في ظل عالم مفعم بالضغوط والتحديات، حيث تتسارع الأحداث وتزدحم منصات السوشيال ميديا بالتعليقات والانطباعات العاجلة، يجد الفنانون السودانيون أنفسهم أمام محاكم غير مرئية، تصدر أحكامها بلا رحمة أو تمحيص. في هذا الفضاء الرقمي المتقلب، يتعرض الفنانون إلى محاكماتٍ تفتقر إلى القوانين، وكل موقف أو تعليق يصبح مادة للتقويم والانتقاد.


فبينما يصعد بعضهم إلى قمة النجومية، يسقط آخرون في لحظات، لا لشيء إلا لأنهم لم يلبوا توقعات جمهور السوشيال ميديا.
من بين هؤلاء الفنانين، كان جمال فرفور أحد أبرز الأسماء التي طالتها هذه المحاكمات الرقمية، إثر اتهامات بـ«التخاذل» نتيجة غيابه عن الساحة في وقت حساس تمر به البلاد. في المقابل، لم تخلُ مسيرة طه سليمان من التحديات في هذا السياق، حيث تحول من رمز إنساني إلى هدف لانتقادات حادة بعد إصدار أغنيته الأخيرة التي أثارت جدلاً واسعًا.
أما أبوعركي البخيت، فقد ظل صامدًا في وسط العاصفة، إذ اختار البقاء في الخرطوم على الرغم من الحرب الدائرة، لتكون رسالته للشعب السوداني بمثابة دعوة للاستمرار في الصمود.

محكمة بلا قاض ومشانق بالنقرات
وفي زمن تشوش فيه الحقيقة وتسرع الشائعات في الانتشار عبر منصات الهواتف الذكية، يجد الفنان السوداني نفسه عالقًا في وسط عاصفة من الاتهامات التي لا ضوء يبددها، ولا قضاء يقف في وجهها. تحولت السوشيال ميديا إلى محاكم شعبية لا قاضٍ فيها ولا محامٍ، تصدر الأحكام وتفصل في القضايا بلمسة إصبع، حيث يُدان الفنانون على نحو عابر، دون مراعاة لأي اعتبارات أو سياقات.
أين كان صوته؟!
في الآونة الأخيرة كان الفنان جمال فرفور، واحدا من أبرز الضحايا لهذه المحاكمات الرقمية، بعد اتهامه بـ«التخاذل» بسبب غيابه عن الساحة في وقت عصيب تمر به البلاد. تساءل متابعوه: «أين كان صوته؟»، محملين إياه مسؤولية تراجع موقفه الاجتماعي والسياسي. لم يكن غيابه عن الساحة مجرد غياب، بل تحول إلى خيانة في نظر البعض.

طه سليمان من النقيض إلى النقيض
من جهة أخرى، كان طه سليمان في مقدمة الفنانين الذين التزموا بمواقف إنسانية في وقت المحنة. كان حضوره في ساحات الإغاثة أكثر تأثيرًا من أي أغنية أو حفل، مما جعله، في نظر جمهوره، رمزا للصمود والإنسانية. ومع ذلك، لم تنجُ صورته المشرقة من التقلبات الحادة لآراء جمهور السوشيال ميديا. فبعد إطلاقه أغنيته الأخيرة، التي أثارت جدلا واسعا حول مضمونها وطريقة عرضها، تحول سليمان من نموذج فني إلى هدف لانتقادات شديدة.
السوشيال ميديا.. سلاح ذو حدين
تعكس هذه الأمثلة بوضوح كيف يمكن لمنصات التواصل الاجتماعي أن تكون قوة دافعة للنجومية، لكنها قد تدمّر هذه النجومية بأسرع مما صنعتها. في لحظة، كان طه يحتفى به كرمز إنساني، وفي اللحظة التالية أصبح محط هجوم حاد بسبب عمل فني واحد. هكذا أصبح الفضاء الرقمي ساحة مفتوحة للمفاجآت، حيث يمكن للنجوم أن يعتلوا القمة أو يسقطوا إلى الحضيض في لحظات معدودة. أصبح كل تعليق وكل موقف محتمل أن يتحول إلى سيف مسلط على رقاب الفنانين.

أبوعركي البخيت.. صمود أيقوني وسط الدمار
في خضم هذه العاصفة، برز موقف الفنان أبوعركي البخيت ليحظى بإعجاب واسع، حيث تمسك بالبقاء في أمدرمان وسط أتون المعارك. كان قراره البقاء في العاصمة طوال فترة الحرب بمثابة تعبير صامت عن ارتباطه العميق بأرض الوطن، رسالة تجاوزت الشعارات لتصل إلى قلوب الناس وتحثهم على الصمود.
وكانت الصورة المؤثرة التي التُقطت له مع ابنه سيزار داخل خرائب المتحف القومي السوداني، بعد الكارثة التي اجتاحت المتحف، بمثابة تجسيد جديد للصمود في وجه محن الحرب. تلك الصورة التي اجتاحت منصات السوشيال ميديا وغيرها من الصور ومقاطع الفيديو، أصبحت رمزا حيا للعزيمة والمثابرة، لتؤكد أن الفنان في ظل الحرب قادر على أن يكون مثالا للقوة والثبات في رأي الكثيرين.

محكمة السوشيال ميديا.. منظور أعمق
بدوره يؤكد الصحفي السوداني البارز محمد عبد الماجد أن السوشيال ميديا قد تحوّلت إلى معيار رئيسي لتقييم الشخصيات العامة. يقول لـ”العربية.نت”: «في الوقت الحالي، لا يتم تقييم الشخص إلا بناءً على ما ينشره على منصات التواصل الاجتماعي». وأضاف: «السوشيال ميديا تملك القدرة على صناعة النجوم كما يمكنها تدمير مسيرة أحدهم بسبب تعليق عابر أو موقف بسيط». وأشار إلى أن الحملات الإلكترونية غالبا ما تكون مدفوعة بأجندات خفية، متجاوزة الموضوعية والمهنية.
وتابع عبد الماجد قائلاً: « مع ذلك فالسوشيال ميديا لا تملك ذاكرة طويلة. فالهجمات الشتائمية سرعان ما تختفي، لكن النجوم الذين يستطيعون التكيف مع هذه البيئة يخرجون منها أكثر قوة ونضجًا».
وأضاف: رغم ذلك، تبقى التساؤلات حول دور هذه المنصات وأهدافها الحقيقية.
دور الفنان في زمن المحن
من جهته، تحدث الممثل صلاح أحمد عن دور الفنان في هذا السياق، قائلًا لـ”العربية.نت”: «المؤسف أن تقييم الفنانين في بعض الأحيان يعتمد على الانطباعات السريعة عبر منصات التواصل، رغم أن النقاشات الموضوعية موجودة». وأضاف: «السوشيال ميديا أصبحت أحد العوامل الرئيسية في تشكيل الرأي العام، ويجب على الفنان أن يظل ملتزمًا بوطنه من خلال أعماله ومساهماته الإنسانية».
وأشار أحمد إلى أن غياب المؤسسات الثقافية قد يزيد من صعوبة مهمة الفنان بعد الحرب، حيث سيكون دوره بالغ الأهمية في منح الأمل والمواساة للجمهور.

العربية نت

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: السوشیال میدیا طه سلیمان

إقرأ أيضاً:

بعد رحيله.. السقا يكشف أسرار 26 عامًا من الصداقة مع سليمان عيد

تصدر اسم الفنان الكوميدي سليمان عيد، الذي رحل عن عالمنا خلال العام الجاري، تريند جوجل، وذلك بعد تصريحات الفنان أحمد السقا الأخيرة عنه، تلك التصريحات أعادت تسليط الضوء على العلاقة الإنسانية العميقة بين النجمين، وخلّفت موجة من التعاطف والحزن بين جمهور ومحبي الفنان الراحل.

السقا عن سليمان: "ده عشرة 26 سنة"

 

في لقاء تلفزيوني، تحدث أحمد السقا بحرقة عن واحدة من أصعب اللحظات في حياته، حين شعر بعجزه عن توديع صديقه المقرب سليمان عيد قائلًا: "أنا بدفن من وأنا في أولى إعدادي، دي نعمة من ربنا، لكن أول مرة معرفتش أنزل أدفن حد كانت في جنازة أخويا وشقيقي سليمان عيد، قالولي انزل الدفنة، قلتلهم مش هقدر أدفن نفسي، ده عشرة 26 سنة، ماسيبناش بعض يوم".

مواقف لا تُنسى: "قفزت في البحر علشان أنقذه"

 

واحدة من أكثر الذكريات الطريفة التي جمعت بين السقا وسليمان، كانت خلال رحلة صيفية في الإسكندرية، تحدث عنها السقا ضاحكًا في أحد اللقاءات مع الإعلامية منى الشاذلي، قائلًا: "كنا في الإسكندرية أنا وسليمان ومحمود عبدالمغني، وقررنا نروح البحر، سليمان قال إنه بيعرف يعوم، لكن أول ما نزل بدأ يصرخ، اكتشفنا إنه مش بيعرف يعوم خالص. أنا نطّيت عشان أنقذه، والحمد لله لحقناه."

 

وأضاف بابتسامة: "الضحك والخضة من الموقف ده مش هيمشوا من دماغي أبدًا. كان دايمًا يقول لنا عندي مشكلة في عضلة القلب، وطلع بيهزر، بس الهزار ده كان خارج من قلب نضيف."

سليمان عيد عن السقا: "مش بزعل لو ما ردش.. هو عشرة عمر"

 

ومن جانبه، كان الفنان الراحل سليمان عيد قد تحدث عن أحمد السقا في أكثر من مناسبة، وأشاد بصداقته معه، قائلًا في لقاء مع الإعلامية ياسمين عز في برنامج "كلام الناس": “هو عشرة عمر، ولو ما ردش عليا مش بزعل، أنا مش بحب أزعج صحابي”.

 

وأكد أن السقا دائمًا كان سندًا له في مواقف كثيرة، مضيفًا: “هو راجل جدع، ووصّى عليا عند دكتور عيون صاحبه من قريب، وأنا بعزه جدًا”.

 

كما شدد سليمان على أنه لم يطلب أبدًا من زملائه أعمالًا، ولم يستغل صداقاته في مصالح شخصية، موضحًا: "أنا صاحب نجوم كتير من أيام عادل إمام، لكن عمري ما طلبت من حد شغل."

 

مقالات مشابهة

  • تداول أسئلة امتحان مادة التربية الدينية لطلاب الثانوية العامة عبر السوشيال ميديا.. والتعليم تحقق
  • فيفي عبده تتصدر التريند بزجاجة "خل".. ورسائلها الطريفة تُشعل السوشيال ميديا من جديد!
  • شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تبارك للإمبراطور العودة من جديد وحسناء السوشيال ميديا تسخر منها: (أحمد ده بيغني من قبل ما تنفخي وتشفطي اتلهي)
  • منة شلبي حديث السوشيال ميديا.. وتعود بـ”برلين” في دراما مشوّقة بين الجريمة والغموض
  • يوشا السياري تُعلن اعتزالها السوشيال ميديا نهائيًا: “اذكروني بكل خير”
  • سودانيون يطلبون من «غوتيريش» الإطاحة بـ«لعمامرة»
  • بعد رحيله.. السقا يكشف أسرار 26 عامًا من الصداقة مع سليمان عيد
  • الكويت تلاحق مروّجي أدوات الغش على السوشيال ميديا
  • بعد فوضى فتاوى السوشيال ميديا.. تشديد الرقابة بقانون رسمي
  • توقيع عقوبة علي لاعب الزمالك بسبب السوشيال ميديا