مندوب السودان لدى الأمم المتحدة يجدد اتهاماته للإمارات بدعم قوات الدعم السريع
تاريخ النشر: 3rd, May 2025 GMT
الحارث اتهم نظيره الإماراتي بخرق الأعراف الدبلوماسية، من خلال وصفه المتكرر له بأنه “ممثل للجيش السوداني”، معتبراً ذلك مخالفة صريحة للمادة (2)-1 من ميثاق الأمم المتحدة.
بورتسودان: التغيير
شنّ مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير الحارث إدريس الحارث، هجوماً جديداً على دولة الإمارات، متهماً إياها بالضلوع في تأجيج الحرب في السودان من خلال دعم قوات الدعم السريع بالأسلحة والمعدات، مشدداً على أن أبوظبي تتحمل “مسؤولية دولية واضحة” تجاه ما وصفه بـ”الجرائم والانتهاكات” التي ترتكبها تلك القوات.
جاء ذلك في رسالة رسمية وجهها الحارث إلى رئيس مجلس الأمن الدولي، رداً على ما ورد في رسالة المندوب الدائم للإمارات بتاريخ 29 أبريل الماضي، والتي وصفها بأنها “مليئة بالمغالطات ومحاولات فاشلة للتنصل من المسؤولية”.
وقال الحارث إن المندوب الإماراتي بات “منسجماً بشكل كامل مع مواقف قوات الدعم السريع”، التي قال إن بلاده ترعاها، مشيراً إلى ارتكابها “فظائع ممنهجة” ضد المدنيين.
واتهم الحارث نظيره الإماراتي بخرق الأعراف الدبلوماسية، من خلال وصفه المتكرر له بأنه “ممثل للجيش السوداني”، معتبراً ذلك مخالفة صريحة للمادة (2)-1 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تنص على مبدأ المساواة في السيادة بين الدول الأعضاء.
وأضاف: “للتاريخ، فإن الجيش السوداني الذي يتطاول عليه المندوب الإماراتي، كان له دور محوري في تأسيس القوات المسلحة الإماراتية”، في إشارة إلى العلاقات العسكرية السابقة بين البلدين.
وفي تفنيده لما ورد في رسالة الإمارات، استشهد الحارث بتقارير دولية وتحقيقات صحفية موثوقة، تؤكد – بحسب قوله – تورط الإمارات في تسليح الدعم السريع، ما يشكل انتهاكاً صارخاً لحظر السلاح المفروض بموجب قرارات مجلس الأمن.
كما شكك الحارث في مزاعم المندوب الإماراتي بأن تقرير لجنة الخبراء لم يدن الإمارات، موضحاً أن التقرير لم يكن محل إجماع بين أعضاء اللجنة، إذ لم يوقّع عليه جميع الخبراء الخمسة، وهو ما اعتبره إخلالاً بالإجراءات المعتمدة داخل لجنة العقوبات، ومصدر تحفظ من عدة أعضاء في مجلس الأمن.
الوسومالإمارات العربية المتحدة الحارث إدريس قوات الدعم السريع مندوب السودان لدى مجلس الأمنالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الإمارات العربية المتحدة الحارث إدريس قوات الدعم السريع مندوب السودان لدى مجلس الأمن قوات الدعم السریع الأمم المتحدة مجلس الأمن
إقرأ أيضاً:
زوبعة الحكومة الموازية في السودان
يمكن لأي جماعةٍ أن تعلن تشكيل حكومة على الورق أو في الفضاء الرقمي، لكن هذا لا يعطيها شرعيةً أو وجوداً حقيقياً. فأي حكومة لا تملك السيطرة على أرضٍ ذات سيادة، ولا تمثل إرادة شعبية واسعة، ولا تحظى باعتراف دولي، تعد حكومة وهمية، أو في حالات أخرى محاولة لكسب نقاط تفاوضية، أو لمنازعة السلطة القائمة والمعترف بها في المحافل الدولية.
الحكومة «الموازية» التي أعلنتها «قوات الدعم السريع» وحلفاؤها في منصة «تأسيس» هي مزيج من كل ذلك، وهي محاولة لفرض واقع جديد بعدما فشل مشروع السيطرة على الدولة السودانية بالكامل بعد اندلاع حرب 15 أبريل (نيسان) 2023، والهزائم التي أخرجت «الدعم السريع» من الأراضي التي تمددت فيها، وحصرت سيطرتها في أجزاء من إقليم كردفان ومساحات من دارفور. لكن هذه المحاولة ليست مرشحةً للفشل فحسب، بل قد تنقلب وبالاً على «الدعم السريع» وحلفائها.
الخطوة قُوبلت بإدانة واسعة من كثير من الدول، ومن المنظمات الإقليمية، ومن الأمم المتحدة، وكلها اتفقت على عدم مشروعية هذه «الحكومة»، محذرةً من أنها قد تمس بوحدة البلاد ولا تعبر عن إرادة الشعب السوداني. بل إن الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية وجّها دعوة للدول لعدم الاعتراف بها، مع التأكيد على دعم وحدة السودان وسيادته وأمنه، والتشديد على التعامل مع السلطة القائمة والمعترف بها.
داخلياً فجّرت الخطوة نقمة وخلافات في أوساط «قوات الدعم السريع» التي بدأت تشهد في الأشهر الأخيرة تصدعاً خرج إلى العلن بسبب صراعات النفوذ، والتوترات القبلية، والشكاوى من وجود تمييز وعنصرية من مكونات على حساب أخرى، مع انفلات أمني في مناطق سيطرتها أدى إلى مواجهات مسلحة مرات عدة.
ومع إعلان الحكومة أعلن عدد من مستشاري «الدعم السريع» انشقاقهم احتجاجاً، بينما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو لمقاتليها الساخطين على تشكيلة الحكومة والمجلس الرئاسي لـ«تأسيس». في هذه المقاطع هاجم المجندون قياداتهم وأعلنوا رفضهم لما وصفوه بالتهميش لهم ولقبائلهم، وطالبوا بحصتهم في قسمة السلطة على أساس أنهم من حمل السلاح وقاتل وفقد أعداداً كبيرةً من الشباب، ولكن لم يتم تمثيلهم في حين ذهبت المناصب لأصحاب «البدلات» من المدنيين الذين لم يشاركوا في القتال.
وبينما شن المحتجون في «الدعم السريع» هجوماً شديداً على عبد العزيز الحلو، رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، الذي حصل على منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي وحصة 30 في المائة من المناصب الأخرى، فإن الرجل قُوبل أيضاً بموجة من السخرية من ناشطين في مناطق سيطرته في جبال النوبة لقبوله أن يكون نائباً لمحمد حمدان دقلو (حميدتي)، متسائلين ما إذا كانت «الحركة الشعبية» قاتلت من أجل المناصب على حساب شعارات التهميش ورفع المظالم.
الواقع أن تحرك «قوات الدعم السريع» ومجموعة «تأسيس» لإعلان حكومة لا يعكس قوة، بقدر ما يظهر يأسها من قلب الموازين العسكرية مجدداً، ويزيد من تصدعاتها. فهذه الحكومة سيصعب عليها الوجود على الأرض في ظل الهجمات التي يشنها الجيش السوداني في دارفور وكردفان، بعدما انتقلت المعارك غرباً، وسط مؤشرات على أن الجيش يستعد لشن هجمات كبرى منسقة على غرار ما حدث في الجزيرة والخرطوم. وعلى الرغم من الصخب الإعلامي عن أن إعلان الحكومة كان من نيالا، فالحقيقة أن اجتماعات ترتيب خطواتها وتشكيل المجلس الرئاسي كانت في كينيا، وفقاً لبيان الخارجية السودانية.
لا أمل للحكومة الموازية في تغيير الموازين التي لم تعد تسير لصالح الدعم السريع
«قوات الدعم السريع» قد تكون مسيطرة حالياً على أجزاء كبيرة من دارفور وبعض المواقع في كردفان، لكنها لا تمثل بأي حال أغلبية السكان هناك، ولا تحظى بتأييد مكونات ومجموعات مقدرة، لا سيما بعد الانتهاكات الواسعة وجرائم الإبادة التي ارتكبتها. وحتى داخل مكونها القبلي فإنها تواجه عداء شخصيات نافذة مثل الشيخ موسى هلال رئيس «مجلس الصحوة الثوري» الذي انتقد تشكيل الحكومة الموازية، وشن هجوماً عنيفاً على حميدتي وشقيقه عبد الرحيم، وسخر من فكرة أن يحكما السودان.
المفارقة أنه مع إعلان هذه الحكومة أعلنوا أيضاً تعيين ولاة لأقاليم السودان في الوسط والشمال والشرق والنيل الأزرق والخرطوم، وهي المناطق التي كان أهلها يحتفلون بانتصارات الجيش والقوات التي تقاتل في صفوفه، وإخراجه «قوات الدعم السريع» منها. هذه التعيينات تضيف بلا شك إلى عبثية المشهد، لسببين؛ الأول أنه لا أمل لهؤلاء «الولاة» في تسلم سلطة فعلية على هذه المناطق، ولا معطيات حقيقية بإمكانية عودة «الدعم السريع» للسيطرة عليها، والثاني أنه حتى عندما كانت قواتها تسيطر عليها سابقاً فإن الإدارات المدنية التي شكلتها فيها لم تكن سوى مسميات وهمية لا وجود حقيقياً لها، ولا إنجازات.
الحقيقة أنه على الرغم من الفورة الإعلامية التي رافقت إعلانها، فإنه لا أمل للحكومة الموازية في تغيير الموازين التي لم تعد تسير لصالح الدعم السريع ناهيك عن أن تصبح حكومة بديلة تحكم السودان كله.
الشرق الأوسط