الثورة نت:
2025-08-01@13:17:18 GMT

أمريكا.. من معيار المعرفة والمنطق

تاريخ النشر: 18th, April 2025 GMT

أمريكا.. من معيار المعرفة والمنطق

 

يبدو أننا اليوم أمام تحولات عجيبة في بنية النظام الدولي وقد بدأت مؤشرات ذلك منذ زمن لكنها أكثر ظهورا اليوم من خلال مؤشرات الصراع التي يقودها ترامب وفريقه ضد العالم، ويبدو أن تركيز ترامب على الشرق الأوسط وعلى الصين وروسيا وايران واضح، وهو تركيز يبعث كوامن الصراع الذي يعيد تشكيل بنية النظام الدولي، ويفرض واقعا جديدا، تريد أمريكا أن تتحكم بمساره، حتى تستمر هيمنتها عليه من خلال فرض مركزية إسرائيل كقوة تدور بها ومن خلالها مصالح المنطقة، ومن خلال إحداث التوازن مع روسيا والصين وايران، وبحيث تبتعد ايران بعدا مناسبا من التقارب مع الصين التي تهدد أمريكا بانهيار اقتصادي وشيك إذا استمرت حرب الرسوم الضريبية بين البلدين .

وبالعودة إلى السياقات التاريخية نجد أنه منذ كتب بريجنسكي كتابه «بين عصرين» والذي تحدث فيه قائلاً: إن الرأسمالية تواجه هزيمة آيديولوجية وفكرية كبيرة جداً، ويقول في سياق كتابه ذلك أن الحل الوحيد هو إحياء ما أسماه «الأصوليات الدينية» ودفعها للتصادم مع المنظومة الشيوعية والاشتراكية وحركات التحرر عندها – حسب رؤيته في مضمون كتابه الصادر في مطلع عقد السبعينيات- سوف تهزم الشيوعية والاشتراكية بقوة الأصوليات الدينية، وهزيمة تلك المنظومة سيوفر للرأسمالية الأمريكية فرصاً استراتيجية كبرى لإعادة تنظيم العالم تحت قيادتها.. ووفقاً لهذا المنطلق النظري تبنت السياسة الأمريكية منذ عهد كارتر الذي رأس أمريكا خلال الفترة «1977م-1981م» خطة استراتيجية لدعم الأصوليات الدينية، ليس حباً في الدين وإنما من باب كراهية الشيوعية وحركات التحرر، ورغبة في حماية المصالح الاستراتيجية لأمريكا.

والملاحظ أنه خلال فترة الرئيس الأمريكي رونالد ريغان والممتدة من «81م-1989م» تعاظم المد الأصولي وقويت الحركات الأصولية الدينية «الإسلامية واليهودية والمسيحية والهندوسية» في العالم كله، وذلك النشاط المستعر والمحموم أدى إلى تحقيق أهم الخطوات التمهيدية للسيطرة على العالم وتمثلت في تفكيك المنظومة الاشتراكية وإزالة العقبة الشيوعية، وإشعال أو استنزاف وشرذمة حركات التحرر في الأقطار العربية، وفرض شروط الاستسلام للصهيونية في فلسطين.

ومن يعود إلى مرجعيات تلك الحقبة الزمنية يجد ذلك شائعاً في الخطاب الثقافي والسياسي والإعلامي، ومن نافلة القول إن الهدف من تلك الاستراتيجيات التي كانت تتبناها دوائر صنع القرار الأمريكي «الكونجرس والبنتاجون بكل منظومته الأمنية والعسكرية والاستخبارية» هو تفتيت وتفكيك العرب على أسس ما قبل الدولة الوطنية لتسهيل السيطرة عليهم، وذلك عن طريق العصبيات الطائفية والعرقية والحضارية لكون أمريكا وصلت إلى مرحلة الشيخوخة وأصبح نظامها الرأسمالي عاجزاً عن توفير احتياجات إمبراطوريتها، وما لم يتم تمزيق العرب لتغذية الخلافات والصراعات بينهم فهي تدرك أنها ستكون عاجزة عن السيطرة على الموارد وبالتالي تزداد أزمتها البنيوية اتساعاً، ولذلك سعت على القضاء على محركات الثورة كالحركة القومية «حزب البعث»، وأعلنت حربها على العراق في مطلع عقد التسعينيات، وكان حزب البعث هو حركة التحرر التي تهددها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، لذلك أشعلت الفتن الطائفية في العراق وحروب الأديان حتى تستطيع فرض نمط يخلّصها من الصراعات ويبعدها عن شبح الانهيارات، وهي اليوم كما هو واضح للعيان قد ساهمت في خلق إسلام سني يواجه بكل رباطة جأش الإسلام الشيعي ولم نعد نسمع عن الأزمات الاقتصادية التي كانت تبدو كشبح يهدد بنيتها الامبراطورية بالفناء والتلاشي والاضمحلال بل كادت أن تتجاوز تلك الأزمات بفضل حركة الدمار الشامل التي يقودها المسلمون ضد بعضهم بعضا، وبعد أمد لن يطول يصبح التوفيق بين المسلمين مستحيلاً، وتسعى الصهيونية العالمية إلى أن تكون المواجهة بين المعسكرين السني والشيعي أبدية لتصل إلى مرحلة التدمير الشامل وبحيث يتحول العرب والمسلمون إلى كتلة تاريخية محاربة لا تحب السلام والاستقرار، تحركهم الأحقاد والعصبيات والثأرات وهي حالة لا تنسجم مع حالة العالم ولا مع مصالحه، وعند هذه النتيجة قد ينشأ توافق عالمي على ضرورة القضاء على الإسلام باعتباره الحل الوحيد لإنقاذ العالم من شروره.

اليوم أمريكا تشهد ثورة عارمة تكاد تعصف بها، وكل المؤشرات التي ظهرت منذ حرب فيروس كورونا وانتهاء بحرب الرسوم الجمركية بينها وبين الصين تقول ثمة تراجع يحدث في مسار النظام العالمي ينذر بتبدل وتغير لم تكن أمريكا ولا نظامها الرأسمالي يحسب حسابا له، هذا التراجع يفسح المجال للصين كي تكون في صدارة النظام العالمي الجديد، وتلك هي سنن الله في كونه، فبقاء الحال على ما هو عليه من المستحيلات التي لا تتسق مع عقل ولا منطق ولا تاريخ.

أمريكا تشرب من ذات الكأس الذي كانت تذيقه أنظمة العالم التي تسير ضد واقعها ومصالحها وقد هيأ الله لها أحمق بذات المواصفات التي هيأ بها للنظام الاشتراكي في بداية عقد التسعينات من القرن الماضي وهي تترنح اليوم وسيكون السقوط مدويا لا محالة .

لقد كشفت أمريكا أوراق لعبتها للعالم – “فترامب “ – بكل حماقته – كان معولا يهدم صخور التبلد في أذهان المخدوعين بأمريكا لتكون الحقيقة عارية دون خداع وزيف، وقد تجردت من مفردات حقوق الإنسان، وتجردت من كلمة الحريات والأقليات، ومن الديمقراطية ومن كل القيم التي لم تكن حقائق بل زيف وخداع بدليل ما يحدث أو حدث في غزة وفي لبنان وما حدث ويحدث اليوم في اليمن الذي تستخدم كل قوتها ضده وهو شعب أعزل ضعيف محاصر منذ عقد من الزمن فقد استخدمت ضده كل أسلحتها ومقدراتها واستنفرت العالم لحربه لكن الله سيكون نصير المستضعفين في الأرض .

سقوط النظام الرأسمالي أصبح وشيكا ولن يكون حال العالم ولا النظام العالمي كما كان عليه قبل كورونا، فكورونا أدار حربا عالمية أحدثت تبدلا عميقا في بنية النظام العالمي ما كان للبشر أن يبلغوه، فإذا كان العالم خسر الكثير من الأرواح – وهي طبيعة كل الحروب – فهو يكسب واقعا جديدا ونظاما عالميا جديدا قد يكون هو الأقرب إلى الحق والعدل وهما غايتان ظل البشر ينشدونهما عبر تاريخهم وثوراتهم القديمة والحديثة .

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

CNN: أمريكا استنفدت ربع ترسانتها من ثاد خلال 12 يوما

قالت شبكة "سي أن أن" الأمريكية، إن أمريكا استخدمت ربع مخزونها من أنظمة الاعتراض الصاروخية المتطورة، خلال حرب الاحتلال مع إيران، بشكل كشف فجوة في الإمدادات.

ولفتت إلى أن استخدام هذه الكمية، أثارت مخاوف بشأن الوضع الأمني العالمي للولايات المتحدة.

وقال مصدران مطلعان إن الولايات المتحدة استنفدت حوالي ربع مخزونها من أنظمة اعتراض صواريخ ثاد المتطورة خلال حرب الاحتلال التي استمرت 12 يوما مع إيران في يونيو/حزيران الماضي، لكن التصدي للهجمات جاء بمعدل يفوق إنتاج الولايات المتحدة من تلك الصواريخ بكثير.



وذكرت المصادر أن القوات الأمريكية تصدت لوابل الصواريخ الباليستية الذي أطلقته طهران بإطلاق أكثر من 100 صاروخ ثاد وربما يصل إلى 150 وهو جزء كبير من مخزون أمريكا من نظام الدفاع الجوي المتقدم.

وتمتلك الولايات المتحدة سبعة أنظمة ثاد، وقد استخدمت اثنين منها في "إسرائيل" خلال صراعها الأخير مع إيران.

وكشف استخدام هذا العدد الكبير من أنظمة ثاد الاعتراضية في مثل هذه الفترة القصيرة عن ثغرة في شبكة الدفاع الصاروخي الأمريكية، واستنفد موردا باهظ الثمن في وقت وصل فيه الدعم الشعبي الأمريكي للدفاع عن الاحتلال إلى أدنى مستوياته التاريخية.

مقالات مشابهة

  • وزير التعليم العالي: قرارات استراتيجية لتطوير بنك المعرفة المصري
  • انطلاق أولى جلسات “التوجيهي” وفق النظام الجديد لطلبة الصف الحادي عشر اليوم
  • CNN: أمريكا استنفدت ربع ترسانتها من ثاد خلال 12 يوما
  • مدحت الكمار: مصر تحركت بضمير العالم في مؤتمر حل الدولتين.. وصوتها أقوى من صمت النظام الدولي
  • سادس أقوى زلزال بالتاريخ.. ما سر الضربة التي تلقتها روسيا اليوم؟
  • تقرير أمني ايراني يكشف عن خسائر اسرائيل في الحرب
  • أمريكا.. إمبراطورية الأزمات
  • أكاذيب الكيان الصهيوني التي لا تنتهي
  • 81 شهيدا بنيران جيش الاحتلال منذ فجر اليوم بينهم 32 من طالبي المساعدات
  • وزير الخارجية: صمت العالم أمام هذه الجرائم، وعلى رأسها المجازر وسياسة التجويع الممنهج، يمثل تجسيدًا مؤلمًا لفشل النظام الدولي