لجريدة عمان:
2025-07-30@17:35:14 GMT

ترامب ومرحلة التغييرات المرحلية

تاريخ النشر: 11th, March 2025 GMT

هناك فوضى سياسية تتوالى منذ قدوم إدارة الرئيس الأمريكي الجمهوري دونالد ترامب من خلال كمّ كبير من الأوامر التنفيذية التي تهم الداخل الأمريكي وأيضا القضايا الخارجية، وكانت تلك القرارات التنفيذية صادمة ولكن متوقعة في ظل فلسفة هذا الرئيس والذي سوف يقضي أربع سنوات في البيت الأبيض.

إن زوبعة القرارات التنفيذية والتصريحات الصادمة للرئيس الأمريكي ترامب تأتي في إطار نهجه الذي يتمحور حول شعار أمريكا أولا، وهو شعار انعزالي لا يتماشى ودور الولايات المتحدة الأمريكية، والتي لا تزال تمارس دور القطب الأوحد في النظام الدولي بعد تفكك الاتحاد السوفييتي السابق.

كما أن النزعة الداخلية تمثلت في إبعاد عشرات الآلاف من المهاجرين وفصل عشرات الآلاف من الموظفين الفيدراليين علاوة على القفز على واقع العلاقات الدولية من خلال حديث ترامب غير المسؤول عن جعل كندا وهي دولة صناعية مهمة وتفوق مساحتها مساحة الولايات المتحدة الأمريكية نفسها ولاية أمريكية وهو أمر خيالي لا تقره المواثيق الدولية على صعيد القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية فقد وصل به الخيال السياسي إلى ضم غزة باعتبارها جزء من السيادة الأمريكية.

إن الرئيس الأمريكي ترامب سوف يواصل كل تلك التصورات في ظل خلافات عميقة بين مستشاره ايلون ماسك لشؤون إدارة الكفاءات الوطنية ووزراء بارزين في الحكومة الأمريكية ومنهم وزير الخارجية علاوة على طرد آلاف الموظفين حتى من وزارة الخارجية. والصدام الخارجي الأهم في تصوري هو تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب عن أوروبا وعن حلف الناتو وهي منظومة الحلف الغربية التي أعقبت انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية وهي جزء أصيل من الحفاظ على الأمن والاستقرار في أوروبا ومنه في العالم، وعلى ضوئها بدت مؤشرات صراع واضحة بين الرئيس الأمريكي ترامب والقيادات الأوروبية حتى على صعيد الحرب الروسية الأوكرانية، حيث يتضح أن ترامب يساند الموقف الروسي علاوة على ما تعرض له الرئيس الأوكراني زيلينسكي من مواقف محرجة خلال لقاء ترامب في البيت الأبيض أمام وسائل الإعلام الأمريكية. ويظل السؤال الأهم هل يمكن للرئيس الأمريكي ترامب وخلال أربع سنوات أخيرة أن يغيّر المشهد السياسي داخليا وخارجيا والجواب هو بالنفي، وليس هذا تصورا نظريا ولكن من خلال تجربة فترة الرئيس الأمريكي ترامب الأولى عام ٢٠١٦ وحتى عام ٢٠٢٠، حيث كان المنطق السياسي والقفز على الواقع الدولي هي خطوات سقطت بعد هزيمته عام ٢٠٢٠ أمام الحزب الديموقراطي وفوز الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن.

إن أفكار ترامب هي مرحلية، ويصعب على الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية أن تستوعب خطوات ترامب كما يصعب على أوروبا تحديدا أن تستجيب لتلك الشطحات التي تضرب الأمن الأوروبي في مقتل ومن هنا ظهرت انتقادات واسعة في الكونجرس ضد سياسات ترامب حتى من داخل حزبه الجمهوري كما أن هناك عشرات القضايا رفعت ضد تلك القرارات التنفيذية من الولايات الأمريكية.

إن مرحلة ترامب ـ وهي مؤقتة ـ قد تحدث بعض التصدع والإشكالات على صعيد الداخل الأمريكي والسياسة الخارجية كما حدث في فترته الأولى وهناك اقتناع صامت بأن على العالم أن يتعامل مع سياسات وخطوات الرئيس الأمريكي ترامب على أنها مؤقتة وسوف تنتهي بانتهاء ولايته الأخيرة في البيت الأبيض.

إن سياسة ترامب هي صادمة مع الحلفاء أولا فكيف يكون الأمر مع الآخرين، ويبدو أن أوروبا وكندا والصين وحتى إيران سوف تقف عقبة أمام طموحات الرئيس الأمريكي ترامب غير المنطقية ولعل الإدارة الأمريكية الجديدة تساعد توجه ترامب حيث ينحدر معظم المسؤولين من أعراق يهودية وصهيونية وهذه إشكالية كبيرة لا تعطي مرونة سياسية ومراجعة واقعية لتلك القرارات التنفيذية للرئيس الأمريكي ترامب.

وشعار ترامب أمريكا أولا لا ينسجم مع أمريكا المفتوحة على العالم في مجال التعليم والثقافة والقوة الناعمة التي جعلت الولايات المتحدة الأمريكية أقوى دولة في العالم في مجال الاقتصاد والتكنولوجيا وفي المجال العسكري وأيضا من خلال تحالف الناتو كما أن الضغط على الدول والسيطرة على مقدراتها المعدنية، كما هو الحال مع أوكرانيا هي مسألة لا تتماشى والعلاقات الدولية، ومن هنا فإن العالم سوف يتعايش مع صداع تلك القرارات التنفيذية الحالية والقادمة.

ولعل الصدام التجاري وفرض الرسوم على المنتجات من الصين وكندا والمكسيك سوف تكون ضارة للاقتصاد الأمريكي كما يشير إلى ذلك محللو الاقتصاد والتجارة من داخل الولايات المتحدة الأمريكية لأن الحرب التجارية لها نتائج سلبية كبيرة على الاقتصاد العالمي، وتخلق أيضا ارتفاعا جنونيا لأسعار السلع وسوف تتضرر منها السوق الأمريكية في المقام الأول.

كما أن حرب الطاقة التي يدفع بها الرئيس الأمريكي لن تنجح إذا تماسكت منظمة أوبك بلس وحافظت على مصالحها على صعيد تقنين الإنتاج بشكل واقعي.

الرئيس الأمريكي ترامب وبصرف النظر عن أدوات القوة التي يمتلكها على صعيد الولايات المتحدة الأمريكية لن يستطيع أن يفرض أجندة غير مفيدة لا للولايات المتحدة الأمريكية ولا للعالم ويبدو أن المراجعة قد تحدث إذا اكتشفت الإدارة الأمريكية بأن هناك مخاطر حقيقية لتلك الخطوات غير المنطقية على صعيد الداخل الأمريكي وهو الأهم وأيضا على صعيد العلاقات الخارجية خاصة مع الحليف الأهم وهو أوروبا ولعل من المواقف السياسية الصادمة هو رفض الإدارة الأمريكية للخطة العربية لإعمار قطاع غزة ورفض تهجير الشعب الفلسطيني التي أقرتها القمة العربية الأخيرة في القاهرة وهو قرار عربي ينبغي أن يحترم.

وعلى ضوء ذلك فإن الأنظار تتجه إلى واشنطن والبيت الأبيض تحديدا لمتابعة قفزات ترامب والتصريحات التي تتناقض حتى مع المصالح الأمريكية وخلق مشاعر عداء خاصة من دول أمريكا اللاتينية خاصة المكسيك وكوبا وفنزويلا والبرازيل وغيرها من دول أمريكا الجنوبية.

إن مرحلة ترامب الثانية سوف تمضي كما حدث في ولايته الأولى من خلال جملة من السياسات التصادمية والتهديدات والانغلاق الأمريكي والحرب التجارية وهي الأخطر على الاقتصاد العالمي.

ومن هنا فإن الحصافة السياسية تقتضي التعامل مع إدارة ترامب على أنها إدارة مؤقتة لأربع سنوات لن تكون أكثر ضررا من الفترة الأولى بصرف النظر عن جني الأموال من السياسة التجارية أو من خلال التعامل مع الدول من باب المصلحة الاقتصادية وجلب الاستثمارات والحصول على ثروات ومقدرات الدول كأوكرانيا مثلا، حيث إن المنطق السياسي سوف يفرض نفسه لتعود السياسة الخارجية الأمريكية التقليدية إلى الواجهة التي توازن الأمور في علاقتها الخارجية من خلال أسس راسخة على مدى عقود ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وانتهاء الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي السابق عام ١٩٩١ وكما يقال عندما تشتد الرياح فإن الانحناء قليلا حتى تمر العاصفة هو سلوك واقعي وصحيح.

عوض بن سعيد باقوير صحفي وكاتب سياسي وعضو مجلس الدولة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة الرئیس الأمریکی ترامب على صعید من خلال کما أن

إقرأ أيضاً:

وزارة الخارجية الأمريكية: واشنطن ترفض مؤتمر حل الدولتين

رفضت الولايات المتحدة اليوم الاثنين مؤتمر الأمم المتحدة الذي شارك فيه عدد كبير من الدول للعمل على تحقيق حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين، ووصفته بأنه "خدعة دعائية".

الرئيس الفلسطيني يثمن دعوة الرئيس السيسي لترامب من أجل وقف الحرب في غزةمصر وكندا تبحثان تعزيز العلاقات ودعم جهود وقف إطلاق النار في غزة

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس، في بيان: "هذه خدعة دعائية تأتي في خضم جهود دبلوماسية دقيقة لإنهاء الصراع وبعيدًا عن تعزيز السلام، سيُطيل المؤتمر أمد الحرب، ويُشجع حماس، ويُكافئ عرقلتها، ويُقوض الجهود الحقيقية لتحقيق السلام".

قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة، المؤلفة من 193 عضوًا، في سبتمبر من العام الماضي عقد هذا المؤتمر في عام 2025. 

وقد أُجّل المؤتمر، الذي استضافته فرنسا والسعودية، في يونيو بعد هجوم إسرائيلي على إيران.

مصر وباكستان تؤكدان تعزيز التعاون ودعم القضية الفلسطينيةمصر تواصل دعمها الأمني للفلسطينيين: تدريب قوات السلطة لتمهيد إقامة الدولة المستقلة

في كلمته أمام المؤتمر، حث وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان آل سعود، جميع الدول على دعم هدف المؤتمر المتمثل في وضع خارطة طريق تحدد معالم الدولة الفلسطينية مع ضمان أمن إسرائيل.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، في كلمته الافتتاحية: "يجب أن نضمن ألا يصبح هذا المؤتمر مجرد خطاب حسن النية".

وأضاف: "يمكنه، بل يجب، أن يكون نقطة تحول حاسمة - نقطة تُحفّز تقدمًا لا رجعة فيه نحو إنهاء الاحتلال وتحقيق طموحنا المشترك في حل الدولتين القابل للتطبيق".

مصر تؤكد دعمها لفلسطين وتحذر من المساس بأمنها المائيوزير خارجية فرنسا: اعترافنا بالدولة الفلسطينية سيحدث رسميا في سبتمبر المقبل

وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، أمام المؤتمر: "يجب أن نعمل على إيجاد السبل والوسائل للانتقال من نهاية الحرب في غزة إلى نهاية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، في وقت تُهدد فيه هذه الحرب استقرار وأمن المنطقة بأسرها".

طباعة شارك الولايات المتحدة مؤتمر الأمم المتحدة حل الدولتين وزارة الخارجية الأمريكية وزير الخارجية الفرنسي

مقالات مشابهة

  • ابتداءً من أغسطس المقبل.. الرئيس الأمريكي يفرض رسومًا جمركية على الواردات الهندية بنسبة 25%
  • وزير الخارجية يلتقي السيناتور روجر ويكر بمجلس الشيوخ الأمريكي
  • أمواج تسونامي تبدأ بضرب سواحل الولايات المتحدة الأمريكية
  • رغم التصعيد التجاري.. ترامب: الرئيس الصيني سيزور الولايات المتحدة قريباً
  • الخارجية الأمريكية: المساعدات الإنسانية في قطاع غزة غير كافية ونعمل على زيادتها
  • الخارجية الأمريكية: المساعدات الإنسانية في غزة غير كافية .. ونعمل على زيادتها
  • وزارة الخارجية الأمريكية: واشنطن ترفض مؤتمر حل الدولتين
  • السيسي يناشد الرئيس الأمريكي ترامب لوقف الحرب في غزة
  • الرئيس السيسي: أوجه نداء خاص للرئيس ترامب لأنه هو القادر على إيقاف الحرب وإدخال المساعدات
  • رابطة الدوري الأمريكي لكرة القدم تسعى لاستقطاب مولر إلى الولايات المتحدة