اقتصاديون عالميون يصفون رسوم ترامب بـالغباء والهيمنة
تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT
أثارت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على واردات بلاده من عشرات الدول موجة من الانتقادات الواسعة في الأوساط الاقتصادية العالمية، حيث اعتبرها عدد من أبرز الخبراء مؤشرا على فشل السياسات الاقتصادية، محذرين من تداعياتها الكارثية على النمو العالمي، ولا سيما في الدول الناشئة والأقل تطورا.
وقال الاقتصادي الفرنسي توما بيكيتي، مؤلف كتاب "رأس المال في القرن الـ21″، إن ما وصفه بـ"الترامبية" هو رد فعل مباشر على فشل السياسات الريغانية، في إشارة إلى النهج الليبرالي الذي تبناه الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان خلال ثمانينيات القرن الماضي.
وفي تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، أوضح بيكيتي أن "الجمهوريين في الولايات المتحدة يدركون أن التحرر الاقتصادي والعولمة لم تعودا بالنفع على الطبقة المتوسطة كما كانوا يأملون"، مضيفا أن "رد الفعل يتمثل الآن في التعامل مع بقية العالم على أنه كبش فداء، لكن هذا النهج لن ينجح".
وأكد أن "مزيج ترامب الاقتصادي" سيقود إلى مزيد من التضخم وتفاقم الفوارق الاجتماعية، داعيا أوروبا إلى وضع خطة استثمار ضخمة في الطاقة، والنقل، والتعليم، والبحث، والصحة استعدادا لركود اقتصادي عالمي محتمل.
إلى ذلك، وصف الاقتصادي الأميركي بول كروغمان، الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد، سياسة ترامب التجارية بأنها "غباء خبيث"، مشيرا إلى أن "الولايات المتحدة هي التي أسست النظام التجاري الحديث، الذي أتاح خفض التعريفات الجمركية على مدى عقود".
إعلانوفي تدوينة نشرها قبيل بدء تطبيق الرسوم الجمركية الجديدة على جميع الواردات إلى أميركا، كتب كروغمان أن "ترامب أحرق كل ذلك"، مشددا على أن قراراته "لا تحمل أهدافا اقتصادية حقيقية، بل تعكس استعراضا للهيمنة صُمم لإحداث صدمة وذهول لدى الآخرين"، وتساءل: "كيف يمكن الوثوق بإدارة تتصرف بهذا الشكل؟".
"سياسات فاشلة"وقال الخبير الاقتصادي الصيني البارز لي داوكوي، إن تعريفات ترامب تهدف أساسا إلى إجبار الدول الأخرى على تقديم تنازلات، واصفا تلك السياسات بأنها "استعراض للفشل الاقتصادي"، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف أن "الحكومة والاقتصاد الأميركيين سيتكبدان خسائر فادحة"، لافتا إلى أن بكين أعدت إجراءات مضادة وزادت من دعمها للاستهلاك المحلي.
كما اعتبر أن هذه السياسة قد تمثل نهاية القيادة الأميركية للعولمة، بينما تمنح الصين فرصة لعقد اتفاقيات تجارة حرة جديدة، وللعب دور مركزي في إقامة نظام تجاري بديل لمنظمة التجارة العالمية.
وأكد أن "الصين لديها الأسس اللازمة لقيادة المرحلة المقبلة من العولمة".
"أزمة للفقراء والناشئين"
وحذّر ناصر السعيدي، وزير الاقتصاد اللبناني السابق، من أن الدول الأقل نموا والناشئة ستدفع الثمن الأكبر لتداعيات الرسوم الأميركية، مشيرا إلى أن التعريفات ستشكل "صدمة زلزالية للمشهد التجاري العالمي"، وفقا لما صرّح به للوكالة.
وقال السعيدي إن بلدانا مثل مصر ولبنان والأردن ستواجه اضطرابات في علاقاتها التجارية، إضافة إلى انخفاض متوقع في الاستثمارات الأجنبية، مؤكدا أن هذه الإجراءات "ستُربك سلاسل التوريد عالميا، وتنهي عمليا مرحلة العولمة"، وهذا سيجبر دول الشرق الأوسط على تعزيز علاقاتها التجارية مع الشركاء الآسيويين.
"الحمائية سلاح الضعيف"وفي أفريقيا، قال الاقتصادي والوزير التوغولي السابق كاكو نوبوكبو إن "الحمائية سلاح الضعفاء"، معتبرا أن ترامب أدرك ضعف موقع الولايات المتحدة أمام الصين في المنافسة العالمية.
إعلانوحذّر نوبوكبو من أن الدول الأفريقية تواجه بالفعل أزمات هيكلية وسياسية، مضيفا أن "التعريفات الجديدة ستزيد من الضغوط على اقتصادات القارة"، لكنه دعا في المقابل إلى "تعزيز سلاسل القيمة الوطنية والإقليمية لتقليل الاعتماد على الخارج".
"الخسائر تطال الكبار أولا"وقال بيسمارك ريواني، الرئيس التنفيذي لشركة "فايننشال ديريفاتيفز" في نيجيريا، إن الدول الكبرى ستكون الأشد تضررا من أي ركود عالمي ناجم عن الحرب التجارية، مضيفا أن "الدول الصغرى تعاني أساسا، لذا فإن الأثر الإضافي سيكون أقل حدة مقارنة بالدول الكبرى التي تعتمد على حركة التجارة والاستثمار الدولي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
ما يجب معرفته عن قرار ترامب حظر دخول مواطني 12 دولة
دخل قرار منع مواطني 12 دولة من دخول الولايات المتحدة الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي حيز التنفيذ اليوم الاثنين.
إليك ما يجب معرفته عن هذا الحظر: كيف برر ترامب الحظر؟منذ عودته إلى البيت الأبيض، أطلق ترامب حملة غير مسبوقة لفرض قوانين الهجرة، مما دفع السلطة التنفيذية إلى أقصى حدودها وتسبب في صدام مع القضاة الفدراليين الذين حاولوا كبح جماحه.
ينبع حظر السفر من أمر تنفيذي أصدره ترامب في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي يطالب وزارة الخارجية ووزارة الأمن الداخلي ومدير الاستخبارات الوطنية بتجميع تقرير عن "المواقف العدائية" تجاه الولايات المتحدة.
وقالت إدارة ترامب إن الهدف هو "حماية مواطنيها من الأجانب الذين ينوون ارتكاب هجمات إرهابية، أو تهديد أمننا القومي، أو تبني أيديولوجية كراهية، أو استغلال قوانين الهجرة لأغراض خبيثة".
وفي مقطع فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي، ربط ترامب الحظر الجديد بهجوم وقع يوم الأحد في بولدر بكولورادو، قائلا إنه يؤكد المخاطر التي يشكلها بعض الزوار الذين يتجاوزون مدة تأشيراتهم. والرجل المتهم في الهجوم هو من مصر، وهي دولة ليست مدرجة في قائمة ترامب المقيدة، ويقول مسؤولون أميركيون إنه تجاوز مدة تأشيرة السياحة.
ويشمل القرار على ما جاء في الإعلان الرئاسي، مواطني البلدان التي تعتبرها إدارة ترامب خطرة، وهي أفغانستان وبورما وتشاد والكونغو-برازافيل وغينيا الاستوائية وإريتريا وهايتي وإيران وليبيا والصومال والسودان واليمن.
إعلانوبررت الإدارة الأميركية التي تعتمد سياسة هجرة صارمة جدا، إدراجها هذه البلدان على قائمة الحظر بغياب الإدارات الفاعلة للتدقيق بالمسافرين وميل مواطني بعضها إلى البقاء في الولايات المتحدة بعد انتهاء صلاحيات تأشيراتهم. كذلك، فرضت قيودا على مواطني 7 دول أخرى للحصول على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة، وهي بوروندي وكوبا ولاوس وسيراليون وتوغو وتركمانستان وفنزويلا.
وقال ترامب إن رعايا الدول المشمولة بالحظر يشكلون مخاطر تتعلق بالإرهاب والسلامة العامة، بالإضافة إلى مخاطر تجاوز مدة الإقامة بتأشيراتهم. كما أشار إلى أن بعض هذه الدول لديها أنظمة فحص وتدقيق "ناقصة" أو سبق أن رفضت استعادة مواطنيها.
وتستند استنتاجاته إلى تقرير سنوي صادر عن وزارة الأمن الداخلي بشأن السائحين ورجال الأعمال والطلاب الذين يتجاوزون مدة تأشيراتهم الأميركية ويصلون عن طريق الجو أو البحر، مع التركيز على الدول ذات النسب المرتفعة من المتجاوزين لمدة الإقامة.
وقال ترامب: "نحن لا نريدهم".
وأثار إدراج أفغانستان في القائمة غضب بعض المؤيدين الذين عملوا على إعادة توطين شعبها. لكن الحظر يستثني الحاصلين على تأشيرات الهجرة الخاصة، وهم في الغالب من عملوا بشكل وثيق مع الحكومة الأميركية خلال عقدين من الحرب هناك.
وقالت الإدارة إن القائمة قابلة للتغيير إذا أدخلت السلطات في الدول المعنية "تحسينات جوهرية" على أنظمتها وإجراءاتها. كما يمكن إضافة دول جديدة "مع بروز تهديدات حول العالم".
توجيهات وزارة الخارجيةأصدرت وزارة الخارجية تعليمات للسفارات والقنصليات الأميركية يوم الجمعة بعدم إلغاء التأشيرات التي صدرت سابقا لأشخاص من الدول الـ12 المدرجة في الحظر.
ومع ذلك، سيتم رفض طلبات التأشيرات المقدمة من مواطني الدول المشمولة بالحظر، التي تمت الموافقة عليها ولكن لم تُطبع بعد، وفقا للبرقية التي وقعها وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو.
إعلانوباستثناء من يستوفي معايير الإعفاء الضيقة، سيتم رفض الطلبات بدءا من يوم الإثنين.
كيف يختلف هذا الحظر عن حظر عام 2017؟في بداية فترة رئاسته الأولى، أصدر ترامب أمرا تنفيذيا يمنع السفر إلى الولايات المتحدة لمواطني 7 دول ذات أغلبية مسلمة، هي العراق وسوريا وإيران والسودان وليبيا والصومال واليمن.
وكان ذلك أحد أكثر القرارات إثارة للفوضى والارتباك في بداية ولايته. إذ تم منع المسافرين من هذه الدول من الصعود على متن الطائرات المتجهة إلى الولايات المتحدة أو احتُجزوا في المطارات الأميركية بعد وصولهم، وكان من بينهم طلاب وأكاديميون ورجال أعمال وسياح وزوار عائليون.
وقد عُرف هذا الأمر باسم "حظر المسلمين" أو "حظر السفر"، وأُعيدت صياغته أكثر من مرة بعد الطعون القانونية حتى أيدت المحكمة العليا نسخة منه عام 2018.
وكان الحظر يشمل فئات مختلفة من المسافرين والمهاجرين من إيران والصومال واليمن وسوريا وليبيا، بالإضافة إلى كوريين شماليين وبعض مسؤولي الحكومة الفنزويلية وعائلاتهم.
ردود الفعل على قرار ترامبأدانت حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الحظر، ووصفت القرار في بيان بأنه "حملة وصم وتجريم" ضد الفنزويليين.
أما رئيس تشاد محمد ديبي إيتنو فقال إن بلاده ستعلق إصدار التأشيرات للمواطنين الأميركيين ردا على الحظر.
كما شجبت منظمات الإغاثة وإعادة توطين اللاجئين القرار.
وقالت رئيسة منظمة أوكسفام أميركا آبي ماكسمان: "هذه السياسة لا تتعلق بالأمن القومي، بل تتعلق بزرع الانقسام وتشويه صورة مجتمعات تسعى إلى الأمان والفرص في الولايات المتحدة".
لكن ردود الفعل على الحظر تنوعت بين الغضب والدعم الحذر.
ففي هايتي، تلقت محطات الراديو وابلا من المكالمات من مستمعين غاضبين، من بينهم كثيرون قالوا إنهم يعيشون في الولايات المتحدة واتهموا ترامب بالعنصرية، مشيرين إلى أن معظم الدول المستهدفة غالبية سكانها من السود.
إعلانوقالت إلفانيس لويس-غوست، وهي أميركية من أصول هايتية تبلغ من العمر 23 عاما، وكانت تنتظر رحلتها من نيوأرك في نيوجيرسي إلى فلوريدا: "لدي عائلة في هايتي، لذا من المحبط رؤية وسماع هذا الحظر. لا أعتقد أنه أمر جيد، بل أراه محزنا جدا".
أما ويليام لوبيز، مستثمر عقارات يبلغ من العمر 75 عاما جاء من كوبا في عام 1967، فقد أيد الحظر، وقال من مطعم قرب ليتل هافانا في ميامي: "هؤلاء أناس يأتون لكن لا يريدون العمل، يدعمون الحكومة الكوبية والشيوعية. ما تقوم به إدارة ترامب جيد تماما".