الفراغ جُحْـــرُ الشيطان ومَنْفَـذُ الحرب الناعمة
تاريخ النشر: 6th, April 2025 GMT
يمانيون|عبد القوي السباعي
إنَّ بناءَ الجيل لا يأتي بالتمنِّي، ولا يكون صدفةً، ولا يُستورَدُ كما تُستورَدُ السلع، بل يُنحَتُ كما يُنحَتُ الحجر، في محاريب الجِد، وعلى سِنان العزم.
ونحن قد ودَّعنا عامًا دراسيًّا خاضهُ أبناؤنا؛ فطوى الزمان صحائفه، واستراحت الأقلام من سعيها، فكان للنفوس فسحة، وللعقول فراغٌ قد يُغري أَو يُبري، وهنا تكمن الفتنة والخطورة، فَــإنَّ الفراغ جُحرُ الشيطان، ومَنْفَـذُ الحرب الناعمة لقوى العدوان، التي لا تُرى رماحها ولا تُسمع طبولها، لكنها تُزحزح الجبال وتُفتِّتُ الإيمانَ في القلوب، إن تُركت بلا حصنٍ أَو درع.
فيا سائلي عن جيلٍ نَبَتَ في حِمى الإيمان، وشبّ على رحيق اليقين، ألا فاسمع، ويا أبناء اليمن، ويا فلذات الأكباد، يا من تنبتون كما الزهر في روابي الحكمة، ألا فاعلموا أن في الدورات الصيفية حياةً بعد حياة، وبناءً بعد بناء، وصقلًا للنفوس والعقول.
ألا ترون كيف تسعى الأمم من حولنا لصياغة عقول أجيالها، وتُسرِجُ لهم مناهجها؟ فكيف بنا ونحن أُمَّـة القرآن، وحَمَلَةُ الرسالة، أن نترك أبناءنا في مهاوي الفراغ، وأهوال التسلية المفرغة من كُـلّ معنى؟
إن المراكز الصيفية ودوراتها العلمية ليست لهوًا، ولن تكون عبثًا؛ بل هي ميادينُ تهيئة وإعداد، وساحاتُ عِلم وجهاد، ومراسمُ فخرٍ لأمةٍ تتشبث بهُويتها؛ كي لا تُسلَخ عنها، كما يتشبثُ السابحُ الغِـــرِّ بطوق النجاة.
فيها يُرتل القرآن كما نزل، وتُفهم معانيه كما أراد الله لها أن تُفهم، فتُثمر التقوى في الصدور، وتزهر العقول بضياء البصائر، وفيها تُصقَلُ المواهب، وتُنمَّى الإبداعاتُ والقدرات، وتُكتشَفُ الجواهرُ المكنونة في صدور الفتية والفتيات.
وما الدورات الصيفية إلا مواسمُ بناء، وأعياد معرفة، تُنبتُ في الجيل يقينًا راسخًا، وتغرسُ فيه حب الوطن، كما يُغرس الغراس في أرضٍ خصبة، كخصوبةِ الأرض اليمنية بأمجادها التاريخية.
فإن أردتم أُمَّـة راسخة، فلا تُهملوا الجذور، وإن أردتم أجيالًا حرةً كريمةً، فاجعلوا من العطلة ميدانًا للتزود، ومن المراكز الصيفية منابر إشعاع، ومن مخرجاتها قواعد إبداع.
هلمّوا إليها، وادفعوا بأبنائكم إلى سوح قلاعها كما يُدفع الغيث للأرض العطشى، فَــإنَّها –والله– حصنٌ منيع، ومصنع رجال، ومأوى العقول الحرة والإرادات الصُّلبة، لجيلٍ نصنعهُ اليوم ليقود الأمم في الغد، وإنَّ غدًا لناظرهِ قريب.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
ببرامج وأفكار جديدة.. شمال الباطنة تستعد لانطلاق المراكز الصيفية
صحار- خالد بن علي الخوالدي
ترأس سعادة محمد بن سليمان الكندي محافظ شمال الباطنة، أمس، الاجتماع التحضيري للمراكز الصيفية بالمحافظة، بحضور أصحاب السعادة ولاة ولايات المحافظة، وعدد من مديري العموم ومديري المؤسسات الحكومية والخاصة والأهلية.
وفي بداية الاجتماع، أكد سعادة المحافظ ضرورة التكاتف والتعاون بين جميع المؤسسات لاستغلال أوقات الطلبة فيما ينفعهم ويعود لهم بالخير في الإجازة الصيفية الطويلة، قائلًا: "هناك الكثير من الإغراءات الأخرى التي يمكن أن تجذبهم وأكثرها سلبية للأسف الشديد، لذا فإن المحافظة على الأبناء هي مسؤولية مشتركة بين جميع المؤسسات، بدءًا من الأسرة والمسجد والمدرسة والمجتمع، بالإضافة إلى المؤسسات الحكومية والخاصة والأهلية وجميع مؤسسات المجتمع المدني".
وقدم الدكتور عبدالله بن سعيد البوسعيدي رئيس اللجنة التنفيذية للمراكز الصيفية بمحافظة شمال الباطنة، عرضًا عن إنجازات العام الماضي، مبينا: "تأتي النسخة الثالثة لبرامج المراكز الصيفية بمحافظة شمال الباطنة لعام 2025 بفكر وتجهيزات جديدة، تواكب متطلبات سوق العمل وتحقق رؤية عُمان 2040، وتشهد المراكز الصيفية في شمال الباطنة مشاركة مجتمعية واسعة من مختلف الجهات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني، لتشمل جميع ولايات المحافظة وقراها ومناطقها الساحلية والجبلية تحت شعار (صيفنا.. ريادة وإبداع)". وأضاف البوسعيدي أن الإحصائيات العامة للمراكز الصيفية لعام 2024 تشير إلى مشاركة ما يقرب من 35 ألف طالب وطالبة؛ إذ بلغ عدد المراكز الصيفية حوالي 572 مركزًا في ولايات المحافظة، كما بلغ عدد المتطوعين 3500 متطوع، وعدد المدربين المتخصصين 52 مدربًا، مع تقديم 107 برامج وأنشطة متنوعة.
وتابع قائلا: "ستتم إضافة جهات جديدة إلى جانب المؤسسات التي شاركت العام الماضي، مثل طلبة مراكز الوفاء الاجتماعي، وجمعيات المرأة العمانية، والأندية الرياضية، والقطاع العسكري، والمتحف الوطني، كما سيتم تنفيذ رحلات خارجية مثل: دار الأوبرا، ومتحف عُمان عبر الزمان، والمتحف الوطني، ومدينة سندان، وسنفتح المجال لمشاركة المدارس الخاصة والمبادرات الفردية من أفراد ومؤسسات صغيرة، كما تم التأكيد على تطوير نظام الحزم لتنفيذ البرامج، مع التركيز على البرامج النوعية ومتطلبات سوق العمل". وفيما يتعلق بالمشاركات الدولية، أوضح أنه تم "ذكر زيارة اليابان والمملكة العربية السعودية، كما تم تفعيل منصة التدريب والتأهيل لطلبة مؤسسات التعليم العالي".