الأكبر تاريخيا.. ما جدوى اتفاقيات الطاقة بين العراق وشركات أمريكية؟
تاريخ النشر: 14th, April 2025 GMT
في خطوة هي الأولى من نوعها و"الأكبر" في تاريخ قطاع الكهرباء العراقي، أبرمت بغداد اتفاقيات عدة مع شركات أمريكية لإنتاج 27 ألف ميغاواط، في وقت تضغط فيه واشنطن لإيقاف الإعفاءات التي تمنها للعراق لاستيراد الغاز الإيراني لإنتاج الطاقة الكهربائية.
يأتي ذلك بعدما استقبلت بغداد، الأسبوع الماضي، وفدا من غرفة التجارة الأمريكية برئاسة استيف لوتس مكونا من 101 عضوا يمثل نحو 60 شركة أمريكية في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والصحة، والتي تعد أكبر بعثة تجارية ترسلها للعراق في تاريخ الغرفة.
تجاوز للإمكانيات
وبخصوص توقيت توقيع الاتفاقيات هذه، أكد الخبير الاقتصادي العراقي، زياد الهاشمي، قائلا: "رغم أن زيارة وفد الشركات جرى في مناخ دولي وإقليمي صعب للغاية نتيجة الإجراءات الأمريكية الخاصة بالرسوم الجمركية، لكنها تم التنسيق لها منذ أشهر، ولم يكن لها ارتباط مباشر بالقرارات التي هزت اقتصادات العالم".
وأضاف الهاشمي في حديث لـ"عربي21" أن "الاتفاقات التي تمت بين الجانب العراقي والشركات الأمريكية والتي تُقدر بعشرات المليارات تركز على قطاع الطاقة والمصارف، لم ترقِ إلى مستوى العقود الملزمة لكلا الطرفين".
وتابع: "هذه الاتفاقات أفضت فقط إلى توقيع مذكرات تفاهم مما يجعلها عرضة لعدم التنفيذ كحال العشرات التي تم توقيعها خلال السنوات الماضية ولم تر النور بسبب التجاذبات السياسية وقوة تأثير نفوذ الفساد على صناعة القرار الاقتصادي".
وفيما يتعلق بقطاع الطاقة، أوضح الهاشمي أن "مذكرات التفاهم التي تخص إنشاء محطات إنتاج كهربائية تحتاج إلى تمويل هائل يصل إلى ٣٠ مليار دولار أمريكي، وهذه من الصعب جدا توفيرها سواء من الحكومة العراقية أو ممولين داخليين أو دوليين".
وأردف: "إضافة إلى أن تلك المحطات تحتاج لكميات ضخمة للغاية من الغاز تتجاوز ٣٠ مليار متر مكعب، وهي أعلى بمراحل من قدرة العراق على توفير الغاز لها سواء محليا أو من إيران وغيرها من مصادر مستقبلية، ناهيك عن الكلفة العالية لهذا الغاز والتي تُقدر بأكثر من ١٣ مليار دولار سنويا".
واعتبر الهاشمي "هذه الاتفاقات طموحة للغاية وتتجاوز إمكانيات العراق الحقيقية لتوفير التمويل اللازم لإنشائها وقدرتها على توفير الطاقة المطلوبة لها لتشغيلها. لذلك إنشاء مثل هذه محطات إن تمت، فهي من المحتمل أن تزيد من اعتماد بغداد على الغاز المستورد، ولاسيما الغاز الإيراني".
أبعاد سياسية
وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي العراقي، غالب الدعمي في حديث لـ"عربي21"، إن "قرار إبرام مثل هذه الاتفاقيات يفترض أن يحصل قبل هذه المدة، وبالتالي يتخذ العراق ما يناسب شعبه من قرارات وبعيدا عن التأثر بوجهة نظر أخرى".
وأضاف الدعمي أن "إبرام هذه الاتفاقات اليوم فسرت على أنها جاءت تأثرا بالتقارب الأمريكي الإيراني، وكأن العراق هو تبع لما يحصل في إيران، فإذا اختلفت مع أمريكا نختلف وإذا ترضى نرضى، وهذا من شأنه أن يضر في البلد وسمعته وقراره وسيادته".
وأشار إلى أن "هذه الخطوة رغم مجيئها متأخرة، لكن من الضروري أن يذهب العراق بهذا الاتجاه ويستثمر علاقاته مع الولايات المتحدة وإبرام عقود معها ومع دول أخرى غربية لأن مشاريعها وشركاتها متميزة، إضافة إلى أن دعمها للبلد متميز أيضا".
ورأى الدعمي أن "هذه الاتفاقات المبرمة بين بغداد والشركات الأمريكية المعروفة، بالإضافة إلى بعدها الاقتصادي، لكنها تحمل جوانب سياسية وأمنية، إذ أن العراق لا يريد من خلال هذه الخطوة إغضاب الولايات المتحدة الأمريكية مبكرا".
ولفت إلى أنه "إذا تحسنت العلاقة الأمريكية الإيرانية، فإنها ستنعكس على العراق وبالتالي يستورد البلد الغاز بكل أريحية من إيران، لكن التساؤل الذي يطرح نفسه لماذا تتعاقد الحكومة العراقية على إنشاء محطات غازية ونحن نعاني من مشكلة الغاز".
وتساءل الدعمي قائلا: "هل المطلوب من وراء إنشاء محطات غازية أن يستمر العراق في البحث عن منافذ جديدة للغاز، أو أن يستمر في استيراد الغاز الإيراني؟ وهذه أيضا مشكلة".
وتابع: "لكن بشكل أو بآخر، فإن هذه العقود التي من المفترض أن تنتج للعراق 27 ألف ميغاواط أعتقد أنها كافية للاستهلاك المحلي لسد الحاجة في غضون السنوات المقبلة، رغم أن هذه المشاريع لن تكتمل في سنتين أو ثلاث، وإنما في مراحل طويلة".
وخلص الدعمي إلى أنه "إذا استمرت طبيعة العلاقة مع الولايات المتحدة بشكل إيجابي، فإني أعتقد سيكون هناك تحسن في ملف الطاقة بالعراق، أما إذا بقيت خاضعة للشد والجذب وللتأثر بالعلاقات الإيرانية الأمريكية، فإن وضع البلد سيتمر بهذه الفوضى".
وفي 9 نيسان/ أبريل الجاري، جرى في بغداد التوقيع على مذكرات اتفاقيات عدة بحضور رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، وذلك خلال زيارة وفد تجاري أمريكي رفيع، بحسب بيان حكومي.
وشملت المذكرة الأولى اتفاق إطار مبادئ للتعاون مع شركة "جي إي فيرنوفا" الأمريكية، تتضمن مشاريع لإنشاء محطات إنتاج طاقة غازية مركبة بسعة إجمالية تصل إلى 24 ألف ميغاواط.
وذكر البيان العراقي أن المذكرة تأتي ضمن "خطة هي الأوسع والأحدث في تاريخ العراق"، مع إمكانية تأمين التمويل الخارجي من بنوك عالمية.
أما المذكرة الثانية، فوقّعتها وزارة الكهرباء مع شركة "يو جي تي رينيوبل" الأمريكية لإنشاء مشروع متكامل للطاقة الشمسية بسعة 3 آلاف ميغاواط، إلى جانب أنظمة لتخزين الطاقة بالبطاريات بقدرة تصل إلى 500 ميغاواط/ساعة، وتحديث شبكات النقل والتوزيع، وإنشاء بنية تحتية جديدة لنقل التيار المباشر عالي الجهد بطول يصل إلى ألف كيلومتر.
وكانت مذكرة التفاهم الثالثة، بين اتحاد الغرف التجارية العراقية وغرفة التجارة الأمريكية، تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي بين البلدين، وفقا للبيان الحكومي العراقي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية العراقي الولايات المتحدة العراق الولايات المتحدة النفط المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه الاتفاقات إنشاء محطات إلى أن
إقرأ أيضاً:
معنيون بالقطاع الزراعي في اللاذقية: تنفيذ اتفاقيات الطاقة يوفر مستلزمات الإنتاج ويدعم التنمية المستدامة
اللاذقية-سانا
يأمل القائمون على القطاع الزراعي في محافظة اللاذقية أن يشهد هذا القطاع انتعاشاً ملحوظاً، يسهم في تعزيز الأمن الغذائي، ودعم الاقتصاد الوطني، وذلك بعد توقيع مذكرة التفاهم بين وزارة الطاقة ومجموعة شركات دولية بعد أن عانت الزراعة لسنوات من تردي البنية التحتية، جراء سياسة النظام البائد والعقوبات الاقتصادية ما أثّر سلباً على الإنتاجية والتسويق، وخلّف أعباءً اقتصادية كبيرة على المزارعين.
مدير زراعة اللاذقية المهندس عبد الفتاح السمر، بين في تصريح لمراسل سانا أن توفير الكهرباء من خلال هذه الاتفاقيات سيسهم في التوسع في مشاريع الري الحديث، وضخ المياه إلى مساحات أكبر بكفاءة عالية، ما يُحسّن إنتاجية المحاصيل ونوعيتها، كما سيسمح بتطبيق التقنيات الزراعية المتطورة، مثل أنظمة التحكم بالري الآلي، وحماية المزروعات من الصقيع عبر مراوح التهوية، وتنظيم الرطوبة في الزراعات المحمية.
وأضاف السمر: إن توافر الكهرباء سيعمل أيضاً على زيادة كفاءة وحدات الفرز والتعبئة، ما يُقلل الفاقد ويرفع جودة المنتج، إضافة إلى تخفيض تكاليف التشغيل، ما يُخفف الأعباء عن المزارعين، كما سينعكس إيجاباً على تنظيم الري وترشيد استهلاك المياه، وسيسهم في زيادة المساحات المزروعة، عبر ضخ المياه من السدود والحفر التجميعية في المناطق التي تعاني شحاً مائياً، إضافة إلى خفض تكاليف الإنتاج، ما يُقلل أسعار المنتجات على المستهلك، ويشجّع الاستثمار الزراعي.
من جهتهم، وجد المزارعون في هذه الاتفاقيات حلاً دائماً ينقذ الواقع الزراعي في المحافظة الذي شهد تراجعاً كبيراً خلال السنوات الماضية، حيث أكّد المزارع ناصر صلاح الدين أن الكهرباء عامل مهم لتحقيق إنتاجية عالية، وأن الضخ والفرز والتوضيب تعتمد كلياً على الطاقة، ما يُقلل التكاليف عن المنتجين والمستهلكين.
من جانبه، شدّد المهندس الزراعي علي خدام على أن الكهرباء رافعة للتنمية الاقتصادية، إذ تُسهّل الإنتاج والتسويق، وتُخفف الأعباء المادية، وتُحسّن العائد المادي للمزارعين والدخل الوطني.
بدوره، وجد المزارع أيهم محمد أن الجهود الحالية لتأمين الكهرباء تشكل خطوة حيوية لإعادة إعمار القطاع الزراعي، بعد سنوات من التراجع، في حين أمل المزارع إبراهيم نصر أن يتيح تطبيق هذه الاتفاقيات انتعاشاً زراعياً يُسهم في تحقيق الأمن الغذائي، ويُعيد الدور الاقتصادي للقطاع كرافد أساسي للتنمية.
تابعوا أخبار سانا على