من الأرشيف
في مناسبة عيد الأم عادني من المرحومة الحاجة جمال أنها اعتقدت أنني رجل من الصالحين. وبالطبع سبقتها أنا إلى ذلك قبل مدة. وتلك قصة أخرى. ولما لم تر مني ظاهر عبادة من مستحقات الأولياء قالت رحمها الله لمن حولها: "هو من الأولياء الميعرفهومش الناس". وهي عبارة منسوبة إلى الشيخ عبد الله كمبو من صُلاح مدينة نيالا حي الوادي.

وكانت زارت نيالا في السبعينات أيام اختفائي بين كادر الحزب الشيوعي المتفرغ تسأله شأني وخلاصي. فقال لها العبارة أعلاه عني. ووقعت لها في جرح. وكانت تلحن ب"المايعرفهومش" تعزز حجتها.
ربما كنت أفكر دائماً في صلاحي عملاً بسعة الحديث النبوي القائل "تفكر ساعة خير من قيام ليل". وهو مروي ومضعف. وأنا ممن يسعده أن يدخل في باب المتفكرين ساعة بعد ساعة. وبان نقائي هذا لي يوم كنت أبحث في حي المعمورة عن منزل صديقي مبارك حمد الإسلامي الأشم. فأوقفت عربة مرت لأسألها عنه. فوجدت فيها من سلم عليّ بحرارة وبمعرفة. وقدم لي نفسه كعثمان الهادي الجار الجنب لمبارك. وسمعت بالطبع عنه. ولكنه فاجأني بقوله: "والله يا عبد الله نفعتنا شديد في تصميمنا لمناهج الخلاوي". ولم أصدق أذنيّ. فأضاف: "لقد قرأنا كتابك عن بخت الرضا من النسخة التي أهديتها لشيخ علي عثمان محمد طه. ووجدنا أن فكرتك عن تطوير تعليم الخلاوي مناسبة واشتغلنا عليها". وتواعدنا لأقف على دقائق هذه "الكرامة" للماركسي الذي طور تعليم الخلاوي. ولم نلتق بعدها.
كنت تناولت موضوع الخلوة في كتابي مرتين. في المرة الأولى ثمنت حركة إصلاح الشيخ علي بيتاي في شرق السودان التي مدارها تعليم الخلاوي. وقلت إننا سنخسر إشراقة هذا الإصلاح (والتعليم جزء منه) لو ظللنا نعتقد أن الخلوة تقع خارج نطاق التعليم العام وأن من يريد اكتسابه خلع الخلوة. وزدت بأن تبعة التربوي أن يراعي تنوع التعليم ومؤسساته وأن "يتوئم" بينها بحيث يتوافر لكل خريج مؤسسة أن ينال شهادتها القومية المأذونة. أما المرة الثانية فذكرت رأي البروف عبد الله الطيب من أن تعليم الخلوة للغة والثقافة-الدين كان أذكى من تعليم بخت الرضا. ولا نفصل خشية الإثقال.
وتحققت الكرامة. فأصدرت وزيرة التعليم العام منذ أيام قراراً لم أقف على محتواه بعد، ولكنه اعترف بقوام مستقل لتربية الخلوة ودمجها بصورة من الصور في التعليم العام. ويلقى هذا القرار نقداً من الحداثيين ربما كان له ما يبرره إلا أن يكونوا حكموا فيه حزازتهم في أن تعليم الخلاوي موضة قديمة. ولم يكن لصلاحي أن "يتبين" لولا شيخ علي، من حاجة جمال خالته، الذي بثه بين تربويّ الدولة فاستعانوا به ما وسعهم لتأصيل التعليم. وكانوا اكتفوا من نقد بخت الرضا ب"القرشي مريض في المستشفى" بحسبانها طعناً في أفضل البشر.
رحم الله جمال فقد استثمرت ثقافتها لتبؤاني منها مقاماً كريماً.

ibrahima@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

عبد العزيز: الغرياني “رضي الله عنه”.. ومن يعارض الرئاسي خائن

????️ ليبيا – عبد العزيز: من يرفض قرارات الرئاسي خائن.. والغرياني قال كلامًا “سجله الله”

ليبيا – قال عضو المؤتمر الوطني العام السابق عن حزب العدالة والبناء وعضو جماعة الإخوان المسلمين، محمود عبد العزيز، إن ثورة 17 فبراير حررت ليبيا من “ديكتاتور العصر”، لكنها تواجه اليوم انحدارًا متسارعًا نحو الاستبداد، بتأثير من الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، التي دفعت الناس إلى “الحنين للديكتاتور” حسب تعبيره.

???? “العجل الجديد” وعبادة الحاكم ????
وزعم عبد العزيز، في حديثه ضمن برنامج “بين السطور” على قناة “التناصح” التابعة للمفتي المعزول الصادق الغرياني، أن ما يحدث يعيد سيناريو “الحنين للعبودية”، مشيرًا إلى أن الشعب الليبي، كما قال، عاد بعد نصف قرن لـ”عبادة العجل” والبحث عن ديكتاتور جديد، بتحريض من إعلام مشابه لأسلوب “صوت العرب” في الستينيات.

???? غلوّ في تمجيد الغرياني ⚠️
وقال عبد العزيز:

“تكلم المصلحون والصالحون ولم يُسمع لهم، وكان من أبرز من تكلم سماحة المفتي رضي الله عنه، الذي قال كلامًا سجله التاريخ، وقبل ذلك سجله الله عز وجل.”
وأضاف:
“يخرج دائمًا ويحذر الناس، وبلسان ليبي عربي مبين.”

???? تحذير من “لعبة استخباراتية” لإفشال الثورة ????️
وأشار عبد العزيز إلى أن المفتي المعزول سبق وأن حذّر، يوم 12 أكتوبر، من أن الاغتيالات والتصفيات الجارية هي عمليات استخباراتية هدفها تشويه الثورة، ودفع الشعب نحو قبول ما وصفه بـ”عودة العسكر”.

???? دعم مطلق للمجلس الرئاسي وتهديد للمعارضين ????
وفي سياق آخر، أعلن عبد العزيز دعمه الكامل للمجلس الرئاسي، مطالبًا بـ تجميد مجلسي النواب والدولة، وإجراء استفتاء على الدستور، محذرًا:

“أي شخص يقف ضد قرارات الرئاسي، لن نسكت عليه وسنفضحه، ومن لا يعجبه ذلك فهو خائن ولا يريد الديمقراطية ولا راحة للبلاد ولا المدنية.”

مقالات مشابهة

  • عبد العزيز: الغرياني “رضي الله عنه”.. ومن يعارض الرئاسي خائن
  • “تعليم المدينة” يعلن عن فرص تطوعية خلال موسم حج 1446هـ
  • الحكم على “جيراندو” بـ15 سنة سجناً بتهمة تكوين عصابة إرهابية
  • السيناريو “المعقول” إنّه تحصل وساطة دوليّة بين السودان والإمارات
  • أبها تزهو جمالًا مع هطول الأمطار وتساقط أزهار “الجاكرندا”
  • مدير تعليم سوهاج يتفقد لقاءات توعية لمعلمات التعليم المجتمعي
  • التسبيـح.. حليـة الأوليـاء وذكـر الملائكـة
  • تعليم الغربية: اعتماد 31 مدرسة جديدة من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد
  • «تعليم الغربية»: اعتماد 31 مدرسة جديدة من هيئة ضمان جودة التعليم والاعتماد
  • أكثر من 750 جولة تفتيشية تُنفّذها “بيئة الجوف” على أسواق النفع العام