رجل هادئ في عاصفة ضجيج ..
في المشهد السوداني المضطرب، حيث ترتفع الأصوات أكثر من الأفعال، يبرز الدكتور جبريل إبراهيم كشخصية فريدة لا تشبه غيرها. ليس لأنه رئيس حركة العدل والمساواة فقط، ولا لأنه يتولى واحدة من أعقد الوزارات في بلد يترنح تحت الأزمات، بل لأنه نادر الطبع، أنيق التعامل، متماسك في القول والسلوك.


جبريل رجلٌ لا يصرخ، لكنه يسمع بإنصات. لا يهاجم، لكنه يرد بحكمة. لا يضع نفسه في الواجهة، لكنه يملأ المكان وقارًا حين يتحدث. في زمن الطعن، فضّل الإنصات، وفي زمن الإغراء، اختار النظافة.

*المالية في عهدة رجل لا يساوم*
حين تولّى الدكتور جبريل وزارة المالية، كانت البلاد في قاع الأزمة. تضخم متوحش، عجز متراكم، وإيرادات تائهة. دخل الوزارة لا بوصفه تقنياً، بل بوصفه سياسيًا صاحب رؤية، رجلٌ جاء من الميدان لا من المكاتب الوثيرة.
في فترة وجيزة، سعى لتقنين الإيرادات، وتحديث أساليب التحصيل، ومنع التهريب الضريبي، وأعاد ضبط بوصلات الصرف العام. والأهم، أنه واجه نفوذاً اقتصادياً ظل محصناً لعقود: قطط سمان من عهد النظام البائد، تجار وقوى ظل كانوا يريدون تمرير صفقاتهم، وتصفير مديونياتهم، وإعفاءاتهم المشبوهة… لكنهم اصطدموا بـ”جبريل”.
رفض أن يبيع توقيعه أو يتلاعب بسياسات الدولة. فبدأت حملات الإساءة.

*الحملات.. حينما يصبح الطُهر تهمة*
لا يهاجمون جبريل لأنه سرق، بل لأنه لم يسرق. لا يتهمونه لأنه منح، بل لأنه لم يمنح. هذه هي المفارقة في المشهد السوداني اليوم: أن تكون نظيفًا فتُحارب، أن ترفض المجاملة فتصبح في مرمى النيران.
خرجت عليه حملات بلا سند، وأخرى محبوكة بدقة؛ تشكك، تلمّح، وتضرب سمعته لا فعله. وآخر فصول هذه المسرحية الرخيصة، كان ما جرى بعد خطاب رئيس مجلس السيادة، حينما تحدث عن التعيينات العائلية في عهد قوى الحرية والتغيير (قحت). لم يذكر الدكتور جبريل لا تصريحًا ولا تلميحًا، ومع ذلك سارع بعض المتربصين إلى تحميله التهمة وتحريف الخطاب.
تحريف الكلم عن مواضعه أصبح وسيلة، فقط لأن المستهدف لم يمد يده لموائدهم.

*جبريل… رجل لا يُشرى*
من يعرف جبريل عن قرب، يدرك أنه لم يكن يومًا طالب سلطة لأجل السلطة. تاريخه في النضال، وتحمله لسنوات الغربة والملاحقة، لم تكن طموحات منصب، بل كانت وفاءً لفكرة العدالة والكرامة والمشاركة.
منذ أن دخل الحكومة، لم نسمع عن صفقات تخصه، ولا ممتلكات انتفخت من حوله، ولا أفراد أسرته يغزون المناصب. رجلٌ عفّ، وترفع، واشتغل بصمت في وزارة هي الأكثر استنزافًا لسمعة من يديرها.

*القول في الرجل العفيف*
ليست هذه شهادة تلميعية، بل دفاع مستحق عن رجل لم يدافع عن نفسه، وترك القافلة تمضي وهو في مكانه، يعمل بصمت ويقابل الشتائم بالسكون.
في وقتٍ أصبح الصمت ضعفًا، والإشاعة سلاحًا، والخصومة غدرًا، ما زال جبريل إبراهيم يمشي مستقيمًا، واثقًا أن الزمن سينصف من صبر، وأن الحقيقة لا تموت وإن شُوّهت.

*ختامًا… حينما يكون الشرف خصومة*
ليس عيبًا أن نختلف مع الوزير جبريل في السياسات أو التوجهات، فهذا من طبيعة العمل العام، لكن أن نطعن في شرفه ونزاهته دون بينة، فتلك قسوةٌ لا تليق، وظلمٌ لا يصنع وطنًا.
جبريل إبراهيم ليس معصومًا، لكنه بلا شك أنظف يدًا من كثيرين، وأصدق لهجةً من مَن رددوا الشعارات ثم باعوا ضمائرهم عند أول مغنم.
*يبقى جبريل في مكانه… لا يعلو بصراخه، بل يرتفع بمواقفه*.

*جبريل إبراهيم… العفيف في زمن التهافت*
*بقلم: عوض الله نواي*
*مدير وكالة One Press للتحقيقات الصحفية والإعلام*

الصفحة الإعلامية لحركة العدل والمساواة السودانية

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: جبریل إبراهیم

إقرأ أيضاً:

“يديعوت أحرونوت”: نتنياهو يسوّق اتفاق غزة كإنجاز لكنه لم يهزم حماس!

#سواليف

نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، اليوم الأحد، عن مسؤول إسرائيلي قوله إن رئيس الوزراء، بنيامين #نتنياهو، “يسوق #اتفاق_غزة كإنجاز، لكنه اتفاق لا يحقق #استسلام #حماس أو #نزع_السلاح في #غزة”.

وفي السياق نفسه ، قال اللواء احتياط، إسحاق بريك، بدوره، إنّ “نتنياهو لن يحقق في نهاية المطاف هدفه بهزيمة حماس بالكامل”، معتبراً أنّ “هدف نتنياهو لم يصمد على أرض الواقع، واستمرار الحرب سيفقد إسرائيل علاقاتها مع العالم”.

كما اعتبر، في مقال بـ “معاريف”، أنّ “الضغط العسكري للجيش الإسرائيلي لم يكن السبب الذي دفع حماس إلى إبرام الاتفاق”، مضيفاً أنه “لو استمرت #الحرب وفق نيات نتنياهو لوصلت إسرائيل إلى طريق مسدود”، على حد قوله.

مقالات ذات صلة داخلية غزة: شهداء في اشتباكات مع “مليشيات مسلحة” متواطئة مع الاحتلال / فيديو 2025/10/12

وصادقت حكومة الاحتلال الإسرائيلي على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، المبني على مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قبل يومين، وسط خلافات حادة بشأن بعض بنود الاتفاق.

مقالات مشابهة

  • بو عاصي: حزب عاجز عن المواجهة لكنه قادر على توريط لبنان
  • “حماس”: انتهينا من الترتيبات اللازمة لتسليم أسرى الاحتلال لكنه يتلكأ
  • “يديعوت أحرونوت”: نتنياهو يسوّق اتفاق غزة كإنجاز لكنه لم يهزم حماس!
  • فوضى فى الحى الشعبى
  • تحليل: "الأحمر" يخسر النتيجة لكنه يكسب الاحترام
  • رئيس اللجنة البارالمبية: الرئيس السيسي يقود مصر بحكمة أنقذت المنطقة من خطر التصعيد
  • نشأت الديهي: العالم كله الآن لا يرى ولا يسمع إلا صوت مصر.. فيديو
  • عماد قناوي: الرئيس السيسي يحمل هموم الوطن العربي والإسلامي ويقود جهود التهدئة بحكمة
  • إلهام شاهين تشيد بحكمة السيسي ودعم مصر للقضية الفلسطينية
  • «تحركت حتى وقَفَ نزيف الدم في غزة».. مصطفى بكري: العالم يسمع كلمة «القاهرة» صانعة التاريخ