الجميع بألف خير والتحية لكل المناضلين من اجل الحرية والسلام والديمقراطية
تاريخ النشر: 12th, April 2025 GMT
الجميع بألف خير والتحية لكل المناضلين من اجل الحرية والسلام والديمقراطية بمناسبة ٦ أبريل التى شهدت إنتصارات لإرادة الشعب والقوى النضالية فى ١٩٨٥، ٢٠١٩ رغم محدودية التغيير ولكنها اصبحت رمزاً ثوريا يؤكد على مر السنين طموح وتوق وعشق الشعب السودانى للحرية والسلام والديمقراطية. وهى التطلعات التى لا تزال تنبض بالحياة فى وجدان هذا الشعب وستظل متقدة إلى ان تتم إرادة هذاالشعب بوطن معافى.
لاتزال نضالات الشعب السودانى تتواصل من اجل ذات الهدف منذ مقاومة الإستعمار، فكانت ثورة اكتوبر المجيدة وهى محطتنا الأولى التى أزكت وأوقدت شعلة الثورة المستمرة مرورابإنتفاضة أبريل العظيمة ووقوفا عند محطة ملحمة ديسمبر ٢٠١٨ الكبرى كنقطة مفصلية فى إسقاطأبشع نظام للبطش ألا وهو النظام الكيزانى البغيض. ولكن للأسف لم تكتمل الثورة او تصل إلى مقاصدها المرجوة لكن لاتزال المقاومة مستمرة رغم الحرب والعنف والدمار .
ما أردت قوله ان التوق والعشق الأبدى للحرية الذى يكمن فى جينات هذا الشعب لم يتحقق بعد منذمقاومة الإستعمار وحتى اليوم. فكل هذه الإنتفاضات والثورات هى عبارة عن ثورة واحدة تأخذ دوراتهاولكنها لا تصل إلى غاياتها حتى الآن.
تضج الاسافير بالمغالطات والصياح والنواح بينما الوطن يحترق تحت النيران التى تشتعل فى كل أركانه. والقوى المدنية جميعها لا تجتمع على كيفية الخروج من المأزق التأريخي.
لم يُنجز بعد مشروع الدولة السودانية وهى دولة المواطنة من قبل خروج الإستعمار وحتى اليوم. وفىإعتقادى ان عدم وجود القيادة الحقيقية او القائد الحقيقى الذى يتمتع بالكاريزما والرؤية والعزيمة هوالذي ادى إلى ما وصلنا اليه الآن.
لقد فقدت القوى المدنية أرضيتها الشعبية وأدواتها فى النضال واضحت فى مقاعد المتفرجين لا حول لها ولا قوة تنتظر نتيجة البندقية المليشيوية. بل حتى في هذا انقسمت فيما بينها. وللأسف الشديد فيها من يراهن على بندقية الدعم السريع لجلب السلام والديمقراطية والعدالة ويا له من رهان. وفيها من يراهن على الجيش لذات الغرض. ان خطاب القوى المدنية وشعارها (لا للحرب) الماثل الآن خطابعاطفى فقط لأنه ليس هناك إنسان سوي يدعو للحرب. ان من يدعو للحرب هو من يعد لها العدة فىصمت كامل ويستعد بتكوين الجيوش وتكوين الخلايا والمال حتى ساعة الصفر. وهذا ما فعله الجنجويد إذ كانوا يعدون لهذه الحرب منذ امد طويل ووجدوا الدعم اللازم والفرصة المناسبة فى الإنقضاض وتحديد ساعة الصفر.
فإذا كانت هناك عبرة مستفادة من هذه الحرب هو دحضها لفكرة او نظرية الكفاح المسلح التىناصرناها من قبل.
والآن اعتقد آن الأوان لدمج حركات دارفور المسلحة ما دامت تقاتل بجانب الجيش ابتداء من اليوموليس غدا لأننا الآن فى جدلية إيقاف الحرب والسلام.
فى هذه المداخلة تحديدا سأركز على الجيش السودانى. هناك عدة نقاط او عدة مسلمات يجب ان نتفقعليها وهى:-
اولا هذا الجيش اقدم من الدولة السودانية المعطوبة أصلا منذ قيامها الجغرافى فى عهد محمد علىباشا الذى أسهم إسهاما مقدرا فى تعطيل قيام وبناء الدولة السودانية.
ثانيا الجيش كان اداة سهلة وطيعة فى ايدى المغامرين من داخله او من الأحزاب السياسية المتعطشةللسلطة وبذلك كان الجيش دايما اول وأكثر الخاسرين.
ثالثا وللأمانة التاريخية الجيش كمنظومة متكاملة لم يقم بإنقلاب بمعنى ان الجيش السوداني لم يجتمع ويتفق بكل وحداته وأركانه للإنقلاب على السلطة وإنما تماهى مع من إنقلب عليها. هذه نقطة لابد منتثبيتها.
رابعا هناك فرية واداة من أدوات الحرب الحالية وهى ان مليشيا الدعم السريع هى من رحم الجيش. وهذا كلام عار عن الصحة إذا نظرنا حقيقة إلى كيفية قيام مليشيا الدعم السريع.
فقد أنشيء كترياق ضد الجيش نفسه. وهنا نعطى كل ذى حق حقه فالجيش كمنظومة لم يجتمع بمكوناته وأركانه وقيادته لتكوين الدعم السريع. هذه فرية كان يجب ان لا تنطلى على الكثيرين. وكثير من الضباط كانوا ضد انشاء مليشيا الجنجويد والمجرم عمر البشير جاء بها لحمايته وحماية نظامهوكأداة طيعة للإستمرار فى الحكم.
وجاءت الكارثة الكبرى بعد الثورة من البرهان بإعطاء الدعم السريع إستقلاليته عن إمرة القوات المسلحة ظنا منه انه سيكون أداة طيعة فى يده بنفس حماقة البشير وهو الخطأ الذي اكتشفه البرهان مؤخراً والآن يدفع ثمنه الجميع.
ثم تبعتها اخطاء قوى الحرية والتغيير فى انها أعطت مساحة للمجرم حميدتى.
فلا يمكن ان تكون انت رمزا للثورة والثوار الذين سحقتهم آلة الدعم السريع وشعار الثورة (الجنجويد للحل) وتذهب انت كممثل للثورة لحضور حفل تخريج جحافل القتلة.
خامسا هناك من يقول إن الجيش هو عبارة عن مليشيا كيزانية. هذا ليس صحيحا وإلا ماهى كتائب البراء ومليشيا الدعم السريع؟ هذا الخطاب هو جزء اساسى من هذه الحرب وهو خطاب مدفوع منقوى خارجية طامعة اطلت علينا بواسطة أبواق كالحة ناشطه فى الأسافير ومعهم مجموعة مندسة بين القوى المدنية إستطاعت ان تغير مسار القوى الوطنية. وقد أثبت ذلك إجتماع نيروبى. وبهذه المناسبة نُطالب الرئيس روتو بالإعتذار عن تدنيس قاعة الزعيم جومو كنياتا بهولاء الأوباش ومن شاركهم فى تدنيس إسم احد اكبر زعماء حركات التحرر الأفريقية. ألا رفقا بنا وببلادك يا روتو!
ختاما لقد كنت ومعى كثيرون غير راضين عن كثير من المواقف التى تمت والإتفاقات التي أبرمت. فمثلامن الأساس والمبدأ كان يجب ان لا يكون هناك وجود لحميدتي فى المشهد وكان يجب على القوى رفض الجلوس فى طاولة يوجد فيها هذا الرجل. كما كان فى إعتقادي، مثل الكثيرين، ومنذ الأيام الأولى لثورة ديسمبر، إذ كان جليا انه أتى مدعوما من قوى إقليمية وخارجية لينفذ مشروعه الخاص والمعد سلفا منقبل اندلاع الثورة وهذا ما اثبتته الأيام. كان إعداد حميدتى ومن خلفه القوى الإقليمية الطامعة فىالسودان لخلافة البشير فى السلطة وعندما قطعت الثورة الطريق إلى ذلك التحول تحولت الخطة. وماإتفاق جوبا الذى اعد له وموله حميدتى إلى بداية ذلك التآمر لضرب الثورة إلا دايل على ذلك. وقد نبهلذلك عدد من الكتاب على را سهم مولانا سيف الدولة حمدناالله عبدالقادر متعه الله بالصحة والعافية. فقد كان واضحا كما الشمس وقال ان حميدتى لديه مشروعه الخاص والمدعوم من الإمارات ومنوراءها. أمر آخر جلى وهو فض الإعتصام. نعم لقد إتفقت قيادة الجيش والأمن والشرطة وجميع القوةالعسكرية والأمنية على فض الإعتصام ولكن ليس على الكيفية وما صاحب ذلك من كارثة تظل قيادة الجيش مسؤولة عنه لأنها تركت امر التنفيذ لقوات الجنجويد كأنها ارادت توريطها فى هذا. ولكن قيادة الجيش نفسها تفاجأت بكمية العنف والقتل التى تمت مما عبر عنه الفريق الكباشى بكلمة (حدث ماحدث) او حدس ما حدس او كما قال هذه العبارة. فهي تدل على انه نفسه تفاجا بالطريقة وبررها بهذه الكلمات. فقد انفرط الأمر من يدهم فكما أرادوا ان يورطوا الجنجويد بفض الإعتصام ورطتهم مليشيات الجنجويد بإرتكاب المجزرة البشعة. فحميدتى يتلقى الأوامر من دولة الإمارات وليس من قيادة الجيش
ونواصل.
منتصر اباصالح
كنتكت 8 ابريل 2025
montasiridris@icloud.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوى المدنیة الدعم السریع قیادة الجیش
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني: المصنع الأم للإجرام ومأزق النخبة النيلية:
الجيش السوداني: المصنع الأم للإجرام ومأزق النخبة النيلية:
خالد كودي، بوسطن
حين يُشيطن “الابن” ويُطهّر “الأب”- رد علي الأستاذ (س ا، واخرين)
اندلعت الحرب الحالية في السودان بتاريخ 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في العاصمة الخرطوم، قبل أن تمتد سريعًا إلى مدن رئيسية أخرى مثل أم درمان، بحري، الأبيض، مدني، سنار، وغيرها… وقد شكّلت هذه الحرب، بعنفها المركّز وبلوغها مناطق لم تعرف الحرب في تاريخها الحديث، منعطفًا وجوديًا كشف عن البُنى العميقة للوعي الجمعي السوداني، وأخرج إلى السطح مكبوتات جهوية وعرقية، وانحيازات كانت حتى وقت قريب مغطّاة بطلاء رقيق من خطاب الدولة القومية “المتخيّلة.”
ولأن هذه الحرب، مثل سابقاتها في الجنوب (1955–1972، 1983–2005)، وفي دارفور (2003–الآن)، وجبال النوبة والنيل الأزرق (2011–الآن)، قد وضعت الهامش والمركز وجهاً لوجه، فقد ظهر مجددًا أسوأ ما في البنية السودانية: الاصطفاف الإثني، الجهوي والنخبوي باسم الدولة، والانحياز الانتقائي باسم الوطنية.
إنّ ما نشهده اليوم من إدانة مطلقة لقوات الدعم السريع، وإعفاء تام للجيش السوداني، من قبل الكثير من النخب وأصحاب الامتيازات التاريخية لا يستند إلى معيار أخلاقي أو قانوني، بل إلى موقف ذاتي متحيّز، تحكمه الانتماءات الجهوية والطبقية لهذه النخب، لا الحقائق الموضوعية ولا التاريخ الموثّق.
أولاً: من صنع الدعم السريع؟ الجيش لا غيره:
جميع الوثائق الرسمية، بما فيها المراسيم الرئاسية الصادرة عن عمر البشير، تشير بوضوح إلى أنّ الدعم السريع تأسّس كقوة نظامية تحت إشراف مباشر من جهاز الأمن والمخابرات، وبأمر رئاسي، وتمّ إلحاقه بالجيش لاحقًا بموجب تعديل دستوري (2017) جعل منه “قوة مستقلة تتبع للقائد الأعلى للقوات المسلحة”، أي رئيس الجمهورية، الذي هو القائد الأعلى للجيش. وبموجب هذا الترتيب، تم تسليح وتدريب ودمج قوات الدعم السريع ضمن المنظومة العسكرية السودانية، وليس خارجها
ولم يكن هذا مجرد “خطأ سياسي” أو “تحالف تكتيكي”، بل كان استثمارًا استراتيجيًا في العنف، ووسيلة لحماية النظام الإسلامي – العسكري من خطر السقوط، سواء في دارفور، او كردفان أو حتي أمام حراك سبتمبر 2013، أو في انتفاضة ديسمبر 2018. وبعبارة أدق: الدعم السريع حينها هو ملحق تكتيكي لجيش استراتيجي في القمع.
ثانيًا: كل ما ارتكبه الدعم السريع… سبقه الجيش إليه:
من دارفور إلى جبال النوبة، ومن النيل الأزرق إلى الجنوب، الجيش السوداني كان وما زال الفاعل الرئيسي في جرائم الإبادة، التطهير العرقي، القصف الجوي للقرى، استخدام سلاح الاغتصاب، الحصار الغذائي، التهجير القسري، وجرائم أخرى موثقة في تقارير هيومن رايتس ووتش، الأمم المتحدة، مجموعة الأزمات الدولية وغيرها…
بل إنّ ما تتهم به النخب المركزية اليوم الدعم السريع في مدني والجزيرة – من نهب وسرقة واغتصاب – مارسه الجيش حرفيًا في بابنوسة، هجليج، دلامي، تلودي، أبوكرشولا…الخ.. بل إنّ القصف الجوي على المدنيين في جبال النوبة (2011–2016)، الذي وثّقته مبادرة كفاية ومشروع القنابل، كان يتم عبر الطيران الحربي الذي يملكه الجيش، وليس الدعم السريع!
ثالثًا: النخبة النيلية وصمتها المُطبِق حين كانت الحرب “في مكان آخر:”
حين كانت الحرب محصورة في “الهامش”، تبنّت ذات النخب التي تصرخ الآن ضد تحالف تأسيس مستخدمة ذريعة الدعم السريع خطابًا مخزيًا: أن ما يجري هو “حرب ضد المتمردين”، و”كفار يحملون السلاح ضد الوطن”، و”متمردون تدعمهم إسرائيل”! كان الجنود يقتلون الأبرياء في جنوب السودان باسم “الجهاد”، ويُغتصب نساء جبال النوبة والنيل الازرق بدعوى “التطهير العرقي”، وتُحرق قرى دارفور على يد الجيش والمليشيات تحت شعار “هي لله”. وكل ذلك مرّ تحت سمع وبصر النخبة النيلية التي لم تحرّك ساكنًا، لا ماديًا ولا معنويًا.
لم تكن تلك النخبة تجهل الجرائم. كانت تبرّرها.
رابعًا: حين وصلت الحرب إلى الخرطوم… تغيّر الموقف فجأة:
اليوم فقط، عندما وصلت الحرب إلى أحياء بري، العمارات، كافوري، ود نوباوي، ظهرت فجأة خطابات “حل الدعم السريع”، و”استعادة الجيش القومي”، و”إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية”، دون أي ذكر لسجل الجيش الإجرامي، أو لدوره التاريخي في قمع الشعب، أو لتحالفه مع الإسلاميين حتي، وان تم الذكر يكون علي حياء!
هنا، يظهر التناقض الصارخ: يريدون حل المليشيا التي صنعتها أيديهم، دون أن يعترفوا بأنّ المجرم الأكبر ما زال هو الجيش السوداني، بكل مؤسساته، من القيادة العامة حتى المدرعات… ويريدون منه ان يعيد هيكلة نفسه …لا اكثر!
خامسًا: الجيش بوصفه أداة الإسلام السياسي وهيمنة النخبة:
الجيش ليس قوة “قومية محايدة”، بل هو أداة سلطوية بيد طبقة حاكمة مركزية، إسلامية، وعرقية. وهو ما تكشّف بوضوح بعد الانقلاب على الوثيقة الدستورية (2021)، وإعادة إنتاج السلطة العسكرية عبر تحالف البرهان–الكيزان، وتعديلاتهم على الوثيقة الدستورية لترسيخ سلطتهم المطلقة.
في المقابل، فإن الدعم السريع، ورغم سجله الدموي، قد:
– وقّع على ميثاق تأسيس السودان الجديد (فبراير 2025
– وقّع على دستور انتقالي جديد قائم على مبادئ العلمانية، الفيدرالية، العدالة التاريخية، حق تقرير المصير، والمساواة بين الشعوب.
– قبِل الخضوع لعملية دمج تحت إشراف مدني وليس عسكري
– اعترف بمسؤوليته عن بعض الجرائم في دارفور، وهو ما لم يقم به الجيش إطلاقًا
وهنا المفارقة التي تعري كل شيء: قوة مارست الإجرام، وتراجع موقفها باتجاه مشروع ديمقراطي، تُرفض رفضًا مطلقًا، بينما يُمنح الجيش، رغم تاريخه الأسود، حصانة مقدّسة باسم “القومية” و”الوطنية” و”المؤسسة العريقة” وتريدونه ان يعيد هيكلة نفسه!!
سادسًا: في الرد على مقولة “الجيش يحتاج لإعادة صياغة، أما الدعم السريع فهو مليشيا يجب حلها”
هذه المقولة مضللة:
١/ الجيش أيضًا مليشيا بمقاييس القانون الدولي: لأنه لم يخضع قط لسلطة مدنية، وشارك في كل انقلابات السودان، وقتل المتظاهرين السلميين، واستغل سلطته لتقويض الدولة.
٢/ الجيش درّب وصنع الدعم السريع، بل درّب أيضًا مليشيات القبائل، وكتائب الظل، ومليشيا الأمن الشعبي، وسهّل تكوين مليشيات الدفاع الشعبي…والان البنيان المرصوص والبراء بن مالك والقائمة تطول…
٣/ ما من مؤسسة يمكن إعادة هيكلتها دون اعتراف بجرائمها أولًا. أما أن يُعاد بناء الجيش دون مساءلة فهو تكريس للديكتاتورية العسكرية لا غير.
في الختام: المعيار ليس من أنت، بل ما الذي تمثّله:
إنّ الموقف الصحيح في هذا الوقت من أي قوة مسلّحة في السودان، سواء كانت الجيش أو الدعم السريع أو غيرهما، لا يجب أن يُبنى على الانتماءات الهوياتية أو الاصطفافات الجغرافية، بل على موقف هذه القوى من المشروع الوطني الجديد، كما ورد في ميثاق تحالف تأسيس، والذي ينادي بقيام دولة سودانية مدنية، ديمقراطية، لا مركزية، تقوم على العلمانية، العدالة التاريخية، المساواة بين الشعوب، وحق تقرير المصير، وبناء جيش وطني جديد.
وعليه، فإنّ تقييم الجيش أو الدعم السريع يجب أن ينبني على مدى التزام كل منهما بهذه المبادئ:
– إذا كان الجيش هو من رعى العنف الممنهج منذ الاستقلال، وكرّس هيمنة الدولة المركزية القامعة، ورفض علنًا أي إصلاح حقيقي يمسّ بنيته العقائدية والطبقية، فإنّه لا يمكن أن يكون شريكًا في بناء السودان الجديد.
– وإذا كانت قوات الدعم السريع، رغم سجلها المأساوي، قد أبدت استعدادًا مبدئيًا للدخول في مشروع تأسيسي جديد، عبر التوقيع على ميثاق ودستور يقر بالمواطنة المتساوية والعدالة التاريخية، فإنّ ذلك يستوجب النظر إليها لا بوصفها خصمًا مسبقًا، بل بوصفها طرفًا يجب اختباره بناءً على التزامه العملي بهذا التحوّل.
إنّ انحياز بعض النخب النيلية للجيش، رغم سجله الدموي الأوسع، لا يعكس موقفًا مبدئيًا من العنف، بل هو انعكاس لرغبة دفينة في إعادة إنتاج الدولة القديمة التي ظلّت لعقود تمثّل مصالحها. وفي المقابل، فإنّ المناداة بحل الدعم السريع دون الحديث عن إعادة بناء المؤسسة العسكرية بالكامل، بما في ذلك تفكيك بنيتها الأيديولوجية والعقائدية، هو موقف انتقائي، لا يخدم سوى استمرار الديكتاتورية بثوب قومي زائف.
إنّ بناء جيش جديد، متعدد، خاضع لسلطة مدنية، يندمج في رؤية السودان الجديد، هو المهمة التاريخية التي لا تقبل التأجيل. وكل ما دون ذلك، هو استمرار في إعادة تدوير المأساة.
النضال مستمر والنصر اكيد.
(أدوات البحث التقليدية والإليكترونية الحديثة استخدمت في هذه السلسلة من المقالات)
الوسومالإجرام الجيش السوداني الدعم السريع المصنع الأم النخب النيلية خالد كودي