أربع شركات كبرى تهيمن على قطاع الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 5th, April 2025 GMT
أبريل 5, 2025آخر تحديث: أبريل 5, 2025
المستقلة/- يجهل معظم الأشخاص أنهم وفي كل مرة يطرحون فيها سؤالاً على ChatGPT، يشاركون ودون قصد في تعزيز احتكار 4 شركات على قطاع الذكاء الاصطناعي العالمي.
والمفارقة، أن هذا الواقع لن يختلف بتاتاً حتى لو لجأ المستخدمون إلى أحد منافسي ChatGPT مثل Gemini، فنفوذ هذه الشركات الأربع يمتد ليسيطر على الغالبية العظمى من روبوتات الدردشة الذكية، التي تستمد قوتها من شرائح خارقة، تتشارك في تصميمها وإنتاجها وتوزيعها، 4 شركات هي Nvidia الأميركية و TSMC التايونية وSK Hynix الكورية و ASMLالهولندية.
فرغم تنوّع أسماء منصات الذكاء الاصطناعي، إلا أن معظمها يتغذّى على شرائح شركة Nvidia، التي تسيطر على نحو 92 في المئة من سوق الشرائح الالكترونية، المتخصصة في تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي.
ولكن حتى Nvidia، ورغم قوتها الهائلة، تعتمد بشكل مباشر على ثلاث شركات لإنتاج الشرائح الخاصة بها، حيث تقوم شركة SK Hynix الكورية الجنوبية بتزويد Nvidia بذواكر الوصول العشوائي عالية الأداء، في حين تتولى شركة TSMC التايوانية، عملية تصنيع شرائح Nvidia وفق أعلى المعايير التقنية، وذلك اعتماداً على أدوات الطباعة الضوئية المتقدمة، التي تقوم بتصنيعها شركة ASML الهولندية، وهي الوحيدة في العالم القادرة على إنتاج هذه الأدوات المتطورة، التي يصل سعر الآلة منها إلى حوالي 380 مليون دولار.
وبحسب تقرير نشرته “بلومبرغ” ، فإن كل شركة من هذه الشركات تملك موقعاً شبه احتكاري في مجالها، ولذلك حين يطرح أي مستخدم سؤالاً بسيطاً على روبوتات الدردشة الذكية، يكون قد حرّك اقتصاداً كاملاً تقوده قلّة تتحكم في واحد من أغلى الاحتكارات في التاريخ، حيث تجاوزت القيمة السوقية لشركة إنفيديا وشركائها الرئيسيين الثلاثة مجتمعين، 4 تريليونات دولار أميركي وذلك حتى منتصف مارس 2025.
وحالياً تُشكّل إنفيديا وحدها 6 في المئة، من مؤشر ستاندرد آند بورز 500 لأسهم الشركات الأميركية الرائدة، في حين أصبحت شركتا TSMC وASML الشركتين الأكثر قيمة في بلديهما. وفي العديد من الصناعات، قد يدفع هذا النوع من الهيمنة، جهات مكافحة الاحتكار إلى التهديد بتفكيك هذه الكيانات العملاقة أو فرض قيود صارمة على ممارساتها.
بالنسبة لحصة السوق، نعم، علماً أن تعريف مفهوم “الاحتكارات” يختلف من قطاع لآخر، ولكن عموماً يُنظر إلى أي حصة تزيد عن 70 في المئة في السوق على أنها احتكار، خصوصاً في حال وجود عوائق تمنع دخول منافسين جدد.
ولكن بالنسبة إلى ما إذا كانت هذه الشركات الأربع تتصرف كاحتكارات تقليدية، فالأمر مختلف، ويعتمد على تحليل عدة عناصر، فمثلاً تزداد الاحتكارات خطورة، عندما تتمكن شركة ما من استغلال هيمنتها بفرض أسعار أعلى على العملاء، وهو الأمر الذي تفعله شركتا Nvidia وSK Hynix اللتان تفرضان أسعاراً أعلى على السوق، وذلك بسبب قلة البدائل المتاحة للمشترين أو انعدامها.
وتبيع إنفيديا بعض أنواع الشرائح المشغلة لأنظمة الذكاء الاصطناعي بسعر يصل إلى 90 ألف دولار للشريحة الواحدة، وتُظهر النتائج المالية للشركة أن هامش الربح لديها مرتفع جداً، ويفوق نسبة الـ 70 في المئة، وذلك بعد خصم تكلفة الإنتاج من الإيرادات، حيث يعد هذا الرقم مرتفعاً بشكل ملحوظ.
أما من حيث العوامل الأخرى، فمن الصعب إثبات أن Nvidia وTSMC وSK Hynix و ASML تُسيء استخدام السوق، أو تفعل شيئاً مُناهضاً للمنافسة، فجوهر النجاح الذي تحققه هذه الشركات، مبني على فكرة أنها تقوم بعملها بشكل صحيح، بمساندة من الميزانيات الضخمة التي تنفقها على عمليات البحث والتطوير، التي تسمح لها بتطوير منتجاتها بعيداً عن أي سلوك مُناهض للمنافسة.
وتقاوم الشركات الأربع إلى حد كبير فكرة احتكارها للسوق، وهي لا ترى أن هيمنتها جاءت بشكل غير عادل أو بسبب عزل منافسيها، حيث قال متحدث باسم Nvidia في بيان، إن الشركة تتنافس مع العديد من موردي ومقدمي خدمات الحوسبة السحابية وشركات الذكاء الاصطناعي، لافتاً إلى أن عملاء الشركة يقدّرون الحلول الشاملة التي تقدمها.
تهديد تنظيمي؟
من غير المرجح أن يُفكك مسؤولو مكافحة الاحتكار في أميركا Nvidia، فلا يمكن معاقبة الشركة لمجرّد أنها نجحت في المكان الذي فشل فيه غيرها، وهذا الوضع ينطبق أيضاً على TSMC وSK Hynix وASML، ولكن ما يمكن أن تفعله سلطات مكافحة الإحتكار، هو التحقيق في كيفية نمو هذه الشركات بهذه السرعة، وما إذا كان هذا الأمر قد انطوى على أي مخالفة.
إلى متى تدوم الاحتكارات؟
يقول الخبراء المتخصصون في دراسة أسباب صعود وهبوط احتكارات التكنولوجيا، إنه غالباً ما يكون من الصعب تفكيك الاحتكارات في هذا القطاع، حيث تميل هذه الشركات إلى البقاء لمدة طويلة، ولكن التاريخ يُظهر أن المنافسة القوية المدعومة بابتكارات جديدة، هي التي تطيح بالاحتكارات الكبرى، كما حدث مع هواتف بلاك بيري ونوكيا بعد ظهور الآيفون، وكذلك مع كوداك بعد انتشار الكاميرات الرقمية.
احتكار أم تفوق تكنولوجي؟
وفي هذا السياق يتحدث المحلل والكاتب المختص بالذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا ألان القارح، ، ويقرّ بأنه حتى اليوم، تسيطر 4 شركات فقط على صناعة الرقائق وأشباه الموصلات، التي تُشغّل الذكاء الاصطناعي التوليدي، ولكن في المقابل علينا أن نسأل أنفسنا، “هل هذا الاحتكار الرباعي هو احتكار غير مشروع، أم أنه ناتج عن تفوق تكنولوجي طبيعي؟” والجواب على هذا السؤال يكشف بالبراهين أن ما يحصل هو حصيلة تفوّق الشركات الأربع في مجالها، وليس نتيجة ممارسات احتكارية تقليدية، فمثلاً اخترع مهندسو شركة SK Hynix الكورية، طريقة مبتكرةً لتغليف ذواكر الوصول العشوائي عالية الأداء، تمنع ارتفاع درجة حرارتها، في حين أن شركة سامسونغ التي تنتج هذا النوع من الذواكر، لم تستطع بعد تحقيق هذا الاختراق التقني.
ويكشف القارح أن شركة TSMC التايوانية ابتكرت “مسابك” خاصة ومتطورة، تستخدم في عملية تصنيع الرقائق فائقة الجودة وهو ما لم تتمكن الشركات المنافسة لها، مثل إنتل وسامسونغ من فعله، وهذا التفوق الذي حققته TSMC بفعل ابتكاراتها الخاصة، جعلها المسؤولة عن تصنيع 99 في المئة من رقائق الذكاء الاصطناعي في العالم خلال العام 2024، أما شركة ASML الهولندية فالتفوّق الذي حققته في مجالها، ناتج عن كونها الشركة الوحيدة في العالم، التي تصنع معدات لطباعة الرقائق، تعمل بالأشعة فوق البنفسجية الشديدة، وهو الأمر الذي لم تتمكن من فعله أي شركة أخرى حتى الساعة.
وبالنسبة للتفوق الذي تحققه إنفيديا في مجالها، فيكشف القارح أن الشركة الأميركية، راهنت مبكراً على طرح تصاميم مبتكرة لرقائق للذكاء الاصطناعي، مؤكداً أن مهندسي إنفيديا، اكتشفوا منذ نحو 10 سنوات أنه يمكن تصميم رقائق، تشبه إلى حد كبير الدماغ البشري، وتملك القدرة على معالجة المهام الحسابية المتعددة في وقت واحد، وبالتالي عملت إنفيديا على تنفيذ خطتها ونجحت في ذلك، وهي باتت اليوم تتفوق على جميع منافسيها بفارق كبير، إذ تستحوذ على حوالي 92 في المئة من سوق الشرائح المتخصصة في تشغيل الذكاء الاصطناعي.
ويشرح القارح أنه عندما تبيع إنفيديا شرائحها بسعر يصل إلى 90 ألف دولار للشريحة الواحدة، فإن ذلك لا يشمل فقط كلفلة المكونات والأجزاء والتقنيات المستخدمة في عملية التصميم والتصنيع، فجزء كبير من الإيرادات التي تحققها إنفيديا من مبيع هذه الشرائح، يتم تخصيصه للقيام باستثمارات ضخمة تغطي كلفة عمليات البحث والتطوير، بما يضمن بقاء الشركة في طليعة المبتكرين في هذه الصناعة، لافتاً إلى أن العامل الحاسم في أي تراجع قد يطرأ على أسعار منتجات إنفيديا، يبقى ظهور منافس جدي في السوق، حيث أن أي اختراق تقني من شركة منافسة، سيؤدي حتماً إلى تراجع الأسعار، والسيناريو نفسه ينطبق على TSMC وSK Hynix وASML، حيث تترقب السوق أي منافس جديد، قد يعيد رسم خريطة الصناعة.
هل تستمر الاحتكارات إلى الأبد؟
ويؤكد القارح أن الاحتكارات في قطاع التكنولوجيا، نادراً ما تستمر إلى الأبد، وفي حالة إنفيديا، فإن احتكارها الفعلي لسوق شرائح الذكاء الاصطناعي، لم يتجاوز حتى الآن 3 سنوات، وهو وقت قصير نسبياً في عالم التكنولوجيا المتغير بسرعة، ولذلك لا يمكن اعتبار نفوذها المطلق أمراً لا رجعة فيه، فالتاريخ مليء بأمثلة لشركات هيمنت على أسواقها لسنوات، قبل أن تفقد سيطرتها لصالح منافسين جدد، ومع استمرار الاستثمار في الأبحاث والتطوير على تقنيات الذكاء الاصطناعي، قد تكون سيطرة هذه الشركات الأربع على السوق مسألة وقت قبل أن يظهر لاعب جديد قادر على تغيير المعادلة الراهنة.
المصدر: سكاي نيوز عربية
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی هذه الشرکات فی مجالها فی المئة
إقرأ أيضاً:
جوجل تختبر الإعلانات في وضع الذكاء الاصطناعي
كشفت أحدث الملاحظات حول اختبارات جوجل لوضع الذكاء الاصطناعي المدعوم من جيميني عن خطوة جديدة قد تغيّر تجربة البحث تمامًا.
لاحظ برودي كلارك، مستشار تحسين محركات البحث، ظهور إعلانات مموّلة ضمن نتائج البحث التي يولّدها الذكاء الاصطناعي، حيث تظهر أسفل النتائج العضوية كما لو كانت جزءًا طبيعيًا من محتوى الردود الآلية.
وتُصنف هذه الإعلانات على أنها محتوى "ممول"، لكنها في الشكل تشبه إلى حد بعيد الروابط الأخرى التي يُنشئها روبوت الدردشة، ما قد يجعل التمييز بينها وبين الإجابات العادية صعبًا على المستخدم العادي.
على الرغم من وصف كلارك لهذه الخطوة بأنها "الأولى من نوعها"، أكد متحدث باسم جوجل أن الأمر ليس جديدًا تمامًا، وأن الشركة أجرت اختبارات مماثلة خلال الأشهر الماضية.
وأضاف المتحدث: "رؤية المستخدمين للإعلانات في وضع الذكاء الاصطناعي علنًا جزء من اختبارات جوجل المستمرة التي نقوم بها منذ عدة أشهر".
وأشار إلى أن الشركة أعلنت عن خطط لبدء عرض الإعلانات في وضع الذكاء الاصطناعي منذ مايو الماضي، في خطوة متدرجة تهدف إلى دمج الإعلانات ضمن تجربة البحث الجديدة.
حتى الآن، يبدو أن ترتيب النتائج لا يزال يعطي الأولوية للروابط العضوية، ولكن خبراء التسويق والتحليل يتوقعون أن يؤدي فتح الأبواب للإعلانات في الردود المعتمدة على الذكاء الاصطناعي إلى تغيير جذري في كيفية استهلاك المحتوى على الإنترنت.
فالمساعدون الشخصيون المدعومون بالذكاء الاصطناعي، الذين غالبًا ما يُقدّمون كمساعدين أذكياء لتسهيل المهام، قد يتحولون تدريجيًا إلى قنوات للترويج الإعلاني، وهو ما يثير مخاوف من تزايد الإعلانات الموجهة بشكل مزعج خلال تجربة البحث اليومية.
من الملاحظ أيضًا أن خيارات المستخدمين حاليًا محدودة عندما يتعلق الأمر بإخفاء هذه الإعلانات داخل وضع الذكاء الاصطناعي، فعلى الرغم من أن بحث جوجل يسمح بإخفاء الروابط الدعائية عند تصفحها، إلا أنه لا توجد طريقة مباشرة لإزالة أو تعطيل الإعلانات الجديدة في الردود الآلية، مما قد يضع المستخدمين في موقف يعتمد فيه المحتوى الذي يتلقونه بشكل أكبر على ما تموله الشركات.
تأتي هذه الخطوة ضمن اتجاه أوسع يشهده قطاع الذكاء الاصطناعي، حيث تُسرّع الشركات في دمج الإعلانات ضمن أدوات المحتوى التفاعلي، فقد أعلنت شركة X مؤخرًا عن دمج الإعلانات في نتائج البحث الخاصة بها، ما يعكس تحولًا تدريجيًا في كيفية تمويل منصات الذكاء الاصطناعي، ويشير إلى أن عصر البحث المجاني قد يكون على وشك التغيير الجذري.
إضافة إلى ذلك، هناك شائعات تشير إلى أن OpenAI تعمل على توظيف أشخاص لتحويل ChatGPT إلى منصة إعلانية، ويتعلق الأمر بمنصة Sora، التي أطلقتها الشركة لإنتاج محتوى سريع الانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفقًا للتقارير، تُنفق المنصة ما يصل إلى 15 مليون دولار يوميًا لإنتاج مقاطع فيديو وصور ومحتوى متنوع، بما في ذلك أمور غريبة مثل مقاطع مصورة لسام ألتمان وهو يأكل البيتزا في الفضاء، ما يعكس سرعة التحول من تجربة تعليمية ومعلوماتية إلى محتوى مدعوم وموجّه إعلانيًا.
يُثير هذا التطور تساؤلات مهمة حول مستقبل استخدام الذكاء الاصطناعي في البحث: هل سيصبح المساعد الشخصي مجرد قناة إعلانية أخرى؟ وكيف ستوازن الشركات بين تقديم محتوى مفيد وفرض الإعلانات المدفوعة؟ وما هي الخيارات المتاحة للمستخدم العادي للحفاظ على تجربة بحث نظيفة وخالية من الترويج المفرط؟
من المؤكد أن العامين المقبلين سيشهدان تغييرات كبيرة في الطريقة التي نتفاعل بها مع الذكاء الاصطناعي، خصوصًا مع دخول الإعلانات ضمن تجربة البحث المباشرة، وهو ما قد يعيد تعريف مفهوم "البحث المجاني" على الإنترنت.