ناسا تضحي بأداة علمية لإبقاء مسبار فوياجر 2 على قيد الحياة
تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT
منذ إطلاق مشروع فوياجر عام 1977، حلّق مسبارا الفضاء "فوياجر 1″ و"فوياجر 2" في الأفق البعيد متجاوزين جميع التوقعات والحسابات الرياضية، ومتوغلين في الفضاء العميق حيث لم يصل أي جسم صنعه الإنسان.
ومع استمرار رحلتهما عبر ما يُعرف بنطاق "فضاء البين نجمي"، يعمل مهندسو المهمة في مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة "ناسا" على تنفيذ تدابير مهمة للحفاظ على الطاقة بتعطيل عمل بعض الأدوات العلمية، بهدف إطالة العمر التشغيلي للمسبارين إلى أقصى حد ممكن.
وقد أعلنت مؤخرا ناسا، في بيان صحفي، عزمها على إيقاف تشغيل أداة علمية أخرى، في خطوة احترازية تهدف إلى إبقاء كلتا الرحلتين مستمرتين لأطول فترة ممكنة.
وتوضح مديرة مشروع فوياجر، سوزان دود، قائلة: "إذا لم نوقف تشغيل أحد الأجهزة على متن كل من المركبتين الآن، فمن المحتمل أن تستمر الطاقة لبضعة أشهر أخرى فقط، قبل أن نضطر إلى إعلان نهاية المهمة بشكل رسمي. علما بأن المهمة مضى عليها حتى اللحظة نحو 48 سنة".
إدارة الطاقة لإطالة التشغيليعتمد المسباران في الحصول على الطاقة على ما يُعرف بنظام الطاقة النظائري الإشعاعي، بحيث يفقد المسبار ما يقارب 4 واتات سنويا، واستجابة لهذا التراجع التدريجي في الطاقة، أقدم مهندسو الوكالة على إيقاف تشغيل نظام الأشعة الكونية على متن "فوياجر1" في يوم 25 فبراير/شباط الماضي.
إعلانومن المقرر إيقاف أداة الجسيمات المشحونة منخفضة الطاقة على متن فوياجر 2 في 24 مارس/آذار. وتأتي هذه الإجراءات ضمن إستراتيجية أوسع لإدارة الطاقة، مع الإبقاء على تشغيل 3 أدوات علمية رئيسية على كل مسبار.
ونظام الطاقة النظائري الإشعاعي هو تقنية توليد طاقة تُستخدم في المركبات الفضائية والمهمات العلمية التي تتطلب مصدرا موثوقا للكهرباء في بيئات قاسية ونائية لا يمكن الوصول إليها بعد الشروع بالمهمة، مثل الفضاء العميق أو أسطح الكواكب والأقمار.
ويعتمد هذا النظام على الاضمحلال الإشعاعي للنظائر المشعة، بحيث تتحول الحرارة الناتجة عن تحلل مادة مشعة -عادة ما يكون البلوتونيوم 238- إلى طاقة كهربائية باستخدام مولدات كهربائية حرارية.
كما زُوّد كل من المسبارين فوياجر 1 وفوياجر 2 بعشر أدوات علمية لدى إطلاقهما، إلا أن معظم هذه الأدوات أُوقِفت عن العمل بعد انتهاء مهام التحليق قرب الكواكب العملاقة في النظام الشمسي.
وتتركز الأدوات المتبقية على دراسة الغلاف الشمسي، وهو الحيز الواسع الذي تشكّله الرياح الشمسية والحقول المغناطيسية الناتجة عن الشمس، إضافة إلى استكشاف بيئة الفضاء البين نجمي، حيث يعمل المسباران حاليا.
ورغم فقدان بعض الوظائف، لا تزال البيانات التي تجمعها الأدوات المتبقية تشكل مصدرا فريدا حول الأشعة الكونية والمجالات المغناطيسية وموجات البلازما في الفضاء العميق.
يُعد فوياجر1، الذي عبر حدود الغلاف الشمسي عام 2012، وفوياجر2، الذي تبعه عام 2018، المركبتين الوحيدتين اللتين تعملان حاليا خارج المجموعة الشمسية. وقد أسهمت أدواتهما العلمية في توفير بيانات أساسية حول الأشعة الكونية، وتدفق البلازما، والتفاعل بين الرياح الشمسية والمادة البينجمية.
إعلانوكان نظام "الأشعة الكونية"، الذي أُوقف تشغيله على متن فوياجر 1، قد شغل دورا محوريا في تحديد اللحظة التي خرج فيها المسبار من الغلاف الشمسي.
وفي المقابل، أدت أداة "الجسيمات المشحونة منخفضة الطاقة" على فوياجر 2، والمقرر إيقافها قريبا، دورا رئيسا في قياس الجسيمات المتأينة القادمة من داخل نظامنا الشمسي وخارجه.
ورغم تقليص العمليات العلمية، يظل المهندسون متفائلين بإمكانية استمرار عمل المسبارين مع تشغيل أداة علمية واحدة على الأقل حتى ثلاثينيات هذا القرن. وتهدف عمليات الإيقاف الإستراتيجية إلى إطالة عمر المهمة إلى أقصى حد ممكن، وضمان استمرار إرسال البيانات القيّمة طالما أن الطاقة تسمح بذلك.
ومع ذلك، يدرك العلماء أن الظروف القاسية للفضاء العميق قد تؤدي إلى أعطال غير متوقعة قد تُسرّع من نهاية المهمة. ويُذكر أن فوياجر2 سبق وقد علّق عمل أداة علمية في العام الماضي، وهي أداة "مطياف البلازما".
أبعد الأجسام التي صنعها الإنسانيوجد فوياجر 1 حاليا على بعد أكثر من 25 مليار كيلومتر من الأرض، بينما يبعد فوياجر 2 أكثر من 21 مليار كيلومتر.
وبسبب هذه المسافات الهائلة، تستغرق الإشارة الراديوية أكثر من 23 ساعة للوصول إلى فوياجر1، وحوالي 19.5 ساعة للوصول إلى فوياجر2، مما يجعل كل قرار تتخذه فرق التشغيل بالغ الأهمية، حيث يجب إدارة الطاقة ونقل البيانات وصحة الأنظمة بدقة متناهية مع كل أمر يُرسل.
ورغم التحديات المتزايدة، لا يزال مشروع فوياجر يمثل أكثر البعثات الفضائية بُعدا وأطولها عمرا في تاريخ البشرية. وكما أشارت العالمة ليندا سبيلكر من مختبر الدفع النفاث: "في كل دقيقة من كل يوم، يستكشف المسباران منطقة جديدة لم تصل إليها أي مركبة فضائية من قبل"، وهو ما يُعد إرثا علميا بالغ الأهمية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الأشعة الکونیة فویاجر 1 فویاجر 2 على متن
إقرأ أيضاً:
إعادة نمو الأسنان بدلًا من الزراعة: أبحاث علمية تُنذر بتحوّل جذري في الممارسات التقليدية
في تحوّل طبي قد يُحدث قفزة نوعية في عالم طب الأسنان، يفتح العلماء الطريق أمام إمكانية تجديد الأسنان الطبيعية، ما قد يُحوّل زرع الأسنان والأطقم إلى مجرد ذكرى خلال السنوات القليلة المقبلة. اعلان
في تحوّل طبي قد يُحدث قفزة نوعية في عالم طب الأسنان، يفتح العلماء الطريق أمام إمكانية تجديد الأسنان الطبيعية، ما قد يُحوّل زرع الأسنان والأطقم إلى مجرد ذكرى خلال السنوات القليلة المقبلة.
تشير الإحصاءات إلى أنّ 7% من البالغين فوق سن العشرين، و23% من كبار السن، فقدوا كل أسنانهم الطبيعية. ورغم تطوّر تقنيات تعويضها، لا تزال جراحة زراعة الأسنان تُشكّل الحل الأكثر شيوعًا، رغم ما يشوبها من عيوب كالانزعاج، وارتفاع خطر الالتهابات مع مرور الوقت. أمّا الآن فإنّ حلم استعادة الأسنان الطبيعية، لم يعد مستحيلًا.
انبثقت فكرة تحفيز نمو الأسنان الطبيعية عوضًا عن استبدالها قبل نحو عشرين عامًا على يد عالم الأحياء البريطاني بول شارب، ومنذ ذلك الحين، تعمل فرق علمية حول العالم على تحويل هذه الفكرة إلى واقع، وفقًا لما أورده موقع "نيو ساينتست".
في جامعة تافتس في بوسطن بالولايات المتحدة، أجرت أخصائية تقويم الأسنان باميلا ييليك تجربة جريئة تمثّلت في زرع خلايا أسنان خنزير داخل أفواه فئران عبر قوالب خاصة. والنتيجة: نمو أسنان حقيقية مكوّنة من العاج والمينا بعد أسابيع. إلا أن التحدي لا يزال قائمًا في إعادة إنتاج بنية ووظيفة السنّ البشري بدقّة.
من جهته، ركّز شارب وفريقه على دراسة الإشارات الكيميائية بين الخلايا البالغة في محاولة لإعادة تشغيل "البرنامج الجنيني" لتكوين الأسنان. ورغم أن نتائج المختبر تبدو واعدة، فإنها لم تصل بعد إلى مرحلة التطبيق السريري.
جينات نادرة وتقنيات دقيقةيعتمد هذا التقدّم على التفاعل المعقّد بين نوعين من الخلايا: الطلائية التي تُنتج المينا، والمتوسطة التي تُنتج العاج واللب. المشكلة أن الخلايا الطلائية لا تتوفّر إلا لدى الأطفال، لكن تقنية الخلايا الجذعية المحفَّزة (iPSC) تمكّن من إعادة الخلايا البالغة إلى حالتها الأولى، ما يفتح بابًا محتملًا للعلاج، رغم أن تكلفتها لا تزال باهظة مقارنة بزراعة الأسنان.
بعض الفرق استوحت أبحاثها من طفرات جينية نادرة، فالأشخاص المصابون بخلل التنسّج الترقوي القحفي (CDD)، وهو اضطراب وراثي يؤثر على الأسنان والعظام، بحيث يُلاحظ لدى بعضهم نمو أسنان إضافية بسبب خلل جين RUNX2.
واستطاع علماء يابانيون تحفيز نمو الأسنان لدى الفئران عبر تعطيل جين USAG-1 باستخدام أجسام مضادة، وهو إنجاز غير مسبوق أُطلق على إثره في عام 2024 أولى التجارب السريرية على البشر.
Related شاهد: فرشاة أسنان جديدة تعمل بتقنية الذكاء الإصطناعيمن يصدّق؟ دخل عيادة طبيب الأسنان لخلع ضرس فخرج منها بتلفٍ دماغيّإصابة عشرات الكنديين باضطراب دماغي غامض يسبب الهذيان وتهشم للأسنانوإنّ شركة Toregem Biopharma، التي أسّسها كاتسو تاكاهاشي مع باحثين من جامعة كيوتو، تسعى لإطلاق دواء يعزّز نمو الأسنان بحلول عام 2030، يستهدف خصوصًا الأطفال الذين يعانون من فقدان الأسنان الخَلقي.
ورغم تجاوز معظم التحديات التقنية، لا يزال العائق الأساسي يتمثل في غياب التمويل الكافي. وقد عبّر بول شارب عن خشيته من احتمال تعثّر هذا التقدّم العلمي الواعد بسبب تردّد المستثمرين وشركات الأدوية في دعم الأبحاث، فغياب التمويل يحول دون إجراء تجارب سريرية بشرية واسعة، ويُرجئ طرح هذه العلاجات في الأسواق.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة