بين دوي المدافع في غزة وصدى النداءات الدولية لوقف إطلاق النار، يتحرك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نحو القاهرة، حاملاً في جعبته رؤى قد تساهم في حلحلة الأزمة المستعصية. 

وتأتي هذه التحركات بينما تشهد القضية الفلسطينية واحدة من أعنف فصولها منذ عقود، وتغيب فيها ملامح الحل السياسي في ظل التصعيد المتواصل والمعاناة الإنسانية المتفاقمة.

قمة ثلاثية بالقاهرة

الزيارة التي أُعلن عنها قبل أيام، لم تعد مجرد محطة دبلوماسية عادية، بل تحولت إلى قمة ثلاثية تجمع الرئيس الفرنسي بنظيره المصري الرئيس عبدالفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في وقت بالغ الدقة، سياسيًا وميدانيًا. 

ومن قصر الاتحادية في القاهرة إلى مدينة العريش القريبة من غزة، يحاول ماكرون نسج خيوط المبادرة الفرنسية في ملف لا يزال مفتوحًا على المجهول، محاولًا إعادة صياغة دور أوروبي أكثر فاعلية في الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي.

ماكرون يعلن القمة

في بيان نشره على منصة "إكس" (تويتر سابقًا) يوم السبت، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيعقد قمة ثلاثية مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، خلال زيارته الرسمية إلى مصر يومي الإثنين والثلاثاء.

وقال ماكرون في بيانه: "استجابة لحالة الطوارئ في غزة، وفي إطار الزيارة التي سأجريها إلى مصر بدعوة من الرئيس السيسي، سنعقد قمة ثلاثية مع الرئيس المصري والعاهل الأردني".

ويصل ماكرون إلى القاهرة مساء الأحد، على أن يعقد اجتماعًا مع الرئيس المصري صباح الإثنين. وبحسب ما أعلنه قصر الإليزيه، فإن القمة الثلاثية ستُعقد في اليوم نفسه في العاصمة المصرية. كما تشمل الزيارة توجه ماكرون يوم الثلاثاء إلى مدينة العريش المصرية، الواقعة على بعد نحو 50 كيلومتراً من قطاع غزة، حيث يلتقي جهات إنسانية وأمنية، في خطوة تهدف إلى "إظهار سعيه المستمر" لوقف إطلاق النار.

الموقف المصري

في بيان رسمي صادر عن الرئاسة المصرية، قال السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، إن الرئيس عبدالفتاح السيسي تلقى اتصالاً هاتفيًا من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، تناول العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيزها، وذلك في إطار الإعداد لزيارة الرئيس الفرنسي المرتقبة إلى مصر.

وأشار البيان إلى أنه جرى التباحث بشأن أهم ملفات التعاون المشترك خلال الزيارة، وآفاق تعزيزه بما يخدم المصالح المشتركة، بما في ذلك إمكانية عقد قمة ثلاثية مصرية فرنسية أردنية بالقاهرة، بهدف مناقشة تطورات الوضع في قطاع غزة.

وأكد الشناوي، أن الاتصال تطرق كذلك إلى الأوضاع الإنسانية والسياسية في القطاع، حيث تم استعراض الجهود المصرية المبذولة لوقف إطلاق النار، إلى جانب التأكيد على أهمية إنفاذ المساعدات الإنسانية العاجلة.

وشدد الرئيسان، بحسب البيان، على ضرورة "استعادة التهدئة من خلال الوقف الفوري لإطلاق النار"، كما أعادا التأكيد على "أهمية حل الدولتين باعتباره الضمان الوحيد للتوصل إلى السلام الدائم بالمنطقة".

لقاء ثلاثي بالغ الأهمية

من جانبه، قال الدكتور أحمد العناني، أستاذ العلوم السياسية، إن عقد القمة الثلاثية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في القاهرة يأتي في توقيت بالغ الأهمية، في ظل تصاعد التوتر في الإقليم وتفاقم الأزمة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.

وأضاف العناني في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن مصر تسعى من خلال هذه القمة إلى خفض مستوى التصعيد والعمل على دفع الأطراف المعنية نحو حلول سياسية، والجلوس على طاولة المفاوضات، بما يخدم استقرار المنطقة.

وأشار إلى أن الجانب الفرنسي يُعد شريكًا استراتيجيًا لمصر، ما يمنح هذا اللقاء بُعدًا دوليًا مهمًا، خاصة مع انخراط أوروبا بشكل متزايد في الملفات الإقليمية، ويُعد هذا التحرك الثلاثي رسالة قوية تُوجَّه إلى العواصم الأوروبية، تُبرز الدور المحوري لمصر والأردن في دعم مسار التهدئة، إلى جانب دور فرنسا كصوت أوروبي وازن.

وأكد الدكتور العناني أن أوروبا تستفيد من التحذيرات والإنذارات المبكرة التي تُطلقها الدول الإقليمية الكبرى، مثل مصر، بشأن تداعيات استمرار التوتر، وهو ما يجعل هذا اللقاء الثلاثي منصة مهمة للتنسيق السياسي والأمني في المرحلة المقبلة.

عودة التصعيد في غزة

تأتي القمة في وقت حساس للغاية، إذ استأنف الجيش الإسرائيلي هجومه العسكري على قطاع غزة في 18 مارس 2024، بعد شهرين من التهدئة الهشة التي تلت سلسلة من المفاوضات المتعثرة.

الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر 2023، إثر هجوم مفاجئ وغير مسبوق شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل، لا تزال تحصد المزيد من الأرواح، وتدفع الأوضاع الإنسانية إلى حافة الكارثة.

وفي تطور جديد، بث الجناح العسكري لحركة حماس السبت شريط فيديو يظهر فيه رهينتان إسرائيليتان، قال إنهما نجتا من قصف إسرائيلي، في إشارة ضمنية إلى فشل الحكومة الإسرائيلية في الحفاظ على سلامة المحتجزين خلال عملياتها العسكرية المتواصلة في القطاع.

ورغم الضغوط الدولية، يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته على أن "زيادة الضغط العسكري هو السبيل الوحيد لإجبار حماس على تحرير الرهائن، سواء الأحياء أو الأموات"، في موقف يتناقض مع رغبات ومطالب معظم عائلات وأقارب الرهائن الذين يطالبون بخطوات تفاوضية بدلاً من التصعيد.

وتُعقد القمة الثلاثية في القاهرة في لحظة حاسمة، حيث يتقاطع الدبلوماسي بالإنساني والعسكري، ويتنافس الخطاب السياسي مع واقع مأساوي يزداد تعقيدًا يوماً بعد آخر.

ووسط تراجع الثقة في الوسيط الأمريكي، يسعى ماكرون إلى تعزيز الحضور الأوروبي في الملف الفلسطيني، مدفوعًا برؤية فرنسية تعتبر أن الاستقرار في الشرق الأوسط ضرورة لأمن أوروبا والعالم.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: غزة قمة ثلاثية الرئيس الفرنسي السيسي الملك عبدالله إيمانويل ماكرون ماكرون المزيد الفرنسی إیمانویل ماکرون والعاهل الأردنی الرئیس الفرنسی الرئیس المصری قمة ثلاثیة مع الرئیس فی غزة

إقرأ أيضاً:

الرئيس السيسي يوقع قانونا بتنظيم إصدار الفتوى الشرعية

وقع الرئيس عبد الفتاح السيسي، قانون رقم 86 لسنة 2025 بتنظيم إصدار الفتوى الشرعية.

وتسري أحكام هذا القانون في شأن تنظيم إصدار الفتوى الشرعية والمختصين بمهام الإفتاء الشرعي، وذلك دون الإخلال بالإرشاد الديني والاجتهادات الفقهية في مجال الأبحاث والدراسات العلمية والشرعية.

ويُقصد في تطبيق أحكام هذا القانون بالعبارات التالية المعنى المبين قرين كل منها:

الفتوى الشرعية: إبداء الحكم الشرعي في فتوى شرعية عامة أو خاصة.

الفتوى الشرعية العامة: إبداء الحكم الشرعي في شأن عام متعلق بالنوازل التي تؤثر على المجتمع في مختلف المجالات.

الفتوى الشرعية الخاصة: إبداء الحكم الشرعي في شأن خاص متعلق بمسائل الأفراد في أمر مسئول عنه شرعًا وتوضيحه للسائل.

الإرشاد الديني: استخدام الأحكام والقيم والمفاهيم الدينية والخلقية في توجيه سلوك المجتمع والأفراد وتوعيتهم بها ووقايتهم من الأفكار المنحرفة والمفاهيم الخاطئة تمسكا بالثوابت الإسلامية.

يختص بالفتوى الشرعية العامة كل من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أو مجمع البحوث الإسلامية، أو دار الإفتاء المصرية.

ويختص بالفتوى الشرعية الخاصة كل من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، أو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أو دار الإفتاء المصرية، أو اللجان المشتركة المنشأة بموجب أحكام المادة (4) من هذا القانون، أو أئمة وزارة الأوقاف الذين يتوافر في شأنهم الشروط المنصوص عليها في المادة (4) من هذا القانون.

اقرأ أيضاًالرئيس السيسي يوقع تعديل بعض أحكام قانون مجلس الشيوخ

نائبة: توجيهات الرئيس السيسي حول «الإيجار القديم» تعكس رؤية متوازنة وشاملة

نائبة: توجيهات الرئيس السيسي حول «الإيجار القديم» تعكس رؤية متوازنة وشاملة

مقالات مشابهة

  • وزيرا الخارجية المصري والأردني يبحثان هاتفيًا انعكاسات العدوان الإسرائيلي على إيران وسبل التهدئة
  • حظر وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال في فرنسا: ما هي العقبات التي تواجه ماكرون؟
  • رئيس حزب الجيل: الريف المصري أصبح أقرب للنموذج الأوروبي بفضل الرئيس السيسي
  • مصطفى بكري: الرئيس السيسي أكد أن استمرار الحرب في غزة سيؤدي لتغيير المعادلة
  • مصطفى بكري: الرئيس السيسي قالها مبكرًا لا للتهجير.. ومصر تدافع بشرف
  • السيسي يوافق على تشكيل المجلس الأعلى المصري السعودي
  • الرئيس السيسي يهنئ المستشار الألماني على الفوز المستحق في الانتخابات الألمانية
  • الرئيس السيسي يؤكد ضرورة الإسراع في تنفيذ المشروعات ومتابعتها بشكل دوري
  • الرئيس الفرنسي: معاهدة حماية أعالي البحار تدخل حيز التنفيذ يناير المقبل
  • الرئيس السيسي يوقع قانونا بتنظيم إصدار الفتوى الشرعية