قدر الأمة في ليلة القدر.. بين الخلاص الفردي والخلاص الجماعي
تاريخ النشر: 27th, March 2025 GMT
في ظلمة الليل، حيث تصفو الأرواح، وتعلو المناجاة، ينتظر المسلمون ليلة القدر، تلك الليلة التي أنزل الله فيها القرآن هدى للناس، والتي جعلها خيرًا من ألف شهر. هي ليلة تفصل بين مسارَين: بين من يسعى للخلاص الفردي، فتراه يعتكف في المساجد، ويركع ويسجد، ثم يخرج إلى الدنيا كما دخلها دون أن يغير شيئًا فيها، وبين من يدرك أن الإيمان ليس نجاة فردية، بل مسؤولية جماعية، وأنه كما خُلق الإنسان فردًا، فهو يُبعث أمة، مسؤولًا عن نصرة الحق، وعن حمل رسالة التغيير والإصلاح.
لقد رسّخ الإسلام مفهوم الجماعة، فالصلاة تقام جماعة، والجهاد فرض كفاية على الأمة، والزكاة عبادة تتعلق بالآخرين، بل حتى الدعاء في ليلة القدر، يوصينا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يكون شاملًا: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنّا، لا عني وحدي. لكننا اليوم، في زمن الانكفاء، نجد الكثيرين يهرعون إلى المساجد طلبًا للخلاص، دون أن يترجموا هذه العبادات إلى أفعال تنتصر لقضايا الأمة، وكأنما أصبح الدين رحلةً روحيةً محضة، لا شأن لها بالواقع، ولا دور لها في تغيير المصير.
لكن أيّ خلاص نرجوه ونحن نترك غزة تحت القصف، والمسجد الأقصى مستباحًا، وأوطاننا تتهاوى تحت نير الاحتلال والظلم؟ كيف نطلب العتق من النار ونحن لم نعتق أمتنا من قيودها؟ وكيف نرجو الرحمة لأنفسنا دون أن نرحم المظلومين، أو نغيث الجائعين، أو نرفع الصوت في وجه الباطل؟
لقد ظن البعض أن الطريق إلى الجنة يمر فقط عبر الاعتكاف في المساجد، متناسين أن نبيّنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- كان أعبد الناس، لكنه لم يكن يغلق عليه أبواب المسجد، بل كان في الميدان، يقاتل الظلم، ويقيم العدل، ويضع اللبنات لدولة إسلامية عظيمة لم تقم على الركعات وحدها، بل على أكتاف الرجال الذين جعلوا الإيمان حركةً، والدين منهاج حياة.
أيّ خلاص نرجوه ونحن نترك غزة تحت القصف، والمسجد الأقصى مستباحًا، وأوطاننا تتهاوى تحت نير الاحتلال والظلم؟ كيف نطلب العتق من النار ونحن لم نعتق أمتنا من قيودها؟ وكيف نرجو الرحمة لأنفسنا دون أن نرحم المظلومين، أو نغيث الجائعين، أو نرفع الصوت في وجه الباطل؟ليلة القدر ليست ليلة عزلة، بل ليلة يقظة، ليلة تتنزل فيها الملائكة على القلوب التي تحمل همّ الأمة، وتكتب فيها أقدار الشعوب التي تأبى الاستسلام. فمن يريد المغفرة حقًّا، فليغفر للناس، ومن يريد الرحمة، فلينصر المظلومين، ومن يرجو العتق، فليجتهد في عتق أمته من الذل والخذلان.
اليوم، في فلسطين،، في كل أرضٍ يُظلم فيها المسلمون، هناك من لا يجد وقتًا للجلوس في المساجد، لأن ساحاتهم هي المسجد، ومقاومتهم هي الصلاة، وتضحياتهم هي الدعاء المرفوع إلى السماء. هؤلاء يكتبون بدمائهم مستقبل الأمة، وهم أولى منا بليلة القدر، لأنهم يعيشونها في كل يومٍ من حياتهم، وهم بين الرجاء والخوف، بين الرجاء في نصر الله، والخوف على أمةٍ غفلت عن دورها وانشغلت عن قضيتها.
إن قدر الأمة لن يتغير بليلة واحدة على عظم قدرها وفضلها، إن لم تتغير العقول، وإن لم تفهم القلوب أن العبادة الحقّة ليست في الخلوة فقط، بل في العمل، والجهاد، والصبر، والتضحية. وإذا أردنا أن يكون لنا نصيبٌ من ليلة القدر، فعلينا أن نكون جزءًا من قدر أمتنا، نحمل همّها كما نحمل همّ أنفسنا، وندرك أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. وحينها، ستنزل السكينة حقًّا، وستكتب الأمة قدرًا جديدًا، يليق بها، ويليق برسالة الإسلام التي لم تكن يومًا دينًا للعزلة، بل دينًا لصناعة الحياة، ودينًا لصياغة التاريخ.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء المسلمون ليلة القدر مسلمون رأي أوضاع ليلة القدر قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لیلة القدر دون أن
إقرأ أيضاً:
مديرية الوحدة تُحيي ذكرى يوم الولاية
الثورة نت/..
نظَّمت التعبئة والمجلس المحلي بمديرية الوحدة في أمانة العاصمة، اليوم، فعالية خطابية بذكرى يوم الولاية 1446هـ.
وفي الفعالية التي حضرها وكيل وزارة الشباب والرياضة الدكتور غسَّان المداني، ومدير المديرية سامي حُميد، ومسؤول التعبئة عبدالله الظُرافي، أكد الناشط الثقافي الدكتور أحمد الشامي، أهمية إحياء ذكرى يوم الولاية وغرس قيمها في أوساط المجتمع.
وأوضح أن مبدأ التولي للإمام علي -عليه السلام- هو سبيل الفوز والفلاح والنصر والتمكين، مشيرًا إلى أن يوم الولاية، غاب عن الكثير من المناسبات والأحداث بفِعل استهداف أعداء الأمة، الذين وجدوا في هذه المبدأ خطراً عليهم.
ولفت الدكتور الشامي إلى أن ما حققه الشعب اليمني من عِزة وكرامة وانتصارات على قوى الهيمنة والاستكبار ‘أمريكا وإسرائيل’، ودعم وإسناد المستضعفين في قطاع غزَّة، ناتج عن تولي الإمام علي -عليه السلام- وأعلام الهدى.
وشدَّد على ضرورة العودة الصادقة إلى التولي لله ورسوله والإمام علي باعتبار ذلك هو الطريق الصحيح لعِزَّة وكرامة الأمة، مبينًا أن مكانة الإمام علي ودوره وقُربه ومكانته عند رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- عظيمة.
فيما أكد مدير المديرية حميد، أن إحياء الذكرى، يُعبِر عن وعي متجذر بمكانة الإمام علي، واستحضار معاني التولي في واقع الأمة.
واعتبر ما تعانيه الأمة الإسلامية من ضعف وتبعية لليهود والنصارى، نتيجة ابتعادها عن تنفيذ أوامر وتوجيهات الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
وتناول حميد مواقف اليمنيين في نصرة الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام والإمام علي، ومواجهة قوى الاستكبار العالمي ودعم وإسناد الشعب الفلسطيني ومقاومته، ما يستدعي استلهام الدروس والعِبر من سيرة الإمام علي وشجاعته وتضحياته ومواقفه.. داعياً الجميع، إلى التفاعل الواسع والحشد والمشاركة في الفعالية المركزية.
تخللت الفعالية بحضور قيادات محلية وتنفيذية وعُقَّال ومشايخ وشخصيات إجتماعية، قصائد شعرية وفقرات ثقافية عبَّرت عن عظمة المناسبة.