لجريدة عمان:
2025-07-31@06:35:40 GMT

تعافي الاقتصاد وأثره في حياتنا !

تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT

فـي طريقي من مسقط إلى الباطنة لتناول الإفطار برفقة عائلتي، لفت انتباهي الأشخاص الذين يبيعون بجوار الشارع، مُستظلين بالأشجار على طول الطريق، رجال يبسطون الفاكهة والخضار، ونساء يعرضن الأطباق الرمضانية، وأطفال صغار يقفون لمعاونة أهاليهم. شغلني الأمر كثيرًا: فهل نستطيع عدّها مشاريع صغيرة للأسر المنتجة؟ أو هي الحاجة التي يُحركها التعفف الشديد عن مد الأيدي للآخرين وللجمعيات الخيرية؟

إذ بقدر ما يبدو الفعل طبيعيًا وشكلًا من أشكال العيش الكريم، يحملُ فـي طياته دلالة ينبغي أن تنال حظها من الدراسة المجتمعية المُتأنية، فالبيع على جوانب الطرقات، لم يكن على هذا النحو من التغلغل من قبل! لقد غزا أكثر المناطق تحفظًا، وكأنّهم بذلك يُذيبون تضاريس ما كان مُستهجنا ليغدو مألوفًا وعاديًا !

ولعلي أؤكد مجددًا أهمية أن تتبنى الأسرُ مشاريعها التي تعود عليها بالنفع المادي، إلا أنّ سؤالي ينبعُ من حساسية الظروف القاهرة التي قذفت بالنساء والأطفال إلى جنبات الشوارع؟ فالأطفال على سبيل المثال عرضة لخطر اندفاع السيارات أو استغلال المارّة!

سلوك الإنسان وممارساته الفردية أو الجماعية هو انعكاس طبيعي لموقعه الرمزي داخل الفئة الاجتماعية التي ينتمي لها، فعندما تتهشم مصادر الرزق ويتقوض مصدر الاطمئنان الشهري يبدأ السعي الدؤوب لخلق البدائل!

يعترينا الخوف طوال الوقت من اضمحلال الطبقة الوسطى، العمود الفقري الأهم فـي أي مجتمع من المجتمعات وذلك فـي ظل التضخم والضرائب التي تعصفُ بها وتزعزع سكينتها، فهذا التحلل التدريجي للطبقة الوسطى -والذي نراه بالعين المجردة- يتطلب المزيد من البحث والمراقبة الفاحصة، لا سيما مع ضغط ملفـيّ الباحثين عن عمل والمسرحين منه، الذين تُلاحقهم فواتير الكهرباء والماء ومستلزمات الحياة الأساسية كذئاب مُنفلتة من عقالها!

عندما نسمعُ الآن عن الذين يُشعلون الشموع فـي منازلهم، ليس احتفالًا بمناسباتهم السعيدة، وإنّما لعدم قدرتهم على تسديد الفواتير، الذين يجلبون الماء الصالح للشرب من ثلاجات المساجد، وتمتلئ دفاتر الدكاكين المجاورة «بالصبْر» الذي لا يصبِرُ عليهم، نشعرُ بأهمية أن تكون هنالك وقفة شديدة الصلابة من قبل الحكومة، فلا يُوكل الأمر للفرق الخيرية التي تُجاهدُ بشق الأنفس لتحقيق الحد الأدنى من الاحتياجات.

فهي الأخرى -أي الجمعيات- يتأثر عملها بتأثر المجتمع الذي تُضيقُ عليه الأسعارُ الخناق، فـيُكبلُ عطاءه ضمن حدود دائرته الأقرب والأصغر.

الأمان الوظيفـي -بقدر أهميته- قد لا يُغطي المتطلبات، لاسيما لو كان لدى هذه الأسرة عدد من الأبناء، ولذا آن أوان للتفكير بخطة دعم متكاملة لموارد العيش الأساسية، فالكثير من الأسر تلتحف لحاف التعفف، فلا يقصدون الجمعيات الخيرية ولا يطرقون الأبواب!

فلماذا لا تكون هنالك «قسائم شرائية» مدعومة من قبل الحكومة، تُمنح شهريًا للباحثين عن عمل والمسرحين، وذلك بعد أن تُدرس حالتهم بشيء من العناية والتقصي، فـيتمكنوا بواسطتها •-•أي القسائم- من الحصول على المواد الغذائية الأساسية، لنخفف عنهم وطأة الأسعار المُستعرة بنيران غلائها، وذلك بالتعاون مع العلامات التجارية العُمانية، لنحققُ دعمًا مزدوجًا، أسوة بالجهود التي بُذلت من قبل فـي دعم الوقود.

ماذا أيضًا لو وجهت نسبة من ضريبة الخدمة المجتمعية التي تُفرض على الشركات ضمن هذا الإطار، وذلك بالتعاون بين المؤسسات الرسمية والجمعيات والفرق الخيرية لتحقيق الغاية الأسمى، ضمن عملية متكاملة ومنظمة، إذ بمجرد ما أن يحصل ربّ الأسرة على وظيفة، يُحذف اسمه من قوائم «القسائم» والدعم المُيسر للماء والكهرباء.

كثيرا ما تتردد هذه الجملة والتي تشير بجلاء لتعافـي اقتصاد البلاد من انكساراته السابقة، ولكن ذلك الشعور سيبقى معزولا عن مجال رؤيتنا، ريثما نرى أثره فـي حياة الناس الواقعية من حولنا.

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من قبل التی ت

إقرأ أيضاً:

99 % نسبة إصلاح البنية الأساسية بطريق السلطان قابوس

العُمانية: تواصل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات تنفيذ مشروع إصلاح الأضرار التي لحقت بطريق السُّلطان قابوس نتيجة الحالة الجوية "المونسون" بمحافظتي جنوب الباطنة وشمال الباطنة، في إطار جهودها المستمرة لتأهيل شبكة الطرق وتعزيز البنية الأساسية.

وأوضح محمود بن خلفان الوهيبي، مهندس مدني بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، أن المشروع يشمل إصلاح طبقات الرصف المتضررة، وإنشاء عدد من المعابر السفلية لتسهيل حركة المركبات، أبرزها المعبر الجاري تنفيذه حاليًّا في منطقة الملدة بولاية المصنعة، الذي سيسهم عند افتتاحه في تحسين انسيابية الحركة المرورية بين جانبي طريق السُّلطان قابوس، إضافة إلى تنشيط الحركة الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، بما يعزز كفاءة البنية الأساسية للطريق، ويقلل من تأثيرات الأحوال الجوية مستقبلًا.

وقال في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: إن التكلفة الإجمالية لهذا المشروع بلغت 23.6 مليون ريال عُماني، مشيرًا إلى أن نسبة إنجاز مشروع إصلاح الأضرار التي لحقت بطريق السُّلطان قابوس وصلت إلى 99 بالمائة.

وأضاف محمود بن خلفان الوهيبي أن وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات ملتزمة بمتابعة أعمال الصيانة والتأهيل بما يضمن سلامة مستخدمي الطريق، ورفع كفاءة البنية الأساسية الوطنية.

مقالات مشابهة

  • بيان لجمعية المبرّات الخيرية.. إليكم مضمونه
  • جمال شعبان: هناك أمل في تعافي مرضى الشلل والزهايمر باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • في فيلم عبر الجدران.. الفقراء الذين لا يستحقون الستر
  • 99 % نسبة إصلاح البنية الأساسية بطريق السلطان قابوس
  • ساكاليان لـ سانا: اللجنة على استعداد تام لمواصلة العمل للتخفيف من تبعات الأحداث الأخيرة في محافظة السويداء على المجتمعات المتأثرة، حيث انضم فريق منها الإثنين الفائت إلى القوافل الإنسانية التابعة للهلال الأحمر العربي السوري التي دخلت محافظة السويداء، ضمن ا
  • افتتاحية: عن الفلسفة الضائعة من سياق حياتنا
  • مفتي عمان ..نحيي أبطال اليمن المغاوير الأفذاذ الذين حطموا كل اسطورة
  • وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور محمد نضال الشعار: سوريا الجديدة هي المنتجة التي تعيد تشكيل معاملها وبناء إنتاجها
  • عودة الكهرباء لـ مدينة القناطر الخيرية بعد انقطاع 8 ساعات
  • المبرّات الخيرية تنفي انتماءها السياسي