "لقد عملت في مشروع استكشاف النفط العماني في BGP لعدة سنوات، وكان هناك تشابه بين بيئة العمل في عمان وهنا، لقد سمعت عن البطولات التاريخية التي خاضها عمال النفط الأوائل في صحراء تاكلماكان، ولكن عندما أتيت إلى هنا مع أصدقائي الأجانب، ورأيت هذا النصب التذكاري المهيب، وفهمت الروح القتالية في تاكلماكان، أدركت عظمة هذا العمل. وأنا فخور بأن أكون جزءًا من هذا المشروع."
وفي اليوم الأخير من الفعالية، زار الضيوف المحطة الأولى لمشروع "نقل الغاز من الغرب إلى الشرق"، حيث شعر سامي بشكل عميق بدور الصين الحيوي في إمدادات الطاقة العالمية. وقال: "عندما وقفت هنا ورأيت هذه الأنابيب الضخمة والضواغط، فهمت بشكل أفضل التزام عمال النفط الصينيين بتلبية احتياجات وطنهم."