السطوة الناعمة لهوليود.. كيف غيّرت أميركا شكل السينما العالمية؟
تاريخ النشر: 26th, July 2025 GMT
على مدى قرن من الزمن، تحوّلت هوليود من مجرد منتج للأفلام إلى قوة ناعمة ومنظومة تأثير عالميّة، تعيد تشكيل نظرة الجمهور للعالم، وطريقة تفاعله معه. ولم يعد تأثيرها مقتصرا على الترفيه فقط، بل امتد إلى القيم الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. من خلال الأعمال الفنية اتسع تأثيرها أيضا ليشمل الذوق العام والهوية واللغة، حتى تحولت السينما الأميركية إلى أداة تأثير عالمي في عصر يتسم بالتدفق الثقافي المتبادل الذي يصل أحيانا إلى مفهوم السيولة.
امتد التأثير الثقافي لهوليود بفضل قوتها التسويقية العالمية وشبكات التوزيع الواسعة، حتى أصبحت معيارا عالميا للجودة السينمائية والنجاح التجاري. فقد فرضت أسلوبها السردي والجمالي على صناعة السينما في مختلف أنحاء العالم، وأسهمت في ترسيخ القوة الناعمة الأميركية من خلال تصدير نمط الحياة والقيم الاجتماعية الأميركية عبر أفلامها المنتشرة في دور العرض الدولية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"ميغان 2" دمية القرن الجديد التي أعادت تعريف رعب الدمى في السينماlist 2 of 2هل يحب أولادك أفلام الرعب؟ أعمال مخيفة مناسبة للأطفالend of listهذا النفوذ جعل كثيرا من صناع السينما في بوليود وكوريا الجنوبية وأميركا اللاتينية يتبنون، بشكل مباشر أو غير مباشر، المعايير البصرية والسردية الأميركية، خصوصا في بناء الحبكة وصياغة السيناريو. ولم يتوقف التأثير عند المحتوى فقط، بل طال أيضا أساليب التسويق والترويج للأفلام.
وقد وصف البعض هذا التأثير بأنه شكل من أشكال "الاستعمار الثقافي"، إذ تقوم هوليود بإعادة إنتاج القصص المحلية من مختلف الثقافات وفق رؤيتها الخاصة، ما يؤدي تدريجيا إلى تآكل السرديات الأصلية لحساب سردية سينمائية أميركية تسعى للهيمنة على الخيال الجمعي العالمي.
النمر الأسود يكافح من أجل البقاءإلى جانب التأثير الثقافي، لعبت هوليود دورا محوريا في إعادة تشكيل مفهوم الهوية عالميا، من خلال ما تفرضه من معايير سردية عابرة للحدود تحدد معنى الهوية، فأفلام هوليود لا تكتفي بعرض القصص بصورة فردية، لكنها تقدم الشخصيات كنماذج للنجاح والبطولة والكفاح من أجل تحقيق الأحلام رغم الصعوبات.
إعلانوتتسلل هذه النماذج إلى الوعي الجمعي العالمي، لتعيد تشكيل مفاهيم البطولة والنجاح وفق رؤية موحدة تنبع من المنظور الأميركي، وهذا يفرض تصورا نمطيا للذات والطموح يتكرر في مختلف أنحاء العالم. هذا النمط الموحد يُنتج ما يُعرف بـ"الهوية الهجينة"، التي تنشأ من تفاعل النموذج المحلي مع النموذج الثقافي العالمي المهيمن.
ورغم سيطرة النموذج الأميركي على السينما العالمية، برزت محاولات لمقاومة هذا التوجه عبر تقديم أبطال من خلفيات عرقية وثقافية متنوعة، في سعي لتحدي القوالب التقليدية. ومن أبرز هذه المحاولات فيلم "النمر الأسود" (Black Panther) (2018)، الذي حقق نجاحا عالميا كأول عمل من إنتاج مارفل يقدم بطلا أسود البشرة، مستلهِما أزياءه وأسماء شخصياته من الثقافة الأفريقية. ورغم قوة هذه التجربة، تبقى مثل هذه النماذج الاستثنائية محدودة، تجهد لتقديم هويات بديلة في مواجهة النموذج السائد.
التقنيات والمؤثرات السينمائيةلا يقتصر تأثير هوليود على الجانب الثقافي فقط، بل يمتد إلى المجال التقني، إذ أصبحت معيارا عالميا في تقنيات الإنتاج السينمائي والبصري. وقد كانت أفلام مثل "الماتريكس" (The Matrix) (1999) و"الحديقة الجوراسية" (Jurassic Park) (1993) من أوائل الأعمال التي وظّفت المؤثرات الرقمية بشكل متقدم، وأسهمت في إعادة تشكيل الشكل البصري للسينما العالمية، حتى أصبحت مرجعا تقنيا لكثير من صناع الأفلام.
وقد أعادت هوليود تعريف مفهوم التصوير السينمائي من خلال اعتماد تقنيات التصوير الافتراضي، التي تتيح للمخرجين والممثلين العمل في بيئات رقمية تنقلهم إلى أماكن متعددة دون مغادرة موقع التصوير. ولم يقتصر تأثيرها على تطوير أدوات جديدة، بل أثّر أيضا على توجهات صناعة السينما في دول كبرى مثل بريطانيا وفرنسا وكوريا الجنوبية، إذ باتت أستوديوهاتها تتبنى نفس الأساليب البصرية والتقنية الهوليودية.
ومن الأمثلة البارزة على دمج الفيزياء كعنصر سردي أساسي في السينما، لا كمجرد دعم بصري، أفلام مثل "بين النجوم" (Interstellar) (2014) و"بداية" (Inception) (2010)، إذ تُستخدم القوانين العلمية كجزء جوهري في بناء القصة والمعنى، وليس فقط لإبهار المشاهد بالتأثيرات الخاصة.
ورغم ما تفرضه هوليود من هيمنة وسطوة ثقافية وتقنية، ربما تقوض التنوع المحلي إبداعيا وتقنيا، لكنها في الوقت نفسه تنتج مساحات واسعة لتأثير ثقافي متبادل، إذ تتحول إلى ما يشبه نقطة تتقاطع فيها الأفكار، لتصاغ مجددا بطريقة تناسب الجمهور العالمي. ويمكن النظر بأكثر من منظور إلى هذا التبادل الذي يمكن أن يعزز انتشار بعض الثقافات المحلية وفي الوقت نفسه قد يعيد إنتاجها بصيغ سطحية بعيدا عن سياقها الأصلي، وهنا يظهر التراوح بين السيطرة والانفتاح والتنوع كجزء من التأثير المعقد لهوليود.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات من خلال
إقرأ أيضاً:
OpenAI تستعد لإطلاق نموذج GPT-5 مع وعود بإتاحته مجانا للجميع
أفاد تقرير نشره موقع The Verge أن شركة OpenAI، بقيادة سام ألتمان، تستعد لإطلاق النسخة الجديدة من نموذج الذكاء الاصطناعي GPT-5 في شهر أغسطس المقبل، وسط ترقب واسع في الأوساط التقنية.
نسخة مجانية للجميعفي تصريحات حديثة، أعرب سام ألتمان عن رغبته في إتاحة نسخة مجانية من GPT-5 لكل شخص على وجه الأرض، مؤكدا: “أنا مهتم جدا بفكرة منح الجميع نسخة مجانية من GPT-5 تعمل لصالحهم على مدار الساعة”.
وكان سام ألتمان قد أشار إلى خطة لإطلاق النموذج بشكل تجريبي على منصة إكس (تويتر سابقا) بتاريخ 19 يوليو، مع التأكيد على أن النموذج لا يزال غير قادر على حل المسائل الرياضية شديدة التعقيد مثل تلك المطروحة في الأولمبياد الدولي للرياضيات IMO.
وقال ألتمان: “نحن على وشك إطلاق GPT-5، لكننا نريد توضيح أن هذا النموذج لا يزال تجريبيا، ويعتمد على تقنيات بحثية جديدة سنوظفها في الإصدارات المستقبلية”.
وأضاف: “نعتقد أن المستخدمين سيحبون GPT-5، لكننا لا نخطط لإصدار نموذج بقدرات تعادل ميدالية ذهبية في أولمبياد الرياضيات قبل عدة أشهر على الأقل”.
نماذج تمهيدية ومتصفح منافس لـ كرومكانت OpenAI قد أعلنت في شهر أبريل الماضي عن تغيير في جدول إصدار النماذج الجديدة، حيث ستطرح نماذج o3 وo4-mini كـ خطوة تمهيدية قبل الإطلاق الرسمي لـ GPT-5.
وفي سياق متصل، ذكرت وكالة “رويترز” في وقت سابق من شهر يوليو أن شركة OpenAI تعمل أيضا على متصفح ويب مدعوم بالذكاء الاصطناعي من المتوقع أن ينافس مباشرة متصفح Google Chrome، يأتي ذلك بعد إطلاق أداة ChatGPT Agent، التي تتيح تنفيذ المهام تلقائيا على أجهزة المستخدمين.
جدير بالذكر أن شركة OpenAI أعلنت مؤخرا أن مستخدمي ChatGPT يرسلون يوميا 2.5 مليار طلب (prompt)، مع 330 مليون طلب تقرببا من الولايات المتحدة فقط، هذا الرقم يعكس النمو السريع لشعبية ChatGPT، الذي لا يزال يشهد تزايدا مذهلا في استخدامه.