آداب ينبغي التحلى بها الحاج في تأدية المناسك.. تعرف عليها
تاريخ النشر: 29th, April 2025 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما هي الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الحاج أثناء تأديته مناسك الحج؟
وقالت دار الإفتاء إن الله تعالى يقول في سورة البقرة: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة: 197].
وأخرج الشيخان البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ حَجَّ للهِ فلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».
وعبَّر سبحانه عن أشهر الحج بأنها معلومات؛ لأنَّ العرب في الجاهلية كانوا يعرفونها، وهي: شهر شوال وذو القعدة والأيام العشرة الأُوَل من شهر ذي الحجة، وقد جاءت شريعة الإسلام مقررة لما عرفوه، ثم حضهم سبحانه على فعل الخير بعد نهيهم عن اجتراح الشر فقال: ﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: 197].
أي: اتركوا أيها المسلمون كل قول أو فعل لا يرضي الله تعالى، وسارعوا إلى الأعمال الصالحة خصوصًا في تلك الأزمنة والأمكنة المفضلة، واعلموا أنه سبحانه لا يخفى عليه شيء من تصرفاتكم، وتزودوا بالزاد المعنوي المتمثل في تقوى الله وخشيته، وبالزاد المادي الذي يغنيكم عن سؤال الناس، وأخلصوا لي قلوبكم ونواياكم يا أصحاب العقول السليمة والمدارك الواعية.
وسائل الكسب المشروعة في الحجوتابعت دار الإفتاء: ثم بيَّن سبحانه أنَّ التزوّد بالزاد الروحي لا يتنافى مع التزود بالزاد المادي متى توافرت التقوى فقال: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: 197]. أي: لا حرج ولا إثم عليكم في أن تطلبوا رزقًا حلالًا ومالًا طيبًا عن طريق التجارة أو غيرها من وسائل الكسب المشروعة في موسم الحج، وما دام ذلك لا يحول بينكم وبين المناسك، وقد نزلت هذه الآية حين تحرَّج أقوام عن مباشرة البيع والشراء في أيام الحج فأباح لهم ذلك ما داموا في حاجة إلى هذه المبادلات التجارية حتى يصونوا أنفسهم عن ذلّ السؤال.
ثم أرشدهم سبحانه إلى ما يجب عليهم عند الاندفاع من عرفات إلى غيرها فقال: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: 198]. أي: فإذا ما انتهيتم من الوقوف بعرفات واندفعتم منها بسرعة وتزاحمتم إلى المزدلفة فأكثروا من ذكر الله تعالى ومن طاعته عن طريق التلبية والتهليل والتسبيح والتكبير والدعاء؛ ﴿وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾ [البقرة: 198].
أي: واذكروا الله تعالى ذكرًا دائمًا حسنًا مماثلًا لهدايته لكم؛ فإنكم لولا هذه الهداية منه سبحانه لكم لكنتم من الباقين على جهلهم وضلالهم؛ ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: 199]. أي: واعلموا أيها المسلمون أنَّ من الواجب عليكم أن تجعلوا إفاضتكم من عرفات لا من المزدلفة.
وأضافت دار الإفتاء أن هذا هو المكان الذي اختاره الله تعالى لعباده للإفاضة، واستغفروا الله سبحانه من كل ذنب؛ فإنه عز وجل هو الكثير الغفران والواسع الرحمة، ثم بيَّن سبحانه السلوك السوي الذي يجب عليهم أن يسلكوه بعد فراغهم من أعمال الحج؛ فقال: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ [البقرة: 200].
أي: فإذا ما انتهيتم من عبادتكم وأديتم أعمال حجكم فأكثروا من ذكر الله وطاعته كما كنتم تكثرون من مفاخر آبائكم، بل عليكم أن تجعلوا ذكركم لخالقكم سبحانه أشدّ وأعظم من ذكر مفاخر الآباء بعد انتهائهم من أفعال الحج، فالمقصود منها التحريض على الإكثار من ذكر الله تعالى والزجر عن التفاخر بالأحساب والأنساب.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الآداب الحاج مناسك الحج آداب مناسك الحج آداب الحج دار الإفتاء الله تعالى وا الله من ذکر
إقرأ أيضاً:
طواف الوداع.. ماذا يفعل الحاج المتعجل إذا تركه؟
طواف الوداع وهو ما يتبقى من مناسك الحج حيث يستكمل حجاج بيت الله الحرام باقي مناسك الحج في أيام التشريق، ويؤدي فيه الحجاج طواف الوداع، وفي السطور التالية نتعرف على أحكام طواف الوداع، وكيفية أدائه، وهل يجوز تركه للحاج أو المعتمر..
طواف الوداع يؤدي الحاج فيه 7 أشواط حول الكعبة، وطواف الوداع له 6 شروط وهي:
أولًا: الطَّهَارَة مِنْ الْحَدَثِ الأكبر والأصغر، فلا يجوز من الحائض، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاةٌ، إلا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ». رواه الترمذي (960)، وثبت في الصحيحين أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعائشة لما حاضت: «افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي».
الشرط الثاني: أن يبدأ طواف الوداع من الحجر الأسود وينتهي إليه.
والثالث: أن تكون الكعبة على يسار مَن يطوف حولها.
والرابع: أن يكون الطواف حول الكعبة، فمن طاف داخل حجر إسماعيل، لم يصح طوافه، لأن حجر إسماعيل من الكعبة.
الخامس: أن يكون الطواف سبعة أشواط كاملة، وعند الشك في عدد الأشواط، يُبنى على العدد الأقل.
الشرط السادس: الموالاة بين الأشواط السبعة -في طواف الوداع - شرط عند الإمامين مالك وأحمد فإن فرق بين أجزائه استأنف إلا أن يكون يسيرًا ولو لغير عذر أو كثيرًا لعذر، ويرى الحنفية والشافعية أن الموالاة بين أشواط طواف الوداع سنة فلو فرق تفريقًا كثيرًا بغير عذر لا يبطل طوافه ويبنى على ما مضى منه، والأرحج أنه يجوز الاستراحة بين الأشواط.
كيفية أداء طواف الوداع للمتعجلفإن تعجل السفر وأراد الرحيل في اليوم الثاني عشر من ذي حجة ثاني أيام التشريق، فيؤدي طواف الوداع في نفس اليوم، وعليه مغادرة مكة ولا يمكث فيه طويلًا فإن بقيها يومًا آخر، يُغلى هذا الطواف الذي قام به، وعليه أن يؤديه مرة أخرى قبل رحيله.
ويرمي المتعجلون الجمرات في يومين فقط من أيام التشريق وهما أول أيام التشريق وثاني أيام التشريق، الموافقان الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة، وعليه في هذا اليوم أن يغادر منى قبل غروب الشمس، ويذهب إلى مكة لأداء طواف الوداع، ثم السفر إلى بلده، وقد أتم بذلك مناسك الحج ولا إثم عليه في ذلك، قال تعالى: «فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ» (سورة البقرة: 203).
عدد أشواط طواف الوداعالطواف في اصطلاح الفقهاء هو الدوران حول البيت الحرام، وطواف الوداع هو الطواف الذي يفعله الحاج بعد انتهاء مناسك الحج ويجب عليه مغادرة مكة المكرمة مباشرة ولا يمكث فيها، ولا يجب طواف الوداع على أهل مكة، وسمى بهذا الاسم، لأن الحجاج يودعون به بيت الله الحرام، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت طواف الوداع».
طواف الوداع يكون سبعة أشواط حول الكعبة المشرفة، بعد أن ينهي الحاج جميع المناسك، وينوي مغادرة مكة المكرمة، واختلف الفقهاء في هل طواف الوداع فرض ام سنة على قولين، والأرجح أنه سنة، ويجوز جمع طواف الوداع مع طواف الإفاضة، ولا يجوز للحائض أن تؤديه، لأنه تشترط في طواف الوداع الطهارة كالصلاة.
ماذا يقول الحاج في طواف الوداع ؟ويُسنُّ للمعتمر أن يبتدئ الطواف بالتكبير: فقد ثبت من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم طافَ بالبيتِ وهو على بعيرٍ، كلَّما أَتَى على الرُّكْنِ أشارَ إليهِ بشيٍء في يدهِ وكَبَّرَ).
بعد أن يقف المعتمر أمام باب الكعبة والحجر الأسود يقول دعاء الطواف حول الكعبة وهو «اللَّهُمَّ البَيْتُ بَيْتُك، وَالعَبْدُ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبدِكَ وابْنُ أمَتِكَ، حَمَلْتَنِي علىٰ ما سَخَّرْتَ لي مِنْ خَلْقِكَ، حتَّىٰ سَيَّرْتَني فِي بِلادِكَ، وَبَلَّغْتَنِي بِنِعْمَتِكَ حتَّىٰ أعَنْتَنِي علىٰ قَضَاءِ مَناسِكِكَ، فإنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّي فازْدَدْ عني رِضًا، وَإِلاَّ فَمِنَ الآنَ قَبْلَ أنْ يَنأىٰ عَنْ بَيْتِكَ دَارِي، هَذَا أوَانُ انْصِرَافي، إنْ أذِنْتَ لي غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِكَ وَلا بِبَيْتِكَ، وَلا رَاغِبٍ عَنْكَ وَلا عَنْ بَيْتِكَ، اللَّهُمَّ فأصْحِبْنِي العافِيَةَ في بَدَنِي، وَالعِصْمَةَ في دِينِي، وأحْسِنْ مُنْقَلَبِي، وَارْزُقْنِي طاعَتَكَ ما أبْقَيْتَنِي، واجْمَعْ لي خَيْرَي الآخِرةِ والدُّنْيا، إنَّكَ علىٰ كُلّ شَيْءٍ قدِيرٌ» قال ابن علاّن: أخرجه البيهقي بسنده إلىٰ الشافعي.
ماذا يفعل الحاج المتعجل إذا ترك طواف الوداع ؟اختلف العلماء في حكم طواف الوداع على قولين: الأول: أنه واجب، وهو قول فقهاء الحنفية، والحنابلة، ومن يترك طواف الوداع عليه دم أقلّه ذبح شاة تذبح في الحرم، وتوزع على الفقراء من أهله، وبإمكان الشخص توكيل من يقوم بذلك نيابة عنه.
القول الثاني: أن طواف الوداع سنة، وهو قول الإمام مالك، وداود، وابن المنذر، وأحد قولي الشافعي، وهو ما عليه الفتوى بدار الإفتاء المصرية؛ تيسيرًا على الحجاج ورفعًا للحرج عنهم.
والأرجح أنّ من ترك طواف الوداع لعذر شرعي فلا حرج عليه، أمّا من تركه دون عذر شرعي، فعليه دمٌ.