عربي21:
2025-07-31@06:26:13 GMT

قضية السيارة الجيب.. في الأردن

تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT

بحسب زاوية النظر يمكن الحكم على قضية اتهام أفراد من الإخوان المسلمين في الأردن بتصنيع صواريخ ومسيّرات وحيازة متفجرات بقصد استخدامها في الأردن. فمن نظر لها من زاوية أمنيةمحضة، فكل ما قيل من ادعاءات صحيح. فجهاز الأمن لا يُحسن الظنّبمن امتلك أي قطعة سلاح بشكل غير قانوني، فكيف بالتصنيع؟ وانتماء تلك المجموعة لجماعة الإخوان يدفع بوضع الجماعة كلها نحو دائرة الاتهام.



من زاوية قانونية، فإن الحيازة - مجرّد الحيازة - بمعزل عن النوايا هي جريمة.
سياسيا هنا يمكن قراءة القضية من زاوية التضامن مع المعتقلين وإحسان الظن بهم، في سياق قضايا مشابهة من قضية السيارة الجيب في مصر قبل سبعين عاما إلى قضايا مشابهة كُشف أو لم يُكشف عنها خلال العقود الماضية.

ما شهدته وسائل الإعلام ومنصّات التواصل كان تسييسا في الاتجاهين؛بين رأي عام عربي وجزء كبير من الرأي العام الأردني يرى في المعتقلين ثلة من الشباب المناصر لفلسطين، حاول مساندة الفلسطينيين الذين يتعرّضون لحرب إبادة بقليل من السلاح. وتسيّيس مناقض من جانب إعلام الدولة ومن حالفها من الدول يرى الإخوان عموما إرهابيين وما المجموعة المعتقلة سوىدليل على تورّط الجماعة بالإرهاب. وأسوأ من ذلك كله هو لعب مجموعة، ليس ذباب الموساد عنها ببعيد، على وتر الغرائز وإثارة انقسام أردني فلسطيني.

قبل الحديث سياسيا، لا بد من الاستدراك قانونيا بأن لائحة الاتهام لا تعني الإدانة فقد يبرّأ المتهمون في الدرجة الأولى من المحاكمة، وقد يبرّؤون في الدرجة الأخيرة من التمييز. وأذكر في بدايات عملي الصحفي وفي العام ١٩٩٣، غطّيت القضية المعروفة باسم قضية "جامعة مؤتة"، وكان معتقلا فيها النائب السابق وعضو مجلس الأعيان عمر عياصرة. وأصدرت محكمة أمن الدولة أحكام إعدام ومؤبّد في القضية،لكنها عندما وصلت لمحكمة التمييز،أصدر القاضي عبدالمجيد الغرابية حُكما ببراءة جميع المتّهمين، وكان صالح العرموطي أحد محامييهم.واعتمد القاضي في البراءة على عدم توفّر ركني: المؤامرة ووجود الأداة، وتلاقي الإرادات الحرة. واعتبر إن الاعترافات غير صحيحة بعد إثبات واقعة التعذيب والإكراه.

بانتظار الحكم القضائي النهائي تُقرأ القضية سياسيا في إطار علاقة العلاقة الأردنية الفلسطينية جغرافيا وديموغرافيا. فالأردن يشكل أطول حدود مع كيان العدو يمتدّ نحو 335 كممتاخمة لطول الحدود مع فلسطين التاريخية ذات العمق المحدود باتجاه البحر المتوسط. ولا تبعد القدس عنها، وكذلك مفاعل ديمونا أكثر من ١٥ كلم، وفوق ذلك نحو نصف السكان بين لاجئين ونازحين فلسطينيين تجنّسوا بالجنسية الأردنية عقب وحدة الضفتين في ١٩٥٠. وبمعزل عن قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية في ١٩٨٨، فإن القضية الفلسطينية ظلّت قضية أردنية داخلية، خصوصا إن القرار شمل من كانوا يقيمون وقتها في الضفة الغربية ولم يشمل من يقيمون في الضفة الشرقية، وحتى قبل وحدة الضفتين، دخل الجيش العربي الأردني القدس باعتبارها أرضا عربية دون أن تكون له سيادة قانونية عليها. وبعد احتلال الضفة الغربية عام ١٩٦٧، لم يكن الأردن يرفض مبدأ المقاومة لاستعادة الأرض الأردنية المحتلة، لكنه رفض مبدأ كل السلطة للمقاومة الذي نتجت عنه أحداث السبعين وخروجقوات منظمة التحرير الفلسطينية إلى لبنان. هذه الحقائق تتفاعل مع اللحظة السياسية المشتعلة منذ ٧ أكتوبر.

لم تكن هذه القضية هي الأولى، فتاريخيا ظلّت حماس جزءا لا يتجزّأ من الإخوان في الأردن، وكان العمل معها مثل العمل في أي من أقسام الإخوان. ومن تجربتي الشخصية إلى أن غادرت الإخوان في عام ١٩٩٧، لم يكن ثمة فصل تنظيمي بين الحركتين. كان معنا في جامعة اليرموك في كلية الهندسة عباس السيد الذي يقضي 35مؤبدا بتهمة نشاطه كقيادي في كتائب القسام في الضفة، وكان محمد نصر، أحد قيادات الحركة وأبرز مفاوضيها في كلية العلوم، وبعد التخرّج عمل سميح المعايطة الذي صار لاحقا وزير الإعلام في الحكومة الأردنية متفرّغا في المكتب السياسي لحركة حماس الذي كان يرأسه آنذاك الدكتور موسى أبو مرزوق.

لم يدخل المكتب السياسي لحماس إلى الأردن تسلّلا، بل دخل باتفاق بعد اكتشاف قضية تهريب أسلحة كبرى كان متّهما فيها الشيخ نمر العساف، رحمه الله، وهو أحد شيوخ العدوان المعدودين، وكبار مُلاك الأراضي في عمان. وقد وضع الشيخ الاعتقال ضمن سيرته الذاتية عندما ترشّح للانخابات النيابية. فمع أن تهريب السلاح وتخزينه جريمة قانونية، إلا إنه ميّزة سياسية في المقابل. وفي انتخابات ١٩٨٩، كان من دعاية المرشحين بمن فيهم سيف الدين مراد (الشركسي) وبسام حدادين (المسيحي) العمل مع الفصائل الفلسطينية المسلّحة من الجبهة الديموقراطية إلى النضال الشعبي.

في عقد التسيعنيات كان الأردن يئن من آلام الحصار الذي فرضته أمريكابعد وقوفه مع العراق في حرب الخليج الثانية. وكان الملك حسين يرى في الحركة الاسلامية حليفا تاريخيا يواجه به حصارا خارجيا وضغوطا داخلية. وكان ينظر لحماس باعتبارها جزءا من الحركة الاسلامية، وفوق ذلك حليفا له في مواجهة أبو عمار الذي كان ينازعه على فلسطيني مملكته. لاحقا سُويّت قضية الأسلحة أمنيا ولم تصدر فيها أحكام. وعُقد اتفاق مع مدير المخابرات وقتها (مصطفى القيسي)، يقضي باستضافة المكتب السياسي لحماس برئاسة الدكتور موسى أبو مرزوق، وهو من قطاع غزة وليس أردنيا.

لم تتوقف محاولات التهريب والتسلل والتصنيع حتى بعد الاتفاق، ومن القضايا اللافتة كانت قضية شباب عجلون ( الغرايبة والربابعة ) الذين حاولوا تصنيع متفجرات من حقول الألغام التي زرعها الجيش ، وكانوا من الحركة الإسلامية في الجامعة وحكموا بالمؤبد وخرجوا بالعفو العام.

بالنتيجة، انتهى الاتفاق مع حماس بوفاة الملك حسين وإخراج قيادات حماس من الأردن، بمن فيهم حملة الجنسية الأردنية في نهاية عام ١٩٩٩. ظلّت حماس ملتزمة بعدم فتح جبهة من الأردن، أو ممارسة عمل عسكري على أرضه، لكنها لم تلتزم تماما بعدم تهريب السلاح.

المؤسف في حملات التحريضوالاستقطاب ظهور منسوب عال من الجهل بتاريخ الأردن والإخوان والقضية الفلسطينية في ظل نزعات العنصرية والكراهية.

تاريخيا الإخوان دعوة سلمية، مارست العنف في مقاومة الاحتلال البريطاني لمصر والإسرائيلي في فلسطين، وتوّجت حركة حماس هذا المنحى، لكن سبقها حضور عسكري جهادي منذ العام 1948.
هنا تحضر قضية السيارة الجيب، والتي حُوكم فيها النظام الخاص للإخوان، في العهد الملكي في مصر.
وتُشكّل تلك المحاكمة التي برّأت "الإخوان المسلمين" من العنف والإرهاب، على الرغم من ضبط الأسلحة والمتفجّرات في السيارة، أقرب إلى مراجعة فكرية سياسية قانونية مُنصفة، دفعت رئيس المحكمة، المستشار أحمد كامل، إلى الانضمام للجماعة، بعد أصدار الحكم المخفّف على المتهمين وتبرئة أكثرهم.

يقول نصّ الحكم عن المتّهمين: "ولما وجدوا أن العقبة الوحيدة في سبيل إحياء الوعي القومي في هذه الأمة هي جيش الاحتلال... فاتّحدت إرادتهم على القيام بأعمال قتل ونسف وغيرها، مما قد لا يضرّ المحتلين بقدر ما يودي بمواطنيهم، وذهبوا في سبيل ذلك مذهبا شائكا، منحرفين عن الطريق الذي رسمه لهم رؤساؤهم، والذي كان أساسا قويّا لبلوغهم أهدافهم. وحيث أنه يتبيّن من كل هذا أن هذه الفئة الإرهابية لم تحترف الجريمة، وإنما انحرفت عن الطريق السوي، فحقّعلى هذه المحكمة أن تلقّن أعضاءهادرسا".

ميّز القاضي بين احتراف العنف والانحراف نحوه بدون تخطيط، مستندا لشهادات قادة الجيش المصري في حرب فلسطيين وسياسيين كثيرين ومفتي فلسطين، الحاج أمين الحسيني، الذي أشاد بدورهم منذ العام 1936. ولم يقتصر ذلك على مصر، حيث دخل متطوعو الإخوان المسلمين، وكان بينهم أقباط بالمناسبة، فلسطين قبل الجيش المصري. وفي الأردن، قاد مؤسّس الجماعة، عبد اللطيف أبو قورة، وكان من كبار تجار عمّان، كتيبتهم بعد أن جهّزها من ماله الخاص. وكذلك قاد مؤسّسهم في سورية، عميد كلية الشريعة والقانون في جامعة دمشق، مصطفى السباعي، كتيبة الإخوان السوريين، وهو ما فعله مؤسّس "الإخوان" في العراق، محمد محمود الصواف.

في خريف عام 1948، أُلقي القبض على سيارة "جيب" في حي العباسية بالقاهرة، وبداخلها أوراق ومستندات وأسماء قيل إنها تتبع "التنظيم الخاص" داخل جماعة الإخوان المسلمين. هذه الحادثة، التي أصبحت لاحقا معروفة باسم "قضية السيارة الجيب"، شكّلت نقطة تحوّل في علاقة الجماعة بالدولة المصرية، وكانت تمهيدا لحملة واسعة من الاعتقالات، انتهت لاحقا باغتيال مؤسس الجماعة الإمام حسن البنا.

القضية كانت سياسية بامتياز، رغم غلافها الأمني، واللافت أن محكمة الجنايات المصرية عام 1951 لم تُدن الجماعة كتنظيم، بل حمّلت بعض الأفراد مسؤولية العمل المسلح، مؤكّدة أن الجماعة الأم لم تكن تسعى لقلب نظام الحكم، ولا توجد أدلّة كافية لاتهام مكتب الإرشاد.

اليوم، بعد أكثر من سبعة عقود، تعود ذات الديناميكية في الأردن، حيث أُثيرت مؤخرا قضية أمنية ضد أفراد محسوبين على جماعة الإخوان، بتهمة تصنيع أسلحة بهدف تهريبها إلى الضفة الغربية. الجديد في هذه القضية - كما تشير محاضر التحقيق - ليس نيّة التهريب، بل محاولة تصنيع السلاح داخل الأردن، وهو تطوّر غير مسبوق يُستثمر سياسيا لإعادة فتح ملف الجماعة.

إن إحياء "رواية السيارة الجيب" من جديد في سياقات عربية مختلفة هو في الحقيقة إعادة إنتاج لفكرة أن التنظيمات الإسلامية، حتى السلمية منها، تحمل مشروعا سريّا مُهددا للدولة، وهو تصوّر يتجاهل تاريخا طويلا من العمل العلني، والمواقف الوطنية، والدعوة إلى الإصلاح عبر صناديق الاقتراع لا البنادق.

إذن، فقد حملت كل قيادات الجماعة في ذلك الوقت السلاح، وقاتلت ضد المشروع الصهيوني، لكن هل نقلت تلك الخبرة القتالية إلى بلادها ومارست العنف؟ عاد السباعي إلى الجامعةوالبرلمان والعمل السياسي، وكذلك الصواف وأبو قورة. المفارقة أن قائد "الإخوان"، والذي وثق تجربتهم العسكرية في كتابيه "الإخوان المسلمون في حرب فلسطيين" و"المقاومة السرية في قناة السويس"، كامل الشريف، لجأ إلى الأردن بعد المواجهة مع عبد الناصر، وأسّس صحيفة الدستور وصار وزيرا للأوقاف.

بلغ الإسفاف والفجور في الخصومة إلى درجة الإساءة لتاريخ البلد، فالملوك هم أولى بفهم الدستور والقانون واللحظة السياسية. اللغة الاتهامية لا تليق بالعرش الهاشمي، من لدن الملك المؤسس عبدالله، الذي افتتح مقرّهم، كما تُدين أحمد الطراونة الذي جاء لهم بالترخيص، وتُدين الملك حسين والملك عبدالله الثاني الذين استقبلوا قياداتهم في المقر العامر، وأشركوهم في الحكومات ومجالس التشريع و .. إلخ.

تاريخ سبعة عقود لا يُختزل بمداخلة تلفزيونية أو منشور على منصّات التواصل. وهو إساءة لجيل دافع عن الأردن وفلسطين بغزير الدماء وعزيز النفوس.

عندما جهز عبداللطيف أبو قورة وهارون الجازي سريّة أبو عبيدة للدفاع عن القدس هل كانوا تنظيما سريا يستغفل النظام؟! عندما استشهد رضوان رجا كريشان في حرب الاستنزاف في الكتيبة التي شكّلها عبدالله عزام؛ هل كان يقاتل خلسة؟!

الإخوان يحتاجون تجديدا في الفكر، على قاعدة الفخر بتاريخهم وما قدّموه لأمّتهم، دعوة الخالدين هي سلسلة ممتدة إلى النبي " قدوتنا" وليست حزبا ولا تنظيما. هي "روح جديدةتسري في هذه الأمة، فتحييهبالقرآن"؛ على قول حسن البنا.

التنظيم ليس مقدّسا، ولا مدنّسا. هو آلية تتغير بتغير الزمن. وبعيدا عن اللغة الاتهامية والتحريضية، فقد دعوت أكثر من مرة إلى تجديد هذه الدعوة، ومراجعة الأخطاء والتوبة عنها، والبناء على المنجزات التي حقّقتها. ثمة لقاء بين متطرّفي الإخوان ومتطرفي الدولة في التركيز على الوسيلة والشكل، وترك الهدف والمعنى.

عليه أدعو إلى حلّ التنظيم الذي عرفناه خلال عقود، وبناء آليات عمل تتجاوزه وصولا إلى تحقيق الأهداف التي سعى إليها. وهي أهداف تتطابق تماما مع رؤية بناء مجتمع القيم، وهو هدف أي دولة. وتلك القيم هي التي يُربى عليها الفرد والأسرة والمجتمع، وهي التي تحقّق سيادة القانون والدستور؛ فالالتزام بالقانون يكون طاعة لله وتحقيقا لرضاه، وليس خوفا من السلطة.

هل تعلم إن المراقب العام الأسبق محمد عبدالرحمن خليفة كان وراء فكرة قانون المالكين والمستأجرين وهو من أقنع الملك المؤسّس بها، من خلال عمله كمحام؟
ثم يأتيك تكفيري، أو من الإخوان ويقول قوانين وضعية وحكم بغير ما أنزل الله!
الدولة، النظام، القانون.. هذه منجزاتبشرية لعمارة الأرض وحفظ النوع البشري. الإسلام هو قيم عليا ومعايير سامية للفرد والمجتمع، يسعى إليها المخلصون.

لا نستبق حكم القضاء، ولكن على أسوأ تقدير لو ثبت كل ما أورده الادعاء العام، هل مصلحة الأردن تحويل قوةً سياسية حصلت على نصف مليون صوت إلى فصيل إرهابي ؟
هل يمكن بحكم قضائي ضبط غضب الناس تجاه جرائم الاحتلال ؟
للتذكير عندما أقدم الجندي الأردني أحمد الدقامسة على إطلاق النار على طالبات إسرائيليات ، وهو عمل أرفضه شخصيا، لم يبق محام في الأردن لم يترافع عنه وكان أبرزهم نقيب المحامين حسين مجلي وصار بعدها وزيرا وكان من هيئة الدفاع هاني الخصاونة رئيس التشريفات الملكية وزير الأعلام الأسبق. لم يجرّم من تصدى للدفاع عنه، بل لم تجد من يهاجمه

وفي غضون العدوان على غزة احتفل الأردنيون بالشهيد الجازي رغم أن ما أقدم عليه مخالف للقانون.
قصارى القول سيظل الأردن مؤثرا ومتأثرا بالقضية الفلسطينية، ولا يمكن فصله عنها ، ومن المهم أن تكون عامل توحيد للدولة والمجتمع لا عامل تقسيم واستقطاب .

وستظل الحركة الإسلامية بعثراتها وأنجازاتها جزءا من تاريخ البلاد وحاضرها ، ومن المهم أن تحل مشاكلها مع الدولة بالتفاهم والحوار لا التشاكس والصدام . وهي رصيد وذخر وعون لا عبء .
لنترك القضاء يقول كلمته، ولنستغل الفضاء السياسي والرقمي والإعلامي في جبر مصاب أهلنا في غزة بخاصة، وفلسطين عامة.

ولنرص الصفوف لمواجهة الخطر الداهم، عدوا صهيونيا منفلتا مع إدارة أميركية حمقاء، وموقف عربي مفكك.
بحسب زاوية النظر يمكن الحكم على قضية اتهام أفراد من الإخوان المسلمين في الأردن بتصنيع صواريخ ومسيّرات وحيازة متفجرات بقصد استخدامها في الأردن. فمن نظر لها من زاوية أمنيةمحضة، فكل ما قيل من ادعاءات صحيح. فجهاز الأمن لا يُحسن الظنّبمن امتلك أي قطعة سلاح بشكل غير قانوني، فكيف بالتصنيع؟ وانتماء تلك المجموعة لجماعة الإخوان يدفع بوضع الجماعة كلها نحو دائرة الاتهام. من زاوية قانونية، فإن الحيازة - مجرّد الحيازة - بمعزل عن النوايا هي جريمة. سياسيا هنا يمكن قراءة القضية من زاوية التضامن مع المعتقلين وإحسان الظن بهم، في سياق قضايا مشابهة من قضية السيارة الجيب في مصر قبل سبعين عاما إلى قضايا مشابهة كُشف أو لم يُكشف عنها خلال العقود الماضية. ما شهدته وسائل الإعلام ومنصّات التواصل كان تسييسا في الاتجاهين؛بين رأي عام عربي وجزء كبير من الرأي العام الأردني يرى في المعتقلين ثلة من الشباب المناصر لفلسطين، حاول مساندة الفلسطينيين الذين يتعرّضون لحرب إبادة بقليل من السلاح. وتسيّيس مناقض من جانب إعلام الدولة ومن حالفها من الدول يرى الإخوان عموما إرهابيين وما المجموعة المعتقلة سوىدليل على تورّط الجماعة بالإرهاب. وأسوأ من ذلك كله هو لعب مجموعة، ليس ذباب الموساد عنها ببعيد، على وتر الغرائز وإثارة انقسام أردني فلسطيني. قبل الحديث سياسيا، لا بد من الاستدراك قانونيا بأن لائحة الاتهام لا تعني الإدانة فقد يبرّأ المتهمون في الدرجة الأولى من المحاكمة، وقد يبرّؤون في الدرجة الأخيرة من التمييز. وأذكر في بدايات عملي الصحفي وفي العام ١٩٩٣، غطّيت القضية المعروفة باسم قضية "جامعة مؤتة"، وكان معتقلا فيها النائب السابق وعضو مجلس الأعيان عمر عياصرة. وأصدرت محكمة أمن الدولة أحكام إعدام ومؤبّد في القضية،لكنها عندما وصلت لمحكمة التمييز،أصدر القاضي عبدالمجيد الغرابية حُكما ببراءة جميع المتّهمين، وكان صالح العرموطي أحد محامييهم.واعتمد القاضي في البراءة على عدم توفّر ركني: المؤامرة ووجود الأداة، وتلاقي الإرادات الحرة. واعتبر إن الاعترافات غير صحيحة بعد إثبات واقعة التعذيب والإكراه. بانتظار الحكم القضائي النهائي تُقرأ القضية سياسيا في إطار علاقة العلاقة الأردنية الفلسطينية جغرافيا وديموغرافيا. فالأردن يشكل أطول حدود مع كيان العدو يمتدّ نحو 335 كممتاخمة لطول الحدود مع فلسطين التاريخية ذات العمق المحدود باتجاه البحر المتوسط. ولا تبعد القدس عنها، وكذلك مفاعل ديمونا أكثر من ١٥ كلم، وفوق ذلك نحو نصف السكان بين لاجئين ونازحين فلسطينيين تجنّسوا بالجنسية الأردنية عقب وحدة الضفتين في ١٩٥٠. وبمعزل عن قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية في ١٩٨٨، فإن القضية الفلسطينية ظلّت قضية أردنية داخلية، خصوصا إن القرار شمل من كانوا يقيمون وقتها في الضفة الغربية ولم يشمل من يقيمون في الضفة الشرقية، وحتى قبل وحدة الضفتين، دخل الجيش العربي الأردني القدس باعتبارها أرضا عربية دون أن تكون له سيادة قانونية عليها. وبعد احتلال الضفة الغربية عام ١٩٦٧، لم يكن الأردن يرفض مبدأ المقاومة لاستعادة الأرض الأردنية المحتلة، لكنه رفض مبدأ كل السلطة للمقاومة الذي نتجت عنه أحداث السبعين وخروجقوات منظمة التحرير الفلسطينية إلى لبنان. هذه الحقائق تتفاعل مع اللحظة السياسية المشتعلة منذ ٧ أكتوبر. لم تكن هذه القضية هي الأولى، فتاريخيا ظلّت حماس جزءا لا يتجزّأ من الإخوان في الأردن، وكان العمل معها مثل العمل في أي من أقسام الإخوان. ومن تجربتي الشخصية إلى أن غادرت الإخوان في عام ١٩٩٧، لم يكن ثمة فصل تنظيمي بين الحركتين. كان معنا في جامعة اليرموك في كلية الهندسة عباس السيد الذي يقضي 35مؤبدا بتهمة نشاطه كقيادي في كتائب القسام في الضفة، وكان محمد نصر، أحد قيادات الحركة وأبرز مفاوضيها في كلية العلوم، وبعد التخرّج عمل سميح المعايطة الذي صار لاحقا وزير الإعلام في الحكومة الأردنية متفرّغا في المكتب السياسي لحركة حماس الذي كان يرأسه آنذاك الدكتور موسى أبو مرزوق. لم يدخل المكتب السياسي لحماس إلى الأردن تسلّلا، بل دخل باتفاق بعد اكتشاف قضية تهريب أسلحة كبرى كان متّهما فيها الشيخ نمر العساف، رحمه الله، وهو أحد شيوخ العدوان المعدودين، وكبار مُلاك الأراضي في عمان. وقد وضع الشيخ الاعتقال ضمن سيرته الذاتية عندما ترشّح للانخابات النيابية. فمع أن تهريب السلاح وتخزينه جريمة قانونية، إلا إنه ميّزة سياسية في المقابل. وفي انتخابات ١٩٨٩، كان من دعاية المرشحين بمن فيهم سيف الدين مراد (الشركسي) وبسام حدادين (المسيحي) العمل مع الفصائل الفلسطينية المسلّحة من الجبهة الديموقراطية إلى النضال الشعبي. في عقد التسيعنيات كان الأردن يئن من آلام الحصار الذي فرضته أمريكابعد وقوفه مع العراق في حرب الخليج الثانية. وكان الملك حسين يرى في الحركة الاسلامية حليفا تاريخيا يواجه به حصارا خارجيا وضغوطا داخلية. وكان ينظر لحماس باعتبارها جزءا من الحركة الاسلامية، وفوق ذلك حليفا له في مواجهة أبو عمار الذي كان ينازعه على فلسطيني مملكته. لاحقا سُويّت قضية الأسلحة أمنيا ولم تصدر فيها أحكام. وعُقد اتفاق مع مدير المخابرات وقتها (مصطفى القيسي)، يقضي باستضافة المكتب السياسي لحماس برئاسة الدكتور موسى أبو مرزوق، وهو من قطاع غزة وليس أردنيا. لم تتوقف محاولات التهريب والتسلل والتصنيع حتى بعد الاتفاق، ومن القضايا اللافتة كانت قضية شباب عجلون ( الغرايبة والربابعة ) الذين حاولوا تصنيع متفجرات من حقول الألغام التي زرعها الجيش ، وكانوا من الحركة الإسلامية في الجامعة وحكموا بالمؤبد وخرجوا بالعفو العام. بالنتيجة، انتهى الاتفاق مع حماس بوفاة الملك حسين وإخراج قيادات حماس من الأردن، بمن فيهم حملة الجنسية الأردنية في نهاية عام ١٩٩٩. ظلّت حماس ملتزمة بعدم فتح جبهة من الأردن، أو ممارسة عمل عسكري على أرضه، لكنها لم تلتزم تماما بعدم تهريب السلاح. المؤسف في حملات التحريضوالاستقطاب ظهور منسوب عال من الجهل بتاريخ الأردن والإخوان والقضية الفلسطينية في ظل نزعات العنصرية والكراهية. تاريخيا الإخوان دعوة سلمية، مارست العنف في مقاومة الاحتلال البريطاني لمصر والإسرائيلي في فلسطين، وتوّجت حركة حماس هذا المنحى، لكن سبقها حضور عسكري جهادي منذ العام 1948. هنا تحضر قضية السيارة الجيب، والتي حُوكم فيها النظام الخاص للإخوان، في العهد الملكي في مصر. وتُشكّل تلك المحاكمة التي برّأت "الإخوان المسلمين" من العنف والإرهاب، على الرغم من ضبط الأسلحة والمتفجّرات في السيارة، أقرب إلى مراجعة فكرية سياسية قانونية مُنصفة، دفعت رئيس المحكمة، المستشار أحمد كامل، إلى الانضمام للجماعة، بعد أصدار الحكم المخفّف على المتهمين وتبرئة أكثرهم. يقول نصّ الحكم عن المتّهمين: "ولما وجدوا أن العقبة الوحيدة في سبيل إحياء الوعي القومي في هذه الأمة هي جيش الاحتلال... فاتّحدت إرادتهم على القيام بأعمال قتل ونسف وغيرها، مما قد لا يضرّ المحتلين بقدر ما يودي بمواطنيهم، وذهبوا في سبيل ذلك مذهبا شائكا، منحرفين عن الطريق الذي رسمه لهم رؤساؤهم، والذي كان أساسا قويّا لبلوغهم أهدافهم. وحيث أنه يتبيّن من كل هذا أن هذه الفئة الإرهابية لم تحترف الجريمة، وإنما انحرفت عن الطريق السوي، فحقّعلى هذه المحكمة أن تلقّن أعضاءهادرسا". ميّز القاضي بين احتراف العنف والانحراف نحوه بدون تخطيط، مستندا لشهادات قادة الجيش المصري في حرب فلسطيين وسياسيين كثيرين ومفتي فلسطين، الحاج أمين الحسيني، الذي أشاد بدورهم منذ العام 1936. ولم يقتصر ذلك على مصر، حيث دخل متطوعو الإخوان المسلمين، وكان بينهم أقباط بالمناسبة، فلسطين قبل الجيش المصري. وفي الأردن، قاد مؤسّس الجماعة، عبد اللطيف أبو قورة، وكان من كبار تجار عمّان، كتيبتهم بعد أن جهّزها من ماله الخاص. وكذلك قاد مؤسّسهم في سورية، عميد كلية الشريعة والقانون في جامعة دمشق، مصطفى السباعي، كتيبة الإخوان السوريين، وهو ما فعله مؤسّس "الإخوان" في العراق، محمد محمود الصواف. في خريف عام 1948، أُلقي القبض على سيارة "جيب" في حي العباسية بالقاهرة، وبداخلها أوراق ومستندات وأسماء قيل إنها تتبع "التنظيم الخاص" داخل جماعة الإخوان المسلمين. هذه الحادثة، التي أصبحت لاحقا معروفة باسم "قضية السيارة الجيب"، شكّلت نقطة تحوّل في علاقة الجماعة بالدولة المصرية، وكانت تمهيدا لحملة واسعة من الاعتقالات، انتهت لاحقا باغتيال مؤسس الجماعة الإمام حسن البنا. القضية كانت سياسية بامتياز، رغم غلافها الأمني، واللافت أن محكمة الجنايات المصرية عام 1951 لم تُدن الجماعة كتنظيم، بل حمّلت بعض الأفراد مسؤولية العمل المسلح، مؤكّدة أن الجماعة الأم لم تكن تسعى لقلب نظام الحكم، ولا توجد أدلّة كافية لاتهام مكتب الإرشاد. اليوم، بعد أكثر من سبعة عقود، تعود ذات الديناميكية في الأردن، حيث أُثيرت مؤخرا قضية أمنية ضد أفراد محسوبين على جماعة الإخوان، بتهمة تصنيع أسلحة بهدف تهريبها إلى الضفة الغربية. الجديد في هذه القضية - كما تشير محاضر التحقيق - ليس نيّة التهريب، بل محاولة تصنيع السلاح داخل الأردن، وهو تطوّر غير مسبوق يُستثمر سياسيا لإعادة فتح ملف الجماعة. إن إحياء "رواية السيارة الجيب" من جديد في سياقات عربية مختلفة هو في الحقيقة إعادة إنتاج لفكرة أن التنظيمات الإسلامية، حتى السلمية منها، تحمل مشروعا سريّا مُهددا للدولة، وهو تصوّر يتجاهل تاريخا طويلا من العمل العلني، والمواقف الوطنية، والدعوة إلى الإصلاح عبر صناديق الاقتراع لا البنادق إذن، فقد حملت كل قيادات الجماعة في ذلك الوقت السلاح، وقاتلت ضد المشروع الصهيوني، لكن هل نقلت تلك الخبرة القتالية إلى بلادها ومارست العنف؟ عاد السباعي إلى الجامعةوالبرلمان والعمل السياسي، وكذلك الصواف وأبو قورة. المفارقة أن قائد "الإخوان"، والذي وثق تجربتهم العسكرية في كتابيه "الإخوان المسلمون في حرب فلسطيين" و"المقاومة السرية في قناة السويس"، كامل الشريف، لجأ إلى الأردن بعد المواجهة مع عبد الناصر، وأسّس صحيفة الدستور وصار وزيرا للأوقاف. بلغ الإسفاف والفجور في الخصومة إلى درجة الإساءة لتاريخ البلد، فالملوك هم أولى بفهم الدستور والقانون واللحظة السياسية. اللغة الاتهامية لا تليق بالعرش الهاشمي، من لدن الملك المؤسس عبدالله، الذي افتتح مقرّهم، كما تُدين أحمد الطراونة الذي جاء لهم بالترخيص، وتُدين الملك حسين والملك عبدالله الثاني الذين استقبلوا قياداتهم في المقر العامر، وأشركوهم في الحكومات ومجالس التشريع و .. إلخ. تاريخ سبعة عقود لا يُختزل بمداخلة تلفزيونية أو منشور على منصّات التواصل. وهو إساءة لجيل دافع عن الأردن وفلسطين بغزير الدماء وعزيز النفوس. عندما جهز عبداللطيف أبو قورة وهارون الجازي سريّة أبو عبيدة للدفاع عن القدس هل كانوا تنظيما سريا يستغفل النظام؟! عندما استشهد رضوان رجا كريشان في حرب الاستنزاف في الكتيبة التي شكّلها عبدالله عزام؛ هل كان يقاتل خلسة؟! الإخوان يحتاجون تجديدا في الفكر، على قاعدة الفخر بتاريخهم وما قدّموه لأمّتهم، دعوة الخالدين هي سلسلة ممتدة إلى النبي " قدوتنا" وليست حزبا ولا تنظيما. هي "روح جديدةتسري في هذه الأمة، فتحييهبالقرآن"؛ على قول حسن البنا. التنظيم ليس مقدّسا، ولا مدنّسا. هو آلية تتغير بتغير الزمن. وبعيدا عن اللغة الاتهامية والتحريضية، فقد دعوت أكثر من مرة إلى تجديد هذه الدعوة، ومراجعة الأخطاء والتوبة عنها، والبناء على المنجزات التي حقّقتها. ثمة لقاء بين متطرّفي الإخوان ومتطرفي الدولة في التركيز على الوسيلة والشكل، وترك الهدف والمعنى. عليه أدعو إلى حلّ التنظيم الذي عرفناه خلال عقود، وبناء آليات عمل تتجاوزه وصولا إلى تحقيق الأهداف التي سعى إليها. وهي أهداف تتطابق تماما مع رؤية بناء مجتمع القيم، وهو هدف أي دولة. وتلك القيم هي التي يُربى عليها الفرد والأسرة والمجتمع، وهي التي تحقّق سيادة القانون والدستور؛ فالالتزام بالقانون يكون طاعة لله وتحقيقا لرضاه، وليس خوفا من السلطة. هل تعلم إن المراقب العام الأسبق محمد عبدالرحمن خليفة كان وراء فكرة قانون المالكين والمستأجرين وهو من أقنع الملك المؤسّس بها، من خلال عمله كمحام؟ ثم يأتيك تكفيري، أو من الإخوان ويقول قوانين وضعية وحكم بغير ما أنزل الله! الدولة، النظام، القانون.. هذه منجزاتبشرية لعمارة الأرض وحفظ النوع البشري. الإسلام هو قيم عليا ومعايير سامية للفرد والمجتمع، يسعى إليها المخلصون. لا نستبق حكم القضاء، ولكن على أسوأ تقدير لو ثبت كل ما أورده الادعاء العام، هل مصلحة الأردن تحويل قوةً سياسية حصلت على نصف مليون صوت إلى فصيل إرهابي ؟ هل يمكن بحكم قضائي ضبط غضب الناس تجاه جرائم الاحتلال ؟ للتذكير عندما أقدم الجندي الأردني أحمد الدقامسة على إطلاق النار على طالبات إسرائيليات ، وهو عمل أرفضه شخصيا، لم يبق محام في الأردن لم يترافع عنه وكان أبرزهم نقيب المحامين حسين مجلي وصار بعدها وزيرا وكان من هيئة الدفاع هاني الخصاونة رئيس التشريفات الملكية وزير الأعلام الأسبق. لم يجرّم من تصدى للدفاع عنه، بل لم تجد من يهاجمه . وفي غضون العدوان على غزة احتفل الأردنيون بالشهيد الجازي رغم أن ما أقدم عليه مخالف للقانون . قصارى القول سيظل الأردن مؤثرا ومتأثرا بالقضية الفلسطينية، ولا يمكن فصله عنها ، ومن المهم أن تكون عامل توحيد للدولة والمجتمع لا عامل تقسيم واستقطاب . وستظل الحركة الإسلامية بعثراتها وأنجازاتها جزءا من تاريخ البلاد وحاضرها ، ومن المهم أن تحل مشاكلها مع الدولة بالتفاهم والحوار لا التشاكس والصدام . وهي رصيد وذخر وعون لا عبء . لنترك القضاء يقول كلمته، ولنستغل الفضاء السياسي والرقمي والإعلامي في جبر مصاب أهلنا في غزة بخاصة، وفلسطين عامة. ولنرص الصفوف لمواجهة الخطر الداهم، عدوا صهيونيا منفلتا مع إدارة أميركية حمقاء، وموقف عربي مفكك.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الإخوان الضفة حماس الاردن حماس الإخوان الضفة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المکتب السیاسی لحماس القضیة الفلسطینیة الحرکة الاسلامیة الإخوان المسلمین الحرکة الإسلامیة جماعة الإخوان الضفة الغربیة تهریب السلاح الجیش المصری ومن المهم أن فی هذه الأمة من الإخوان هذه القضیة إلى الأردن الإخوان فی ات التواصل الملک حسین للدفاع عن سبعة عقود حسن البنا فی الأردن س الجماعة منذ العام فی الدرجة من الأردن عن الطریق من الحرکة ظل ت حماس قاد مؤس س العمل مع بمن فیهم أبو قورة الذی کان من زاویة فی جامعة فی الضفة أکثر من وکان من فی کلیة فی سبیل هی التی ما أقدم أن تکون جزءا من هل کان عام 1948 کان من یرى فی فی مصر ت قضیة وهو من لم تکن لم یکن

إقرأ أيضاً:

كيف أصبحت المقاومة البديل الذي لا يُهزم؟

أمام الهزائم العسكرية والسياسية للأنظمة العربية، كانت الشعوب العربية تفرز أدواتها في المواجهة. فمنذ ثلاثينيات القرن العشرين تحولت القضية الفلسطينية من رخاوة الأنظمة إلى صلابة التنظيمات.

ففي المواجهة لم تسقط الزعامات والأيديولوجيات فقط، بل سقطت أيضا الجيوش النظامية ومعها سقط دورها في التحرير. وخلف عجز الأنظمة كانت تتراءى حماسة الشعوب. وخلف ضعف الجيوش كانت تبرز جسارة القوى الضاربة.

فكأن التنظيمات السياسية والأيديولوجية قد جاءت لملء الفراغ. فقد أحيت نكبة 1948 في الأمة مفهوم الجهاد. وحررت هزيمة 1967 المبادرة الشعبية وأيقظت مفهوم التحرير. وفجرت معاهدة كامب ديفيد 1978 حركات المقاومة مع بداية الثمانينيات. وعلى طول تاريخ القضية الفلسطينية، كانت تتعايش أطروحتان: واحدة للمقاومة، وأخرى للسلام.

النكبة

لقد وجدت الجامعة العربية نفسها بعد بضع سنوات من تأسيسها أمام أصعب اختبار لها: القضية الفلسطينية. لم يكن تأسيسها من أجل تحرير فلسطين، بل كان محاولة بريطانية لتجاوز ضغائن الخديعة البريطانية للشريف حسين.

فكان ميلاد الجامعة تعويضا عن دولة الوحدة بوجهيها القومي والإسلامي. ومن ثم لم تكن فلسطين على جدول أعمال تلك المنظمة الإقليمية الناشئة. ولا شك في أن عجز المنظمة وأنظمتها على معالجة المسألة منذ بواكيرها قد دفع نحو تدويل القضية. فكان قرار التقسيم نوفمبر/ تشرين الثاني 1947 حجر الأساس للكيان الغاصب. لتندلع بعده إحدى أعتى المواجهات.

قررت الحكومات العربية في اجتماع "العالية" 1947 أن تكوّن فصيلا شبابيا حسن التدريب والأداء. وتولت جامعة الدول العربية تأسيس "جيش الإنقاذ" بقيادة فوزي القاوقجي. ولكن الضغط البريطاني كان كفيلا بإسقاط ذلك المشروع. وهو المصير نفسه الذي لقيته لجنتهم العسكرية بقيادة "طه الهاشمي" واللواء إسماعيل صفوت باشا.

إعلان

وحتى النجاحات التي حققتها تلك الجيوش في الجولات الأولى للصراع ذهبت أدراج الرياح بفعل المناورات الغربية (الهدنة الأولى والثانية). فكانت نكبة 1948 فاتحة الهزائم العربية. إذ لم تكن الحكومات العربية في حجم القضية.

فما بين العجز الذاتي والارتهان للقرار البريطاني والخيانة الصريحة، كانت الحكومات العربية تُسقط من حسابها أي مواجهة جدية للأطماع الصهيونية في فلسطين، وتتنصل من مسؤولياتها القومية والإسلامية.

فقد خضعت أغلب الحكومات العربية لإرادة الغزاة. وظلت "تستجدي الحلول من القوى الإمبريالية التي كانت ولا تزال تشكل رأس حربة في أزمة القضية الفلسطينية".

ففلسطين لم تكن "المحرك الرئيسي لسياسات الدول العربية، بل كان الدافع وما يزال هو تأمين الأنظمة الحاكمة في الدول الوطنية في مرحلة ما بعد الاستعمار". وتلك الحسابات كانت السبب المباشر في تأخير الاستجابة لداعي الجهاد في فلسطين.

التنظيمات الشعبية ونقد الدولة

أمام عجز الأنظمة العربية كانت التنظيمات قبل النكبة وبعدها تدخل على خط الصراع. فكتب ميشال عفلق سنة 1946 يقول: "لا ينتظر العرب ظهور المعجزة: فلسطين لا تنقذها الحكومات بل العمل الشعبي". وساد اعتقاد لدى حسن البنا أن الأنظمة العربية ليست جادة في مقاومة الاحتلال.

وأكد كامل الشريف "أنه لا خير يرجى في هذه الحكومات". فالعوائق أو "المصائب" أو "العبث" الذي يجد ترجمته في فساد أنظمة الحكم القائمة، وهيمنة الاستبداد السياسي، واختلاف الدول العربية فيما بينها… كل تلك العوامل في تضافرها كانت "كافية لإيقاع الهزيمة".

وقد كان نقد الموقف العربي الرسمي من القضية الفلسطينية مقدمة لسحب القضية من الأنظمة ووضعها بين أيادي الفعاليات الشعبية المدنية والعسكرية. ففي فلسطين بادرت "الهيئة العربية العليا" برئاسة الحاج أمين الحسيني بتشكيل قوات "الجهاد المقدس" بقيادة عبدالقادر الحسيني.

وخلال الأشهر الخمسة الأولى للحرب تمكنت تلك القوات من تكبيد العصابات الصهيونية خسائر فادحة. ولكن مع دخول جيوش الدول العربية فلسطين 15 مايو/ أيار 1948 "ظهرت سياسة إقصاء الفلسطينيين عن ميادين المعركة ومنع الأموال والأسلحة عنهم".

وقد جاء تقرير عبدالقادر الحسيني للجامعة العربية في أبريل/ نيسان 1948 يقطر مرارة وأسى بسبب خذلان لجنتها العسكرية التي ماطلت في إمداده بالمال والسلاح. وفي ذلك التقرير حمّل الجامعة مسؤولية ضياع فلسطين. ليستشهد بعدها بيومين في معركة القسطل.

أما عربيا فقد زحف المتطوعون العرب نحو فلسطين. وبرزت في الأثناء كتائب الإخوان المسلمين كقوة وازنة في الصراع. فرغم تضييق السلطات، نجحت طلائع الإخوان في التسلل إلى داخل فلسطين، حيث تمكنت قوة من المتطوعين بقيادة أحمد عبدالعزيز من الوصول إلى خان يونس. والتحقت بهم قوة أخرى من شرق الأردن بقيادة عبداللطيف أبوقورة. ثم حلت قوة أخرى من سوريا بقيادة زعيم الإخوان مصطفى السباعي.

وفي غزة استقرّت قوة البكباشي عبدالجواد طبالة. وعلى أرض فلسطين أدارت تلك الطلائع معارك ضارية ضد العصابات الصهيونية. وقد علق هيكل على تلك الاشتباكات بالقول: "لقد أثبت بعضهم نفسه تحت نيران القتال". وهكذا فقد كانت الجماهير العربية خلال النكبة متقدمة على حكامها.

إعلان النكسة

لقد أجهزت قوات الاحتلال في صباح الخامس من يونيو/ حزيران على القوات الجوية المصرية بضربة خاطفة. فدمرت مئات الطائرات المصرية في قواعدها. وضربت المطارات وعطلت قواعد الصواريخ أرض-جو.

مشهد أجمله أنور عبدالملك في قوله: "كانت القوات المصرية المسلحة قد ضُربت بشكل خطير، واحتلت سيناء، وشلت قناة السويس، ومُحي سلاح الطيران عمليا كوحدة مقاتلة، وتفجرت أعمال الخيانة والإجرام والتآمر، وانتشرت في كل مكان". كل ذلك في سويعات معدودات. وبإخراج القوات الجوية المصرية من الخدمة، فقد تركت بقية القوات في العراء من دون أي غطاء جوي.

وجاء قرار الانسحاب غير المدروس من سيناء ليزيد من الكلفة البشرية للهزيمة. ومع انهيار الدرع الواقي الذي كان يحمي عمق الأمة، فقد أصبح عمق الجغرافيا العربية – فضلا عن أطرافه- مهددا. فزحفت قوات العدو نحو سيناء بعد أن دمرت بقية القوات المسلحة المصرية.

واندفعت نحو الضفة الغربية فاحتلتها واستولت على القدس الشرقية بعد أن انهارت الدفاعات الأردنية في اليوم التالي. وكذلك فعلت في قطاع غزة. أما القوات التي اتجهت نحو سوريا فقد "تمكنت من احتلال مرتفعات الجولان دون مواجهة أي مقاومة تتناسب مع القوات العسكرية الضاربة المحتشدة هناك".

ولم تضع الحرب أوزارها إلا بعد أن أحكمت قوات الاحتلال سيطرتها على مساحات جديدة. وحسبنا من القراءات لتلك الكارثة المدمرة وصف هشام شرابي للهزيمة بـ "أيام حزيران السوداء". فكيف انعكست الهزيمة على الاختيارات النضالية للفلسطينيين؟

مثلت هزيمة 1967 منعطفا إستراتيجيا في الوعي السياسي الفلسطيني. وكان من نتائج الهزيمة "ظهور المقاومة الفلسطينية المسلحة وتعاظمها، وبروز الهوية الوطنية الفلسطينية التي قررت أن تأخذ زمام المبادرة بعد أن تبين لها مدى الضعف العربي". فقد قضت الهزيمة على إيمان الفلسطينيين بالحكومات "التقدمية" التي كانت معقد الآمال. "وأثبتت فشل الأنظمة العربية وعجزها عن تحرير فلسطين".

وينقل يزيد صايغ عن خليل الوزير أنه كان يرفض "الاعتماد على الدول العربية وجيوشها". وهكذا فقد ساعدت تلك البيئة على الاعتراف بالحركة الوطنية الفلسطينية كلاعب أساسي في الشرق الأوسط.

ويحسب للحركة أنها نجحت في "فرض نفسها كمعبرة عن الطموحات الوطنية للشعب العربي الفلسطيني". وهو ما أسهم في تشكيل الرؤى السياسية والميدانية للمنظمة. ففي المستوى الأيديولوجي قلبت حركة فتح ذلك الشعار الذي لطالما تغنى به القوميون العرب "الوحدة طريق فلسطين" إلى شعار "فلسطين طريق الوحدة". شعار ستتأسس عليه الكثير من التحولات التكتيكية والإستراتيجية. ومنذ أن استعادت منظمة التحرير المبادرة، اختارت الاستقلال السياسي والتنظيمي عن الجامعة العربية وأنظمتها.

وأما ميدانيا فقد بدأ مفهوم العمل الفدائي يتبلور كبديل من الحروب النظامية. وعلى تلك القاعدة كانت انطلاقة الثورة الفلسطينية مطلع 1965. وساد إجماع لدى أغلب الفصائل الفلسطينية مفاده أن تحرير الأرض لا يكون إلا عبر الكفاح المسلح. وهو المضمون المركزي الذي تبناه "الميثاق الوطني الفلسطيني".

وتفجرت سجالات سياسية حول نظرية التحرر الوطني من خلال دراسة النظريات الثورية وتجارب الشعوب المستعمرة. وهو ما أنتج مجموعة من الأدبيات دارت أغلبها حول حرب الشعب، وحرب التحرير الشعبية وغيرها.

وفي ضوء تلك الأدبيات جرى تأسيس عدة قواعد للعمل الفدائي في أغلب دول الطوق. وكانت ملحمة الكرامة 1968 ترجمة عملية لتلك التوجهات الجديدة. وهو ما زاد في ترسيخ النهج المقاوم حتى أصبح "الكفاح المسلح مصدر الشرعية السياسية ورمز الهوية الوطنية، والمادة الجديدة للمجتمع الفلسطيني المتخيل".

والحقيقة أن الأداء الفصائلي بعد الهزيمة لم يقطع الصلة تماما مع الأنظمة الراديكالية. فغالبا ما كانت التصورات الثورية تأخذ بعين الاعتبار الظروف التي تمر بها الأنظمة. ولكن رياح يونيو/ حزيران بقدر ما أذكت نار الاستنزاف، فقد هيأت للعبور.

إعلان حرب العبور

لقد عرفت مصر بعد وفاة عبدالناصر تحولات سياسية مهمة. فالمناخات الراديكالية في مصر والعالم العربي بدأت في الضمور لصالح اتجاه عربي ميّال إلى "الاعتدال" في مقاربة الصراع. وكانت القناعة الحاصلة لدى السادات أن "تدمير الدولة اليهودية هدف غير قابل للتحقيق". وفي تلك السياقات لم تكن حرب العبور إلا عملية جراحية القصد منها الإعداد لمسرح التسوية.

مثلت حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 أول انتصار مصري على قوات الاحتلال بعد ثلاثة حروب متتالية. فقد بدأ الهجوم المصري ظهيرة السادس من أكتوبر/ تشرين الأول على مواقع العدو في سيناء قصد تحييدها وحرمانها من أي قدرة على الرد أو الحركة قبل تحقيق العبور إلى شرق القناة. فكان "وقع المفاجأة بنوعيها الإستراتيجية والتكتيكية قد تحقق إلى نهايته".

ومنذ ليلة السابع من أكتوبر/ تشرين الأول عبرت من الجيش المصري نحو شرق القناة خمس فرق مشاة ومئات من الدبابات وعدد من كتائب الصواريخ وأسلحة إسناد أخرى.

استبشر الفلسطينيون بتلك التطورات الميدانية. واعتبرت منظمة التحرير الفلسطينية أن إعلان الحرب على دولة الكيان كان "فرصة عظيمة أمام الفدائيين الفلسطينيين لتصعيد فاعليتهم القتالية".

ولكن العبور لم يعقبه تطوير للهجوم المصري مثلما خُطّط له. فقد جرى الالتفاف على الانتصار المذهل للمصريين بداية الحرب. ومن خلال "الثغرة" التي أحدثها جيش الاحتلال في جدار المواجهة، بدأ في إحراز تفوق ملموس غرب القناة.

وكشفت تلك الأيام الصعبة عن انعدام التناغم بين المؤسسات. فقد أربك تدخل السادات في إدارة المعركة حسابات العسكر. وحكم على حرب العبور ألا تتجاوز خط العبور.

لقد آل النصر إلى لهاث لا ينقطع وراء سراب "السلام". وانتهى تحطيم جدار بارليف 1973 إلى هدم "جدار الكراهية الحديدي" 1977، مثلما كان يتوهّم السادات. فعوض البناء على "العبور" اندفع العرب نحو التسوية.

وقد أدرك كيسنجر مبكرا أن الإجراءات العسكرية التي اتخذها المصريون سوف "تؤدي آجلا أو عاجلا إلى مفاوضات سياسية". والحق أن مآلات العبور لم تكن مثل مآلات النكبتين. فهي لم تدفع إلى السطح بقوى جديدة تتناقض رأسا مع تصورات الأنظمة العربية للقضية.

بل إن كامب ديفيد قد فتحت الباب على مصراعيه نحو التسوية. فهي لم تكن إلا بداية الهرولة العربية نحو الصلح والاعتراف والتفاوض مع دولة الاحتلال.

وهنا تقول حقائق التاريخ إن منظمة التحرير الفلسطينية قد أضحت متماهية مع الرسمية العربية. وإن عرفات لم يكن مختلفا عن السادات. فكلاهما كان ينشد "التسوية". وإن اختلفت التكتيكات والإستراتيجيات.

لقد ظلت الهوة تتسع بين الأنظمة العربية وشعوبها في التعامل مع القضية الفلسطينية. فكلما وهنت الأنظمة قامت الشعوب تنشد التحرير من خلال المقاومة. فمن نكبة 1948 ولدت القوى الشعبية القومية والإسلامية. ومن نكسة 1967 صلب عود منظمة التحرير الفلسطينية.

ولكن حرب العبور كانت فاتحة للتسوية المعممة. تسوية ستستمر مفاعيلها من كامب ديفيد 1977 حتى أوسلو 1993، مرورا بقصر الصنوبر بالجزائر 1989. وردا على مشاريع التسوية كان أسلوب آخر من المقاومة ينضج على مهل.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • كيف أصبحت المقاومة البديل الذي لا يُهزم؟
  • «جماعة الإخوان» تعيد تفعيل التحريض ضد مصر في الخارج
  • برلمانية: تصنيع السيارة الكهربائية في مصر يوفر 50 ألف جنيه
  • بسبب ركن السيارة... أطلق عليه النار وأصابه برصاصتين في بطنه ويده
  • ما وراء الخبر يناقش مستقبل قضية نزع سلاح حزب الله
  • «الزجاجات المسمومة».. هل يشارك الإخوان في قتل أهالي غزة؟
  • ما الذي يُمكن تعلّمه من أحداث السويداء؟
  • القبض على السائق وضع قدمه على نافذة السيارة أثناء القيادة أعلى الدائري
  • الداخلية تضبط قضية غسل أموال بقيمة 100 مليون جنيه
  • ما الذي اختفى فجأة في إسطنبول؟