جبريل رجلٌ لا يصرخ، لكنه يسمع بإنصات، لا يهاجم، لكنه يرد بحكمة
تاريخ النشر: 4th, May 2025 GMT
رجل هادئ في عاصفة ضجيج ..
في المشهد السوداني المضطرب، حيث ترتفع الأصوات أكثر من الأفعال، يبرز الدكتور جبريل إبراهيم كشخصية فريدة لا تشبه غيرها. ليس لأنه رئيس حركة العدل والمساواة فقط، ولا لأنه يتولى واحدة من أعقد الوزارات في بلد يترنح تحت الأزمات، بل لأنه نادر الطبع، أنيق التعامل، متماسك في القول والسلوك.
جبريل رجلٌ لا يصرخ، لكنه يسمع بإنصات. لا يهاجم، لكنه يرد بحكمة. لا يضع نفسه في الواجهة، لكنه يملأ المكان وقارًا حين يتحدث. في زمن الطعن، فضّل الإنصات، وفي زمن الإغراء، اختار النظافة.
*المالية في عهدة رجل لا يساوم*
حين تولّى الدكتور جبريل وزارة المالية، كانت البلاد في قاع الأزمة. تضخم متوحش، عجز متراكم، وإيرادات تائهة. دخل الوزارة لا بوصفه تقنياً، بل بوصفه سياسيًا صاحب رؤية، رجلٌ جاء من الميدان لا من المكاتب الوثيرة.
في فترة وجيزة، سعى لتقنين الإيرادات، وتحديث أساليب التحصيل، ومنع التهريب الضريبي، وأعاد ضبط بوصلات الصرف العام. والأهم، أنه واجه نفوذاً اقتصادياً ظل محصناً لعقود: قطط سمان من عهد النظام البائد، تجار وقوى ظل كانوا يريدون تمرير صفقاتهم، وتصفير مديونياتهم، وإعفاءاتهم المشبوهة… لكنهم اصطدموا بـ”جبريل”.
رفض أن يبيع توقيعه أو يتلاعب بسياسات الدولة. فبدأت حملات الإساءة.
*الحملات.. حينما يصبح الطُهر تهمة*
لا يهاجمون جبريل لأنه سرق، بل لأنه لم يسرق. لا يتهمونه لأنه منح، بل لأنه لم يمنح. هذه هي المفارقة في المشهد السوداني اليوم: أن تكون نظيفًا فتُحارب، أن ترفض المجاملة فتصبح في مرمى النيران.
خرجت عليه حملات بلا سند، وأخرى محبوكة بدقة؛ تشكك، تلمّح، وتضرب سمعته لا فعله. وآخر فصول هذه المسرحية الرخيصة، كان ما جرى بعد خطاب رئيس مجلس السيادة، حينما تحدث عن التعيينات العائلية في عهد قوى الحرية والتغيير (قحت). لم يذكر الدكتور جبريل لا تصريحًا ولا تلميحًا، ومع ذلك سارع بعض المتربصين إلى تحميله التهمة وتحريف الخطاب.
تحريف الكلم عن مواضعه أصبح وسيلة، فقط لأن المستهدف لم يمد يده لموائدهم.
*جبريل… رجل لا يُشرى*
من يعرف جبريل عن قرب، يدرك أنه لم يكن يومًا طالب سلطة لأجل السلطة. تاريخه في النضال، وتحمله لسنوات الغربة والملاحقة، لم تكن طموحات منصب، بل كانت وفاءً لفكرة العدالة والكرامة والمشاركة.
منذ أن دخل الحكومة، لم نسمع عن صفقات تخصه، ولا ممتلكات انتفخت من حوله، ولا أفراد أسرته يغزون المناصب. رجلٌ عفّ، وترفع، واشتغل بصمت في وزارة هي الأكثر استنزافًا لسمعة من يديرها.
*القول في الرجل العفيف*
ليست هذه شهادة تلميعية، بل دفاع مستحق عن رجل لم يدافع عن نفسه، وترك القافلة تمضي وهو في مكانه، يعمل بصمت ويقابل الشتائم بالسكون.
في وقتٍ أصبح الصمت ضعفًا، والإشاعة سلاحًا، والخصومة غدرًا، ما زال جبريل إبراهيم يمشي مستقيمًا، واثقًا أن الزمن سينصف من صبر، وأن الحقيقة لا تموت وإن شُوّهت.
*ختامًا… حينما يكون الشرف خصومة*
ليس عيبًا أن نختلف مع الوزير جبريل في السياسات أو التوجهات، فهذا من طبيعة العمل العام، لكن أن نطعن في شرفه ونزاهته دون بينة، فتلك قسوةٌ لا تليق، وظلمٌ لا يصنع وطنًا.
جبريل إبراهيم ليس معصومًا، لكنه بلا شك أنظف يدًا من كثيرين، وأصدق لهجةً من مَن رددوا الشعارات ثم باعوا ضمائرهم عند أول مغنم.
*يبقى جبريل في مكانه… لا يعلو بصراخه، بل يرتفع بمواقفه*.
*جبريل إبراهيم… العفيف في زمن التهافت*
*بقلم: عوض الله نواي*
*مدير وكالة One Press للتحقيقات الصحفية والإعلام*
الصفحة الإعلامية لحركة العدل والمساواة السودانية
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: جبریل إبراهیم
إقرأ أيضاً:
ترامب: على مدفيديف أن يراقب كلماته لأنه يدخل منطقة خطيرة جدا
وجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الخميس، تحذيرا إلى الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف، وطالبه بـ"مراقبة كلماته".
وقال ترامب في كلمات أشبه بالتهديد إن مدفيديف يدخل منطقة خطرة جدا عبر تصريحاته التي يدلي بها، مطالبا إياه بـ"مراقبة كلماته".
وأبدى ترامب انزعاجه من تصريحات مدفيديف، حيث كتب عبر منصة "تروث سوشال": "أخبروا مدفيديف، الرئيس السابق الفاشل لروسيا، الذي يعتقد أنه لا يزال رئيسا، أن يراقب كلماته. إنه يدخل منطقة خطيرة جدا!"، بحسب ما نقل موقع روسيا اليوم الإخباري.
وكان مدفيديف وجه في الآونة الأخيرة انتقادات حادة للسياسة التي ينتهجها ترامب تجاه روسيا فيما يخص أوكرانيا والعقوبات وغيرها من الملفات.
وعلق مدفيديف على قرار ترامب تقليص المهلة التي منحها لروسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا من 50 يوما إلى 10 أيام بالقول إن هذا القرار "خطوة نحو الحرب"، مذكرا ترامب بأن روسيا ليست إسرائيل أو إيران، وبإن لغة الإنذارات لا تنفع معها.
كما انتقد مدفيديف في السياق نفسه عزم ترامب فرض رسوم جمركية على روسيا وشركائها التجاريين واصفا تصريحات الرئيس الأميركي بالاستعراضية وبأن روسيا لا تعيرها اهتماما.