دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يصطف مئات الأشخاص عند الساعة الثانية صباحًا أمام ملهى "Berghain"، الأسطوري لموسيقى الـ"تكنو" في العاصمة الألمانية برلين.

لا يبدو مشهد النوادي الليلية في العاصمة مشجعُا، إذ يُخطط ملهى ليلي يُدعى "Wilde Renate" الممتد داخل مبنى سكني قديم على بُعد مسافة قصيرة فقط من "Berghain"، للإغلاق بحلول نهاية العام.

على الضفة الأخرى من النهر، ساد الصمت في ساحات الرقص المطلة على الواجهة المائية في نادي "Watergate" منذ حفل الوداع الأخير الذي أٌقيم ليلة رأس السنة، منهيًا بذلك مسيرة الملهى التي استمرت 22 عامًا كواحد من أشهر وجهات الموسيقى الإلكترونية في أوروبا.

وأعلنت إدارة "Watergate" في منشور عبر "إنستغرام" العام الماضي عن قرار الإغلاق بعبارة: "انتهت أيام ازدحام برلين بزوار النوادي"، وأضافت أنّ "التغيير في ديناميكيات الحياة الليلية للجيل القادم من النوادي، والتحول في أهمية ثقافة النوادي بشكل عام" ساهم في اتخاذ قرار القيمين على النادي بالإغلاق.

لطالما اعتُبِرت برلين عاصمة الحياة الليلية في أوروبا، ولكن هذا المشهد يتغير بوتيرة سريعة في الآونة الأخيرة. Credit: Fabian Sommer/picture alliance/dpa/Getty Images

صرّح أُولي فومباخر، وهو أحد مالكي النادي لصحيفة "Berliner Zeitung" المحلية بعد نشر الإعلان بفترةٍ وجيزة، أنّ جيلاً كاملاً من الشباب، الذين نشأوا خلال فترة الإغلاق بسبب فيروس كورونا عندما أُغلقت غالبية نوادي برلين، لم يتعرّف قط على ثقافة النوادي الشهيرة في المدينة.

لا شكّ أنّ الأمور أصبحت أكثر صعوبة، إذ إن مشهد برلين السري الجامح والعفوي، الذي نشأ بعد سقوط "جدار برلين" في تسعينيات القرن الماضي، قد أفسح المجال أمام التحسين الحضري، وتدفّق رؤوس الأموال، والشركات الكبرى.

مشهد ناضج لم يعد مشهد النوادي سريًا، بل أصبح جزءًا من الثقافة السائدة، بأسعار تعكس هذا الانتقال. Credit: Thielker/ullstein bild/Getty Images

نالت ثقافة النوادي السائدة في برلين الاحترام الذي يأتي مع مرور الوقت، إذ أنّ آباء جيل الشباب الحالي كانوا هم أنفسهم جزءاً من هذا العالم في شبابهم، ورقصوا في نوادٍ شهيرة مثل "Berghain " و" Tresor".

كما رحّب السياسيون الألمان المحافظون العام الماضي بإدراج لجنة اليونسكو في البلاد ثقافة موسيقى الـ"تكنو" في برلين ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي.

لذا قد لا يكون من المفاجئ أن يرغب بعض الشباب في تشكيل مشهد حفلات خاص بهم.

لا تزال نوادي برلين وجهةً جاذبةً لعشاق الحفلات والموسيقى الإلكترونية، حتى في مرحلة منتصف العمر وما بعدها. ورُغم أنّ رواد النوادي الشباب يشكلون نسبةً كبيرةً من الجمهور، إلا أنّ جيلهم لا يتمتع بالمستوى ذاته من الحضور.

وقد يعكس ذلك جزئيًا ارتفاع التكاليف وأنماط الحياة الصحية، فعلى سبيل المثال، أظهرت العديد من الدراسات الحديثة أن جيل "زد" حول العالم يشربون كميات أقل من الكحول.

وقال خوسيه، وهو طالب يبلغ من العمر 26 عامًا نشأ في برلين ولم يرغب في الكشف عن اسمه الكامل لأسباب تتعلق بالخصوصية: "بدأ مشهد النوادي الليلية في برلين كثقافة مضادة، لكنه الآن أصبح شائعًا جدًا وأقل إثارة".

موسيقى الـ"تكنو" مقابل الأجواء المرحة رسّخ ملهى "Berghain" الليلي في برلين سمعته كنادٍ حصري.Credit: Fabian Sommer/picture alliance/dpa/Getty Images

يعكس الشغف بأماكن مثل "Berghain" مدى جِدّية سكان برلين بشأن حفلات موسيقى الـ"تكنو"، ولكنه يزعج بعض رواد الحفلات الذين يبحثون عن أجواء أكثر مرحًا للاسترخاء فحسب.

وقالت داريا، البالغة من العمر 24 عامًا، والتي لم ترغب في الكشف عن اسمها الكامل لأسباب تتعلق بالخصوصية: "نحن لا نبحث عن نوع صارم وجِدّي من السهر، وهو ما شعرتُ أن برلين كانت تمثّله بالنسبة لي منذ فترة".

كما أضافت: "بالنسبة لي، ارتياد النوادي يعني قضاء الوقت مع من نحب، والقدرة على التعبير عن أنفسنا بحرية".

"مساحات أكثر أمانًا" لم توقف جائحة كورونا الحياة الليلية في برلين، ولكن شهدت مرحلة ما بعد "كوفيد-19" معاناة بعض النوادي.Credit: Sean Gallup/Getty Images

أوضحت المتحدثة باسم لجنة نوادي برلين، إميكو جيجيك، وهي جهة تُعنى بحماية مشهد النوادي في المدينة، أنّ جيلًا جديدًا من المجموعات الموسيقية ومنظّمي الفعاليات يقدّم حالياً "أسلوبًا مختلفًا" يضفي طابعًا متجددًا على ثقافة النوادي، ويوسّع من تنوّع الأنشطة والعروض المقدّمة فيها.

وأشارت جيجيك إلى أنه "غالبًا ما تستضيف هذه النوادي مساحةً اجتماعيةً أكثر. هناك العديد من المجموعات الشبابية، الخاصة بالأشخاص الملونين، ومجموعات قائمة على مجتمع الميم.. التي تركز بشكلٍ أكبر على الهوية وخلق مساحات أكثر أمانًا".

نشأ عزيز سار، البالغ من العمر 44 عامًا، في بيئة نابضة بالحياة الليلية في برلين.

وقال سار، الذي بدأ بتنظيم حفلاته الخاصة منذ أكثر من عقد: "أصبحت برلين أكثر تنوعًا، وهذا واضح. جميع هذه المجتمعات ترغب في الاحتفال، وهي بالتالي تُشكل الحياة الليلية".

"مساحة للهروب" يُنظر إلى السهر والذهاب للنوادي كتجربة مترفة بشكلٍ متزايد في برلين. Credit: Carsten Koall/Getty Images

لا شك أن ارتفاع التكاليف صعّب من ازدهار مشهد الحفلات، إذ أن رسوم الدخول، التي كانت تتراوح بين 11 و17 دولارًا قبل فترة وجيزة، ارتفعت إلى 23 أو حتى 34 دولارًا. 

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: الموسيقى برلين موسيقى الحیاة اللیلیة اللیلیة فی النوادی ا فی برلین Getty Images

إقرأ أيضاً:

بعيدا عن اللقطات التقليدية.. أسبوع الموضة في باريس كما لم نره من قبل

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- عند التفكير في أسابيع الموضة التي تُقام في نيويورك، ولندن، وميلانو، وباريس، تكون العارضات على المنصات أول ما يخطر في البال. 

ومع أنّ كشف التصاميم الجديدة وتحفيز الناس على شراء الملابس قد يكون محور كل عرض، إلا أنّ هناك الكثير لرؤيته خلف الكواليس، وخارج إطار الفعاليات، وبين الجمهور.

كلّفنا المصورة المقيمة في باريس، تشا غونزاليس، بالبحث عن اللحظات التي غالبًا ما تُفقد أو تُزال في التغطية التقليدية لأسابيع الموضة، لتقديم رؤية أكثر عفوية. 

إليكم ما شاهدته في عروض مصممين من ضمنهم ستيلا مكارتني، ويوجي ياماموتو، وتوم براون، ودار الأزياء الفرنسية "هيرميس"، ودار الأزياء الإيطالية "فالنتينو". 

تنوعت اللقطات بين صور للجمهور خارج منصات العرض، ومشاهير يحضرون العروض، إضافة إلى لقطات مقربة للتفاصيل الدقيقة من الأزياء، وأخرى خلف الكواليس أثناء التحضيرات قبل الصعود إلى المنصة.

المصورون والجمهور خارج عرض لعلامة "ستيلا مكارتني".Credit: Cha Gonzalez for CNN الدي جي المعروفة باسم "HorsegiirL" في عرض "ستيلا مكارتني".Credit: Cha Gonzalez for CNN

تميّز عرض المصمّمة الأمريكيّة ستيلا مكارتني بألوان نابضة بالحياة وتصاميم مستدامة تجمع بين الراحة والأناقة العصرية، مع لمسات جريئة في القصات والأقمشة مثل الريش. 

نظرة قريبة على أعمال المصممة ستيلا ماكارتني في باريس. Credit: Cha Gonzalez for CNN

وقدّم المصمم الياباني يوجي ياماموتو قطعًا مبتكرة ذات طابع فني وهندسي، مع تلاعبه مع الطبقات والأقمشة غير التقليدية. أمّا الألوان فكانت محايدة مع تفاصيل دقيقة.

العارضات يستعدن خلف الكواليس في عرض المصمم يوجي ياماموتو. Credit: Cha Gonzalez for CNN إطلالات من عرض يوجي ياماموتو لموسم ربيع/صيف 2026.Credit: Cha Gonzalez for CNN

وأظهرت دار "فالنتينو" أناقة رومانسية مع تصاميم حالمة وتطريزات غنية، وتوازن بين الألوان الناعمة والقصات المعمارية.

الجماهير خارج عرض "فالنتينو". Credit: Cha Gonzalez for CNN حضور ضيوف من بينهم المغني والممثل التايلاندي جيف ساتور وآنا وينتور في عرض "فالنتينو". Credit: Cha Gonzalez for CNN

 

المصورة كارولين غرانت وشقيقتها المغنية وكاتبة الأغاني لانا ديل راي في عرض "فالنتينو".Credit: Cha Gonzalez for CNN كواليس عرض توم براون. Credit: Cha Gonzalez for CNN

قدم المصمم الأمريكي توم براون تصاميم هندسية وجريئة، مع لمسات ذكورية قوية ولمحة كوميدية أحيانًا.

إطلالة من عرض توم براون لموسم ربيع/صيف 2026.Credit: Cha Gonzalez for CNN

و استعرضت دار الأزياء الفرنسية "هيرميس" الفخامة الكلاسيكية مع لمسات معاصرة، مع تركيز على الحرفية والدقة في القصّات والتطريزات. وكان الجمهور محاطًا بأجواء راقية تعكس التراث الفرنسي.

التوأم سنيهال وجيوتي باباني خلال عرض "هيرميس". Credit: Cha Gonzalez for CNN

مقالات مشابهة

  • العلماء يحذرون: عقل الإنسان يفقد توازنه بعد منتصف الليل
  • نتائج مقلقة.. عقل الإنسان يفقد توازنه بعد منتصف الليل
  • الكولاجين والريتينول والراحة العميقة.. مفتاح العناية الليلية بالبشرة
  • اليمن يشارك في مؤتمر الصحة العالمية في برلين لبحث سُبل تطوير القطاع الصحي
  • الإدمان الإلكتروني: وباء العصر الصامت يهدد عقول الجيل الجديد
  • صحيفة ألمانية: سياسة برلين تجاه حرب غزة أفقدت ألمانيا نفوذها الدولي
  • بعيدا عن اللقطات التقليدية.. أسبوع الموضة في باريس كما لم نره من قبل
  • مرحة وغير مثالية.. استكشف أبرز ما ميّز إطلالات أيقونة الموضة ديان كيتون
  • هل يؤثر السهر على الجهاز العصبي والمناعة؟.. دراسة تجيب
  • قمة تاريخية ترسم ملامح شرق أوسط جديد..صحيفة إيطالية: شرم الشيخ تعود عاصمةً للسلام