الغزاويون في إنغوشيتيا: نموذج للوحدة والتضامن برمضان
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
شهر رمضان، شهر البركات والروحانيات، الذي لا يعرف حدودا جغرافية أو ثقافية. بل يجسّد قيم التعاضد والتآخي بين المسلمين حول العالم. وفي روسيا، حيث يتنوع المشهد الديني والثقافي، يأخذ هذا الشهر طابعا خاصا في المناطق ذات الأغلبية المسلمة، مثل جمهورية إنغوشيتيا شمال القوقاز، التي تُعدّ إحدى الجمهوريات ذات الغالبية المسلمة.
مزيج من التقاليد المحلية والقيم الإسلامية
تحتفل إنغوشيتيا بشهر رمضان عبر ممارسات تعكس التزاما دينيا عميقا وتراثا ثقافيا غنيا. تزدان المساجد بالأنوار، وتُقام صلوات التراويح بحضور مكثّف، بينما تنتشر موائد الإفطار الجماعية التي تدعمها المؤسسات الخيرية والأفراد. تُعد الأطباق التقليدية جزءا من طقوس الإفطار اليومية، إلى جانب التمور والعصائر، التي ترمز هنا إلى الوحدة الإسلامية.
من ألم الحصار إلى دفء الكرم
واجهت الجالية الغزاوية تحديات مثل صعوبة التواصل مع الأهل في غزة، بسبب الظروف الأمنية وانقطاع التيار الكهربائي، بالإضافة إلى حواجز اللغة، إلا أنّ الدعم المعنوي من الجيران والمتطوعين ساعدهم على تجاوز المحن
وصلت أعداد من الفلسطينيين من قطاع غزة إلى إنغوشيتيا في السنوات الأخيرة، بعضهم طلاب في الجامعات المحلية، وبعضهم الآخر تم إجلاؤهم عبر معبر رفح في مبادرة من الحكومة الروسية للمّ الشمل مع أفراد عائلاهم الحاصلين على الجنسية الروسية، فأقبلوا بحثا عن ملاذ آمن بعد ظروف معيشية صعبة. وبرغم بُعدهم عن الوطن، حاول أفراد الجالية المحافظة على تقاليد رمضان الغزاوية، مثل إعداد أطباق "الفتوش" و"المقلوبة" و"القطايف"، لكنّهم وجدوا أنفسهم هذه السنة جزءا من مشهد تضامني أكبر، تمثّل في سلسلة من حفلات الإفطار والعزومات التي نظمتها الأسر والمؤسسات الإنغوشية على شرفهم. كما قام الغزاويون بتظيم إفطارات دعوا إليها المجتمع المحلي لتمتين العلاقات الأخوية وتعريف الانغوش على العادات والطقوس الرمضانية الغزاوية التي تتشابه الى حدّ كبير مع العادات الإنغوشية.
بدوره، حرص المجتمع المضيف على تنظيم موائد إفطار مشتركة، جمعت الفلسطينيين مع جيرانهم الإنغوش، حيث تبادلوا الأطباق التقليدية، وتشاركوا حكايات عن عادات رمضان في غزة وإنغوشيتيا. ويقول أحمد، وهو أحد الشباب الفلسطينيين: "برغم أننا نفتقد عائلاتنا، إلاّ أنّ الحفاوة التي نلقاها هنا تذكّرنا بأنّ الأمة الإسلامية أسرة واحدة". وقد لعب أبناء الجالية الفلسطينية الذين يجيدون اللغة الروسية دورا في تعزيز الحوار الثقافي، من خلال شرح معاناة شعبهم تحت الحصار، مما عمّق تعاطف المجتمع المضيف مع قضيتهم، وساعدوهم أيضا في نسج علاقات قوية ومتينة مع وجهاء وأبناء إنغوشيتيا.
الإفطارات: جسر بين الثقافات
في بلدٍ مثل روسيا، حيث تتعايش عشرات الأعراق والأديان، يُثبت شهر رمضان مرة أخرى، أنّه مناسبة لبناء الجسور، وتجسيد مبدأ يفيد بأنّ الإيمان والإنسانيات أقوى من الحدود
برزت في هذه المناسبات مظاهر التضامن الإنساني، مثل تخصيص خطب في المساجد تدعو لدعم الشعب الفلسطيني، وتوزيع طرود غذائية على العائلات الغزاوية. كما شهدت بعض الحفلات فقرات فنية قدمها شباب فلسطينيون، مثل الأناشيد الدينية والعروض التراثية، مما أضفى أجواء من الفرح على اللقاءات.
إحدى السيدات الإنغوشيات المشاركات في تنظيم العزومات عبّرت عن سعادتها بقولها: "استفدنا من وصفاتهم اللذيذة، وهم استفادوا من دفء مجتمعنا، إنّه تبادل جميل يعلمنا معنى الأخوة". بينما قال إمام مسجد ناصركورت في مدينة نزران خلال مادبة إفطار أقامتها الجالية على شرفه، إنّ فلسطين "قضية مقدسة سامية خاب من تخلى عنها وأدار ظهره لأهلها. نحن إن شاء الله نقوم بواجنا الديني والأخويّ تجاه أهل غزة. ندعو لهم بالنصر القريب والعودة الآمنة إلى دورهم على أمل أن تكون وجبة الافطار القمقبلة في غزة لنصلي صلاة العيد في مساجدها إن شاء الله".
التحديات والأمل
واجهت الجالية الغزاوية تحديات مثل صعوبة التواصل مع الأهل في غزة، بسبب الظروف الأمنية وانقطاع التيار الكهربائي، بالإضافة إلى حواجز اللغة، إلا أنّ الدعم المعنوي من الجيران والمتطوعين ساعدهم على تجاوز المحن. كما عبّروا عن أملهم بأن يكون رمضان "بوابة" لتعريف العالم بقضيتهم، وأن تتحول الموائد الرمضانية إلى منصات للتعريف بالعدالة الإنسانية ومنصة لتعرية الاحتلال أمام العالم، وتسليط الضوء على الجرائم الفظيعة التي ترتكبها إسرائيل في شهر رمضان، خصوصا بعد عودة العدوان ضد القطاع.
رسالة سلام تتخطى الحدود
قصة الجالية الفلسطينية في إنغوشيتيا خلال رمضان، ليست مجرد مثال على كرم الضيافة، بل هي رسالة تُذكرنا بأن روح الشهر الفضيل قادرة على تحويل اللجوء إلى لقاء، والمعاناة إلى أمل.
ففي بلدٍ مثل روسيا، حيث تتعايش عشرات الأعراق والأديان، يُثبت شهر رمضان مرة أخرى، أنّه مناسبة لبناء الجسور، وتجسيد مبدأ يفيد بأنّ الإيمان والإنسانيات أقوى من الحدود.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه رمضان روسيا الجالية غزة الإفطار غزة روسيا رمضان جالية إفطار مدونات مدونات قضايا وآراء مدونات قضايا وآراء مدونات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة شهر رمضان فی غزة
إقرأ أيضاً:
مصر الأولى عالميًا في القضاء على فيروس سي .. إنجاز 100 مليون صحة نموذجًا عالميًا
قال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان الدكتور خالد عبد الغفار إن مصر أصبحت الدولة الأولى عالميًا التي تحصل على التصنيف الذهبي من منظمة الصحة العالمية للقضاء على فيروس التهاب الكبد "سي".
جاءت تصريحات الوزير خلال فعالية نظمتها وزارة الصحة بالتعاون مع شركة "روش" العالمية بعنوان "نقل تجربة مصر في مكافحة التهاب الكبد الفيروسي إلى دول العالم: الدروس المستفادة، الاستراتيجيات، والتأثير العالمي"؛ بمناسبة اليوم العالمي لالتهاب الكبد الفيروسي، وبمرور عامين على حصول مصر على الإشهاد الذهبي من منظمة الصحة العالمية بخلوها من فيروس "سي".
وأضاف عبدالغفار "أن هذا الإنجاز التاريخي يأتي كثمرة لمبادرة (100 مليون صحة) الرائدة، التي نجحت في فحص أكثر من 64 مليون مواطن وتقديم العلاج لأكثر من 4.2 مليون مصاب، مما يعكس التزام الدولة السياسي الراسخ بتعزيز الصحة العامة".
وأوضح أن هذا الإشهاد ليس مجرد شهادة تقدير بل هو اعتراف عالمي بالمنهجية العلمية والاستراتيجية التي اتبعتها مصر، والتي استندت على توفير الأدوية المضادة للفيروسات بجودة عالية، وتطبيق إجراءات صارمة لمكافحة العدوى، بجانب حملات توعية مجتمعية مكثفة.
وتابع "أن هذه الجهود تجسد التزام مصر بتحقيق هدف القضاء على التهاب الكبد الفيروسي بحلول عام 2030، مما يعزز مكانتها كنموذج عالمي في تعزيز الصحة العامة".
من جانبه..قال المتحدث الرسمي لوزارة الصحة الدكتور حسام عبدالغفار إن الفعالية شهدت مشاركة رفيعة المستوى من ممثلي منظمة الصحة العالمية، والوكالة الدولية لبحوث السرطان، وقيادات وطنية في المجال الصحي.
وأضاف أن الفعالية استعرضت التجربة المصرية في التشخيص المبكر والعلاج، كمثال رائد يمكن تعميمه على مستوى العالم، مع التركيز على أهمية الشراكات بين الحكومة، القطاع الخاص، والمنظمات الدولية لتسريع وتيرة القضاء على الفيروسات الكبدية.
وأوضح أن الفعالية هدفت إلى تعزيز التعاون الدولي، مؤكدًا التزام مصر بدورها الريادي في نقل خبراتها وبناء أنظمة صحية مستدامة، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة 2030.
كما تم تسليط الضوء على مشروع توطين صناعة الأدوية، وبالأخص أدوية علاج سرطان الكبد، من خلال الشراكة بين "مدينة الدواء جيبتو فارما" وشركة "روش"، والذي يمثل خطوة استراتيجية لتعزيز الاكتفاء الذاتي ودعم البروتوكولات العلاجية العالمية.
وبدوره..قال مساعد وزير الصحة لشؤون المشروعات ومبادرات الصحة العامة الدكتور محمد حساني إن تجربة مصر في القضاء على فيروس "سي" تجاوزت الإطار المحلي لتصبح مرجعًا دوليًا.
وأضاف "أن مصر دعمت 11 دولة إفريقية وآسيوية من خلال توفير خدمات التشخيص والعلاج، وساهمت في بناء قدرات العاملين في الصحة العامة في أكثر من 40 دولة بالتعاون مع المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض ومنظمات دولية، بالإضافة إلى 20 دولة أخرى بالتنسيق مع الاتحاد الإفريقي"، مشددًا على أن هذا الدور يعكس إيمان مصر بأن الصحة مسؤولية عالمية مشتركة.
ومن ناحيته..أوضح السفير السويسري في القاهرة الدكتور أندرياس باوم أن قصة مصر في القضاء على فيروس "سي" من خلال مبادرة (100 مليون صحة) تُلهم العالم، ليس فقط بما أنجزته، بل أيضًا بتحولها إلى نموذج رائد في مكافحة سرطان الكبد.
وتابع أن الشراكة بين "روش" و"جيبتو فارما" تعكس التكامل بين الخبرة السويسرية والإنتاج المحلي المصري وتدعم مرونة القطاع الصحي المصري وتنميته الاقتصادية، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030، معربًا عن اعتزاز بلاده بهذه الشراكة كنموذج للدول التي تسعى لمواجهة التحديات الصحية.
ومن جهته..أعرب رئيس قطاع الشؤون الحكومية والسياسات الصحية ودعم الأسواق بشركة "روش" الدكتور زياد الأحول، عن فخره بالشراكة الممتدة لأكثر من 40 عامًا مع وزارة الصحة المصرية.
وأكد أن هذه الشراكة تمثل نموذجًا ناجحًا لتكامل الجهود في مواجهة الأمراض ذات الأثر المجتمعي، مشيرًا إلى التزام "روش" بتعزيز كفاءة العاملين في القطاع الصحي المصري ودعم الاستثمار المستدام في الإمكانيات المحلية لتحسين جودة الرعاية الصحية وتحقيق نتائج صحية مستدامة للمواطن.