سودانايل:
2025-07-31@05:59:38 GMT

ما هي مشروعية وصاية الجيش على السياسة؟

تاريخ النشر: 21st, March 2025 GMT

أن الأزمة السياسية التي سبقت الحرب في السودان؛ أكدت أن العقل السياسي السوداني عجز أن يقدم أفكارا يتجاوز بها الأزمة السياسية التي تواجه المجتمع، و هذا العجز ليس وليد الحظة، أنما بدأ يتراجع العقل السياسي منذ ستينات القرن الماضي، عندما عجزت القوى السياسية أن تحافظ على نظامها الديمقراطي للمرة الثانية، هذا العجز جعل الكل يميل إلي إدخال البندقية في الصراع السياسي باعتبارها الأكثر قدرة على الحسم بين المتصارعين فكانت " الجبهة الوطنية" بعد انقلاب الشيوعيين و القوميين العرب 1969م، ثم تكررت في حقبة "التجمع الوطني الديمقراطي" بعد انقلاب الجبهة الإسلامية القومية في 1989م، أن دخول السلاح في حلبة الصراع لابد أن يحدث تغييرا جوهريا في الأفكار، و الشعارات التي تقدمها الأحزاب السياسية الهدف منها لكي تسمح "لعقل البندقية" التي تبنته، أن يتقدم و يطرح تصوراته للعملية السياسية حتى تتوافق مع المشروع الجديد أن تصبح أداة في السياسة.

.
أن العجز السياسي قد أملته أربعة أسباب تمحورت في الأتي:-
أولا - سيطرت الطائفية على أكبر حزبين لهما قواعد اجتماعية عريضة في المجتمع " ألاتحادي الديمقراطي و حزب الأمة القومي" الأول كانت تقوده طليعة من الطبقة الوسطى عندها حرية في طرح الأفكار، و تمارس نقد التجربة السياسية من خلال لقاءات متواصلة بين القيادة و القاعدة الشعبية للحزب.. باعتبار أن الحوار عملية تفاعلية ينتج ثقافة ديمقراطية تعزز من تطوير العملية الديمقراطية في آطارها الاجتماعي.. و عندما سيطرت الطائفة على الحزب انقطع الحوار، و أصبح الكل "حيران للشيخ" و رئيس الحزب تحول إلي شيخ لكي يسيطر على الحيران.. هذا التحول كان لابد أن ينعكس بصورة تلقائية على أداء الحزب و أصبح الحزب يفقد مساحاته الديمقراطية.. في حزب الأمة، جاء الصادق المهدي على رئاسة الحزب باعتباره زعيما سياسيا، و لكن صراعه مع أبناء الإمام الهادي جعله يتراجع عن رؤيته في الفصل بين الإمامة و رئاسة الحزب، و فضل أن يجمع بينهما، حتى يغلق على الآخرين المعارضين له أي منافذ لإثارة الجدل و المعارضة، الأمر الذي تحولت فيه العناصر الجديدة التي دخلت الحزب وفقا لرؤية الصادق المهدي الجديدة من عضوية حزبية لها حق النقد و إبداء الرأي إلي حيران للإمام تسبح بأسمه و تبتعد عن النقد.. الأمر الذي قطع التطور السياسي الذي كان منتجا للثقافة الديمقراطية داخل المؤسسة.. هذا التراجع جعل أعدادا كبيرة من الطبقة الوسطى تخرج من دائرة العمل السياسي..
ثانيا – أن الجبهة الإسلامية التي كانت تعتبر أكبر تنظيم جاذب للقوى الحديثة الجديدة، و التي كانت تبشر بتحولات ديمقراطية جديدة في المجتمع، بعد ما تحولت من تنظيم صفوي إلي تنظيم شعبي بعد مصالحة 1977م، و استطاعت أن تبني مؤسساتها التجارية و المالية لدعم التنظيم، ثم استطاعت أن تقدم انجازا كبيرا في انتخابات 1986م، حيث أصبح الحزب الثالث من حيث عدد المقاعد في البرلمان.. و قريب من الحزب الاتحادي الديمقراطي، قامت بإنقلاب عسكري حلت فيه الأحزاب و كل التنظيمات الأخرى، و اعتقدت أن ذلك سوف يحميها.. لكن نسيت أن الانغلاق نفسه سوف يؤدي إلي صراع داخل التنظيم نفسه، و قد حدثت المفاصلة 1999م، الأمر الذي جعلها تعتمد على الأجهزة الأمنية، و القوى القمعية بديلا عن الحركة الجماهيرية التي كانت قد سعت إلي استمالتها، هذا التحول قدم " البندقية و القمع" على الأفكار و العقل، و لذلك بدأت في تكوين الميليشيات العسكرية المتعددة، و كل واحدة تعتبر سلطة، ثم قدت مغريات السلطة في حوارها مع الحركات المسلحة المناهضة لها.. الأمر الذي أدى لتحول خطير جدا في المجتمع.. من يريد أن يصل للوظائف العليا في الدولة عليه أن يحمل البندقية، و يفكر من خلالها.. أدى ذلك إلي تشظي في الحركات المسلحة و أصبح الاستقطاب الجماهيري عبر البندقية و ليس المشاريع السياسية، و تراجع البحث عن القدارات و الخبرات و المعرفة..
ثالثا – اليسار أصبح عالة على العمل السياسي، من قبل كان اليسار يطرح الأفكار و يقدم المشاريع السياسية و يخلق حوارات في منصات متعددة، و لكن الحزب الشيوعي بعد الانقسام في 1971م أصبح يتراجع دوره بصورة كبيرة في العمل السياسي ،و قل إنتاجه الفكري، و المناظرات الفكرية التي كانت تطرح داخل المنظومة نفسها بين الاعضاء في الصحف، و كان الحزب يتجدد و يتفاعل مع المجتمع .. لكن بدأ هذا الدور يتراجع بعد ما صعدت قيادات تنفيذية أصبح همها المحافظة على مواقعها في الحزب.. و هؤلاء مجموعة من المتفرغين للعمل السياسي، و يريدون الحفاظ على مكتسباتهم للإعاشة، لذلك أصبح الحزب يعتمد على الشعارات فقط، لآن أغلبية القيادات التي كانت تشتغل بالفكر قد تراجع دورها، و أصبح الحزب في قبضة قيادات استالينة عاجزة أن تقدم أي مشروع سياسي حواري .. أما اليسار القومي بدأ دوره يتراجع منذ هزيمة 1967م أمام اسرائيل، حيث انقطعت الاجتهادات الفكرية، و أصبحت القيادات في الأقطار العربية منقسمة بين البعث السوري و العراقي و الأغلبية مالت إلي العراقي لأنه يقدم المعونات المالية.. و نظاما البعث اعتمدا على بقائهما في السلطة على الأجهزة القمعية، و الكل فروع الحزب كانت تساند ذلك.. لذلك عجز الحزبان الشيوعي و البعث على إنتاج أفكار جيدة تتماشى مع التحولات التي تطرأ في المجتمع، و أصبحوا جميعا يقدمون الشعار على الفكر، هذا يتوافق مع القدرات الموجودة..
رابعا – الأحزاب الجديدة خاصة المؤتمر السوداني هو تنظيم أصبح قبلة للعناصر التي كانت نشطة في مؤتمر الطلاب المستقلين و المحايدين، و هؤلاء تجربتهم السياسية التي اكتسبوها خبرة ضعيفة، لأنها فقط اعتمدت على الصراع الطلابي، و المجادلة في المنابر الطلابية، و الجمعيات في الجامعات، و كان لهم موقف سالب من الأحزاب السياسية.. فالفترة الانتقالية كشفت ضعف الأداء.. هذا الضعف هو الذي فرض الجيش على الواقع و لا تتغير المعادلة إلا بإصلاح الأحزاب أو تأسيس أحزاب جديدة تقوده أجيال جديدة.. نسأل الله حسن البصيرة..

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: أصبح الحزب الأمر الذی فی المجتمع التی کانت

إقرأ أيضاً:

القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا

2025-07-30hadeilسابق القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: الغاز الطبيعي الأذربيجاني سيؤدي دوراً استراتيجياً في رفع القدرات الإنتاجية من الكهرباء في سوريا بما يبشر بمزيد من الانتعاش الاقتصادي انظر ايضاًالقائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: الغاز الطبيعي الأذربيجاني سيؤدي دوراً استراتيجياً في رفع القدرات الإنتاجية من الكهرباء في سوريا بما يبشر بمزيد من الانتعاش الاقتصادي

آخر الأخبار 2025-07-30القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: الغاز الطبيعي الأذربيجاني سيؤدي دوراً استراتيجياً في رفع القدرات الإنتاجية من الكهرباء في سوريا بما يبشر بمزيد من الانتعاش الاقتصادي 2025-07-30القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق ألنور شاه حسينوف لـ سانا: تدفق الغاز الطبيعي الأذربيجاني إلى سوريا عبر تركيا، المزمع في الثاني من آب 2025، يمثل حدثاً تاريخياً ينتظره الشعبان الصديقان ويجسد عمق علاقات التعاون المشترك بين البلدين 2025-07-30معاون وزير الداخلية يبحث مع محافظ حمص تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين 2025-07-30وزير الصحة السوري يبحث مع القائم بأعمال البعثة الألمانية سبل التعاون المشترك 2025-07-30الشيخ ليث البلعوس: ضرورة العمل وفق أجندة سورية محضة تُعنى بخدمة السوريين وبناء دولة القانون 2025-07-30اللاذقية… تنظيم الأكشاك لتحسين الواقع الخدمي والجمالي 2025-07-30وزير التربية يتفقد مراكز لتصحيح الامتحانات في حمص ويطّلع على واقع ترميم المدارس المدمرة 2025-07-30وزارة الاتصالات تعلن عودة سوريا إلى منظومة الاتصالات العالمية 2025-07-30دخول قافلة محروقات تحمل 120 ألف ليتر إلى محافظة السويداء-فيديو 2025-07-30ورشة عمل لإدراج قطاع النقل البري في دراسات التخطيط الإقليمي

صور من سورية منوعات دب يتسبب بإغلاق مطار باليابان وإلغاء رحلات جوية 2025-07-30 اكتشاف بصمة يد عمرها 4 آلاف عام على أثر طيني مصري 2025-07-28
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • عاصم الجزار: لا مكان للمال السياسي في اختيار مرشحينا.. وبعضهم فوجئوا بالإشارة إليهم
  • عاصم الجزار: حزب الجبهة الوطنية يؤمن بأن التنوع الفكري يمثل عنصر ثراء في الحياة السياسية
  • جيرمي كوربن يعود من بوابة الشباب.. هل يهدد الحزب الذي أخرجه؟
  • مرشح الجبهة الوطنية بالغربية: كلنا خلف القيادة السياسية وصوتكم بانتخابات الشيوخ لمواجهة أعداء الوطن
  • المؤتمر الجماهيري للجبهة الوطنية في الجيزة يتحول إلى تظاهرة حاشدة في حب الوطن والاصطفاف خلف القيادة السياسية
  • قيادى بحزب الجبهة الوطنية: نعاهد الله والقيادة السياسية على بذل أقصى الجهد لخدمة الوطن
  • بأعلام مصر.. مظاهرة دعم وتأييد للقيادة السياسية بمؤتمر الجبهة الوطنية بالجيزة
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • الاتفاق الذي انقلب على صاحبه، كيف تحولت مبادرة الجيش لأداة ضده