لسان العرب في لغة موليير.. ما تدين به الفرنسية للعربية
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
بدءًا من الترجمات التأسيسية لنصوص الرياضيات والفلسفة العربية التي ألهمت مفكرين فرنسيين، إلى الترجمات اللاحقة للشعر العربي التي ألهمت شعراء كبارًا من أمثال "فولتير"، كان التأثير الثقافي واللغوي العربي على الفرنسية موضوعًا مثيرًا؛ إذ ظلت اللغة العربية تثري اللغة الفرنسية منذ القرن التاسع الميلادي، حتى يومنا هذا وفق خبراء لغويين.
وتحضر مفردات اللغة العربية بشكل ملحوظ في اللغة الفرنسية، إذ هي ثالث لغة تقترض منها الفرنسية مفرداتها بعد الإنجليزية والإيطالية، وفقًا لعالم معاجم فرنسي مرموق.
ويتناول كتاب "أجدادنا العرب.. ما تدين به لغتنا لهم" لجون بريفو، الأكاديمي وعالم اللسانيات والمعاجم الفرنسي، مدى تأثر لغة موليير بلغة الضاد، وعبر تحليل مئات الكلمات الفرنسية ذات الأصل العربي، من قبيل: قطن وكيمياء وسروال وكباب وسبانخ، قال بريفو، "أسلافنا الغال كانوا برابرة، ولولا الرومان والحضارة العربية التي روت سرد العصور الوسطى، لتأخر عصر النهضة".
واللغة الغالية هي واحدة من اللغات الأوروبية القديمة خلال حقبة الإمبراطورية الرومانية، وكانت تستخدم في بلاد الغال التي تضم الآن أجزاء من: فرنسا وبلجيكا وسويسرا وشمال إيطاليا وغيرها، وتعدّ لغة شبه منقرضة حاليًا، إذ استبدلت باللغة اللاتينية واللغات الجرمانية، لكن القليل من تراثها بقي في الفرنسية الحديثة.
ويضم كتاب عالم اللسانيات والمعاجم الفرنسي ستة فصول وقائمة مشروحة بالمفردات الفرنسية ذات الأصل العربي، منظمة في مجموعات فرعية مع أوصاف تقدم معلومات عن أصل كل عنصر، والنطق الفرنسي، ونماذج المصدر العربية، وتنتمي تلك الكلمات لمجالات عدة؛ مثل: عوالم التجارة والعطور والأحجار الكريمة والنباتات والكيمياء والموسيقى والحرب والجسد والطبخ والحرف والحيوانات ووسائل النقل، وغيرها.
وفي الكتاب يفكك الأكاديمي بريفو نحو 400 كلمة متداولة على نطاق واسع في مختلف مجالات الحياة العامة (فنون، طبخ، موسيقى، زراعة..)، ويثبت أصلها العربي.
ولاحظ بريفو أن اللغة العربية تأتي في المرتبة الثالثة بعد الإنجليزية والإيطالية من حيث حضور كلماتها في المعجم الفرنسي، وأن عدد الكلمات الفرنسية ذات الأصول العربية يفوق مرتين عدد الكلمات الفرنسية المنبثقة من لغة الغاليين، وهم الأجداد الحقيقيون للفرنسيين.
ويعزو اللساني الفرنسي تأثر اللغة الفرنسية بنظيرتها العربية إلى عوامل تاريخية وحضارية وتفاعلات ثقافية عدة ،على خلفية الحروب الصليبية والفتوحات العربية والمبادلات التجارية في فضاء البحر الأبيض المتوسط.
كما يفسر ذلك التأثر بمعطيات حديثة من بينها: نفي عدد كبير ممن كانوا يُعرفون في الجزائر باسم الأقدام السوداء، وهم معمّرون فرنسيون سكنوا أو وُلدوا في الجزائر خلال فترة الاحتلال الفرنسي، واضطروا للرحيل بعد حصول الجزائر على استقلالها عام 1962.
ويقول خبراء وباحثون في علوم اللغة، إن كلمات عربية وجدت طريقها للفرنسية -أيضًا- عبر وسيط هو اللغة الإسبانية التي حملت كلمات عربية أكثر، خاصة خلال حقبة الأندلس العربية، وهكذا انتقلت كلمات عديدة من العربية إلى الفرنسية عبر شبه الجزيرة الإيبيرية، بينما وصلت كلمات عربية إلى الفرنسية خلال زمن المستعمرات الفرنسية، لا سيما احتلال نابليون لمصر واستعمار المغرب العربي.
وفي حديث سابق للجزيرة نت، وصف جاك لانغ مدير معهد العالم العربي في باريس، العربية بأنها لغة الكُتّاب والشعراء والفنانين والمغنين والعلماء والباحثين والصحفيين والمقاولين، مضيفًا أنها "تسهم في تجديد العالم العربي، وتعدّ لغة من العالم المعاصر".
ونقل تقرير لصحيفة "ليبراسيون" الفرنسية عن جان بروفوست، البروفسور الفخري في جامعة سرجي بونتواز، تأكيده أن هناك ما لا يقل عن 500 كلمة عربية في اللغة الفرنسية، وربما أكثر من ذلك بكثير، إذا ما أخذت في الحسبان المفردات العلمية المتخصصة.
وإذا ما قورن كمّ المفردات العربية في اللغة الفرنسية، مع كمّ مفردات اللغة الغالية التي يُنسب إليها الفرنسيون بوصفها لغة أجدادهم، فإن عالم اللسانيات لويس جان كالفي يقول، إن "هناك خمسة إلى ثمانية أضعاف من المفردات العربية في الفرنسية، مقارنة باللغة الغالية".
وهو ما جعل بروفوست يستنتج أن، "الفرنسيين يتكلمون العربية أكثر مما يتكلمون اللغة الغالية"، ويضرب الخبير مثالًا على ذلك جملة فرنسية، لا تكاد توجد فيها كلمة إلا وأصلها عربي: "إذا ذهبت إلى مخزن لشراء جبة من القطن وجليقة وقفطان، فأنت تتكلم اللغة العربية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: اللغة الفرنسیة اللغة العربیة
إقرأ أيضاً:
العَناني .. بدون عِنانٍ .. يُلجِمه
صراحة نيوزـ عوض ضيف الله الملاحمة
من يتكلم كثيراً يُخطيء كثيراً . ومن يتفلسف ويطلق العنان لتصريحاته في غير زمانه ، وهو خارج مواقع المسؤولية ، ويتحدث في مواضيع شديدة الحساسية ، يفترض ان يختار أحد الأمرين : إما ان يلوذ بالصمت ، ويكون قد فعل خيراً لنفسه ولوطنه ، او ان يكون حذراً ، ولا يجرؤ على الخوض بما هو ليس صاحب قرارٍ فيه .
ما صرح به معالي الدكتور / جواد العناني ، عناني أنا ، وعنى كل مواطن أردني ، بل وعنى الدولة الأردنية . بداية ساءني ان يظهر العناني على القناة ( ١١ ) الصهيونية ، في هذا الظرف بالذات ، والعدو يتغطرس ويتجبر ويبيد غزة عن بكرة أبيها ، ويهدف الى إزالتها عن الخارطة وجودياً هي وأهلها .
عند التمعن بما صرّح به العناني ، يتبين انه كان في صراع داخلي بين انه يود ان يكون حذراً فيما يقول ، وبين ان يطلق العناني العنان لجرأته المعهودة — التي في أحايين كثيرة لا تكون في مكانها — ويدلي بما يضفي أهمية على حديثه بدافع انتشارة وتداوله ، ويتجنب ان يكون اللقاء باهتاً ، ولا يستدعي الإهتمام ، خاصة وانه نائب رئيس وزراء أسبق .
أكد العناني على التزام الأردن باتفاقية السلام الموقعة بين الأردن والعدو الصهيونى ، وهذا جيد ، ومستساغ ، ولا غُبار عليه . لكن ليس من حق العناني ان يقول نصاً (( .. مشدداً على ان المملكة ” لن تُقدِم على إلغاء اتفاقية السلام ” )) . ما قاله العناني يعتبر مسّاً ، وتدخلاً في أمر عظيم هو لا يملكه وليس من صلاحياته . ما الذي يدريه ، وما الذي يضمن له تشديده على ان المملكة لن ( تُقدِم ) على الغاء إتفاقية السلام !؟ التشديد هذا يفيد التأكد من ، والتأكيد على ان الأردن لن يُلغي الإتفاقية . كما ان إستخدام كلمة ( المملكة لن تُقدِم .. ) ، فهذا يعني ان المملكة لن تتجرأ ، نعم لن تتجرأ ، من وجهة نظره على إلغاء الاتفاقية ؟ لأن الإقدام ضد الإحجام . فالإقدام يحتاج جرأة ، والإحجام طابعه الخوف والجبن .
لا أدري هل ما قاله العناني ينم عن عدم توفيق في اختيار اللفظ المناسب ، أم جرأة في غير مكانها !؟ وللتدليل القاطع على عدم صحة كلامه ، أود ان أُذكره بموقف جلالة / الحسين الراحل عندما حاول العدو الصهيوني إغتيال / خالد مشعل ، ألم يضع الراحل الحسين الإتفاقية في كفة ، وارسال الترياق في كفة ؟ وهل يتصور العناني ان العدو لو لم يستجب مذعوراً ويرسل الترياق بسرعة البرق ، هل يتخلى الحسين الراحل عن تهديده !؟ هدد الحسين بالغاء الاتفاقية مقابل تهديد حياة فرد ، من تنظيم يتحفظ عليه الأردن كثيراً ، حتى انه طلب منه الرحيل . ولأن محاولة الإغتيال فيها مسّ بسيادة الوطن . وعليه هل العناني متأكد تماماً لدرجة اليقين المطلق من ان ملك البلاد الحالي / عبدالله الثاني ابن الحسين لا يمكن ان ( يُقدِم )على إلغاء الإتفاقية ، في ظرف معين يرتكبه العدو ، خاصة وهو في حالة الإنفلات هذه !؟
ما أدهشني حقاً ، بالرغم من ان العناني كان مسؤولاً كبيراً سابقاً ، ألم يخطر بباله ان العدو سيأخذ تصريحه الواثق بأن الأردن لن ( يُقدِم ) على إلغاء الإتفاقية على محمل الجد ، لأنه جاء على لسان نائب رئيس وزراء أسبق ؟ وبهذا يُسقط أهم ورقة تهديد يمتلكها الأردن ضد هذا الكيان الإحتلالي الغاصب .
وأتحفنا السيد / العناني وعرّفنا على إنسانيته المتدفقة وحساسيته المفرطة تجاه العدو الصهيوني بتفهمه لما قام به العدو في بداية حربه على غزة ، وعكس هذا التفهم على الأردن ، مؤكداً عليه كموقف أردني ، حيث قال نصاً : (( الأردن يتفهم ردة فعل اسرائيل في بداية الحرب )) . هذا تصريح خطير يشوه ، وينال من موقف الأردن الرسمي والشعبي المساند للأهل في غزة . لا أدري ما هي الأسباب التي دفعته لإطلاق هذا التصريح الخطير الذي يشوه موقف الأردن !؟
وختم تصريحه بحرصه الشديد على إظهار وإبراز رهافة قلبه عندما قال نصاً :(( قلوبنا مع عائلات المحتجزين الإسرائيليين )) . سلامة قلبك من السلامة ، والاعتلال أولى به . أُجبرت على هذه الجملة من شدة القهر الذي اعتراني ، معتذراً للقراء الكرام لانهم لم يعهدوا مني إستخدام هكذا الفاظ .
قلب السيد / العناني المرهف مع عائلات المحتجزين الصهاينة . لكن قلبه هذا نسي انه من مواليد قرية حلحول الفلسطينية التي ترزح تحت الإحتلال الصهيوني . كما نسي احتلال العدو الصهيوني لكل فلسطين . كما نسي او تناسى كم قتل العدو ، ودمر ، وهجّر ، واغتصب ، وسجن ، من الفلسطينيين على مدى ( ٧٧ ) عاماً . ما ذاكرة السمكة هذه !؟ رجل يتعاطف مع بضع عشرات من الصهاينة احتجزتهم المقاومة ، واطلقت سراح معظمهم ، وعاملتهم معاملة حضارية لم يشهدها التاريخ الإنساني . وينسى او يتناسى إجرام عدو محتل تفرد في غطرسته وجبروته على إمتداد التاريخ الإنساني .
بعض من يعتقد عامة الناس انهم كباراً ، هم عند حكّ معدنهم ، وكشف دواخلهم هم غير ذلك تماماً . صدق من قال : إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب . وغرام الفضة بضعة دنانير ، بينما غرام الذهب ( ٧٢ ) ديناراً .
وأختم وأقول مُذكِّراً : قالت العرب منذ القِدم : (( إلسانك حصانك ، إن صنته صانك ، وان هِنته هانك )) .
وقال أمير المؤمنين سيدنا الفاروق عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه : (( من كثُر كلامه كثُر سَقطه .. الخ )) .
وقال / بلعاء بن قيس الكناني :—
لسان الفتى حتفُ الفتى حين يجهلُ
وكل إمريء ما بين فكّيه مقتلُ
إذا ما لسان المرء أكثر هذرهُ
فذاك لسان بالبلاءِ موكلُ
وكم فاتحٍ أبواب شرٍ لنفسهِ
إذا لم يكن قُفلٌ على فيه مُقفلُ .