منذ عقدٍ من الحرب والمعاناة، صار القلم في اليمن مشنوقًا على حبل القمع، وصوت الحقيقة مصلوبًا على جدران الترهيب، الصحفيون والكتّاب، أولئك الذين لم يبيعوا ضمائرهم، وجدوا أنفسهم بين مطرقة الاتهامات وسندان الاغتيالات، بين زنزانة السجن وكفن الصمت
كل من حمل القلم ليكتب عن الجوع، وجد نفسه متهمًا بإثارة الفوضى، كل من نطق بالحقيقة عن الفساد، صار عميلًا ومتآمرًا، وفي مشهدٍ عبثي، لم يعد الصحفي يعرف بأي ذنبٍ يُقتل؛ في مناطق الحوثيين هو جاسوس ومخرّب، وفي مناطق الشرعية هو مندس ومهددٌ للاستقرار
حرية التعبير في اليمن اليوم ليست مجرد ضحية، بل جثة هامدة في اعتاب السلطات المتصارعة، الصحفي الذي يُفترض أن يكون عين الناس على الحقيقة، بات هو نفسه مطاردًا، محاصرًا بين قيود القوانين الجائرة وأصفاد المليشيات المسلحة، وحين تتحدث الأرقام يرتجف الواقع: (2014) حالة انتهاك، (46) شهيدًا، (165) وسيلة إعلام توقفت عن البث منذ 2014، بحسب نقابة الصحفيين اليمنيين، إنها ليست مجرد أعداد، إنها أرواحٌ خُنقت، وأصواتٌ أُسكتت، وأحلامٌ أُعدمت أمام مرأى العالم
في زمن الحرب، الصحافة هي السلطة الوحيدة التي لا تزال تحاول الوقوف، لكنها سلطةٌ تُجابه بالإقصاء والتنكيل، لأنها ببساطة ترفض أن تكون بوقًا للتزييف أو شاهد زور على معاناة الناس، وحين تصبح الحقيقة جرمًا، يتحوّل النقد إلى مؤامرة، والكلمة إلى تهمة، والحرية إلى جريمة تستوجب العقاب
هذا هو اليمن اليوم: وطنٌ تحوّل إلى سجنٍ كبير، تُصلب فيه الحقيقة على مشنقة المصالح، ويُطارد فيه الصحفي كما لو كان مجرمًا، بينما تُصفّق السلطة للظلم، وتشيّد المحاكم لمحاكمة الكلمة لا القاتل، وتُنتهك الحقوق التي كفلها الدستور وكأنها لم تكن، وإن جرؤ المواطن على التعبير فمصيره التهديد أو النفي أو الاختفاء القسري، حيث تغدو السجون مقابر، والتعذيب وسيلةً لإسكات أي صوتٍ يُحاول أن يقول “هذا ليس عدلًا!”
أيها العالم، هذه ليست مجرد قصة عابرة في كتاب الحروب، هذا صراخ قلم يحتضر، واستغاثة وطنٍ يُذبح على صخرة المصالح، بينما العدالة غائبة، والمنظمات الدولية تراقب من بعيد، وكأن الصمت أصبح اللغة الوحيدة المفهومة في زمن الطغيان.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصةرسالة المعلم أهم شيئ بنسبة لهم ، أما الجانب المادي يزعمون بإ...
يلعن اب#وكم يا ولاد ال&كلب يا مناف&قين...
نقدرعملكم الاعلامي في توخي الصدق والامانه في نقل الكلمه الصا...
نشكركم على اخباركم الطيبه والصحيحه وارجو المصداقيه في مهنتكم...
التغيرات المناخية اصبحت القاتل الخفي ، الذي من المهم جدا وضع...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: فی الیمن
إقرأ أيضاً:
مدير فرع القاهرة للتأمين الصحي يجري زيارة مفاجئة لعيادة 15 مايو
أجرى الدكتور محمد علي رسلان مدير فرع القاهرة للتأمين الصحي، وفريق المرور من الفرع بزيارة مفاجئة لعيادة 15 مايو.
وشملت الجولة تفقد سير العمل داخل العيادة، والاطمئنان على توافر أعلى درجات الانضباط والجاهزية.
وخلال الزيارة تابع مدير فرع القاهرة للتأمين الصحى انتظام حضور الأطقم الطبية والإدارية، ومتابعة شكاوى المرضى ومقترحاتهم، والوقوف على مستوى رضاهم عن الخدمات المقدمة.
ووجه باتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة أي قصور تجاه الشكاوي والملاحظات، كما استمع لمقترحاتهم الداعمة لتطوير وتحسين الخدمة، مؤكدًا أن مشاركة المواطنين عنصر أساسي في رفع كفاءة الأداء داخل العيادات.
كما وجه رسلان، إدارة العيادة إلى تعزيز التواصل الفعّال والمستمر مع المرضى، وبذل أقصى الجهود لتسهيل الإجراءات وتذليل العقبات، وكذلك متابعة نواقص الأدوية بشكل فوري بالتنسيق مع إدارة التموين الطبي بالفرع.
مشددا على ضرورة تفعيل دور الأخصائي الاجتماعي داخل العيادة، من خلال متابعة الحالات وحل المشكلات التي قد تؤثر على حصول المرضى على الخدمة وتعزيز التواصل بين المرضى والإدارة.