تعويضات نهاية الخدمة: 45 ألف للدولار ومفعول رجعي ..ولكن
تاريخ النشر: 12th, July 2025 GMT
في العام السادس على الأزمة، تتصدّر تعويضات نهاية الخدمة أبرز الملفات التي بقيت من دون أيّ معالجة، في القطاعين العام والخاص. فاقم المعضلة عدمُ تعديل الحد الأدنى للأجور بما يتناسب مع الواقع الحالي بعد انهيار الليرة، بحيث لا زال في القطاع العام كما كان قبل الأزمة، بمعدل 675 ألف ليرة أي ما يوزاي 7 دولار، وفي القطاع الخاص رُفع في العام الماضي إلى حدود 18 مليون ليرة لبنانية أي نحو 200 دولار، وبقي عند هذا السقف المتدني، بفعل فشل لجنة المؤشر في تعديله مؤخرًا.
في اللجان النيابية: اقتراحات لتسوية التعويضات
في محاولة لمعالجة الغبن الذي لحق بالعمال نتيجة تدهور قيمة تعويضاتهم. تقدّم عدد من النواب باقتراحات قوانين، بعضها نصّ على استبدال نظام تعويض نهاية الخدمة بنظام تقاعدي ومستدام، كقانون "التقاعد والحماية الاجتماعية" الذي أٌقرّ أواخر عام 2023، ولم تصدر مراسيمه التطبيقيّة بعد. والبعض الآخر عالج انهيار قيمة التعويضات بمضاعفتها عشرات المرّات. أين أضحت تلك الاقتراحات؟ هل سيخرج المجلس النيابي بتسوية عادلة لتعويضات نهاية الخدمة في المدى القريب؟ وماذا عن العمال الذين أنهوا خدماتهم خلال فترة الأزمة الاقتصادية وانهيار سعر الصرف، هل سيشملهم القانون الموعود؟ وهل عدم سحب هؤلاء لتعويضاتهم يحميهم عندما يحين زمن إيجاد حلّ لنظام التعويضات؟
اقتراح كرامي في لجنة المال
الاتحاد العمالي العام، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وزارة العمل، الهيئات الاقتصاديّة وأصحاب العمل، كلّها جهات تمثّل أفرقاء العقد الاجتماعي، كانت شريكة في النقاشات على طاولة لجنة الصحة والعمل والشؤون الاجتماعيّة. وبعد سلسلة جلسات متتالية، خرج رئيس اللجنة الدكتور بلال عبد الله في آذار الماضي، ليعلن أنّ لجنته أقرت اقتراح قانون مقدّم من النائب فيصل كرامي معدّلًا، ينصّ على مضاعفة التعويض 30 مرة، للذين تقاعدوا منذ 17 تشرين 2019 ولغاية نيسان 2024 تاريخ صدور أول حد أدنى للأجور، باعتبار أنّ انهيار العملة بلغ 60 مرة (من 1500 ليرة إلى 90000 ليرة) وعليه يتمّ التعويض عن 50% من قيمة الانهيار، أي نصف قيمة صرف الدولار ( 45000 ألف وليس 90000)، على أن تدفع الدولة 50% أي نصف المبلغ، والنصف الآخر يدفعه أصحاب العمل. أُحيل الاقتراح إلى لجنة المال النيابيّة لدراسة مصادر التمويل، ولم يُنجز بعد.
المؤسسات والتصريحات الوهميّة
رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر لفت في حديث لـ "لبنان 24" إلى تحسينات طرأت على تعويضات العاملين في القطاع الخاص مقارنةً بسنوات الأزمة الثلاثة الأولى، بحيث تقاضى الآف العمال الذين تقاعدوا في العامين 2022-2023 حوالى 700 دولار "لكن هناك تعقيدات عديدة لا زالت تعترض حقّ العمال في تعويضات عادلة، أبرزها عدم تصريح أصحاب العمل عن الأجور الفعليّة، إذ أنّ معظم الشركات تصرّح بالحد الأدنى للأجور، من هنا يجب أن يفعّل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التفتيش باتجاه أرباب العمل، لمعرفة المؤسسات التي تصرّح عن الرواتب الفعليّة لعمالها". المعضلة الأكبر تكمن لدى موظّفي القطاع العام، يلفت الأسمر، بحيث لا زال الحد الأدنى عند مستوى 675 ألف ليرة من دون أيّ تعديل، وكل الزيادات التي تُعطى تحت مسمّى مساعدات، لا تدخل في صلب الراتب، ولا تنعكس بالتالي في تعويضات نهاية الخدمة، وهؤلاء العمال ما زالوا حتّى اليوم يتقاضون تعويضات زهيدة تتراوح بين 500 و700 دولار.
لا تمويل
يشير الأسمر إلى وجود عدد من اقتراحات القوانين التي قُدّمت خلال سنوات الأزمة، وأضحت بحاجة إلى تعديل "هناك اقتراح عملنا عليه مع النائب طوني فرنجيه، واقتراح آخر قُدّم من قبل النائب شربل مسعد في عهد الحكومة السابقة، ينصّ على مضاعفة قيمة التعويضات عشرة أضعاف للقطاع العام، ناقشناه في حينه، وراجعنا وزارة الماليّة بشأنه، واتفقنا على تقسيط الزيادات المضاعفة، إنّما هذا الاقتراح لم يأخذ طريقه إلى الإقرار، وبات اليوم بحاجة إلى تحديث، على اعتبار أنّ مضاعفة التعويض بمقدار عشرة أضعاف لم يعد يساوي شيئًا. يجب أن يُضاعف التعويض ما بين 30 و40 مرة لمن استوفى تعويضه سابقًا. أمّا بالنسبة للقطاع العام، فيجب إدخال التقديمات والمساعدات في صلب الراتب، كي تنعكس إيجابا في تعويضات نهاية الخدمة للعسكريين والمدنيين". لكن كل هذه الاقتراحات تواجه معضلة حقيقية تكمن في كيفية تأمين التمويل اللازم لها، يلفت الأسمر، خصوصًا أنّ صندوق النقد الدولي يقف بالمرصاد أمام تحميل ميزانية الدولة إيّ أعباء ماليّة.
القانون الموعود مع مفعول رجعي
عدد من العمال رفض سحب تعويضه لدى بلوغه سنّ التقاعد، معتقدًا أنّ ذلك سيتيح له الاستفادة من القانون الذي يفترض أن يصدر عن المجلس النيابي، بشأن تسوية قيمة التعويضات التي تآكلت بفعل انهيار العملة، وهنا يؤكّد الأسمر أنّ كلّ الاقتراحات التي نوقشت سوف تصدر بمفعول رجعي، لتشمل كلّ الذين تقاعدوا منذ 17 تشرين 2019، وأنّ مندرجات القانون سوف تشمل هؤلاء، سواء سحبوا تعويضهم أم لا.
لا حلول قريبة
لغاية اليوم، ورغم دخول الأزمة عامها السادس، ليس هناك ما يبشّر بقرب الفرج في مسألة التعويضات، وبين تملّص أصحاب العمل وتهرّبهم من التصريح بالقيمة الفعليّة لرواتب عمّالهم، والنزاع القائم مع الضمان حول الفروقات بين الاشتراكات القديمة والتعويض الفعلي، يتحمّل العامل وحده الخسارة الفادحة،وتتبخّر مدّخراته التقاعديّة في خريف العمر. فهل تبادر الحكومة إلى تحمّل مسؤولياتها، إنقاذ عشرات الآف العمال الذين عملوا لعقود، من شيخوخة مأساويّة؟ المصدر: خاص "لبنان 24" مواضيع ذات صلة تعويضات نهاية الخدمة ومشروع إعفاء المتضررين من الحرب الإسرائيلية من الضرائب قيد البحث Lebanon 24 تعويضات نهاية الخدمة ومشروع إعفاء المتضررين من الحرب الإسرائيلية من الضرائب قيد البحث
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: تعویضات نهایة الخدمة فی القطاع Lebanon 24 م هذا ما
إقرأ أيضاً:
حزب العمال الكردستاني يبدأ تسليم السلاح رسمياً.. نهاية أربعة عقود من الصراع المسلح
بدأ حزب العمال الكردستاني، اليوم الجمعة، رسميًا تسليم سلاحه، في خطوة وُصفت بالتاريخية، إيذانًا بإنهاء أكثر من 40 عامًا من الصراع المسلح مع تركيا. جرت مراسم البداية بشكل رمزي في منطقة سورداش بمحافظة السليمانية شمال العراق، داخل كهف “جاسنه” التاريخي، حيث قام عشرات المقاتلين بإحراق أسلحتهم داخل مراجل معدنية، وسط إشراف أمني مشدد ومنع للصحفيين.
هذه المبادرة جاءت استجابة لدعوة زعيم الحزب عبد الله أوجلان، الذي أعلن في رسالة مصورة نهاية الكفاح المسلح، ودعا إلى الانتقال الكامل للعمل السياسي تحت مظلة القانون، ويُنتظر أن تُستكمل العملية على مراحل حتى سبتمبر المقبل، ضمن خطة من خمس مراحل تشمل: المبادرة السياسية، نزع السلاح، تفكيك الميليشيات، إعادة الإدماج القانوني، والتكامل الاجتماعي والنفسي.
وتشرف على العملية لجنة مشتركة تضم ممثلين عن الجيش والاستخبارات التركية، وبتنسيق مباشر مع حكومتي بغداد وأربيل، وبمشاركة أعضاء من اللجنة المركزية لحزب العمال الكردستاني، إضافة إلى ممثلين عن أحزاب كردية ويسارية.
ردود الفعل التركية
وصفت الرئاسة التركية ما حدث بأنه “نقطة تحول لا رجعة فيها”، واعتبرته مؤشرًا واضحًا على نهاية حقبة دموية، وبداية مستقبل خالٍ من الإرهاب. وقال مسؤول رفيع في الرئاسة إن الخطوة تندرج ضمن المرحلة الثالثة من عملية نزع السلاح والتفكيك، مؤكدًا التزام أنقرة بدعم كل الجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة الدائمة والاستقرار الإقليمي.
توسيع نطاق نزع السلاح
في سياق متصل، أكد حزب العدالة والتنمية الحاكم أن العملية الجارية لا تشمل فقط حزب العمال الكردستاني في العراق، بل تمتد أيضًا إلى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في سوريا، وحركة “بجاك” الكردية في إيران، وكل أذرع منظومة المجتمع الكردستاني “KCK”، بما فيها وحدات حماية الشعب (YPG) وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD).
وأوضح المتحدث باسم الحزب، عمر جليك، أن تركيا ستواصل الضغط لتفكيك كل التنظيمات المرتبطة بـ”PKK” سياسيًا وأمنيًا، مشددًا على أن بقاء “قسد” خارج بنية الجيش السوري يشكل تهديدًا مزدوجًا لكل من تركيا وسوريا، داعيًا إلى دمجها تحت سلطة الدولة السورية.
السياق السياسي والأمني
يأتي هذا التحول عقب إعلان الحزب في مايو الماضي حل نفسه، وإبداء استعداده لوقف كامل للأعمال المسلحة. وقد سبقته خطوات ميدانية تمثلت بإغلاق بعض الأكاديميات التدريبية في شمال العراق وسحب مجموعات من المقاتلين من مناطق التماس مع القوات التركية.
بالموازاة، قالت مصادر أمنية إن المرحلة الثانية من عملية نزع السلاح ستُنفذ خلال الأيام المقبلة، وسط ترتيبات أمنية دقيقة وتنسيق ثلاثي بين أنقرة وبغداد وأربيل، وسط تأييد ملحوظ من بعض الأطراف السياسية الكردية.
آفاق المرحلة المقبلة
تُطرح في البرلمان التركي مبادرة لتشكيل لجنة إشراف وطنية لمتابعة تطبيق اتفاق نزع السلاح، والتعامل مع المقاتلين السابقين، سواء من استسلموا طوعًا أو تورطوا في عمليات عنف.
ويُنظر إلى هذه الخطوة كفرصة لإعادة صياغة العلاقة بين الدولة التركية والمجتمع الكردي، وتحقيق مصالحة مستدامة قد تعيد التوازن إلى ملفات إقليمية معقدة، خاصة في سوريا والعراق، وتفتح الطريق لتفاهمات أمنية جديدة بين أنقرة وحكومات الجوار.