أكد الدكتور مجدي عبد الغفار، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن الإسلام جعل التكافل مبدأً راسخًا يحقق التوازن بين أفراد المجتمع، وليس مجرد تفضّل أو إحسان، بل هو مسؤولية شرعية واجتماعية، حيث أمر الله به في قوله: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾.

 

بث مباشر .. الآلاف يؤدون العشاء والتراويح بالجامع الأزهر ليلة 9 رمضاندرس التراويح بالجامع الأزهر في الليلة الثامنة من شهر رمضان

وأوضح أن أمة الإسلام وُصفت بأنها أمة التكافل والتراحم، وقد تجلّى ذلك في سيرة النبي ﷺ قبل بعثته وبعدها، حيث وصفته السيدة خديجة رضي الله عنها بقولها: إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق.

وأشار الدكتور عبد الغفار خلال درس التراويح اليوم السبت بالجامع الأزهر، إلى أن التكافل في الإسلام يتجاوز الجانب المادي إلى أبعادٍ أعمق، تشمل التكافل النفسي والاجتماعي، فالإنسان قبل البنيان، والمجتمع المتراحم لا يمكن أن يترك فيه الغنيُّ الفقيرَ دون سند، ولا الطبيبُ المريضَ دون علاج، بل يسود فيه الشعور بالمسؤولية الجماعية. 

واستشهد بما وقع لسلمان الفارسي رضي الله عنه، حين كان مكاتبًا مديونًا، فجاء رجلٌ إلى النبي ببيضةٍ من ذهب، فسأله النبي: ماذا صنع الفارسي؟ فلما علم أنه لا يزال في كربه، أرسل له المال ليساعده في سداد دينه، حتى استطاع سلمان أن يتحرر من الرق ويلزم النبي في كل غزواته بعد ذلك.

وبيّن أن التكافل لا يقتصر على سد الاحتياجات المالية، بل يشمل أيضًا التكافل في المشاعر، فالإنسان قد يُثقل كاهله الهمّ، فيحتاج إلى من يواسيه، كما حدث مع قيس بن ثابت رضي الله عنه، الذي نزل فيه قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾. إذ اعتزل في بيته باكيًا، يظن أن عمله قد حبط، حتى أرسل إليه النبي من يطمئنه ويبشره بأنه من أهل الجنة.

وأكد الدكتور مجدي أن هذا النموذج الإسلامي في التكافل يُظهر أن الإسلام لا يسعى إلى القضاء على العاصي، بل يسعى للقضاء على المعاصي، وأن واجب المجتمع المسلم أن يكون قائمًا على التراحم والأخذ بيد الضعيف والمخطئ، حتى يكون الجميع في طريق الخير والاستقامة. فالتكافل في الإسلام ليس إحسانًا من فردٍ إلى آخر، بل هو ركيزة من ركائز بناء الأمة، تجعلها قادرةً على مواجهة التحديات، وتحقيق معاني العدل والاستقرار.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: التراويح المعاصي صلاة التراويح درس التراويح الجامع الأزهر المزيد بالجامع الأزهر

إقرأ أيضاً:

أوقاف سيناء تواصل فعاليات الأسبوع الثقافي حول عناية الإسلام بالضعفاء وذوي الاحتياجات الخاصة

واصلت مديرية أوقاف شمال سيناء عقد فعاليات الأسبوع الثقافي لليوم الثاني على التوالي، مساء أمس الإثنين الموافق 13 أكتوبر 2025م، بمسجد الزقازقة التابع لإدارة أوقاف رمانة، تحت عنوان: “عناية الإسلام بالضعفاء وذوي الاحتياجات الخاصة”.

وتأتي هذه الفعاليات في إطار الخطة الدعوية الشاملة لوزارة الأوقاف التي تهدف إلى نشر الوعي الديني الرشيد، وتعزيز القيم الأخلاقية والاجتماعية في المجتمع، برعاية الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، وإشراف فضيلة الشيخ محمود مرزوق، مدير المديرية.

شهد اللقاء مشاركة كل من الشيخ إيهاب علي خليل نصار، إمام وخطيب، والشيخ محمود محمد علي سالم، إمام وخطيب، حيث تناولا في حديثهما مظاهر اهتمام الإسلام بالضعفاء وذوي الهمم، مؤكدَين أن الشريعة الإسلامية أولت هذه الفئة عناية استثنائية تُجسِّد روح الرحمة والمساواة، ودعت المجتمع إلى رعايتهم ودعمهم ليعيشوا حياة كريمة تحفظ لهم حقوقهم وكرامتهم الإنسانية.

وأوضح المحاضران أن مظاهر هذه العناية تجلّت في تكريم النبي ﷺ لذوي الاحتياجات الخاصة، ومواساتهم والاهتمام بشؤونهم، وفتح المجال أمامهم ليشاركوا بفاعلية في الحياة العامة دون تمييز أو إقصاء، مشيرين إلى أن الإسلام نهى عن التقليل من شأنهم أو معاملتهم بما يجرح إنسانيتهم، كما دعا إلى تحمل المسؤولية المجتمعية تجاههم باعتبارهم جزءًا أصيلًا من نسيج المجتمع.

وأكد  المحاضران أن الرسالة الإسلامية لم تفرّق في اهتمامها بين مسلم وغير مسلم، بل شملت الجميع في رعايةٍ وعدلٍ وإنصاف، مستشهدين بمواقف الخلفاء الراشدين في دعمهم لذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفير سبل العيش الكريم لهم على اختلاف انتماءاتهم.

وفي ختام اللقاء، شدد المحاضران على ضرورة دمج ذوي الهمم في المجتمع وتمكينهم من أداء دورهم في مختلف مجالات الحياة، باعتبارهم طاقة فاعلة يجب دعمها وإبراز قدراتها، مؤكدين أن الإسلام وضعهم في مكانة تليق بكرامتهم الإنسانية ودورهم البنّاء في المجتمع.

يذكر أن تنفيذ فعاليات الأسبوع الثقافي بمسجد الزقازقة يأتي ضمن خطة وزارة الأوقاف الرامية إلى بناء الشخصية المصرية المتوازنة، وترسيخ قيم الانضباط والمسؤولية، وتحقيق الوعي المجتمعي في مواجهة السلوكيات السلبية عبر الخطاب الديني المستنير.

مقالات مشابهة

  • أوقاف سيناء تواصل فعاليات الأسبوع الثقافي حول عناية الإسلام بالضعفاء وذوي الاحتياجات الخاصة
  • رفض أبي صلتي له هل أعد من قاطعي رحم الوالدين؟.. الأزهر يجيب
  • الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: العلماء ورثة الأنبياء والإخلاص والتواضع ركائز طالب العلم
  • ملتقى المرأة بالجامع الأزهر يناقش دور التغذية السليمة في بناء الصحة الجسدية والنفسية للطلاب
  • الإفتاء: الإسلام دعا المجتمع بأسره إلى المساهمة في توفير الرعاية اللازمة للمسنين
  • جذور الإسلام بجنوب أفريقيا.. من المنفى إلى التنوع والتحديات المعاصرة
  • رحلة العقل والروح.. المفكر الذي تحدى الظنون واكتشف الإسلام (1 من 3)
  • قيادات جامعة الأزهر يفتتحون ندوة الإسلام حضارة بين التأصيل والمعاصرة بكلية الوافدين
  • ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: البحار شاهد حي على الإعجاز العلمي في القرآن
  • كيف حرم الإسلام الربا؟