تونس – أسهمت تحويلات التونسيين بالخارج بشكل كبير في تعزيز احتياطي العملة الأجنبية مما حافظ نسبيا على استقرار الدينار أمام اليورو والدولار، وساعد على تسديد الديون الخارجية، لكن بعض الخبراء يرون أن هذه التحويلات تظل محدودة بسبب ارتفاع العمولات البنكية.

وبحسب ورقة بحثية نشرتها الأستاذة والخبيرة الاقتصادية لمياء جعيدان مازيغ بعنوان "تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج.

. طاقة غير مستغلة كما ينبغي"، فإن ارتفاع قيمة الاقتطاعات البنكية من تلك التحويلات "تشكل عائقا كبيرا أمام عديد المغتربين التونسيين".

وبيّنت في بحثها ضمن مجموعة أخرى من الأبحاث التي كتبها عدد من الخبراء في كتاب بعنوان "الاقتصاد التونسي.. أي مستقبل للتعافي الاقتصادي؟"، أن ارتفاع العمولات البنكية قلل من حجم تحويلات المغتربين وزاد من اللجوء إلى قنوات التحويل "غير رسمية".

وتشير معطيات البنك المركزي التونسي إلى ارتفاع حجم تحويلات المغتربين التونسيين العام الماضي إلى نحو 8 مليارات دينار (أي 2.3 مليار دولار) بتطور بلغ 6% مقارنة بسنة 2023. وفاقت تحويلات التونسيين بالخارج العام الماضي حتى عائدات قطاع السياحة.

المركزي التونسي أشار إلى ارتفاع تحويلات المغتربين التونسيين العام الماضي بنسبة 6% مقارنة بعام 2023 (رويترز) عزوف

ويرجع الخبراء تطور تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج إلى هذا المستوى القياسي مقارنة بعائدات السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة، إلى تزايد هجرة الكفاءات التونسية، وفي مقدمتهم الممرضون والمهندسون والأساتذة، خلال السنوات الأخيرة إلى أوروبا والخليج.

إعلان

وعلى الرغم من أن تحويلات المغتربين التونسيين ساعدت على تغذية مخزون العملة الأجنبية الذي ارتفع العام الماضي إلى حوالي 27 مليار دينار (9 مليارات دولار) أي ما يقابل 121 يوم توريد، فإن تحويلاتهم تبقى محدودة مقارنة بحجم تحويلات بعض الدول العربية والأفريقية.

وتقول الأستاذة والخبيرة الاقتصادية لمياء جعيدان مازيغ في مقالها الاقتصادي إن نحو 60% من التونسيين المقيمين بالخارج لا يساهمون في تلك التحويلات بسبب ارتفاع قيمة العمولات البنكية مقارنة ببقية الدول والتي تصل إلى 8%.

وأشارت الخبيرة إلى أن جزءا هاما من تحويلات المغتربين التونسيين تتم عبر قنوات غير رسمية بسبب ارتفاع قيمة الاقتطاعات البنكية، التي تضع عبئا ماليا إضافيا على المهاجرين التونسيين الذين يرسلون أموالهم بشكل أساسي إلى أسرهم في تونس لتغطية نفقاتهم الأساسية في ظل غلاء المعيشة.

عراقيل

وإلى جانب ذلك، كشفت لمياء جعيدان مازيغ عن تراجع في استثمارات التونسيين بالخارج في وطنهم بسبب عراقيل اقتصادية وإدارية عديدة تؤثر بشكل سلبي على بيئة الاستثمار، مما يحد من تحويلاتهم ويفقد الاقتصاد التونسي جزءا من تلك الموارد.

بدوره، يؤكد الخبير الاقتصادي رشا الشكندالي، أحد الخبراء الذين ساهموا في تأليف كتاب "الاقتصاد التونسي.. أي مستقبل للتعافي الاقتصادي؟"، أن تحويلات المغتربين أسهمت في استقرار الدينار أمام اليورو والدولار وتسديد الديون، بيد أنها تظل غير مستغلة كما ينبغي.

وكانت وكالة موديز للتصنيف الائتماني رفعت مؤخرا تصنيف تونس إلى "سي إيه إيه 1" (CAA1) مع نظرة مستقبلية مستقرة بفضل تحسن قدرة البنك المركزي على الحفاظ على احتياطات مستقرة من النقد الأجنبي في السنتين الماضيتين، خاصة بفضل تحويلات المغتربين والسياحة.

تحويلات المغتربين التونسيين ساعدت على تغذية مخزون العملة الأجنبية (الجزيرة) أعباء

ويرجع الخبير محدودية تحويلات المغتربين مقارنة بدول عربية وأفريقية إلى أعباء العمولات البنكية على التحويلات، وإلى تردي مناخ الأعمال في تونس بسبب ارتفاع نسبة الضريبة وتفشي البيروقراطية، وهو أحد أبرز العوائق التي تعيق استقطاب الاستثمار.

إعلان

وكمثال عن تراجع تصنيف تونس على مستوى جذب الاستثمار، يشير الشكندالي إلى مؤشر الحرية الاقتصادية لسنة 2025 الذي صنف تونس في المرتبة 149 من أصل 176 بلدا، مؤكدا أن تراجع الاستثمار يشمل على حد سواء الاستثمار الأجنبي والاستثمار المحلي.

وبناء على تصريحات الشكندالي، فإن تحويلات التونسيين بالخارج تمثل أحد المصادر الحيوية لتعزيز احتياطي النقد الأجنبي، ولكن الاستفادة القصوى من تلك التحويلات تتطلب:

تحسينات هيكلية في النظام المالي. تقليص العمولات البنكية. توفير بيئة أعمال أكثر جاذبية.

ويقول إن عزوف نحو 60% من المغتربين التونسيين عن تحويل أموالهم إلى تونس بسبب ارتفاع العمولات البنكية له تداعيات سلبية على الاقتصاد التونسي، لأنه يحد من مخزون العملة الأجنبية، كما يضر القطاع المصرفي بسبب تحويل الأموال عبر السوق السوداء، ويؤثر أيضا على مستوى معيشة العديد من الأسر التي تعتمد على تلك التحويلات.

من جهة أخرى، يرى الشكندالي أن تعويل الدولة التونسية على تحويلات التونسيين بالخارج وعائدات السياحة قد يعرضها إلى هزات مالية بالنظر إلى هشاشة القطاع السياحي المعرض للتقلبات الأمنية، فضلا عن تأثيرات قوانين الهجرة المشددة ببلدان أوروبا على استقرار وضع المهاجرين التونسيين.

وتفيد إحصاءات وزارة الشؤون الاجتماعية للعام الماضي بأن عدد التونسيين المقيمين بالخارج بلغ أكثر من 1.8 مليون شخص أي بنسبة تجاوزت 15% من الشعب التونسي، في وقت ساهمت فيه تحويلاتهم المالية إلى أسرهم بنسبة فاقت 7% من الناتج المحلي الخام.

وتواجه تونس خلال السنوات الأخيرة وضعا اقتصاديا وماليا صعبا دفعها إلى اللجوء المتكرر للاقتراض الخارجي لتعبئة موارد بالعملة الأجنبية. ويعود هذا التوجه إلى ضعف نسبة النمو الاقتصادي وضعف الاستثمارات وتفاقم عجز الموازنة وارتفاع نفقات الدولة.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان الاقتصاد التونسی العملة الأجنبیة تلک التحویلات العام الماضی بسبب ارتفاع

إقرأ أيضاً:

في ذكرى تأميمها الـ 69.. رئيس دفاع النواب: قناة السويس شريان حياة غيّر وجه التاريخ

تقدم النائب اللواء ا.ح/ أحمد العوضي، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، النائب الأول لرئيس حزب حماة الوطن، للرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، والشعب المصري العظيم، بمناسبة الاحتفال بذكرى تأميم قناة السويس الـ69 ، والتي تحمل الكثير من الدلالات والدروس التي غيّرت وجه التاريخ المصري والعالمي أجمع.

وأكد رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، في بيان له اليوم، أن قناة السويس هي ركيزة أساسية للأمن القومي المصري عبر العصور، لما تمثله من  أهمية استراتيجية وكونها جزءاً من تاريخ مصر وحاضرها ومستقبلها،  مشدداً على أن القناة ملك للمصريين وستظل ملكا لهم، وفي أيد أمينة، تحت قيادة الفريق أسامة ربيع.

في ذكرى تأميم قناة السويس .. الهيئة تطلق مشروعات جديدةأبرزها تأميم قناة السويس ومجانية التعليم.. إنجازات عديدة لثورة 23 يوليوأسامة كمال : بيان 3 يوليو 2013 يشبه إعلان تأميم قناة السويس


وأشار النائب الأول لرئيس حزب حماة الوطن، الي أن قرار تأميم قناة السويس كان بمثابة إعلان استقلال وقرار سيادي لمصر، ليكون بداية لمرحلة جديدة في تاريخ الأمة، حيث أثرت تلك الخطوة في إعادة توازن القوى الدولية، وتعزيز القيادة المصرية، وأثبتت منذ ذلك اليوم قدرتها على إدارة وتشغيل وصيانة قناة السويس بسواعد أبنائها العظماء.

واستطرد اللواء أحمد العوضي قائلا: إن قرار حفر قناة السويس الجديدة في عهد الرئيس السيسي، تاريخي حيث يُمثل استكمالًا لهذا اليوم  العظيم،  فضلا عن أنه يعزّز من مكانة مصر الاقتصادية والتنافسية على الصعيد العالمي، لافتا إلي أنه جسد حلم شعب وآمال وطن بسواعد أبنائه لتصبح هدية مصر للعالم ونقطة انطلاق للتنمية.

وتابع القيادي بحزب حماة الوطن، قائلا: إن القناة تشكل أحد الأركان الرئيسية لحركة التجارة العالمية المارة من الشرق إلى الغرب، مشيدا بعمليات التطوير المستمرة التي تشهدها قناة السويس، لتنويع مصادر الدخل واستحداث عدد من الخدمات البحرية التي لم تكن موجودة من قبل، بجانب دورها الرئيسي في التطوير المستدام للمجرى الملاحي والتي تحافظ على تنافسيتها وريادتها ، لتظل الطريق المستدام الأمثل لحركة التجارة العالمية لما تحققه من وفر كبير في الوقت والمسافة واستهلاك الوقود وخفض لمستوى الانبعاثات الكربونية الضارة في البيئة البحرية.

طباعة شارك حزب حماة الوطن لجنة الدفاع مجلس النواب الفريق أسامة ربيع قناة السويس

مقالات مشابهة

  • “معالجة متأخرات تحويلات الولاية”.. جبريل يلتقي تمبور
  • تحويلات التونسيين بالخارج.. مورد حيوي مثقل بالاقتطاعات البنكية
  • في ذكرى تأميمها الـ 69.. رئيس دفاع النواب: قناة السويس شريان حياة غيّر وجه التاريخ
  • الإمارات تمد شريان الحياة إلى القطاع الصحي في قطاع غزة
  • الضمان الاجتماعي تدعو غير المتقاعدين إلى تحديث أرقام حساباتهم البنكية
  • أول تعليق من وزارة المغتربين على اعتراف كندا بالدولة الفلسطينية
  • الإمارات تمد شريان الحياة إلى القطاع الصحي في غزة
  • مهرجان جرش حلقة مهمة في الترويج السياحي للاردن .. اعداد كبيرة من المغتربين والسياح العرب والاجانب جدولوا زيارتهم مع برنامج المهرجان
  • نمو القروض البنكية الموجهة للقطاع غير المالي يتسارع خلال يونيو 2025 (بنك المغرب)
  • 23 مليون يورو من أوروبا لدعم تحويلات مستشفيات القدس الشرقية