كشفت دراسة حديثة نُشرت في دورية "ساينس" أن الحيتان الحدباء تغني بطريقة تتبع نفس القوانين الإحصائية التي تحكم اللغات البشرية، مما يثير انتباه العلماء إلى الترابط بين لغات الكائنات الحية.

اعتمدت هذه الدراسة على تحليل تسجيلاتٍ لأغاني الحيتان الحدباء، استمرت ثماني سنوات في جزيرة كاليدونيا الجديدة الفرنسية الواقعة شرق أستراليا، واستخدم الباحثون طرقًا مستوحاة من الطرق التي يتعلم بها الأطفال لغتهم.

رغم التعقيد الهائل الموجود في اللغات البشرية، لكنها تخضع لنمط إحصائي غريب، إذ إن الكلمات الأكثر شيوعًا في أي لغة بشرية تُستخدم ضعف عدد المرات مقارنة بالكلمات التي تليها في الترتيب، وثلاثة أضعاف مقارنة بالكلمات التي تليها بعد ذلك، وهكذا.

هذا النمط يخلق توزيعًا تكون فيه بعض الكلمات شائعة جدًا ومكررة آلاف المرات، بينما هناك عدد كبير من الكلمات التي لا تتكرر إلا نادرًا. عُرف هذا النمط الإحصائي علميًا باسم "قانون زيف".

على سبيل المثال، إذا قمت بتحليل جميع الكتب الموجودة في مكتبتك، وعددت جميع الكلمات، ستجد أن أكثر كلمة شيوعا قد تكررت مليار مرة، في حين أن الكلمة التي تليها ستتكرر نصف مليار مرة فقط وهكذا.

يقول مدير مركز تطور اللغة "سايمون كيربي"، في جامعة إدنبره في أسكتلندا، والمشارك في الدراسة، في تصريحات خاصة للجزيرة نت: "لقد عرفنا عن هذا النمط (نمط زيف) في اللغات البشرية منذ ما يقرب من 100 عام، وهو ما دفع العديد من الباحثين إلى التساؤل عمّا إذا كان من الممكن العثور على نمط مماثل في طرق الاتصال الخاصة بالأنواع الأخرى. والمثير للدهشة أنه على الرغم من حقيقة أن جميع الكائنات الحية تتواصل، فقد ثبت، حتى الآن، أن هذا النمط من الصعب العثور عليه في أي مكان آخر في الطبيعة".

إعلان تحليل أغاني الحيتان

كان التحدي الأساسي في إيجاد هذا النمط، هو تحديد الوحدات "الشبيهة بالكلمات" في أغاني الحيتان. الأمر نفسه في اللغات البشرية، فإذا كنت شخصًا مبتدئًا في اللغة الفرنسية وخاطبت شخصًا فرنسيًا بالصدفة، سيصعب عليك تحديد أين تبدأ الكلمات وأين تنتهي، فحديثه مسترسل والكلمات تنزل على أذنك كخيط متصل دون فواصل. لذا، ستحتاج إلى أن تخبره بضرورة التحدث ببطء أو كتابة ما يريد كي تفهم الكلمات التي ينطقها.

الأمر ذاته مع الباحثين، الذين واجهوا المشكلة ذاتها عند محاولتهم تقسيم تسلسلات الأغاني الطويلة للحيتان إلى وحدات صغيرة قابلة للقياس والعد لمعرفة مدى مطابقتها قانون زيف من عدمه.

يقول كيربي: "كان لزاماً علينا أن نتوصل إلى كيفية تقسيم هذه الأغاني إلى تسلسلات فرعية. واتضح أن الأطفال الرضع يواجهون هذه المشكلة بالضبط عندما يستمعون إلى الكلام البشري. فإذا استمعت إلى الكلام فستلاحظ أن الكلمات تأتي بلا فترات توقف بينها، ولا يوجد تكافؤ بين مسافات الكلمات، كما تجد في أغلب اللغات المكتوبة. فكيف إذن يستطيع الأطفال الرضع أن يحددوا أين تبدأ الكلمات وأين تنتهي؟"

لحل هذه المشكلة، استخدم الباحثون برنامجًا حاسوبيًا يحاكي الطريقة التي يستخدمها الأطفال الرضع في تعلم اللغة، حيث يعتمد على التنبؤ بالصوت التالي بناءً على التسلسل الحالي. عند تطبيق هذا البرنامج على تسجيلات أغاني الحيتان، تمكن الباحثون من تقسيم الأغاني إلى وحدات إحصائية متماسكة تشبه الكلمات البشرية.

كان التحدي الأساسي للعلماء في إيجاد هذا النمط هو تحديد الوحدات "الشبيهة بالكلمات" في أغاني الحيتان (بيكساباي) هل فككنا شفرة لغة الحيتان؟

إن وجود هذه الأجزاء المتماسكة إحصائياً، وتوزيعها على نمط زيف، يكشف عن قواسم مشتركة عميقة بين الحيتان الحدباء والبشر، على الرغم من أننا منفصلون بعشرات الملايين من السنين من التطور. يضيف كيربي: "يشير استخدامنا لطريقة مستوحاة من الأطفال إلى أن الحيتان قد تتعلم أغانيها أيضًا بطريقة مماثلة لتعلم البشر للغة. نحن نعلم أن الحيتان الحدباء تنقل أغانيها ثقافيًا، تمامًا كما ينقل البشر لغتهم ثقافيًا".

إعلان

رغم هذا الاكتشاف المثير، إلا أن هذا لا يعني أننا سنتمكن من "التحدث بلغة الحيتان" أو فهم معاني أصواتها مباشرة. فبينما تتبع أغاني الحيتان نفس الأنماط الإحصائية الموجودة في اللغة البشرية، إلا أنه لا يوجد دليل على أن الحيتان تستخدمها لنقل معانٍ معقدة كما نفعل نحن.

يضيف كيربي: "إذا وجدنا أنماطًا مماثلة في الأنواع الأخرى، مثل الطيور، التي تنقل أغانيها ثقافيًا، فإن هذا من شأنه أن يدعم فكرة، أن البنية في الاتصالات المعقدة المكتسبة عبر الأنواع هي حالة من التطور المتقارب. لقد خلق التطور إشارات متسلسلة معقدة ومتطورة ثقافيًا عدة مرات في تاريخ الحياة، وربما في كل مرة فعل فيها ذلك، كان هذا النوع من البنية هو النتيجة الحتمية".

يؤكد الباحثون، أن هذا العمل المتعدد التخصصات لا يساعدنا فقط في فهم الحيتان، بل يسهم أيضًا في فهم أصول اللغة البشرية، فبمقارنة أنظمة الاتصال عبر الأنواع، يمكننا معرفة المزيد عن كيفية نشوء وتطور اللغة لدينا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان الحیتان الحدباء أغانی الحیتان الکلمات التی هذا النمط ثقافی ا

إقرأ أيضاً:

مسؤول صيني: الروبوتات لن تحل محل البشر

بكين- رويترز

قال مسؤول صيني يشرف على مركز للتكنولوجيا في بكين "إن الروبوتات الشبيهة بالبشر في الصين لن تحل محل العمالة البشرية ولن تتسبب في حدوث بطالة جماعية، وذلك في ظل التوسع السريع لهذا القطاع وتمويل الدولة له".

وأوضح ليان ليان، نائب مدير منطقة بكين للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية التي تضم أحد أكبر مراكز التكنولوجيا في الصين -خلال حديث لوسائل إعلام أجنبية- أمس الجمعة، أنه لا يعتقد أن الروبوتات الشبيهة بالبشر ستحل محل صانعيها بل ستسهم في رفع الإنتاجية والعمل في بيئات خطرة.

وأضاف "لا نعتقد أن الروبوتات ستتسبب في فقدان الناس لوظائفهم بل ستعمل على زيادة الإنتاجية أو تتولى مهاما لا يرغب البشر في القيام بها، مثل استكشاف الكون الفسيح أو أعماق المحيطات التي لا يستطيع البشر الوصول إليها. يمكن للآلات أن تساعدنا في هذه المهام".

وأردف قائلا "عندما يحل الليل ويحتاج البشر إلى الراحة تستطيع الآلات مواصلة العمل، مما يمنحنا منتجات أفضل وأرخص وأسهل استخداما. لذا نرى أن هذا هو مسار تطورنا المستقبلي".

وأكد ليان أن أول نصف ماراثون للروبوتات في العالم والذي أقيم الشهر الماضي في بكين تم إعداده عمدا بطريقة من شأنها تسليط الضوء على آماله وآمال المسؤولين الآخرين في أن تساعد هذه الروبوتات البشر بدلا من أن تحل محلهم.

تميز نصف الماراثون بمسارين يفصل بينهما سياج، تنافس البشر في أحدهما بينما تحكم 20 فريقا في روبوتات متفاوتة الحجم والقدرة على المسار الآخر.

وأشار ليان إلى أن البشر "في الماراثون يسلكون مسارهم الخاص، يختبرون فيه حدود قدراتهم الجسدية ... في حين تسير الروبوتات في مسار منفصل تتحدى فيه قدراتها معا دون أن تحاول تجاوز مسار البشر للوصول إلى خط النهاية. موضحا أن هذا التصور يعكس ما سيكون عليه المستقبل أيضا".

وتحدث ليان للصحفيين من مقر شركة إكس هيومانويد المدعومة من الدولة والمعروفة أيضا باسم مركز بكين لتطوير الروبوتات الشبيهة بالبشر والتي فاز روبوتها تيان جونج ألترا بأول نصف ماراثون للروبوتات.

واستعرض أحد الموظفين في عرض تجريبي قدرة الروبوت على التصحيح الذاتي، إذ قام مرارا بتحريك قطعة من القمامة أو نزعها من يد الروبوت بشكل متكرر فيقوم الروبوت بإعادة التقاطها وإتمام المهمة حتى اكتمالها، ويؤكد المركز أن هذه المهارة ستكون عنصرا جوهريا في تطوير الروبوتات الشبيهة بالبشر إلى عمال منتجين.

مقالات مشابهة

  • ودّع خطر النوبات القلبية: 5 عادات يومية "بسيطة بشكل مذهل" تنقذ حياتك
  • الروبوتات لن تأخذ من البشر وظائفهم
  • مسؤول صيني: الروبوتات لن تحل محل البشر
  • اكتشاف صادم.. عالم الذكاء الاصطناعي يطور “مجتمعات سرية” بعيدا عن أعين البشر
  • أوبو تطلق جهازها اللوحي بنظام أندرويد مذهل
  • شاهد أول ظهور مذهل لظاهرة “الشفق” على كوكب المريخ.. اكتشاف جديد يدهش العلماء!
  • شهود عيان يكشفون الدافع وراء مقتل شاب فى كرداسة
  • الأوردة ظاهرة في أجنحته.. اكتشاف أحفورة لزيز قديم محفوظة بشكل مذهل
  • غداً الجمعة.. تحذير من انفجارات شمسية تضرب البشر والأقمار والإنترنت
  • بهذه الكلمات.. كندة علوش تهنئ أصالة بـ عيد ميلادها