زينة وأمسيات ثقافية وفنية.. محاولات لإعادة الحياة لسوق النبطية المدمر
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
على أنقاض سوقها التجاري ومنازلها المدمرة، ها هي مدينة النبطية تلبس حلة شهر رمضان المبارك، فالزينة والأضواء الملونة زينت الساحة والركام، على وقع التواشيح والأناشيد الرمضانية، وها هم أهلها وزوارها كبارا وصغارا يحضرون للاحتفال بليالي الشهر الكريم، بعد ابتعادهم عنها قسرا بسبب الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان.
مبادرة إحياء السوق التجاري التراثي المدمر قامت بها جمعية تجار محافظة النبطية، تتضمن إضافة إلى الزينة الرمضانية، فعاليات متنوعة من الخميس وحتى الأحد من كل أسبوع بعد الإفطار، وتشمل فقرات ثقافية وفنية، وتوزيعا للجوائز على الأهالي والأطفال.
على خشبة المسرح المستحدث فوق ركام السوق التجاري، يقدم الممثل إبراهيم جواد عرضا مسرحيا تفاعليا مع فرقته للأطفال، حيث يطغى صوت ضحكاتهم على أصوات مكبرات الصوت، في جو من الفرح والسرور.
يتحدث جواد للجزيرة نت عن ضرورة زرع الابتسامة على وجوه الأطفال خاصة بعد الحرب الطاحنة التي حصلت على لبنان، فلا يمكن أن ينسوا ما حدث، لأن الذي جرى كان قاسيا جدا، لكن هناك ضرورة للنهوض من جديد، ويقول: خلال عروضنا المسرحية، نحاول التأثير بالحضور وإخراج مشاعرهم، فالناس متعطشة للفرح، لقد مروا بفترة صعبة، وهناك من يضحك ويبكي في الوقت ذاته، وهذا أمر مؤثر جدا، نحن نستحق أن نعيش ونفرح، وسنبقى هنا صامدين، لأننا أقوياء ولأن هذه أرضنا، ولن نتخلى عنها.
الأطفال هم الأكثر حضورا في هذه الفعاليات، حيث وجدوا فيها مساحة للترفيه والتفاعل وكسب الجوائز والركوب في القطار الذي يجوب شوارع المدينة، يأتي جهاد بندر من بلدة كفررمان قضاء النبطية برفقة ابنه يوميا إلى ساحة المدينة، حيث يشاهدان الفعاليات، ويتحدث للجزيرة نت عن الأجواء الرائعة، ويلفت إلى أن الناس سعيدة جدا، ولا تريد شيئا سوى الترفيه عن نفسها بعد كل الضغوطات التي عاشتها طوال فترة الحرب والنزوح وخاصة الأطفال، والجميع يشعر بالراحة النفسية، ولا يوجد ما يعكر صفوهم.
إعلانويؤكد بندر على أن أهل الجنوب يخرجون من تحت الركام والدمار ليعيشوا ويستمروا مهما كانت الظروف، ويدعو جميع اللبنانيين إلى زيارة مدينة النبطية والاحتفال بالأجواء الرمضانية المميزة ويقول، نحن نرحب بالجميع، ونستقبلهم بقلوبنا، نحن لبنانيون أولا وأخيرا، ومدينتنا مفتوحة للجميع، من طرابلس إلى بيروت، ومن الجبل إلى جزين وبعلبك، نحن نرحب بأي شخص يأتي إلينا فهذه مدينته.
ويأتي حسن ترحيني من بلدة عبا قضاء النبطية برفقة ابنته الصغيرة ليتابعا المسرحية، ويتحدث للجزيرة نت عن أهمية هذه الفعاليات خاصة بالنسبة لأطفال، ويقول: إنها أجواء جميلة للغاية، من الرائع أن يتمكن الأهالي والأطفال من الفرح بعد معاناة الحرب، ومن الجميل أن يخرجوا من الأجواء القاسية التي مروا بها، هذه هي المرة الأولى التي نحضر فيها، وأجد أن الأجواء منظمة وجميلة، وأوجه رسالة إلى الاحتلال بأننا شعب لا يهاب الموت، ونحن نحب الحياة.
حبيب بدر الدين ابن مدينة النبطية أرغم كمعظم الجنوبيين على ترك منزله المجاور للسوق التجاري خلال الحرب، وبعد أن عاد إليه وجده مدمرا، وهو اليوم يحاول إعادة إعماره، ويأتي بدرالدين يوميا إلى ساحة المدينة ليشاهد الفعاليات المتنوعة، ويعبر عن سعادته العارمة بعودة الحياة إلى السوق ويقول، كنا نحلم بأن نرى النبطية تعود إلى الحياة، وها نحن اليوم نشهد على ذلك، فالنبطية عامرة بشبابها وأطفالها ورجالها وشيوخها، فتقيم المهرجانات وتحيي الفعاليات التي كانت تقيمها قبل الحرب.
ويشدد بدرالدين على أن هذه العودة ما كانت لتتحقق لولا تضحيات الشهداء، مؤكدا على أن الدمار الذي لحق بالمحال والبيوت سيعاد بناؤه، داعيا اللبنانيين إلى الوحدة فيما بينهم، ليعيدوا بناء لبنان ولينهض البلد من جديد.
ليس فقط التجار الكبار من يستفيد من إعادة الحياة إلى سوق مدينة النبطية، وإنما أصحاب البسطات والعربات الصغيرة أيضا، فهم كانوا من رواده قبل الحرب، وها هم يعودون إليه اليوم، فتجد ضمن هذه الفعاليات من يبيع العصائر والحلويات والأدوات المنزلية وغيرها من الحاجيات التي تعني المواطن.
إعلانيأتي علي فحص يوميا من بلدته جبشيت قضاء النبطية إلى السوق، ليضع بسطته التي تضم أنواعا مختلفة من العصائر الطبيعية التي كان قد حضرها في منزله ليبيعها للزبائن والمارة، ويؤكد فحص على أهمية هذه النشاطات لأنها تعيد الروح إلى مدينة النبطية، ويقول: الأجواء هنا رائعة، ونحن نعمل في بيع العصائر الطبيعية لنكسب رزقنا ونعيش، ونحمد الله على كل شيء، وبفضل الله تتحسن الأمور يوما بعد يوم، والرسالة التي يجب أن تصل إلى الجميع، هي أننا شعب يجب أن يعود إلى حياة أفضل مما كان عليها.
نتيجة للقصف الإسرائيلي الذي طال مدينة النبطية طوال فترة الحرب الماضية، فقد تدمرت أكثر من 250 مؤسسة تجارية، وبعضها دمر بالكامل، والذي تضرر جزئيا يجري ترميمه بالوقت الحالي، مما ألحق خسائر كبيرة بالتجار وأصحاب المؤسسات.
يشير رئيس جمعية تجار محافظة النبطية موسى الحر شميساني في حديث خاص للجزيرة نت إلى حجم الخسائر الكبيرة التي لحقت بالمدينة وخاصة بسوقها التجاري، وينوه إلى أن الفعاليات ضرورية ومهمة واليوم المدينة تبدو بحالة جيدة، إلا أن ذلك لا يعني أنها تعافت بالكامل.
ويشدد شميساني على أنه لا يمكن تحقيق الانتعاش الدائم للأسواق إلا من خلال إعادة الإعمار، وهو دور أساسي يجب أن تقوم به الدولة اللبنانية، ويناشد المعنيين بالإسراع في إعادة إعمار النبطية، لكي تعود الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها.
ودعا رئيس جمعية تجار محافظة النبطية المواطنين إلى المشاركة في كل الفعاليات التي ستقام خلال شهر رمضان المبارك، وكسب الجوائز المتنوعة، والهدف من ذلك تشجيع التجار في سوق النبطية على العودة للعمل، وإعادة الروح إلى المدينة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان مدینة النبطیة سوق النبطیة للجزیرة نت على أن
إقرأ أيضاً:
نتنياهو: السيطرة على مدينة غزة أفضل وسيلة لإنهاء الحرب
أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الاستيلاء على غزة هو أفضل وسيلة لإنهاء الحرب، في وقت يستمر القصف العنيف على مساحات واسعة من القطاع الذي يعاني من مأساة أنسانية مروعة.
وأكد نتنياهو، أن الخطة التي أقرها المجلس الأمني للسيطرة على مدينة غزة "لا تهدف إلى احتلال غزة"، لكنها تمثل "أفضل وسيلة لإنهاء الحرب" المستمرة في القطاع الفلسطيني منذ 22 شهراً، على الرغم من الانتقادات وحملة التنديد الدولية.
وقال نتنياهو خلال مؤتمر صحافي في القدس: "لقد أتممنا جزءاً كبيراً من العمل، حالياً نحن نسيطر على ما بين 70 - 75 % من غزة".
وأضاف عارضاً خريطة للمناطق التي تشملها الخطة: "لكن ما زال أمامنا معقلان: مدينة غزة ومخيمات اللاجئين وسط القطاع والمواصي، ليس لدينا خيار آخر لإنهاء المهمة".
وقال نتنياهو: "هذه هي أفضل وسيلة لإنهاء الحرب، وأفضل وسيلة لإنهائها بسرعة"، وإن إسرائيل "ليس لديها خيار سوى إنهاء المهمة، واستكمال هزيمة حماس، هدفنا ليس احتلال غزة، بل تحريرها".
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي أيضاً أن الدولة العبرية ستواصل الحرب في غزة حتى تنتصر فيها، وهي مستعدة لذلك حتى من دون دعم أي طرف، وذلك بعد الانتقادات التي طالت خطتها للسيطرة على مدينة غزة.
وقال نتنياهو: "لا أريد الحديث عن جداول زمنية دقيقة، لكننا نتحدث عن جدول زمني قصير نسبياً، لأننا نريد إنهاء الحرب". وشدد على أن حكومته لا تعتزم احتلال غزة وإنما "نزع السلاح من غزة".
غارات وقصف واغتيال صحافيين
وتعرضت مدينة غزة، أكثر مناطق القطاع اكتظاظاً بالسكان، لغارات جوية إسرائيلية في وقت متأخر من اليوم الأحد، وهو ما قال مسؤولون بالقطاع الصحي في مستشفى الشفاء إنه أسفر عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل في مطعم للشطائر بحي الصبرة.
وذكرت وسائل إعلام فلسطينية أن صاروخا أصاب خيمة يستخدمها الصحفيون قرب المستشفى، وقال مدير مستشفى الشفاء محمد أبو سلمية لقناة الجزيرة إن سبعة أشخاص قتلوا هناك. كما أفادت تقارير بإطلاق نار من دبابات في المنطقة.
وقالت الجزيرة إن خمسة من العاملين لديها لقوا حتفهم في الهجوم، بمن فيهم الصحفيان أنس الشريف ومحمد قريقع وثلاثة مصورين صحفيين.
وسبق أن حذرت منظمة معنية بحرية الصحافة وخبيرة في الأمم المتحدة من أن حياة الشريف في خطر بسبب تغطيته الإعلامية من غزة.
وقالت المقررة الخاصة بالأمم المتحدة ايرين خان الشهر الماضي إن مزاعم إسرائيل ضده لا أساس لها من الصحة.
وفي يوليو، حثت لجنة حماية الصحفيين المجتمع الدولي على حماية الشريف.
وأسفرت الحملة العسكرية الإسرائيلية عن استشهاد ما يزيد على 61 ألف فلسطيني وحولت القطاع المكتظ بالسكان إلى أنقاض، كما تسببت في ظروف إنسانية مروعة.