باريس- أعلن وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو، الأربعاء، بداية إجراءات حل جمعية "إيرجونس فلسطين" (طوارئ فلسطين)، مبررا ذلك بالقول إنه من الضروري "ضرب الإسلاميين" وتجنب "تشويه الإيمان".

وأضاف ريتايو أنه "لا ينبغي لنا أن نشوه القضية العادلة للفلسطينيين"، مؤكدا أن "العديد من مواطنينا المسلمين يعتنقون عقيدة تتوافق تماما مع قيم الجمهورية".

وقد تشكلت الجمعية مع بداية الحرب على قطاع غزة، ونظمت وشاركت في عدد كبير من المظاهرات المتضامنة مع فلسطين في كل المدن الفرنسية، وطالبت بشدة بفرض وقف فوري لإطلاق النار.

اعتداء على الحريات

وتعليقا على هذا القرار، قال المتحدث باسم جمعية "إيرجونس فلسطين" عمر السومي "إننا نشعر بالغضب، لكننا لسنا متفاجئين، لأن الحكومة الفرنسية قمعت بعنف شديد التحركات الداعمة لمقاومة الشعب الفلسطيني منذ البداية، وهو ما يشكل اعتداء صارخا على حرياتنا الأساسية لتنظيم المظاهرات والتحدث والنضال".

وأضاف السومي في حديثه للجزيرة نت "منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، نواجه عنفا غير مسبوق من جانب الحكومة التي تسمح بارتكاب الجرائم الإسرائيلي والإبادة الجماعية مع الإفلات الكامل من العقاب، في حين يواجه الفلسطينيون الذين ينظمون أنفسهم وحلفاءهم محاكمات لا نهاية لها، فضلا عن كل أنواع الإهانات والتشهير".

إعلان

ويرى المتحدث أن التحركات والمظاهرات التي شارك فيها مئات الآلاف من الناس في الفعاليات التي نظمتها جمعية "إيرجونس فلسطين" شكلت مصدر إزعاج للسلطات "لأنها تزعزع مصالح حكومة فرنسا والمصالح الصهيونية على حد سواء".

وقد أثار هذا القرار موجة من التعليقات المتباينة والانتقادات من قبل النخبة السياسية اليسارية بشكل خاص، فقد اعتبرت النائبة الفلسطينية في البرلمان الأوروبي ريما حسن أن "التوجه الاستبدادي والفاشي لماكرون حقيقي وملموس".

في المقابل، قالت سارة ايزنمان رئيسة جمعية "نعيش نحن" التي تدين معاداة الصهيونية إن "الجمهورية تؤكد من جديد أنه لا يمكن أن يهرب أيّ معاد للسامية من العقاب في فرنسا"، واصفة جمعية "إيرجونس فلسطين" بـ"المنظمة الداعمة للإرهاب ولا تدافع عن الحقوق الفلسطينية".

لافتة كُتب عليها "الإسلاموفوبيا تقتل" في ساحة الجمهورية بباريس (الفرنسية) عمل تعسفي

أعلنت جمعية "التضامن مع فلسطين وفرنسا" رفضها للقرار، وقالت "اتخذه بعض نواب التجمع الوطني والمؤيدين للحكومة الإسرائيلية، وهو يقوض حرية التعبير وتكوين الجمعيات في بلدنا، وهذا له عواقب وخيمة للغاية على حرياتنا الفردية والجماعية".

وأضافت الجمعية في بيان لها أنه "بسبب إدانة الإبادة الجماعية في غزة والتعبير عن التضامن النشط مع الشعب الفلسطيني، يتم طرد طلاب معهد الدراسات السياسية من جامعتهم، ويتم جر الناشطين السياسيين والنقابيين إلى المحاكم، ويتم محاكمة باحثين مشهورين مثل فرانسوا بورغا".

ومن الجدير بالذكر أن وزير الداخلية ريتايو أعلن أيضا حل المجموعة المناهضة للفاشية "الحرس الشاب" وجماعة "ليون بوبيلير" اليمينية المتطرفة التي أسست عام 2019 في أعقاب حل سلفها الحركة الفاشية الجديدة "باستيون سوشال"، التي تم حظرها بسبب العنف والعنصرية.

وعن تبرير مستأجر ساحة بوفو (وزير الداخلية) حل جمعية "إيرجونس فلسطين" بضرورة "ضرب الإسلاميين"، فسر السومي ذلك بأنه "مظهر آخر من مظاهر الإسلاموفوبيا التي ترسخت في قلب الحكومة، إنها إسلاموفوبيا قاتلة ولا تتجلى اليوم فقط بالقتل المروع للشاب المالي أبو بكر سيسيه، بل تتجلى أيضا في تصريحات الوزير".

إعلان

وأوضح السومي أن الجمعية تعمل في المقام الأول على جمع الفلسطينيين في المنفى، وهي منظمة سياسية تجمع قوى متنوعة من الساحة السياسية الفرنسية، ومجموعة تضم آلاف الأشخاص من فرنسيين، وفلسطينيين، وعرب، ومسلمين، ومسيحيين، ويهود، وملحدين، معبرا عن افتخاره بهذا التنوع الإيجابي.

من جانبها، ترى المحامية دومينيك كوشان أن هذا الأمر يعد بمثابة طريقة لإقصاء الناشطين في مجال حقوق الإنسان ومعاملتهم كـ"إسلاميين" على اعتبار وجود بعض المسلمين في الحركة، علما أن هناك غير المسلمين وحتى غير العرب.

وكمقارنة تحليلية، قدمت المحامية في حديثها للجزيرة نت مثال "رابطة الدفاع اليهودية" ـوهي جمعية تضم عددا لا يُحصى من الأعضاءـ التي أدانتها الحكومات المتعاقبة بارتكاب أعمال عنف خطيرة واستخدمت السلاح أيضا، فضلا عن الهجمات العنصرية والمنشورات والتعليقات، ورغم كل ذلك، رفضت وزارة الداخلية حلها.

لا حق في الدفاع

ومن الناحية القانونية، أشارت المحامية كوشان إلى وجود أحكام في قانون الأمن الداخلي تنص على إمكانية حل الجمعيات والمجموعات أيضا، وهو ما تم تنفيذه بشكل طفيف نسبيا من قبل، والآن يتم تنفيذها بكامل قوتها.

وأوضحت كوشان، التي تولت قضايا بعض النشطاء الذين تمت محاكمتهم في دعاوى قضائية رفعتها الوكالات الموالية لإسرائيل ضد حركة المقاطعة، أن وزارة الداخلية تُرسل رسالة إلى ممثلي الجمعية والمجموعة لإبلاغهم بقرارها المتعلق بالحل، ثم يكون هناك فترة 8 أيام للرد وتنفيذ القرار.

لكن المحامية الفرنسية تعتبر أن هذه الإجراءات لا تتعدى كونها شكلية فقط، أي "لا يوجد حق حقيقي للرد أو الدفاع أو الوصول إلى عناصر القضية من شأنه أن يسمح لأي جهة بالجدل في هذا السياق ضمن مناظرة تنافسية. لذا، فإن اتخاذ القرار يتم قبل وقت طويل من تبادل المراسلات".

أما من حيث المضمون، فترى كوشان أن الحل "أمر مضحك"، لأنه ليس إجراء عقابيا، بل إجراء إداري للشرطة، موضحة ذلك بالقول "بما أنه لا يعتبر عقوبة، فإن أحكام المادة السادسة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن حق الدفاع لا تنطبق عليه أساسا".

إعلان

ورغم ذلك، أكد المتحدث باسم "إيرجونس فلسطين" عمر السومي أن الجمعية ستقاتل بكل أسلحة القانون "ولدينا مجموعة من المحامين بجانبنا لضمان دفاعنا، وقد تلقينا رسائل دعم استثنائية من آلاف الأشخاص، ففي أقل من 24 ساعة، وقع أكثر من 4 آلاف شخص على عريضة لدعم القضية الفلسطينية والتنديد بالإبادة الجماعية وحظر جمعيتنا".

وأضاف "سنقوم في الأيام المقبلة بتنظيم مظاهرات وتعبئة مختلفة حتى نُسمع أصواتنا وأصوات الشعب الفلسطيني في جميع أنحاء فرنسا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وزیر الداخلیة

إقرأ أيضاً:

7 شهداء في قصف إسرائيلي متواصل على غزة منذ فجر اليوم

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي قصفها العنيف على مناطق متفرقة من قطاع غزة، ما أسفر عن سقوط 7 شهداء فلسطينيين منذ فجر اليوم السبت، وفق ما أفادت به مصادر طبية فلسطينية لقناة "القاهرة الإخبارية" في خبر عاجل. 

يأتي هذا التصعيد ضمن سلسلة الهجمات المتكررة التي تشنها قوات الاحتلال على القطاع، وسط تحذيرات متزايدة من تفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل كارثي.

الدولية لحقوق الشعب الفلسطيني: نتنياهو يماطل لتمديد الحرب ورفض وقف إطلاق النار في غزة دبلوماسي أمريكي سابق: غزة باتت مصدر إزعاج لترامب وويتكوف مفاوض جيد الأمم المتحدة: خطة واسعة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة

وفي سياق متصل، أكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن هناك خطة شاملة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مشيرًا إلى أن "الظروف صعبة، لكننا نعرف كيف ننفذ خطة إيصال المساعدات". 

وأوضح المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني في القطاع يزداد سوءًا مع استمرار القصف، مما يستدعي تحركًا عاجلًا من قبل المجتمع الدولي لضمان وصول الإمدادات الغذائية والطبية والإنسانية إلى السكان المحاصرين.

بلدية خزاعة تعلنها منطقة منكوبة بسبب حجم الدمار

من جهتها، أعلنت بلدية خزاعة الواقعة جنوبي قطاع غزة، أنها أصبحت رسميًا منطقة منكوبة نتيجة الهجمات الإسرائيلية المتواصلة، مؤكدة أن حجم الدمار يفوق كل التقديرات، وأن ما يتعرض له السكان يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني. 

وطالبت البلدية المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بسرعة التدخل لإنقاذ المدنيين المحاصرين في ظل تدمير البنية التحتية والمنازل والمنشآت الحيوية في المدينة.

الأوضاع الميدانية مرشحة لمزيد من التصعيد

يأتي هذا التصعيد العسكري في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي في استهداف منازل المدنيين والمنشآت الخدمية والمراكز الصحية في غزة، ما ينذر بمزيد من الضحايا والمآسي الإنسانية.

وتتزايد الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار وفتح ممرات آمنة لدخول المساعدات الإنسانية، إلا أن الاحتلال يواصل تصعيده العسكري وسط حالة من الغضب الشعبي والمطالبات بضرورة التحرك العاجل لوقف العدوان.

المجتمع الدولي مطالب بتحمل مسؤولياته

تتواصل المناشدات الموجهة إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بضرورة التدخل السريع لحماية المدنيين في غزة وتوفير الدعم اللازم للمتضررين، خاصة مع تزايد أعداد الضحايا والمصابين، وتدمير مئات المنازل والمنشآت الحيوية، في وقت يعاني فيه القطاع من أوضاع إنسانية بالغة الصعوبة.

مقالات مشابهة

  • الرياض يقرر الإبقاء على خدمات ميلان وتوزي
  • وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يترأس اجتماع الجمعية العامة لشركة مصر القابضة للتأمين.
  • وزير التموين يترأس اجتماع الجمعية العامة لـالقابضة للصوامع
  • وزير الاستثمار يترأس اجتماع الجمعية العامة لشركة مصر القابضة للتأمين
  • السلطات الأمريكية تكشف هوية منفذ الهجوم على مسيرة داعمة لإسرائيل
  • اللقطات الأولى لهجوم استهدف مسيرة داعمة لإسرائيل بولاية كولورادو الأمريكية
  • مجلس الوزراء يقرر الموافقة على إجراءات إتاحة خدمة الاستعلام الرقمي عن الملاءة المالية للأشخاص الذين يصدرون شيكات
  • وزير الخارجية التركي يهاتف نظيره الفرنسي
  • وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود “إماراتية”
  • 7 شهداء في قصف إسرائيلي متواصل على غزة منذ فجر اليوم