وزير الإعمار: أزمة سيولة بالعراق بسبب خزن أكثر من 80 بالمئة من العملة بالمنازل
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
الاقتصاد نيوز _ بغداد
شدد وزير الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة، بنكين ريكاني، على ضرورة الانتقال إلى مرحلة جديدة لإدارة الاقتصاد في البلد، وعدم البقاء على سياسة الاقتصاد الريعي المعتمد بإيراداته على النفط فقط، محذّراً من توقف مشاريع البنى التحتية في حال عدم تفعيل نظام الجباية، كما كشف ريكاني عن وجود قرابة 80 تريليون دينار مخزّنة في منازل المواطنين غير فعّالة في الدورة الاقتصادية للبلد.
وقال ريكاني، إن "البلد يعاني من ارتفاع الموازنة التشغيلية الموزعة ما بين رواتب موظفين ومتقاعدين ورعاية اجتماعية وأجور استيراد الكهرباء واستخراج النفط والبطاقة التموينية والأدوية وتخصيصات المحافظات والوزارات"، مشيراً إلى أن "حجم العملة المحلية المطبوعة يبلغ 120 تريليون دينار والمتداول فقط 23 تريليون دينار بحسب البنك المركزي العراقي، مما ولّد أزمة سيولة بالبلد بسبب خزن أكثر من 80 بالمئة من العملة في المنازل".
وأضاف، أنه "يجب أن تكون هنالك مجموعة من الإجراءات للانتقال إلى مرحلة جديدة بالاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على بيع النفط، من خلال تفعيل الجباية وفق نظام كفوء ومحكم سواء بالخدمات كالكهرباء والماء والمجاري أو المنافذ الحدودية والجمارك وغيرها". وأكد ريكاني، أن "في العراق فرص نجاح جيدة جداً، لكن يجب الانتفال إلى مراحل جديدة لتحقيقها، ومنها إبعاد تفكير المواطنين عن الوظيفة العامة والتوجّه نحو القطاع الخاص"، موضحاً أن "الحكومة الحالية حققت خطوتين في برنامجها وهما تأسيس (صندوق العراق للتنمية) لدعم مشاريع الصناعة والزراعة، من خلال إعطاء ضمانات سيادية للمشاريع الصناعية التي تبلغ نسب إنجازها أكثر من 20 بالمئة والتأكد من أن باستطاعته دفع الأقساط لاستيراد مصانع من مناشئ خارجية لأغراض الحصول على القرض".
وتابع، أن "حجم القرارات التي اتخذت في مجلس الوزراء لدعم المنتوج الوطني في الكثير من المجالات جعل بعض القطاعات تصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي"، منوهاً بأن "الكلفة العالية للزراعة في العراق دفعت المجلس لتقديم الدعم للفلاحين الذين يستخدمون التقانات الحديثة بدلاً من الأساليب التقليدية التي تسبب هدراً في المياه، فضلاً عن تحقيق إنجازات جيدة في قطاع التكنولوجيا والأتمتة التي تحققت في الكثير من الدوائر".
كما حذّر وزير الإعمار والإسكان من "توقف مشاريع البنى التحتية في المحافظات بسبب التلكؤ في موضوع الجباية، إذ يجب أن يكون هنالك نظام إدارة كفوء للجباية لديمومة المشاريع وتقنين استعمال الخدمات الأخرى"، منوهاً بـ"ظهور مشكلة في الزيادة التي تحصل في مشاريع البنى التحتية مقابل نقص حادٍّ في المبالغ مما يولد مشكلات في الصيانة والتشغيل والعاملين بهذا المشروع، وبهذا نرى أن الموازنة التشغيلية للمحافظات والوزارات ثابتة فيما تزيد المشاريع وتشكل ثقلاً عليها دون وجود جباية".
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار
إقرأ أيضاً:
العراق في الطريق إلى التحوّل المصرفي من النفط إلى رأس المال
بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..
في تصريح لافت، أعلنت بعثة الأمم المتحدة في العراق أن البلاد تمتلك مقوّمات تؤهلها للتحوّل إلى قوة مصرفية داخليًا وخارجيًا خلال السنوات المقبلة، إذا ما أُحسن استثمار الفرص والإمكانات المتاحة. في بلد لطالما ارتبط اقتصاده بالنفط، يأتي هذا التحوّل المحتمل كفرصة تاريخية لتأسيس اقتصاد متنوع ومستدام يُعيد صياغة موقع العراق في النظام المالي الإقليمي والدولي.
لطالما شكّل القطاع المصرفي العراقي واحدة من أكثر الحلقات ضعفًا في بنية الاقتصاد الوطني، نتيجة عقود من الحروب والعقوبات والفساد وسوء الإدارة. إلا أن التطورات الأخيرة، المتمثلة في تبني إصلاحات مصرفية، والاتجاه نحو الشمول المالي، وربط البنوك العراقية بشبكات دولية، تفتح الباب أمام تحوّل نوعي غير مسبوق. الأمم المتحدة ترى في العراق قدرة كامنة تجعله مركزًا ماليًا إقليميًا، خاصة مع توافر السيولة، ووجود احتياطات نقدية كبيرة، وموقع جغرافي استراتيجي بين أسواق الخليج وتركيا وإيران.
التحوّل إلى قوة مصرفية لا يعني فقط تحديث البنية التحتية للبنوك، بل يشمل بناء نظام مالي متكامل يتسم بالشفافية، والكفاءة، والثقة، ويجذب رؤوس الأموال والاستثمارات. إذا نجح العراق في ترسيخ ثقافة مصرفية حديثة تقوم على الشمول المالي، والرقمنة، والامتثال للمعايير الدولية، فإن ذلك سيُعيد رسم خريطة الاقتصاد الوطني. سيتحول الدينار العراقي إلى عملة أكثر ثقة، وستُصبح البنوك أدوات استثمار حقيقية، وليس فقط خزائن أموال.
أما من حيث الفائدة الاقتصادية، فإن تطور القطاع المصرفي سيخلق مناخًا ملائمًا للاستثمار المحلي والأجنبي، ويوفر القروض والدعم المالي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي تُعد العمود الفقري لأي اقتصاد منتج. هذا يعني تنشيط السوق، وتحريك عجلة الصناعة والزراعة والتجارة، بعيدًا عن الاعتماد المفرط على عائدات النفط.
ولن يكون المواطن العراقي بعيدًا عن هذا التحوّل. فكلما تطور القطاع المصرفي، زادت فرص حصول الأفراد على خدمات مالية ميسرة، من القروض إلى بطاقات الدفع، ومن حسابات التوفير إلى التأمينات والاستثمار. كما ستنعكس هذه الإصلاحات على الاستقرار المالي والأسعار، وتُساهم في تقليص الاقتصاد الموازي الذي يُثقل كاهل الدولة والمواطن على حد سواء.
لكي يتحقق هذا السيناريو الواعد، لا بد من إرادة سياسية حقيقية تدعم استقلالية البنك المركزي، وتُشجّع على تطوير الموارد البشرية في القطاع المصرفي، وتُحارب الفساد المالي بكل حزم. فالثقة هي حجر الأساس في بناء أي قوة مصرفية، والثقة لا تُشترى، بل تُكتسب عبر الالتزام، والشفافية، والنتائج الملموسة.
ختاما إذا نجح العراق في هذا المسار، لن يكون مجرد بلد مصدر للنفط، بل مركزًا ماليًا نابضًا في قلب الشرق الأوسط. هو التحوّل الذي يحتاجه الاقتصاد، ويستحقه المواطن، وتنتظره الأجيال القادمة.
انوار داود الخفاجي