تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قدم بودكاست "بداية جديدة" حلقة استثنائية مع الدكتورة هالة السعيد، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الاقتصادية، حيث ناقشت فيها رؤية مصر المستقبلية في مجالات التكنولوجيا والتنمية الاقتصادية، إلى جانب التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد. 

كما تحدثت عن مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان المصري"، التي تحظى برعاية رئيس الجمهورية، وتهدف إلى رفع الوعي المجتمعي وتعزيز القيم الثقافية بهدف بناء مجتمع أكثر تقدماً ووعياً.

في بداية الحلقة، أكدت الدكتورة هالة السعيد على أهمية المشروع القومي "مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان المصري"، مشيرةً إلى أن الإنسان يعد الثروة الحقيقية لمصر، موضحة أن الدول قد تمتلك موارد متعددة، إلا أن الاستثمار في تطوير الإنسان يُعتبر الأساس الذي يضمن تحقيق التقدم والازدهار.

وأوضحت الدكتورة هالة السعيد، أن المبادرة تهدف إلى دعم الإنسان منذ لحظة ولادته، مع التركيز على جميع جوانب حياته في مختلف المراحل، من أجل تأهيل جيل قوي يستطيع المساهمة في تقدم بلاده. 

وأضافت أن المبادرة ستترك أثراً إيجابياً على حياة المصريين من خلال تمكينهم من تطوير مهاراتهم، وتحسين جودة التعليم، وتوفير رعاية صحية أفضل، مما سيؤثر بشكل مباشر على تحسين مستوى حياتهم في المستقبل.

خلال الحلقة، تحدثت الدكتورة هالة السعيد عن تأثير التطور التكنولوجي على سوق العمل، مشيرةً إلى الوظائف التي ستظل قائمة وتلك التي قد تختفي نتيجة لهذا التطور.، مؤكدة على أهمية التعلم المستمر واكتساب المهارات الحديثة، وضرورة امتلاك الأدوات اللازمة لمواكبة التغيرات السريعة في سوق العمل.

كما أوضحت أن التكنولوجيا أحدثت تحولًا كبيرًا في القطاع الصناعي، مما يتطلب من الجميع التكيف مع هذه المستجدات من خلال تطوير مهاراتهم وتعزيز قدراتهم، لضمان الاستمرارية والنجاح في ظل عالم متغير.

وفي حديثها عن الاقتصاد، أشارت إلى أن مصر تسعى لتكون من بين أفضل الدول عالميًا، من خلال تحسين مستوى معيشة المواطنين وزيادة دخلهم. وأكدت أن تحقيق التوازن بين النمو السكاني والموارد المتاحة يُعد أمرًا ضروريًا، حيث يسهم في تعزيز الإبداع والابتكار، ويُمكّن الأفراد من خلق قيمة مضافة للدولة.

وبالرغم من التحديات العالمية التي تواجهها الدولة، شددت على التزام الدولة بتنفيذ خططها التنموية، مشيرةً إلى الأزمات التي أثرت على الاقتصاد العالمي، مثل جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، وحرب غزة، بالإضافة إلى التغيرات المناخية المتسارعة. وأوضحت أن مصر ماضية في تحقيق أهدافها رغم هذه المتغيرات، بفضل استراتيجياتها المرنة ورؤيتها المستقبلية.

كما تناولت الدكتورة هالة السعيد أهمية أن يكون للعمل قيمة وتأثير إيجابي، داعيةً كل فرد إلى السعي لإحداث فرق حقيقي في بيئة عمله، سواء من خلال تحسين الأداء والمساهمة في التطوير، أو تقديم حلول مبتكرة، لافتة إلى أن خلق قيمة مضافة في بيئة العمل لا يقتصر فقط على تنفيذ المهام اليومية، بل يتطلب رؤية واضحة وإبداعًا، ورغبة صادقة في تحقيق تغيير إيجابي.

وفي ختام الحلقة، أعربت الدكتورة هالة السعيد عن أملها في أن تصبح مصر من بين الدول الرائدة عالميًا، بما تمتلكه من حضارة عريقة وتاريخ غني، ومستقبل واعد. وأكدت أن التعليم والتطوير المستمر هما المفتاح الحقيقي لتحقيق التقدم، مشيرةً إلى أن كلما زادت المعرفة والتعلم، زادت قدرتنا على تحقيق أهدافنا وبناء مستقبل أكثر ازدهارًا لمصر.

يذكر أن الحلقات المقبلة ستستضيف شخصيات مؤثرة من مجالات الفن، الرياضة، ريادة الأعمال، والسياسة، في إطار تعزيز التنمية البشرية وتمكين الشباب، يُبث بودكاست "بداية جديدة" عبر منصة Watch IT في تمام الساعة 3:15 مساءً، كما يُعرض يوميًا على قناة الحياة في تمام الساعة 3:15 مساءً، وعلى القناة الأولى والفضائية المصرية في تمام الساعة 6:30 مساءً.

وانطلق بودكاست "بداية جديدة" في إطار جهود مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان” لتعزيز التنمية البشرية وتمكين الشباب، ليكون مساحة تفاعلية تجمع بين الشخصيات المؤثرة، بمشاركة مقدمي الحلقات من الأطفال المصريين الموهوبين آدم وهدان، ريم مصطفى، وسيليا محمد سعد. يتيح البودكاست لضيوفه الفرصة لمشاركة تجاربهم، والتحديات التي مروا بها، والدروس التي شكلت مسيرتهم، إلى جانب تقديم رؤى حول مستقبل مجالاتهم وأثرها على المجتمع، ونقل رسائل تحفيزية للشباب الساعي لتحقيق طموحاته.

يأتي ذلك في إطار سعي المشروع القومي “مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان المصري" إلى دعم الشباب وتنمية مهاراتهم، من خلال برامج متكاملة تشمل الصحة، التعليم، والثقافة. تسعى المبادرة إلى تحسين جودة الحياة وتوفير الفرص، إيمانًا بأن بناء مستقبل أفضل يبدأ بتطوير الإنسان. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: بداية جديدة بودكاست هالة السعيد التنمية الاقتصادية التحديات الاقتصادية بدایة جدیدة لبناء الإنسان الدکتورة هالة السعید من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

النفايات المنزلية .. تحديات تحول دون استخدامها في إعادة التدوير!

يُعدّ فرز النفايات المنزلية من الممارسات الحيوية التي تسهم في تعزيز الاستدامة البيئية وتحقيق مبادئ الاقتصاد الدائري، من خلال تقليل النفايات وتقليص الانبعاثات وتحويل المواد القابلة لإعادة التدوير إلى موارد منتجة. وعلى الرغم من وجود مبادرات فردية ومؤسسية في هذا المجال، إلا أن ثقافة الفرز من المصدر لم تتحول بعد إلى سلوك يومي لدى معظم الأسر. وفي هذا السياق، استطلعت «عُمان» آراء عدد من المختصين في الشأن البيئي والاقتصادي للوقوف على واقع فرز النفايات المنزلية، والعوامل المؤثرة في تبنيه، إلى جانب التحديات والفرص المرتبطة بتطبيقه على نطاق واسع.

وقالت المهندسة أزهار بنت جمعة الهنائية، رئيسة قسم إدارة النفايات بهيئة البيئة إن مبدأ فرز النفايات من المصدر يمثل ركيزة أساسية في منظومة الإدارة البيئية المتكاملة، وخطوة مركزية في التحول إلى الاقتصاد الدائري، مشيرة إلى أن هيئة البيئة تنطلق في هذا التوجه من رؤيتها بأن الحفاظ على البيئة مسؤولية الجميع ومن التزاماتها بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ورفع كفاءة إدارة النفايات، وتقليل التأثيرات البيئية والصحية الناتجة عن التراكم العشوائي أو الدفن غير المستدام.

وبيّنت أن ترسيخ هذا المفهوم يُسهم في تحسين عمليات إعادة التدوير، وتوجيه النفايات القابلة لاعادة التدوير إلى المصانع المختصة، بدلًا من ردمها في المرادم الهندسية، وهو ما يعزز من استغلال ما وصفته بـ"الثروة الوطنية" وتعظيم القيمة المضافة منها.

وأوضحت أن ملف فرز النفايات يحظى بأولوية بارزة ضمن خطط الهيئة، ويُعد من المرتكزات الجوهرية في تحقيق التوجهات الوطنية ضمن أولوية البيئة والموارد الطبيعية لرؤية عُمان 2040، كما أن استراتيجية عُمان للبيئة أكدت على أهمية الانتقال إلى الاقتصاد الدائري، والتقليل من انتاج النفايات وتمكين إعادة استخدامها وتدويرها، وصولًا إلى إعادة تدوير 65% من النفايات وتحويل 80% منها عن المرادم بحلول عام 2040.

وكشفت أن الهيئة قامت باعداد سياسة وطنية متكاملة لإدارة النفايات، بالإضافة إلى مشروع قانون لإدارة النفايات يؤكد على الالتزام بعدد من المبادئ البيئية، من أبرزها مبدأ الفرز من المصدر.

وقالت الهنائية إن سلطنة عمان لا تملك حتى الآن تشريعات أو لوائح تنظيمية تُلزم الأفراد أو المنازل بفرز النفايات من المصدر بشكل صريح، موضحة أن الهيئة تعمل على تطوير هذا الجانب بالتعاون مع شركائها في إطار التحول نحو اقتصاد دائري. وأضافت أن الهيئة قامت بتشكيل فريق مشترك لإعداد دليل لمعايير تطبيق مبدأ الفرز، مع تحديد المواقع التجريبية الملائمة، مؤكدةً على أن التطبيق سيتطلب تشريعًا واضحًا يُلزم منتجي النفايات ومقدمي الخدمات للتطبيق التدريجي، إلى جانب إطلاق حملات توعوية وطنية وتوفير الحاويات المناسبة متعددة الألوان. وتطرقت إلى أهمية التنسيق بين الهيئة والبلديات وشركات جمع النفايات، مؤكدة أن الفريق المشترك يقوم بدراسة تشخيصية للوضع الحالي، وتحديد الاحتياجات والتكاليف اللازمة لتطبيق النظام، إلى جانب تشجيع القطاع الخاص على تشغيل محطات الفرز.

تحديات قانونية وبنيوية

واستعرضت الهنائية أبرز التحديات التي تعيق تفعيل نظام الفرز، والتي تتراوح بين غياب نصوص تشريعية ملزمة، والتداخل المؤسسي بين الجهات ذات العلاقة، إلى جانب ضعف البنية التحتية، وغياب الحوافز، والثقافة المجتمعية التي لا تزال تميل إلى التخلص من كافة النفايات في كيس واحد. ونوّهت إلى عدم توفر نظام بيانات موحد لتتبع النفايات، مؤكدة الحاجة إلى أدوات ذكية لتقييم الالتزام، كأنظمة التتبع أو الحوافز البيئية.

التوسع التدريجي

وأشارت إلى أن حاويات الفرز لا تزال مقتصرة على مشاريع تجريبية في بعض أحياء محافظة مسقط، ومحافظة ظفار، وصحار، مضيفة أن هيئة البيئة بالتنسيق مع البلديات تعمل على إعداد خطط مدروسة لتوسيع نطاق الخدمة تدريجيًا، ضمن إطار أوسع لتحقيق أهداف الاستدامة البيئية والاقتصاد الدائري.

وكشفت أن الهيئة تتعاون مع هيئة تنظيم الخدمات العامة على تطوير نظام بيانات وطني لتتبع أنواع النفايات ورصد الأنشطة ذات الصلة، موضحة أن نظام "السجل الوطني لإدارة النفايات" الذي تم تفعيله في 2022، يعد خطوة متقدمة نحو حصر وتوجيه النفايات القابلة للفرز.

تحديات لوجستية وتمويلية

ولفتت الهنائية إلى جملة من التحديات اللوجستية والتمويلية، منها نقص الحاويات، وصعوبة تخصيص المواقع، وعدم وجود نظام جمع منفصل، وغياب أسطول نقل مجهز للنفايات المفروزة، إضافة إلى تباعد مراكز الفرز، وغياب آليات التتبع، وارتفاع التكلفة الرأسمالية، فضلاً عن ضعف الطلب على المواد المعاد تدويرها. وأوضحت أن تجاوز هذه التحديات ممكن من خلال تبني شراكات مع القطاع الخاص، وتطوير نظام حوافز ورسوم ذكي، إلى جانب الاستفادة من المبادرات الدولية الخضراء، وإطلاق منصات تمويل مبتكرة.

وأفادت أن نسبة إعادة التدوير في سلطنة عمان ارتفعت من 29% عام 2021 إلى 34% عام 2024، ولكن مساهمة النفايات المنزلية لا تتجاوز 1% نتيجة اختلاطها بباقي النفايات وصعوبة فرزها، وهو ما يجعلها تُدفن مباشرة في المرادم الهندسية. وأضافت أن سلطنة عمان تضم أكثر من 80 مصنعًا لإعادة تدوير مختلف أنواع النفايات، ولكن لا توجد حتى الآن كميات مفروزة من المنازل، مشيرة إلى أن تفعيل محطات الفرز المنزلية سيعزز بشكل كبير من نسب التدوير.

واعتبرت الهنائية أن الفرز من المصدر يُحسّن من جودة المواد القابلة لإعادة التدوير، ويقلل من تلوّثها، ما يُسهم في إعادة إدخالها إلى السوق كمنتجات، وبالتالي تقليل الاعتماد على المواد الخام المستوردة. كما أوضحت أن هذه المنظومة تتيح فرصًا واسعة للريادة والتوظيف، من خلال التوسع في خدمات جمع ومعالجة النفايات، وتشغيل محطات الفرز، مشيرة إلى أن القرار رقم 21/2021 بشأن تنظيم تصدير المخلفات ساهم في نمو عدد المصانع من 25 إلى 83 مصنعًا على مستوى سلطنة عمان.

وكشفت عن خطة حالية لحظر تصدير جميع المخلفات القابلة لإعادة التدوير، وتطوير منصة وطنية لتنظيم السوق المحلي، وتفعيل منظومة لتتبع الكميات وتنظيم عمليات البيع والشراء.

برامج توعوية شاملة

وتحدثت عن الجهود التوعوية للهيئة، والتي تشمل برامج توعوية في جمعيات المرأة والمراكز الشبابية والمدارس، وإنتاج مواد مرئية متعددة اللغات، وإطلاق حملة "خلك حريص"، وتشكيل مجالس طلابية بيئية في المحافظات، بالإضافة إلى إشراك الطلاب في هاكاثونات بيئية وتحويل أفكارهم إلى مشاريع واقعية.

كما لفتت إلى إدماج مفاهيم إدارة النفايات والفرز في المناهج الدراسية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، وتنظيم زيارات تعليمية للمرادم ومواقع إعادة التدوير، وإطلاق "أسبوع عمان للاستدامة" بمشاركة خبراء ومؤسسات.

أهمية الفرز

بدوره، يرى خليفة بن سليمان الزيدي، باحث مشارك بمركز الدراسات والبحوث البيئية بجامعة السلطان قابوس أن موضوع فصل النفايات المنزلية في سلطنة عُمان يُعد من الملفات البيئية الحيوية التي تتطلب تداخلًا بين السلوك المجتمعي والبنية التحتية والتشريعية، مؤكدًا أن تحقيق نقلة نوعية في هذا المجال لا يمكن أن يتم إلا من خلال تكامل الأدوار بين الأفراد والمؤسسات التعليمية والحكومية. وأوضح أن المجتمع العُماني يُبدي انفتاحًا متزايدًا تجاه قضايا إدارة النفايات، وخصوصًا البلاستيكية والمعدنية منها، مشيرًا إلى وجود مبادرات فردية ومؤسسية ظهرت في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى جهود أكاديمية تسعى لتقديم حلول في مجالات إعادة التدوير. ومع ذلك، فإن ثقافة فرز النفايات من المصدر لا تزال محدودة الانتشار، ولم تتحول إلى سلوك يومي بين أفراد المجتمع، ويُعزى ذلك إلى غياب التشريعات الملزمة، وعدم توافر بيئة داعمة تشجع على تطبيق الفرز بشكل منهجي.

سلوك مجتمعي

وأشار إلى أن ثقافة الاستهلاك والتخلص ما زالت تسود على حساب ثقافة الفرز وإعادة الاستخدام، وهو ما يعود إلى طبيعة الممارسات التقليدية التي كانت تعتمد على نفايات بسيطة وعضوية، واستمرت هذه العادات رغم تغيّر نمط الحياة وزيادة استهلاك المنتجات الحديثة. ويرى أن تغيير هذا النمط يتطلب مقاربات مجتمعية جديدة تتجاوز توجيه الفرد نحو السلوك البيئي الصحيح إلى خلق بيئة اجتماعية جماعية تتبنى ممارسات الفرز كجزء من حياتها اليومية.

دور التعليم

وفي الجانب التربوي، بيّن أن غرس مفاهيم الاستدامة في مراحل التعليم المختلفة له دور محوري في بناء سلوك بيئي مستدام على المدى الطويل، مؤكدًا أن الطلبة الذين ينشؤون على هذه القيم يكونون أكثر وعيًا ومشاركة في المبادرات البيئية داخل المجتمع. كما أشار إلى أن المناهج الدراسية الحالية بدأت بالفعل بدمج موضوعات بيئية، لكنّها لا تزال بحاجة إلى تعزيز الجانب العملي، والتركيز على أنشطة تطبيقية كفرز النفايات وإعادة استخدامها في البيئات التعليمية والمنزلية.

ولفت إلى أن أساليب التعليم القائم على التجربة، والمشاريع الطلابية البيئية، والمبادرات الابتكارية في إعادة التدوير، تُعد من أنجح الأدوات العالمية في تعزيز الوعي البيئي لدى النشء، موضحًا أهمية تحويل المدارس والجامعات إلى نماذج واقعية لتطبيق ممارسات الفرز، من خلال توفير الحاويات المناسبة، وتحفيز الطلبة على تتبع كميات النفايات وتحليلها، مما يرسّخ مفهوم المساءلة البيئية.

وفيما يتعلق بالأثر البيئي والاقتصادي، ذكر الزيدي أن غياب ثقافة الفرز يؤدي إلى تكدس النفايات في المرادم، وارتفاع معدلات الانبعاثات الغازية، وهدر ملايين الريالات سنويًا، كان من الممكن تحقيقها من خلال إعادة التدوير. وأوضح أن سلطنة عُمان تنتج ما يقارب 2.3 مليون طن من النفايات القابلة للتدوير سنويًا، وفقًا لتقرير شركة "بيئة"، ويمكن أن تصل العوائد إلى أكثر من 500 مليون ريال عُماني سنويًا، في حال الاستفادة منها بشكل فعال. وأضاف أن تطبيق سياسات وطنية لفرز النفايات سيفتح آفاقًا واسعة لخلق فرص اقتصادية جديدة، كتوفير وظائف خضراء، ودعم الصناعات التحويلية، وتوليد الطاقة من النفايات العضوية، إلى جانب تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، والتخفيف من الضغط على المرادم التقليدية.

وفي سياق الحديث عن الأثر المناخي، أكد الزيدي أن عمليات الفرز من المصدر تُمكّن من تقليل البصمة الكربونية لسلطنة عُمان، من خلال خفض انبعاثات غاز الميثان الناتج عن النفايات العضوية، والتقليل من الحاجة إلى تصنيع واستيراد المواد الخام، مما يسهم في تحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2050، إلى جانب إتاحة الفرصة لعُمان للانخراط في أسواق الكربون العالمية.

عوائق التطبيق

وفيما يخص الجانب البحثي، أشار إلى وجود نقص ملحوظ في الدراسات المحلية التي تتناول سلوك الأفراد تجاه النفايات، مؤكدًا الحاجة إلى مسوحات وطنية ترصد التغيرات السلوكية، وتُحلل أسباب القبول أو الرفض لممارسات الفرز، مشيرًا إلى أن أغلب الدراسات تركز على البنية التحتية أو الإطار التشريعي، بينما لا تزال البيانات المتعلقة بالسلوك اليومي محدودة.

وأوضح أن الجامعات ومراكز البحوث في السلطنة تملك القدرة على سد هذه الفجوة من خلال تقديم دراسات ميدانية وتطوير نماذج محلية تأخذ في الاعتبار الخصوصية الثقافية والاجتماعية للبيئة العُمانية، كما أشار إلى وجود مقررات جامعية ومشاريع تخرج تتناول موضوع إدارة النفايات، لكنه يرى أن هناك حاجة لتوسيع نطاق هذه الجهود وربطها بمبادرات تطبيقية تعزّز من وعي الطلبة وتدريبهم العملي.

أمثلة ناجحة

وتناول الباحث أمثلة من كوريا الجنوبية والسويد وألمانيا، موضحًا أن نجاح هذه النماذج يعود إلى توفر البنية التقنية والتشريعات المحفزة، إلى جانب الحملات التوعوية والمناهج التعليمية المصممة خصيصًا لتعزيز ممارسات الفرز وإعادة التدوير. واعتبر أن التحدي في عُمان لا يكمن في غياب الإرادة، وإنما في تكييف هذه التجارب بما يتناسب مع البيئة المحلية، واستثمار الموارد المتاحة لإنشاء بنية تحتية داعمة.

وختم الزيدي رأيه بالتأكيد على أن التحوّل نحو مجتمع يُمارس الفرز البيئي بوعي ومسؤولية يتطلب تنسيقًا مستمرًا بين صناع القرار، والباحثين، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، مع الاستثمار في التعليم والبنية الأساسية، وتطوير الأطر القانونية، وهو ما من شأنه أن يُعزز مسيرة سلطنة عُمان نحو تحقيق أهداف الاستدامة والاقتصاد الدائري.

رؤية اقتصادية

من جانبه، أوضح المستشار القانوني والخبير الاقتصادي الدكتور قيس بن داود السابعي أن موضوع فصل النفايات المنزلية لا ينبغي النظر إليه فقط من منظور بيئي أو خدمي، بل يجب اعتباره جزءًا جوهريًا من منظومة الاقتصاد الدائري، الذي يُعد اليوم أحد أهم النماذج الاقتصادية الحديثة لتحقيق التنمية المستدامة وتقليل الهدر وتعزيز استدامة الموارد.

وبيّن أن الاقتصاد الدائري، في جوهره، يقوم على فكرة تحويل النفايات من عبء بيئي إلى مورد اقتصادي، وذلك من خلال آليات متكاملة كإعادة التدوير وإعادة الاستخدام وتقليل الفاقد، مشيرًا إلى أن هذا النموذج يسهم بشكل مباشر في تقليص الاعتماد على المواد الخام المستوردة، ويخفف الأعباء المالية على الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل التحديات العالمية المرتبطة بسلاسل التوريد وارتفاع كلفة الموارد.

وتناول السابعي التحديين الرئيسيين المرتبطين بتفعيل هذا النموذج في الواقع العُماني، وهما غياب الوعي المجتمعي وتأخر البنية التحتية الداعمة. وذكر أن الوعي المجتمعي ما زال بحاجة إلى تكثيف الجهود التثقيفية التي تشرح أهمية الفرز من المصدر ودوره في خلق بيئة نظيفة واقتصاد منتج. أما على مستوى البنية، فأشار إلى أن غياب مصانع تدوير متخصصة، وعدم وجود منظومة نقل وفرز متكاملة، يُعد من العوائق الكبرى التي تقف أمام التطبيق العملي لمنظومة الاقتصاد الدائري في إدارة النفايات المنزلية.

ونوّه إلى أن نجاح هذا التحول يتطلب شراكة متكاملة بين القطاعين العام والخاص، من خلال ضخ استثمارات في مجال إعادة التدوير والتصنيع المستدام، وتحديث التشريعات لتشجيع السلوكيات البيئية الاقتصادية، إضافة إلى دعم المشروعات الناشئة في مجالات إدارة النفايات الخضراء

مقالات مشابهة

  • الواقع القضائي في سوريا والتحديات التي تواجه عمل العدليات خلال اجتماع في وزارة العدل
  • صندوق النقد الدولي: الاقتصاد المصري يسجل نموا متوقعا بنسبة 4% في 2025
  • استطلاع لـ «رويترز» يتوقع نمو الاقتصاد المصري 4.6% وتراجع التضخم لـ 7.3%
  • وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور محمد نضال الشعار: سوريا الجديدة هي المنتجة التي تعيد تشكيل معاملها وبناء إنتاجها
  • برج الثور .. حظك اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025 : تحديات صغيرة
  • المملكة تشارك في اجتماع وزراء التنمية لمجموعة الـ 20 تحت رئاسة جنوب أفريقيا
  • دويتشه بنك يتوقع نمو الاقتصاد المصري 4.8% وتخفيض سعر الفائدة 4%
  • تحديات جديدة.. تعرف على مزايا لعبة الحبار «Squid Game 2025» وطريقة التحميل
  • الائتلاف المصري لحقوق الإنسان يختتم تدريبات متابعيه لانتخابات الشيوخ
  • النفايات المنزلية .. تحديات تحول دون استخدامها في إعادة التدوير!