تواصل ميليشيا الحوثي الإيرانية فرض سيطرتها على الريف اليمني عبر آليات جبايات موسمية مقننة تحت مسمى "الزكاة"، ما يحد من قدرة المزارعين على حصاد محاصيلهم وإدارة إنتاجهم الزراعي بحرية. 

وتشير التوجيهات الأخيرة الصادرة عن الهيئة العامة للزكاة إلى منع أي عملية حصاد أو نقل للمواشي في مديرية حيفان جنوب محافظة تعز، إلا بعد نزول لجان الهيئة وتحديد موعد رسمي للحصاد، مع إلزام العدول المحليين بالإبلاغ عن المخالفين وتحميلهم المسؤولية الكاملة.

ويعكس هذا الأسلوب محاولة إعادة إحياء ممارسات قديمة كانت سائدة في عهد الإمامة، حين كان "المخمّنون" يفرضون حصصًا من المحاصيل قبل نضوجها، ما يضع المزارع في دائرة استغلال اقتصادي مزدوج، بين ضغوط المليشيا والقيود الزراعية الطبيعية.

ووفقًا لمصادر محلية، تُطبق هذه الإجراءات منذ نحو خمس سنوات، وتهدف إلى تمكين موظفي الهيئة من النزول إلى القرى لتقدير زكاة المحاصيل بشكل مفصل لكل فلاح، ثم رفعها إلى المكاتب الإدارية في المديرية لمتابعة التحصيل، مع استخدام الأجهزة الأمنية لفرض الالتزام بالقوانين الصادرة عن الحوثيين.

ويرى خبراء أن هذه السياسات تحول عملية الزراعة إلى أداة للسيطرة الاقتصادية، وتزيد من استغلال المزارعين في ظل غياب مؤسسات الدولة الشرعية، ما يعكس طموح الجماعة في استخدام الموارد الزراعية كورقة ضغط سياسية ومعيشية.

تشير التقديرات إلى أن إجراءات الحوثيين في الزكاة تُضعف الإنتاج المحلي للغذاء، وتزيد من الاعتماد على الواردات في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، بينما يعاني الفلاحون من خسائر اقتصادية مباشرة بسبب منعهم من بيع محاصيلهم أو استخدامها في الوقت المناسب.

ويضيف محللون اقتصاديون أن هذا يخلق حالة من السخط الشعبي، ويعمّق التوترات بين المزارعين والسلطات المحلية الموالية للجماعة، ويؤثر بشكل مباشر على الأمن الغذائي في اليمن ككل، خصوصًا مع التوسع الكبير في استخدام الجبايات تحت مسميات مختلفة مثل الزكاة والضرائب المحلية والإتاوات.

سياسات الحوثي في الزكاة تشبه إلى حد بعيد الأساليب التقليدية في فرض الجبايات خلال حقبة الإمامة، حيث كان الفلاح يُجبر على دفع حصص محددة من محصوله قبل نضوجه، مع تدخل "عامل الإمام" لضمان الالتزام بالقوانين. وتعتبر هذه الممارسات مؤشرًا على رغبة الجماعة في الحفاظ على طرقها التقليدية للسيطرة الاقتصادية، وتقييد الحرية الإنتاجية، لضمان تمويل أنشطتها العسكرية والسياسية في الوقت ذاته.

ويحذر مراقبون من أن استمرار هذه السياسات قد يؤدي إلى تراجع الإنتاجية الزراعية، وزيادة معدلات الفقر في الريف، وتفاقم أزمة الغذاء في مناطق الحوثي، كما يعمق الانقسام الاقتصادي والاجتماعي بين المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة والمناطق المحررة.

ويؤكد هؤلاء أن أي استراتيجية حقيقية لإصلاح القطاع الزراعي في اليمن يجب أن تشمل إنهاء السيطرة الحوثية على الزراعة، وضمان حرية الفلاحين في إدارة إنتاجهم، ووضع آليات شفافة للزكاة والضرائب الزراعية، بعيدًا عن الابتزاز والجبايات القسرية.

وبذلك، تبدو الزكاة في مناطق الحوثي اليوم أكثر من مجرد فريضة دينية، بل أداة سياسية واقتصادية لتقييد الإنتاج الزراعي، وتحصيل موارد مباشرة لدعم أنشطة الجماعة، ما يعكس تداخل السيطرة الأمنية والاقتصادية والدينية في حياتهم اليومية.

المصدر: نيوزيمن

إقرأ أيضاً:

وسائل إعلام أميركية ترفض قيود البنتاغون الجديدة وهيغسيث يلوّح بإشارة الوداع

أعلنت عدة مؤسسات إخبارية أميركية أن صحفييها لن يوقعوا على لائحة قيود جديدة فرضتها وزارة الحرب الأميركية (البنتاغون) الشهر الماضي، والتي تحظر على الصحفيين نشر أي معلومات -حتى لو كانت غير سرية- ما لم يوافق البنتاغون على نشرها، وتقيّد وصولهم إلى أماكن معينة داخل المجمع العسكري دون مرافقة مسؤول رسمي.

وحددت الوزارة مساء اليوم الثلاثاء موعدا نهائيا للتوقيع على القيود غير المسبوقة، وهددت المخالفين وغير الموقعين بفقدان تصاريحهم الصحفية.

رفض واسع

ورفضت وسائل إعلام كبرى مثل واشنطن بوست ونيويورك تايمز ونيوزماكس وسي إن إن وإن بي آر وذا أتلانتك التوقيع على مذكرة القيود، وشددت على أنها تتعارض مع الضمانات الدستورية لحرية الصحافة.

A statement from The New York Times on the Pentagon’s press pass policy: pic.twitter.com/2q43SrvrR2

— NYTimes Communications (@NYTimesPR) October 10, 2025

وتحدد مذكرة البنتاغون المكونة من 21 صفحة عددا من المتطلبات من بينها اعتبار الصحفيين "خطرا أمنيا" إذا كشفوا عن معلومات سرية أو حتى غير سرية دون إذن من البنتاغون، ويخشى محامو وسائل الإعلام من أن يؤدي هذا التقييد إلى تعرض الصحفيين للعقاب لمجرد قيامهم بتغطية أخبار روتينية.

وقال جيفري غولدبرغ رئيس تحرير مجلة ذا أتلانتيك في بيان: "نحن نعارض بشكل أساسي القيود التي تفرضها إدارة ترامب على الصحفيين الذين يغطون شؤون الدفاع والأمن القومي"، وأضاف أنها تنتهك حقوق الصحفيين بموجب التعديل الأول للدستور وحقوق الأميركيين الساعين إلى معرفة أخبار المؤسسة العسكرية وأفرادها الممولين من أموال دافعي الضرائب.

The Atlantic’s journalists will not sign the Pentagon’s press policy. Statement here from editor in chief Jeffrey Goldberg: pic.twitter.com/j1W48qSQuo

— The Atlantic Communications (@TheAtlanticPR) October 13, 2025

إعلان

وقالت شبكة سي إن إن في بيان الأسبوع الماضي إنها ستواصل تغطية أخبار وزارة الحرب والجيش الأميركي وإدارة ترامب بغض النظر عن إمكانية الوصول إلى البنتاغون، وأضافت "لن نحيد عن واجبنا في محاسبة الثلاثة بشكل عادل وكامل وسنواصل تقديم التقارير دون خوف أو محاباة".

وأكد ريتشارد ستيفنسون رئيس مكتب صحيفة نيويورك تايمز في واشنطن عدم توقيع جميع زملائه في الصحيفة، وقال: "منذ الإعلان عن هذه السياسة لأول مرة أعربنا عن قلقنا من أنها تقيد قدرة الصحفيين على تغطية أخبار الجيش الأميركي، الذي يُمول بنحو تريليون دولار من أموال دافعي الضرائب سنويا".

منذ تعيينه مطلع العام الحالي اتبع وزير الحرب الأميركي هيغسيث نهجا عدائيا تجاه صحفيي البنتاغون (أسوشيتد برس)هيغسيث يلوّح بإشارة الوداع

وردّ وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث على تصريحات مجلة أتلانتيك وصحيفتي واشنطن بوست ونيويورك تايمز عبر منصة إكس بنشر رمز تعبيري واحد ليد تلوّح بالوداع.

وقالت رابطة الصحافة في البنتاغون (وتمثل الصحفيين الذين يغطون أخبار وزارة الحرب) إن السياسة الجديدة تبدو "مصممة لقمع حرية الصحافة وتعرضنا للملاحقة القضائية لمجرد قيامنا بعملنا"، وأشارت إلى أنها "تنقل رسالة ترهيب غير مسبوقة إلى كل مَن في وزارة الحرب، وتحذر من أي تفاعلات غير مصرح بها مع الصحافة".

وبينما رفضت معظم وسائل الإعلام التعليمات الجديدة، وقعت عليها قناة "ون أميركا نيوز" اليمينية المتطرفة والمعروفة بتعليقاتها الداعمة للرئيس ترامب الذي دأب على دعوة مراسلها في البيت الأبيض لطرح الأسئلة عليه.

ومنذ تعيينه، اتبع هيغسيث نهجا عدائيا تجاه الصحفيين العاملين في البنتاغون، حيث طلب من وسائل الإعلام التي تتمتع باعتماد طويل الأمد إخلاء أماكن العمل المخصصة لها، ثم قام لاحقا بتقييد أماكن تحرك الصحفيين داخل المجمع.

 

مقالات مشابهة

  • مايكروسوفت: أداة إنشاء وسائط Windows 11 تواجه عطلاً على أجهزة Windows 10
  • إنستغرام يفرض قيودًا جديدة لحماية القُصّر من المحتوى الضار
  • ترامب يفرض رسومًا جديدة على الخشب والأثاث
  • وسائل إعلام أميركية ترفض قيود البنتاغون الجديدة وهيغسيث يلوّح بإشارة الوداع
  • الاحتلال يفرض قيودًا وتشديدات على أسرى صفقة التبادل المقدسيين
  • حين تتحول المشاعر المقدسة إلى أداة للتجنيد لاختراق ساحة التأثير اليمني
  • وزير الري: نبذل جهودا كبيرة لإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي
  • الزراعة تستعرض حصاد أنشطة مبادرة المراكز الإرشادية الزراعية خلال سبتمبر
  • سقوط ورقة التوت الغزاوية: الحوثي يبحث عن صراع جديد لـ تأميم غضب الرواتب والمجاعة