يمانيون:
2025-05-24@19:33:53 GMT

هل بدأ ترامب بالترنّح؟

تاريخ النشر: 11th, April 2025 GMT

هل بدأ ترامب بالترنّح؟

ناصر قنديل*

– بالرغم من التعابير المبتذلة التي وصف بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما قال إنه توسّل زعماء 75 دولة إليه لتعليق الرسوم الجمركية، واعتماد اتفاقات ثنائية بديلة تلبي الشروط الأمريكية، يبقى تعليق العمل بالرسوم لمدة 90 يوماً تراجعاً خطيراً في هيبة ترامب التي تشكل رأس المال الأول الذي يستثمر عليه، في الداخل والخارج، خصوصاً أن هذا التعليق جاء إثر انهيارات كارثيّة في سوق الأسهم، التي عبرت عن ارتياحها لقرار التعليق بتسجيل نتائج إيجابية بين 7 و8% بعدما خسرت بنسبة مماثلة خلال يومين تفاعلاً مع فرض الرسوم، بحيث يصعب تصديق أن التراجع لم يكن في جزء أساسيّ منه خشية خروج الأوضاع المالية في أسواق الأسهم والبورصة والمصارف عن السيطرة، والدخول في نفق مجهول مظلم يتداعى معه كل شيء وينهار بسبب ذلك البناء على رؤوس ساكنيه.

– التركيز على الصين كجهة تجب معاقبتها وتأديبها، في الوقت الذي يتمّ فيه تعليق الرسوم على مَن وصفهم ترامب بالحلفاء، لن ينجح بحشد جبهة عالميّة لحرب تجارية ضد الصين. فالمعنيّ الوازن بهذه الدعوة هي أوروبا التي ذاقت الأمرّين مع ترامب، سواء بتهديداته وقف تمويل حلف الناتو، والتنمّر على أوروبا كطرف ضعيف يطلب الحماية ولا يتحمّل النفقات، ومروراً بالانفتاح الأحاديّ على روسيا في ملف حرب أوكرانيا ومخاطبة أوروبا بلغة التخلّي لتواجه مصيرها بوجه روسيا دون غطاء أمريكيّ، وانتهاء بالرسوم الجمركية والحديث عن خلل يزيد عن 350 مليار دولار لمصلحة أوروبا، قال ترامب إنّه يريد تصحيحها عبر الرسوم وبيع الغاز المسال والنفط بأسعار مرتفعة، ليحل مكان الغاز والنفط الذي كان يصل بسلاسة وأسعار منخفضة من روسيا، بسبب الحرب التي قرّرت واشنطن خوضها ودعت أوروبا للانضمام إليها، ثم ها هي تتركها وحيدة في مواجهتها، فهل تستطيع أوروبا الثقة مجدداً بترامب وتخوض حرباً تجارية مع الصين، وهل تستطيع، وهي تعتمد بصورة شبه مطلقة على السلع الصينيّة في أسواقها الاستهلاكيّة.

– فشل ترامب في تحييد روسيا من بوابة مسعاه لوقف الحرب الأوكرانيّة، ولم يستطع المضي قدماً مع موسكو في خطة يعلم أنّها تغيّر وجه أوروبا بفرض انتصار روسيا بالاعتراف بالتغييرات التي تطلبها على الجغرافيا الأوكرانية، ولم يكن بينه وبين الصين حرب تجاريّة بعد، فهل يتوقع أن تنضمّ إليه روسيا ولو بالصمت، وتتخلّى عن حليفها الاستراتيجي الصيني، وعندما صعد خطاب الحرب بوجه إيران وجد حراكاً روسياً صينياً إيرانياً موحّداً يقول إن الحلفاء لن يتركوا بعضهم ولن ينخدعوا بمحاولة الاستفراد بهم واحداً واحداً، وترامب الذاهب إلى مفاوضات مع إيران، وقد فتح الحرب التجارية مع الصين، هل يتوقع مرونة إيرانيّة كي يتفرّغ للصين، أم يتوقع تراجعاً صينياً كي يتفرّغ لإيران.

– مشكلة ترامب أنه اعتقد بأن فائض التصويت الذي ناله، يمكن أن يعوّض التراجع الأمريكي العالمي سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وأن شخصيّته الفظّة ولغته المبتذلة تصنعان قوة لا تملكها أمريكا، وكأن العالم لا ينتبه أن جيوشه منذ قرابة شهر تقاتل في البحر الأحمر بكل قدرتها بوجه جماعة أنصار الله في اليمن، وتفشل في ضمان مرور سفينة واحدة متّجهة نحو موانئ كيان الاحتلال، رغم 300 غارة تشنّها طائراته يومياً في مناطق متفرّقة من اليمن. أم أنّه يعتقد أن العالم لا يعلم أن أمريكا عالقة مع “إسرائيل” في حرب الضغوط القصوى والنتائج الأدنى، وما دامت ترفض أن تساعد نفسها باتخاذ موقف عقلانيّ من الحرب، فلن يهبّ أحدٌ ويضحّي بما لديه لمساعدتها.

– حلم أمريكا العظيمة وأمريكا العظمى وأمريكا الكبرى، على محك واحد، لا علاقة له بعلّة في فائض القوة الماليّ والعسكريّ الذي تملكه أمريكا، بل بخيانة أمريكا للقيم المضافة التي طالما تغنّت بها من حماية حقوق الإنسان إلى حق الشعوب بتقرير مصيرها، ومكافحة الإرهاب، وآخرها حرية التجارة العالميّة، فكيف يثق بها الحلفاء قبل الخصوم.

* رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

ما الدولة التي تراهن عليها أميركا للتحرر من هيمنة الصين على المعادن النادرة؟

فتح التحول العالمي نحو السيارات الكهربائية والتوسع الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية، والصراعات التجارية بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية من ناحية وكون الصين أكبر منتج في العالم لمعادن الأرض النادرة من ناحية أخرى الباب أمام إندونيسيا كي تحتل مكانة إستراتيجية مهمة في سلاسل إمداد المعادن النادرة وصناعة بطاريات السيارات الكهربائية.

ونظرا لافتقارها إلى الاحتياطيات الطبيعية والإمدادات المحلية من معادن الأرض النادرة التي تستخدم في أغلب الصناعات المتطورة بدءا من السيارات الكهربائية وحتى الأقمار الصناعية ومركبات الفضاء، تواجه الولايات المتحدة حاجة ملحة لتأمين سلاسل توريد موثوقة لهذه المعادن بعد معالجتها.

وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأميركية تقول آنا بورغيل المحاضرة في سياسة التحول نحو الطاقة المستدامة بكلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جون هوبكنز الأميركية وسلمى خليل الباحثة في الكلية نفسها إن إندونيسيا تعتبر من أهم الخيارات المتاحة أمام الولايات المتحدة لتأمين إمدادات موثوقة من المعادن الأساسية ومكونات بطاريات السيارات الكهربائية.

 إندونيسيا.. أكبر احتياطي من النيكل

وقالت المحللتان إن إندونيسيا تمتلك أكبر احتياطيات من النيكل في العالم، وأصبحت في السنوات الأخيرة أكبر منتج له أيضا، كما تحولت من دولة مصدرة للنيكل الخام إلى مركز رئيسي للمعالجة والتصنيع.

إعلان

ففي عام 2022، حظرت الحكومة تصدير خام النيكل غير المعالج، ما دفع المستثمرين الأجانب إلى إنشاء مصاهر ومرافق وسيطة على الأراضي الإندونيسية لمعالجة وتصنيع النيكل محليا.

إندونيسيا بحاجة إلى تطوير صناعة النيكل للاستخدام أكثر في صناعة السيارات الكهربائية (شترستوك)

وحققت سياسة إندونيسيا للاستفادة من احتياطيات النيكل نتائج مبهرة؛ فقد تضاعفت عائدات صادرات النيكل إلى أكثر من 10 أمثالها خلال عقد من الزمن، لتصل إلى 30 مليار دولار عام 2022 ويعود جزء كبير من هذا النمو إلى تصدير منتجات النيكل ذات القيمة المضافة مثل النيكل الحديدي، وحديد النيكل الخام، والفولاذ المقاوم للصدأ بدلا من الخام.

وعلى سبيل المثال، ارتفعت قيمة صادرات النيكل الإندونيسي المستخدم في الفولاذ المقاوم للصدأ إلى 11.9 مليار دولار في عام 2022، وكتبت إيف واربورتون الباحثة في التغيرات السياسة والاجتماعية في تحليل نشرته ناشونال إنتريست، أن آفاقا استخراجية جديدة تظهر في إندونيسيا بسرعة مذهلة فضلا عن مراكز صناعية.

ومع ذلك، تأخر تطور سلاسل توريد بطاريات السيارات الكهربائية والأجهزة الإلكترونية في إندونيسيا عن طفرة الفولاذ المقاوم للصدأ، وحتى وقت قريب، كانت صناعة النيكل في إندونيسيا موجهة نحو إنتاج النيكل من "الفئة الثانية" المستخدم في صناعة الصلب، وليس إلى مركبات النيكل عالية النقاء "الفئة الأولى" اللازمة للبطاريات.

لذلك، انخفضت صادرات إندونيسيا من منتجات النيكل المتعلقة بالبطاريات في السنوات الأولى من حظر التصدير -من حوالي 307 ملايين دولار عام 2014 إلى 196 مليون دولار عام 2022- ما يعكس غياب القدرة التصنيعية اللازمة لإنتاج مواد صالحة للبطاريات، وفق المحللتين.

خطة إندونيسية

ولحل هذه المشكلة، خططت الحكومة الإندونيسية لتصبح واحدة من أكبر 3 دول منتجة لبطاريات السيارات الكهربائية في العالم بحلول عام 2027، مع قدرة متوقعة تبلغ 140 غيغاواتا/ساعة بحلول عام 2030، وقدمت الحكومة حوافز سخية -مثل الإعفاءات الضريبية لمدة تصل إلى 20 عاما للمشاريع الكبرى- لجذب المستثمرين إلى هذا القطاع.

وتصدرت الشركات الصينية قائمة الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع المعادن الأساسية بإندونيسيا، تلتها الشركات الكورية الجنوبية واليابانية. وبحلول عام 2021، شغلت إندونيسيا أول مصنع لديها بما يعرف بالاستخلاص الحمضي عالي الضغط (HPAL)؛ وهذا سد فجوة حرجة في سلسلة التوريد من خلال إنتاج مواد كيميائية من النيكل صالحة للاستخدام في البطاريات، وبحلول عام 2023 تم إطلاق 6 مشاريع للاستخلاص الحمضي عالي الضغط في إندونيسيا.

ويعني هذا أن إندونيسيا أصبحت قادرة على توفير ليس فقط الخام، بل أيضا المواد المكررة اللازمة لإنتاج أقطاب الكاثود في بطاريات الليثيوم، أي أنها ترسخ مكانتها كمصدر واحد مجمع لكل عناصر سلسلة الإمداد بدءا من المناجم إلى المواد الكيميائية المستخلصة، والتي تعتبر الجزء الأكثر صعوبة في سلسلة التوريد والتي تبحث عنها الولايات المتحدة والدول الغربية لتأمين احتياجاتها بعيدا عن الإنتاج الصيني والروسي، حسب المحللتين.

لدى إندونيسيا أكبر احتياطيات للنيكل في العالم (شترستوك)

لكن المشكلة هي أن هذا التطور الصناعي في إندونيسيا يتم من دون مشاركة أميركية تذكر، رغم حقيقة أن إنتاج هذا القطاع من النيكل والكوبالت يستخدم في سيارات شركة تسلا وغيرها من السيارات الكهربائية الأميركية.

إعلان عنصر حيوي

في الوقت نفسه فإن النيكل ليس مهما فقط في صناعة البطاريات عالية الكثافة المطلوبة لزيادة مدى السيارات الكهربائية، وإنما حيوي لتقليل الاعتماد على الكوبالت الذي يصعب الحصول عليه مع ارتفاع تكلفته.

ومن المنظور الأميركي، يمثل قطاع النيكل في إندونيسيا قيمة إستراتيجية حيوية في بناء سلاسل توريد بطاريات أكثر مرونة وتنوعا. ويعد استغلال قاعدة الموارد الإندونيسية وسيلة لتلبية الطلب المتزايد على النيكل في السيارات الكهربائية، مع تقليل الاعتماد على الصين، التي تسيطر على ما يصل إلى 90% من سلسلة توريد بطاريات الليثيوم المؤين العالمية حاليا.

ولذلك فالشراكة مع إندونيسيا تتيح للولايات المتحدة تقليل الفجوة الهائلة مع الصين في مجال إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية. ففي حين وصل إنتاج الصين من هذه البطاريات عام 2023 إلى حوالي 480 غيغاواتا/ساعة لم تنتج الولايات المتحدة سوى 58 غيغاواتا/ساعة، وفق رؤية المحللتين.

في الوقت نفسه فإن إندونيسيا تتحول إلى مركز شامل لسلسلة توريد السيارات الكهربائية في منطقة المحيطين الهندي والهادي. وإذا استمرت الولايات المتحدة في تجاهل هذا الأمر، فلن يكون لها تأثير يذكر على المعايير أو التسعير أو تدفقات الإمدادات الصادرة من أحد أهم مراكز هذه الإمدادات في العالم.

ورغم ذلك تواجه إندونيسيا مشكلة كبيرة تتمثل في اعتماد صناعة معالجة النيكل الخام على الطاقة الكهربائية المولدة بالفحم وهو ما يجعلها صناعة ملوثة للبيئة، ووفقا للتقديرات فإن إنتاج كل طن من النيكل المعالج، يطلق نحو 58.6 طنا من ثاني أكسيد الكربون.

ضعف متزايد

وتضع هذه الحقيقة ضعفا متزايدا على صناعة النيكل العالمية، إذ يتزايد اهتمام مشتري المعادن بالاستدامة، وفي الوقت نفسه فإنها تمثل فرصة للولايات المتحدة التي تستطيع مساعدة إندونيسيا في تطوير إنتاج "النيكل الأخضر" باستخدام بدائل لأفران الصهر، ودمج مصادر الطاقة المتجددة أو منخفضة الكربون، والاستفادة من تقنية احتجاز الكربون، وفق المحللتين.

إعلان

وثمة هناك أسباب وجيهة لتوقع تزايد الطلب على "الفولاذ الأخضر" وغيره من مواد البطاريات منخفضة الكربون، لأن الأسواق الأوروبية واليابانية ستتطلبها بشكل متزايد للامتثال للوائح التصدير.

وأخيرا تقول آنا بورغيل وسلمى خليل في تحليلهما إن إندونيسيا لا تعتبر مجرد فرصة استثمارية للشركات الأميركية ذات الطموحات العالمية أو الساعية للتحرر من هيمنة الصين على التكنولوجيا النظيفة، بل إنها إحدى الجبهات القليلة المتبقية في العالم التي ما يزال يمكن تحقيق مكاسب إستراتيجية فيها.

مقالات مشابهة

  • إحباط أميركي من موقف أوروبا التجاري مع الصين
  • معاريف: عقوبات أوروبا وموقف ترامب يقلبان الساعة الرملية لحرب غزة
  • روسيا تعرض على أسرى الحرب الأوكرانيين الانضمام إلى قواتها "ليحتلوا أوروبا معا"
  • هل تُعيد روسيا «1000 جندي أسير» إلى أوكرانيا بعد تدخل ترامب لإنهاء الحرب؟
  • ترامب يضغط على أوروبا لخفض الرسوم تحت تهديد تعريفات إضافية
  • دولفين الصين تقتحم أوروبا
  • ما الدولة التي تراهن عليها أميركا للتحرر من هيمنة الصين على المعادن النادرة؟
  • إندونيسيا الخيار الباقي أمام أمريكا للتحرر من هيمنة الصين على صناعة المعادن الأساسية
  • "أمازون": الطلب لم يتأثر بالرسوم الجمركية التي فرضها ترامب
  • بطاقة ترامب الذهبية: الإعلان عن موعد التسجيل.. و وزير: الرسوم قد تسهم في سداد ديون أمريكا