كيف يقرأ الأوكرانيون موافقة بوتين وشروطه لوقف إطلاق النار؟
تاريخ النشر: 20th, March 2025 GMT
كييف- بوساطة أو "ضغوط" أميركية، ولأول مرة منذ بداية الحرب في فبراير/شباط 2022، يتجه المسار نحو اتفاق بين الروس والأوكرانيين، يقضي بوقف استهداف منشآت الطاقة والبنى التحتية في كلا الطرفين.
اتفاق مؤقت مدته 30 يوما، تريد واشنطن أن يؤسس لنهاية الحرب وسلام دائم في أوكرانيا، الأمر الذي رحب به ووافق عليه كل من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وهذا يعتبر أكبر المؤشرات الإيجابية.
ولكن، رغم أن تفاصيل الهدنة المؤقتة لم تحدد أو توقع بعد، سرعان ما بدأ الأوكرانيون تشكيكا بإمكانية الوصول إلى تطبيقها، لا سيما مع استمرار تحليق الطائرات المسيرة بكثافة في كلا الاتجاهين، بما في ذلك صوب العاصمة كييف.
كما تناقلت وسائل الإعلام المحلية أنباء عن محاولات روسية لاقتحام مقاطعة سومي الأوكرانية، ومحاولات أوكرانية بالمقابل اقتحام مقاطعة بيلغورود الروسية.
شروط تعجيزيةتزيد شروط بوتين المعلنة وغير المعلنة لوقف إطلاق النار والحرب تشكيك الأوكرانيين، خاصة أنها تتعدى "الخطوط الحمراء" التي رسمتها إدارة زيلينسكي لأي عملية تفاوض.
وتتعلق الشروط بوقف التعبئة في الجيش الأوكراني، وقطع الدعم الغربي عن كييف، والاعتراف بالقرم و4 مقاطعات أوكرانية محتلة كأراض روسية، إضافة إلى المطالبة بحياد أوكرانيا العسكري، وعدم وجود قوات أجنبية على أراضيها، ناهيك عن حديث وسائل إعلام مقربة من الكرملين حول رغبة روسية بالاستحواذ على ميناء أوديسا في البحر الأسود.
إعلانويصف رئيس مركز الدراسات السياسية التطبيقية "بنتا" فولوديمير فيسينكو هذه الشروط بـ"التعجيزية"، ويعتبر في حديثه مع الجزيرة نت أنها "تذكر ببداية الحرب، عندما كانت كييف مطالبة بالاستسلام، والاعتراف بالهزيمة".
لكن الخبير يرى في الوقت ذاته أن "الهدف من طرح هذه الشروط هو الظهور بموقع القوة، ورفع سقف المطالب لتقديم تنازلات أقل في المستقبل القريب"، وكذلك يرى أن "اتصال بوتين بترامب كان إيجابيا بشكل عام، وخالف توقعات انحياز الأخير بقوة لصالح روسيا".
وفي إطار الشك أيضا، يتساءل الأوكرانيون عن الهدف الحقيقي من هدنة مدتها 30 يوما فقط، وعنوانها الأبرز تحييد منشآت الطاقة والبنية التحتية فقط من قائمة الأهداف.
ويقول خبير السياسات والعلاقات الإستراتيجية في "المجموعة الوطنية لمكافحة الأزمات" تاراس زاهورودني للجزيرة نت إن "كل العبارات التي تشير إلى عدم مهاجمة قطاع الطاقة لا تعني إلا شيئا واحدا، وهو أن الروس يُعانون بشدة من الهجمات الأوكرانية، لأنه في مثل هذه الحالات فقط يبدؤون إظهار حسن النية".
أما الخبير فيسينكو فقال -في حديث سابق مع الجزيرة نت- إن "وقف إطلاق النار لن يشمل -على الأغلب- جبهات يزيد طولها عن ألف كيلومتر، لأن روسيا تعتبر أنها تقاتل على أراضيها بهدف التحرير".
من ناحية أخرى، يلمح الخبير أوليكساندر خارتشينكو، مدير مركز أبحاث الطاقة، إلى أن "أوكرانيا تريد الهدنة كأساس لوقف الحرب، أما الروس فيريدونها مؤقتة لإعادة ترتيب الصفوف والحسابات العسكرية فقط قبل استئناف العمليات، وكذلك لمعرفة موقف الغرب، هل سيدعم كييف بالمزيد، أم سيدفعها نحو التهدئة".
ويدلل على ذلك بالقول للجزيرة نت "التوصل إلى اتفاق طويل الأمد لتحييد قطاع الطاقة سيؤثر بشكل كبير على الوضع فعلا، أما هدنة مدتها 30 يوما فلن تمكن حتى من إعادة تشغيل المحطات الفرعية الصغيرة".
إعلان تفاؤل وحذرومع كل ذلك، تعبر تصريحات بعض كبار المسؤولين الأوكرانيين، ومن بينهم وزير الخارجية أندريه سيبيغا، عن تفاؤل بإمكانية وقف إطلاق النار والوصول إلى نهاية للحرب خلال العام الجاري.
لكن مسؤولين ومحللين آخرين يتوخون الحذر في توقع ما سينتج عن اللقاء الجديد الذي سيجمع الروس والأميركيين في مدينة جدة يوم الأحد القادم 23 مارس/آذار، وآخر يجمع الأوكرانيين مع الأميركيين لاحقا.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي دميترو توزوف للجزيرة نت "من وجهة نظري، يفعل ترامب كل شيء لإرضاء بوتين، بدءا من رفض نعته بصفات القتل والديكتاتورية والاعتداء التي يستحقها، وانتهاء بتلبية مطالبه المتعلقة بالضغط على أوكرانيا ورفع العقوبات وعودة العلاقات، وبهذا يتجه العالم نحو قبول الشر كجزء طبيعي من وجوده".
ويضيف "بالنسبة لي، توقيع اتفاق الهدنة لن يعني ولن يغير الكثير، أول شيء فعله بوتين بعد الاتصال مع ترامب كان ضرب المدن والعاصمة الأوكرانية، وقطع إمدادات الكهرباء عن مدينتي كراماتورسك وسلوفيانسك في دونيتسك، وقصف مستشفيين اثنين في سومي".
ومن وجه نظر توزوف، فإن "الأميركيين يجدون اليوم سعادتهم في بلد معزول بالمحيطات عن العالمين الروسي والصيني، وبعيد عن مشاكل وحروب أوروبا" ويضيف "لن أتوقع أي شيء إيجابي، لم تفلح كل تحذيراتنا ومقارناتنا التاريخية".
ويتحدث عن ترامب قائلا "إنه يصدق أن صانع الحرب (بوتين) يريد السلام، ويلومنا بعنف لأننا لا نصدقه كشعب، لا يسمع ترامب صوتنا ولا يريد، إنه يتعامل معنا كميكروبات ضارة بكل صراحة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
ترامب: فرصة كبيرة لوقف إطلاق النار في غزة هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الأربعاء، إن هناك "فرصة كبيرة جدًا" للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة خلال الأيام القليلة المقبلة.
وأوضح ترامب أنه ناقش هذا الملف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يزور واشنطن للمرة الثانية خلال أقل من 24 ساعة.
وأضاف الرئيس الأمريكي في تصريحات للصحفيين: "ليس هناك ما هو مؤكد في الحروب سواء في غزة أو في أماكن أخرى نتعامل معها، لكنني أعتقد أن هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع، وإذا لم يحدث ذلك، فربما في الأسبوع المقبل".
وكشفت مصادر أمريكية وإسرائيلية أن الرئيس ترامب مارس "ضغطا شديدا" على نتنياهو خلال لقائهما الثاني في البيت الأبيض الثلاثاء، للقبول بوقف إطلاق النار في غزة.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن نتنياهو غادر الاجتماع دون الإدلاء بأي تصريحات، في مؤشر على تعقّد المباحثات.
وبحسب تصريحات ترامب، فقد ركز الاجتماع، الذي عقد في المكتب البيضاوي مساء الثلاثاء، بشكل شبه كامل على الحرب في غزة، وقال: "غزة مأساة. علينا إيجاد حل لها. أنا أريد ذلك، ونتنياهو يريد، وأعتقد أن الطرف الآخر يريد أيضا".
وتدور المحادثات حول اتفاق مؤقت يتضمن هدنة لمدة 60 يومًا، تتخللها مرحلتان لإطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين أحياء، وتسليم رفات 18 آخرين، إلى جانب إطلاق أسرى فلسطينيين وزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، على أن تتولى إدارة ترامب ضمان تنفيذ الاتفاق.
لكن مصادر إسرائيلية حذرت من أن المفاوضات قد تتعثر بسبب إصرار نتنياهو على إبقاء السيطرة العسكرية الإسرائيلية على محور موراج "محور فيلادلفيا 2" – خلافا لتوصيات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
وكشفت "أكسيوس" أن المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف عقد اجتماعا ثلاثيا مع مسؤول قطري ومستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي رون ديرمر، قبيل لقاء ترامب ونتنياهو، لبحث العقبة الأخيرة في مفاوضات وقف إطلاق النار، والمتمثلة بإعادة انتشار الجيش الإسرائيلي خلال هدنة تمتد لـ60 يوما.
وبحسب المصادر، رفض الجانب القطري الخارطة الإسرائيلية باعتبارها محدودة وغير مقبولة، فيما أشار ويتكوف إلى أنها تشبه خطة وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش، التي تتضمن بقاء قوات إسرائيلية في أجزاء واسعة من غزة، وهو ما ترفضه واشنطن.
وفي ظل ضغوط داخلية يتعرض لها نتنياهو، قدمت إسرائيل لاحقا مقترحا جديدا تضمن انسحابا أوسع، مما أدى إلى تقدم في المفاوضات