لجريدة عمان:
2025-06-30@19:26:53 GMT

نجم «الشَرطان»

تاريخ النشر: 21st, March 2025 GMT

نجم «الشَرطان»

لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمينها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.

والنجم الذي نتحدث عنه اليوم هو نجم (الشرطان)، وهو نجم ثنائي يلوح في السماء بلونه الأبيض الساطع، ويقع في الكوكبة النجمية التي تسمى الحمل، ولأنه يقع في مقدمة هذه الكوكبة، فقد أطلق عليه العرب هذا الاسم الذي يعني القرون الصغيرة، أو بداية الشيء، وأثبته الفلكيون العرب ضمن منازل القمر الـ28، وقد اعتمدوا عليه في حساب الوقت والفصول، خاصة في الزراعة والرعي، فإذا ظهر «الشرطان» في الأفق فجرًا، فهو يشير إلى بداية الاعتدال الربيعي، مما يعني بدء موسم الزراعة الربيعية، وإذا غرب كان يشير إلى نهاية فصل الشتاء وبدء الدفء، وهو توقيت مناسب لزراعة القمح والشعير.

أما إذا أتينا إلى خصائصه الفلكية التي برزت في العلم الحديث، فهذا النجم يبعد عن الأرض حوالي 59 سنة ضوئية، أما من حيث الحجم فقطره يبلغ 1.8 مرة قطر الشمس تقريبًا، وكتلته تساوي 2.3 مرة كتلة الشمس، وتبلغ درجة حرارته 8,200 كلفن، مما يجعله أكثر حرارة من شمسنا التي تبلغ حرارتها حوالي 5,778 كلفن.

وقد ورد ذكر هذا النجم في كتب العرب وأشعارهم، ففي كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد علي نقلا عن كتاب ابن قتيبة الدينوري قال: «وأول ما يعد العرب من «المنازل» «الشَرطان»، وهما كوكبان يقال هما قرنا الحمل، ويسميّان النطح والناطح، وبينهما في رأي العين قاب قوس، وأحدهما في جهة الشمال والآخر في جهة الجنوب وإلى جانب الشمال كوكب صغير يكون معهما أحيانًا فيقال: الأشراط، وقد يعرف بـ«الأشرط»، و«الشرطان» نجمان من الحمل، وهما قرناه، وإلى جانب الشمالي منها كوكب صغير ومن العرب من يسمي هذه النجوم الثلاثة بالأشراط، وقيل: هما أول نجم الربيع، ومن ذلك صار أوائل كل أمر يقع أشراطه، والربيع أول الأزمنة للعرب، فيه الخير والبركة لهم، وإذا نزلت الشمس بهذا المنزل فقد حلت برأس الحمل، وهو أول نجوم فصل الربيع، وعند ذلك يعتدل الزمان، ويستوي الليل والنهار فإذا استوى الزمان، يليه نهاية الربيع، وعودة العرب إلى الأوطان، «يقول ساجع العرب: إذا طلع «الشرطان» استوى الزمان وحضرت الأوطان، وتهادت الجيران، أي: رجع الناس إلى أوطانهم من البوادي بعد ما كانوا متفرقين في النجع».

وقد أورده الملاح والفلكي العماني أحمد بن ماجد في منظوماته فقال:

الشرَطَانِ فَهوَ رَاسُ الحَمَلِ

ابدَأ بِذَا في وَقتِهِ المُعتَدِلِ

ثلاثُ نَجمَاتٍ كَمَا خَطُّ الألِف

لكنَّهُ عَنِ القِوَامِ مُنحَرِف

ومن الشعراء العباسيين الذين ذكروا هذا النجم في قصائدهم منهم الشاعر ابن أبي حصينة الذي يقول:

وَبَنى لِقَيسٍ بِالقَنا شرَفًا

لَم يَبنِهِ جُشمٌ وَلا بَكرُ

شرَفًا يَحِفُّ النَيِّرانِ بِهِ

وَيَحُوطُهُ الشرطانِ وَالنَسرُ

ونجد أيضا الشاعر العباسي أبو تمام الطائي يذكر هذا النجم في إحدى قصائده فيقول:

سنَت عَبَراتُهُ الأَطلالَ حَتّى

نَزَحنَ غُروبَها نَزحَ الرَكِيِّ

سقى الشرَطانِ جَزعَكِ وَالثُرَيّا

ثَراكِ بِمُسبِلٍ خَضلٍ رَوِيِّ

كما نقرأ لأبي العلاء المعري قصيدة من البحر الخفيف يذكر فيها نجم «الشرطان» فيقول:

لو تأتّى لنَطْحِها حَمَلُ الشهْ

بِ تَرَدّى عن رأسه الشرَطانِ

أو أراد السماكُ طَعْنًا لها عا

د كسيرَ القَناةِ قبْلَ الطّعانِ

ويقول في قصيدة أخرى من البحر الكامل:

سبحانَ مَن بَرَأَ النُجومَ كَأَنَّها

دُرٌّ طَفا مِن فَوقِ بَحرٍ مائِجِ

لَو شاءَ رَبُّكَ صَيَّرَ الشَرطَينِ مِن

هَذي الكَواكِبِ عِندَ أَدنى ثائِجِ

ولو ذهبنا إلى العصر العثماني لوجدنا أن الشاعر ابن معتوق الموسوي يذكر هذا النجم ويسميه بالشرطين في إحدى قصائده فيقول:

من مَعشرٍ لهمُ على كلِّ الوَرى

شرَفُ النجومِ على حصى الأرضينِ

سامٍ لمُنصلِه وشِسعَيْ نَعلِه

فخرُ الهِلال ورِفعةُ الشرطينِ

وفي العصر العثماني أيضا نجد الشاعر الورغي يذكر هذا النجم فيقول:

مَنَازِلُ لِلإسعَادِ لاَ غَيرُ كُونَتْ

كَفَتْنَا عَنِ الشرْطَيْنِ وَالدَّبَرَانِ

بَلَغْنَا بِهَا لاَ بِالسماكَينِ مَطمَحًا

بِهِ الوَحْيُ وَالإرْسالُ يَلتَقِيانِ

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هذا النجم فی الشر ط

إقرأ أيضاً:

السلطة المحلية بريمة تحيي أربعينية الشاعر المثقف ياسين البكالي بفعالية

شمسان بوست / مأرب _عبدالله العطار

أحيت السلطة المحلية بمحافظة ريمة، اليوم، فعالية تأبينيةإحياء لأربعينية الشاعر الكبير ياسين محمد البكالي، تخليدًا لمناقبه وتكريسا لملامح مسيرته الإبداعية في محراب الشعر، والتي اقيمت في مدينة مأرب، بحضور رسمي وثقافي واسع من ممثلي السلطات المحلية والمثقفين والشعراء والمهتمين بالشأن الأدبي.

وفي الفعالية أكد محافظ ريمة اللواء محمد الحوري،على مكانة الشعر والشعراء في تثوير المجتمعات وتوجيه بوصلة الحياة نحو الأهداف السامية، مستعرضا سيرة الشاعر الراحل ومسيرته الإبداعية ومكانته الثقافية كأحد أبرز الأصوات الشعرية في اليمن خلال العقود الماضية، حيث أسهمت قصائده وكتاباته في إثراء المشهد الثقافي الوطني وعبّرت عن هموم الوطن وقضايا الإنسان.

وفي كلمة وزارة الثقافة، أشار وكيل وزارة الثقافة الدكتور عبدالرحمن النهاري، إلى أن الفقيد البكالي مثل صوتًا وطنيا حرًا، حمل الكلمة الصادقة والهمّ الشعبي في نصوصه الشعرية، مجسداً روح الانتماء لليمن الكبير وقضاياه المصيرية،مؤكدا ان الوطن هو المعنى الأعمق في تجربته، والكائن الحي الذي يتنفس في قصيدته، ويئن في روايته، ويصرخ في مقاله، قائلا:(في زمن الانقسام كتب ياسين عن الوحدة،
في زمن القمع، أنشد للحرية،
وفي زمن التيه، دلّ الناس على هوية اليمني الكاملة، بلا شتات ولا طائفية ولا جهوية).

وأكد النهاري أن تنظيم هذه الفعالية في مدينة مأرب يأتي تجسيداً للعلاقة الوطنية الجامعة بين مختلف محافظات الوطن، وللتأكيد على أن الكلمة المخلصة لا تموت، وأن المبدعين أمثال ياسين البكالي خالدون في ذاكرة الأجيال.

إلى ذلك اكد مدير دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع العميد احمد الأشول،
أن اليمن “فقدت اليمن برحيل البكالي المبكر أحد أبرز الأصوات الشعرية في العصر الحديث، شاعراً حمل همّ الكلمة، وسكنته القضايا الوطنية والإنسانية، فصاغها بلغة تنبض بالجمال، وتكتنز بالتجربة، وتفيض بالمفارقة الوجدانية، والرمز الوطني الأصيل،و لقد كتب البكالي من القلب، للوطن، وللإنسان، وللوجع، وكان شعره مرآة للذات اليمنية وهي تتقلب بين الحلم والانكسار، وبين الصبر والمقاومة”.

من جهة أخرى استعرض قريب الراحل محمد البكالي في كلمة أسرته مناقب الشاعر، كأب وكاتب اتسمت حياته بكل المعاني السامقة، ساردا أبرز المحطات الأدبية في حياة الشاعر، ومساهماته الفاعلة في الملاحق الأدبية والمنابر الشعرية، مشيرًا إلى أن الفقيد امتلك رؤية ثقافية عميقة عبّر عنها بأسلوب شعري فريد، حيث جمع بين التراث والحداثة، والتزم قضايا الوطن والحرية والعدالة.

كما ألقيت في الفعالية عدد من الكلمات والقصائد والأتاشيد ، نوّهت جميعها بدور الشاعر الراحل في إثراء الحركة الثقافية، وعبّرت عن الحزن العميق لفقدانه، مشيدة بتميزه الإنساني وتواضعه رغم قامته الشعرية الكبيرة.

وتخللت الفعالية قراءات شعرية لنماذج من قصائد الفقيد، قدمها عدد من الشعراء الشباب، إلى جانب عرض مرئي وثائقي تناول مقتطفات من مشاركات الشاعر في فعاليات أدبية داخل اليمن وخارجها، بالإضافة إلى شهادات شخصية من زملائه وأصدقائه.
يُذكر أن الشاعر ياسين البكالي وافته المنية مطلع شهر شوال المنصرم، بعد رحلة أدبية حافلة بالعطاء، وقد خلف برحيله فراغًا كبيرًا في الساحة الثقافية اليمنية.

مقالات مشابهة

  • «الصحافة لم تكن البداية».. حفيد الشاعر مأمون الشناوي يكشف أسرار جده لأول مرة
  • حفيد مأمون الشناوي يكشف أسرارا جديدة لأول مرة: الصحافة لم تكن البداية
  • عادل الملحم: أي شيء يخص النصر.. راح يحطونه في رأس رونالدو!
  • فيلم رينر .. الذكاء الاصطناعي يسيطر على حياة الشخصية ويبحث عن الشر في ماضيها
  • أيمن بهجت قمر يصنع أغنية بالـ AI: خلاني أعبر عن حالتي في لحظتها
  • احياء اربعينية الشاعر الكبير البكالي في مأرب
  • السلطة المحلية بريمة تحيي أربعينية الشاعر المثقف ياسين البكالي بفعالية
  • الثقافة وهيئة الكتاب تنظمان ندوة حول أعمال الشاعر حسن الشرفي
  • حين يصبح الشاعر وطنًا.. رحيل أحمد أبو سليم وقيامته في فلسطين
  • نانسي عجرم تتلألأ في سماء لندن الليلة.. وحماس جماهيري لأغنيتها الجديدة قبل صدورها