اعتبر أساتذة جامعيون وأكاديميون، أن تنامي المعارضة الرقمية في مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب يأتي نتيجة لتراجع المعارضة المؤسساتية،  وأشار الباحثون إلى أن الفاعلين الجدد في الانترنيت من شباب ونشطاء استفادوا من الثورة الرقمية للتحول إلى معارضين تنحو مواقفهم أحيانا إلى نشر خطاب العنف والكراهية.

وأوضح المشاركون في ندوة نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني بمقرها بسلا، مساء أمس السبت، تحت عنوان « المعارضة الشعبية الرقمية: الفاعلون، المسارات والمآلات »، أن خطاب المعارضة الرقمية يستفيد من إمكانيات انتشار المعلومات ونقل الصورة والبث المباشر عبر الانترنيت، لكن هذه المعارضة تبقى غير مؤطرة ولا تنتج مفاهيم سياسية.

وقال سعيد بنيس أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن تراجع المعارضة المؤسساتية، فتح الباب أمام معارضة افتراضية. وأشار إلى أن من تمظهرات هذه المعارضة الاحتجاج على أوضاع الحياة والمعيشة، مثل نقص الماء، والغلاء، والسكن.

وتحدث بنيس عن فاعلين مختلفين يستعلمون الوسائل الرقمية، من يوتيوبرز، أو تنسيقيات، أو حركات بيئية، يتبنون خطابا احتجاجيا وصداميا. ووصف أنواعا من هذه المعارضة التي تتجاوز البنية القائمة وتتخطى الحواجز المرسومة.

وأشار إلى نموذج الخطاب المعارض الذي أنتج حركة مقاطعة عدة منتجات سنة 2018.، لكنه حذر من تحول بعض الخطابات في الفضاء الرقمي إلى العنف وخطاب الكراهية.

من جهتها قالت زهور كرام، أستاذة روائية وناقدة متخصصة في تحليل الخطاب الرقمي،  إن هناك حاجة في الجامعات المغربية إلى الاهتمام ب »الإنسانيات الرقمية »،  أي العلوم الإنسانية الرقمية. ودعت إلى مراجعة المفاهيم لتناول الظاهرة الرقمية مثل مفهوم النضال الذي تغير في الفضاء الرقمي.

وحذرت كرام من تلاشي الوساطات مع شيوع خطاب الرفض في  الفضاء الرقمي،  ولكنها اعتبرت من جهة أخرى أن المعارضة الرقمية مرتبطة بتوسع فضاء الحرية.

واعتبر محمد الخمسي خبير استشاري وأستاذ باحث، أن المعارضة الرقمية ليست خاصية للمغرب وحده، لكون جميع الدول التي تعرف استخدام الانترنيت تعرف معارضة رقمية  لكن الفرق هو أن هناك دولا لها مؤسسات قوية تستوعب هذا النوع من المعارضة.

وحسب الخمسي، فإن المعارضات التقليدية تستعمل  الإعلام كأداة للتعبير، لكن حين يغيب دور الإعلام يفتح الباب للمعارض الرقمي.

وتحدث الخمسي عن أثر التطور على مستوى الخوارزميات واستخدماتها على الخطاب الرقمي،  واعتبر أنه لأول مرة تم استعمال خوارزميات  الذكاء الاصطناعي الجديدة التي  باتت لها قوة تنافس الإنسان في مجالات: التفكير والاقتراح، واتخاذ القرار، وحتى الخيال.  وأشار الخمسي إلى أن هناك فرقا بين الدول التي أنتجت الذكاء الاصطناعي والدول التي تستهلكه.

أما عبد الرحيم العطري أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط،  فتحدث عن الحاجة إلى نقاش عمومي  في ظل محدودية هذا النقاش، خاصة مع ما يرافق الثورة المعلوماتية الكبرى، معتبرا أن المغرب انتقل من معارضة مؤسساتية إلى معارضة رقمية.

وتحدث العطري بخصوص الفاعلين الجدد في الوسائط الرقمية، عن ظهور ما سماه « الأعيان الجدد في الوسط الرقمي »، الذين يمارسون « استراتيجية الفضح »  التي تعتمد أحيانا نوعا من « البكائية ».  كما أشار إلى انتشار خطاب الكراهية والعنف والحقد، وتبني أطروحة تدميرية.

وفي نفس السياق قال مصطفي الخلفي أستاذ زائر بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، والوزير السابق، إن المعارضة الرقمية نوعين،  إما تلك التي يمارسها الفاعل السياسي عبر الوسائط الرقمية، أو تلك التي يمارسها فاعل  غير سياسي قد يكون معروفا وقد يكون مجهولا.

وأشار إلى أن الخطاب المعارض استفاد من توسع استعمال الانترنيت،  وأوضح  أن هناك ما يناهز 27 مليون صفحة فيسبوك في المغرب تتيح التواصل بسهولة.  واعتبر أن المعارضة الرقمية استفادة من دخول تقنية البث المباشر عبر الانترنيت، ولكنه شدد على أن المعارضة الرقمية ليست بديلا عن المعارضة المؤسساتية، وإنما هناك فاعلون ميدانيون يستعملون الوسائط الرقمية للتعبئة والاحتجاج، مثل إضراب الأساتذة الذي دعمته وسائل التواصل الرقمي، لكنه حذر من المعارضة المصطنعة التي يولدها الذكاء الاصطناعي لأهداف خفية.

 

 

 

 

 

 

كلمات دلالية المعارضة الرقمية المغرب مؤسسة الفقيه التطواني

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: المعارضة الرقمية المغرب مؤسسة الفقيه التطواني إلى أن

إقرأ أيضاً:

قراءة في كتاب «وكأنني لازلت هناك» للدكتور صبري ربيحات

صراحة نيوز- الاستاذ الدكتور فواز محمد العبد الحق الزبون _ رئيس الجامعة الهاشمية سابقاً.

يقدّم الدكتور صبري ربيحات في كتابه «وكأنني لازلت هناك» عملاً سرديًا يتجاوز حدود السيرة الذاتية إلى فضاء أرحب يدمج بين الذاكرة الفردية والتاريخ الاجتماعي. فالكتاب يشكّل شهادة حيّة على مسار إنساني حافل بالتجارب، يبدأ من الطفيلة وينفتح على فضاءات العمل الأكاديمي والإداري والثقافي والسياسي في الأردن. ومنذ الصفحات الأولى، يلمس القارئ صدق الكاتب، وحرصه على تسجيل التفاصيل بعمق إنساني يذكّر بأن السيرة ليست مجرد أحداث، بل هي رؤية إلى الحياة وإلى أثر المكان في تشكيل الإنسان.

يعود ربيحات إلى الطفيلة باعتبارها نقطة بدء تكوّنت فيها شخصيته وتبلورت قيمه الأولى. فهو ابن البيئة التي صاغت أبناءها على الصلابة والاعتداد بالنفس واحترام العمل. ولا يظهر المكان في الكتاب مجرد مساحة جغرافية، بل كذاكرة راسخة ومصدر للمعنى. إذ يُبرز المؤلف تأثير الطفولة المبكرة، والمدرسة، والعلاقات الاجتماعية، في بناء الإنسان، مستعيدًا مشاهد الحياة اليومية التي شكّلت خلفيته الثقافية والأخلاقية. ويتعامل مع تلك التفاصيل بحنان معرفي يجعل القارئ يشعر أنه أمام وثيقة صادقة تُدوّن تحولات المجتمع الأردني عبر صورة الفرد.

وإلى جانب البعد الاجتماعي، يكشف الكتاب عن مسيرة مهنية متشعبة تجمع بين الأكاديمية والعمل العام. فقد تنقّل الدكتور ربيحات بين مواقع متعددة، بدءًا من خدمته في الأمن العام، وصولًا إلى تولّيه حقائب وزارية مثل وزارة الثقافة ووزارة التنمية السياسية والشؤون البرلمانية. ويعرض هذه التجربة بروح المسؤول الذي يرى في العمل العام التزامًا تجاه المجتمع، وليس موقعًا بروتوكوليًا. ومن خلال سرد هذه المحطات، تُقدَّم للقارئ صورة لرجل يؤمن بأن خدمة الدولة مهمة تتطلب المعرفة والانتماء معًا.

ويتميّز الكتاب بلغته الرشيقة التي توازن بين بساطة التعبير وعمق الفكرة. فهو يكتب بلا مبالغة، وبلا مسافة بين الذاكرة والقارئ، مما يمنح السرد صدقه ودفئه. كما تتضح في أسلوبه خبرة الأكاديمي وقدرته على قراءة الأحداث وربطها بسياقاتها الثقافية والاجتماعية، وهو ما يضفي على السيرة قيمة معرفية مضاعفة. وفي الوقت نفسه، تحضر الإنسانية بوضوح في طريقته في استحضار العلاقات والتجارب، وفي قربه من الناس وتجاربهم اليومية.

وبالنظر إلى موضوعه وأسلوبه وأبعاده الفكرية والتربوية، يُعدّ الكتاب مادة ذات قيمة للتدريس في المدارس والجامعات، خصوصًا في مساقات التربية الوطنية، والدراسات الاجتماعية، وأدب السيرة الذاتية. فهو نموذج لكتابة تجمع بين التجربة الشخصية والتاريخ الوطني، وتساعد القارئ ،وخاصة الطالب ،على فهم كيفية تداخل السيرة الفردية مع تحولات المجتمع والدولة.

ملامح شخصية الدكتور صبري ربيحات كما تعكسها السيرة

تكشف صفحات الكتاب عن مجموعة من السمات التي تكوّن صورة واضحة لشخصية المؤلف، من أبرزها:
1. الانتماء للبيئة الأصلية
يظهر ربيحات ابنًا وفيًا للطفيلة، ممتنًا لتجربته الأولى، ومحمّلًا بقيم الجهد والنزاهة والاقتراب من الناس.
2. الصدق والشفافية
يكتب تجربته كما عاشها، دون تجميل أو مواربة، الأمر الذي يمنح السرد واقعيته ومصداقيته.
3. الرؤية الوطنية
لا ينظر إلى الأحداث من زاوية فردية فحسب، بل يربطها بالسياق الأردني العام، ويقدّم شهادة ناضجة على تاريخ اجتماعي وسياسي متحوّل.
4. العقل الأكاديمي
تظهر خبرته البحثية في قدرته على التحليل، وفي سلاسة الجمع بين التجربة الذاتية والمعطيات الموضوعية.
5. خبرة العمل العام
تمتزج في شخصيته ثقافة المثقف مع مسؤولية رجل الدولة، مما يجعل سيرته نموذجًا لفهم دور النخب في خدمة المجتمع.
6. البعد الإنساني
في كل التفاصيل، يحضر الإنسان القريب من الناس، والحريص على قراءة التجربة من منظور إنساني قبل أي شيء آخر.

خلاصة القول، يمثّل كتاب «وكأنني لازلت هناك» إضافة نوعية إلى أدب السيرة الذاتية في الأردن، لما يحمله من قيمة توثيقية وإنسانية، ولقدرته على الجمع بين سرد التجربة الفردية ورصد تحولات المجتمع. وهو عمل يستحق القراءة والتأمل، ويناسب أن يكون مرجعًا تربويًا يوظَّف في العملية التعليمية، لما يقدّمه من مضامين ثقافية ووطنية وأخلاقية راسخة. ويظلّ الكتاب شهادة صادقة لرجل حمل قيم بيئته معه أينما ذهب، وظلّ قريبًا من الناس ومن الحقيقة ومن فكرة الخدمة العامة.

 

مقالات مشابهة

  • خبير استراتيجي: مصر تحولت إلى لاعب رئيسي في تصنيع الأسلحة المتطورة والدرونز
  • ترحيب فلسطيني بقرار أممي يلزم إسرائيل بتمكين الوصول الإنساني الكامل إلى غزة
  • شائعة Galaxy S26 Ultra تزداد قوة: سامسونج تلمّح إلى اعتماد شريحة واحدة لكل الأسواق
  • مصطفى بكري: هناك رموز ستختفي والحكومة ستتغير بعد الانتخابات.. فيديو
  • تواكُلُ المعارضة التونسية على الغرب.. إعادة إنتاج العجز في خطاب جديد
  • استشاري: هذه أسباب عدم وجود أعراض واضحة للضغط المرتفع
  • شكرا للفريقين علي المتعة التي قدماها المستكاوي يشيد بمباراة المغرب وسوريا
  • فوائد واسعة لـالبابونج.. هل هناك أضرار في حال تناوله يوميا؟
  • قراءة في كتاب «وكأنني لازلت هناك» للدكتور صبري ربيحات
  • نحو 100 قتيل في هجوم الإنتقالي على حضرموت.. ومعلومات تكشف حجم الإنتهاكات التي ارتكبتها مليشياته هناك