بن بريك مكان بن مبارك: ديمة قلبنا بابها
تاريخ النشر: 4th, May 2025 GMT
يقول المثل اليمني الشهير “ديمة قلبنا بابها”، في إشارة إلى التغيير الشكلي الذي لا يمس جوهر المشكلة، وهذا ما ينطبق على تعيين سالم بن بريك رئيسًا للحكومة خلفًا لأحمد عوض بن مبارك، بعد صراع طويل داخل “المجلس الرئاسي”، وبتدخل مباشر من سفراء الدول الكبرى لحسم الخلاف بين العليمي وبن مبارك.
هذا التغيير ليس أكثر من انتصار طرف على آخر في صراع شخصي استنزف مؤسسات الدولة، ولا ينبغي الوقوع في وهمْ أنه يمثل حلا للأزمة، لأن جوهرها أعمق بكثير من اسم رئيس الحكومة، ذلك أن المشكلة كامنة في بنية سلطة الأمر الواقع ذاتها، التي يُطلق عليها “المجلس الرئاسي”.
لأكثر من عام، انشغل العليمي بصراع هدفه الأساسي الإطاحة ببن مبارك، لكنه فشل في كسب تأييد أغلبية أعضاء المجلس، كما لم يحصل على دعم الرياض وأبوظبي، اللتين صاغتا تشكيل المجلس في أبريل 2022، في لحظة يعتبرها كثيرون نهاية للشرعية الدستورية.
لقد بلغ الصراع ذروته في الأيام الأخيرة، حين سعى أعضاء المجلس لكسب دعم السفراء الأجانب المتدخلين في تفاصيل المشهد السياسي، وتكشف التسريبات المتداولة، أن العليمي تحدث في أحد اجتماعات المجلس قائلا “إما أنا أو بن مبارك”. وهكذا تمت صفقة سياسية، حصل بموجبها “المجلس الانتقالي الجنوبي” المهيمن على القرار منذ تشكيل المجلس، على ستة نواب وزراء ونائب رئيس حكومة، مقابل الموافقة على الإطاحة ببن مبارك، فيما أكتفى العميد طارق صالح والشيخ سلطان العرادة، بتفاهمات تحول دون تدخل رئيس الحكومة الجديد في مناطق نفوذهما. ومن الجدير ذكره أن مثل هذه الإزاحة ما كانت لتتم دون ضوء أخضر من الرياض وأبوظبي، رغم أن أسباب تغير موقفهما لا تزال غير واضحة.
ما تسرب من كواليس الصفقة يبعث على الخجل، ويعكس مدى ارتهان النخب السياسية للخارج، وابتعادها الكامل عن هموم الناس.
أخطر ما تكشفه هذه الأحداث هو أن “المجلس الرئاسي” فقد بشكل كبير ما تبقى من مؤهلات الشراكة الجادة مع المجتمع الدولي في أي مشروع لاستعادة الدولة. على مدى ثلاث سنوات، فشل المجلس في إدارة نفسه، وانشغل بصراعات داخلية على المناصب، وعجز حتى عن إقرار لائحة تنظم عمله إلا بعد ثلاث سنوات، ومع ذلك لم تحظَ بموافقة كل أعضائه بسبب اعتراض الزبيدي.
لقد أهدر المجلس فرصا عديدة لإضعاف الحوثيين سياسيا وعسكريا، خصوصا مع التغيرات الجيوسياسية التي قلّصت من نفوذ إيران في المنطقة. واليوم يتكرر الحال ذاته، في ظل التصعيد الأمريكي ضد الحوثيين، الذي يشمل ضربات عسكرية وعقوبات اقتصادية، حيث يبدو المجلس أكثر انقساما وضعفا، بينما يظهر الحوثي كطرف موحد على الأرض ولو بالقوة.
التغيير الأخير لا يوحي برغبة في تحسين الأداء أو تخفيف معاناة المواطنين، بل يُظهر بوضوح أنه مجرد تعزيز النفوذ داخل سلطة مترهلة، ولا يحمل أي مضمون إصلاحي، كما أن الرسالة التي يرسلها للمجتمع الدولي هي أن هذه السلطة لا تستحق الدعم.
والسؤال الجوهري اليوم: ما الذي يدفع المجتمع الدولي لدعم سلطة كهذه؟ لا مصالح استراتيجية تحفّز العالم، وكل ما يعنيه من اليمن هو ضبط سلوك الحوثي خارجيا وتأمين الملاحة الدولية، وإذا ما تحقق ذلك، فقد تنتهي الحملة الأميركية، ويُترك اليمنيون لمصيرهم في ظل سلطة مشلولة غارقة في مصالحها الخاصة.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصةرسالة المعلم أهم شيئ بنسبة لهم ، أما الجانب المادي يزعمون بإ...
يلعن اب#وكم يا ولاد ال&كلب يا مناف&قين...
نقدرعملكم الاعلامي في توخي الصدق والامانه في نقل الكلمه الصا...
نشكركم على اخباركم الطيبه والصحيحه وارجو المصداقيه في مهنتكم...
التغيرات المناخية اصبحت القاتل الخفي ، الذي من المهم جدا وضع...
المصدر: يمن مونيتور
إقرأ أيضاً:
الإمارات تعلق على التطورات المتسارعة في اليمن
عواصم- رويترز
قال مسؤول لوكالة رويترز الإخبارية إن موقف دولة الإمارات العربية المتحدة من الأزمة اليمنية يتماشى مع موقف المملكة العربية السعودية، والمتمثل في دعم عملية سياسية قائمة على مبادرة تدعمها دول الخليج.
وقال المسؤول الإماراتي: "نؤكد أن إدارة اليمن وسلامة أراضيه يجب أن يقررهما الشعب اليمني".
في الأثناء، قال عمرو البيض المسؤول البارز في المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني لرويترز اليوم الاثنين إن المجلس موجود في جميع محافظات جنوب البلاد، بما في ذلك مدينة عدن.
وأضاف أن أعضاء الحكومة المعترف بها دوليا غادروا عدن، وأن المجلس لم يطلب منهم المغادرة.
وأعلن المجلس الانتقالي الجنوبي- الذي يسعى لانفصال جنوب اليمن- أنه استولى على أراضٍ واسعة من الحكومة المعترف بها دوليًا؛ بما في ذلك بعض حقول النفط؛ مما أدى إلى تجدد القلاقل بعد سنوات من انحسار معظم القتال في الحرب الأهلية التي تعيشها البلاد.
وسيطر المجلس، المدعوم من الإمارات، على محافظة حضرموت بشرق اليمن الأسبوع الماضي. وقال شهود إن القوات المدعومة من السعودية انسحبت، على نحو مفاجئ، من المحافظة الغنية بالنفط دون مقاومة تذكر.
وتهدد هذه الخطوة بمزيد من التفكك في اليمن الذي وصلت فيه الحرب الأهلية إلى نقطة جمود في عام 2022. وأحيا الهدوء النسبي الذي ساد اليمن في السنوات القليلة الماضية الآمال في تحقيق السلام بين جماعة الحوثي التي تسيطر على المناطق ذات الكثافة السكانية الأعلى في شمال البلاد والحكومة المدعومة من السعودية والمعترف بها دوليا ومقرها الجنوب.
ووفقا لبيان نُشر على موقع المجلس الانتقالي الجنوبي على الإنترنت، عقد رئيس المجلس عيدروس الزبيدي اجتماعا في عدن بجنوب البلاد يوم السبت رحب فيه بما أسماه "الانتصارات والمكتسبات" التي تحققت في محافظتي حضرموت والمهرة.
ولم ترد حكومتا السعودية والإمارات على طلبات للتعليق. وكان البلدان في السابق جزءا من تحالف ضد جماعة أنصار الله (الحوثيين) لكنهما اختلفا لاحقًا لدعم أطراف متنافسة.
ولم يرد المجلس الانتقالي الجنوبي على طلب للحصول على مزيد من التفاصيل حول تقدمه، بما في ذلك الأراضي التي يسيطر عليها الآن، وما إذا كان واجه مقاومة من الأطراف المدعومة من السعودية أو ما إذا كان تقدمه جرى بإيعاز من الإمارات.
وكانت القوات الانفصالية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في البداية جزءا من التحالف الإسلامي السني الذي تقوده السعودية والذي تدخل في اليمن عام 2015 ضد الحوثيين. لكن موقف المجلس من الحكومة تحول وسعى إلى إقامة حكم ذاتي في الجنوب، بما في ذلك مدينة عدن الساحلية الرئيسية حيث مقر الحكومة المدعومة من السعودية.
وكان شمال اليمن وجنوبه دولتين منفصلتين في الفترة من 1967 إلى 1990.