الأسبوع:
2025-12-13@16:26:53 GMT

ماهي أبعاد الحرب بين الهند وباكستان؟

تاريخ النشر: 10th, May 2025 GMT

ماهي أبعاد الحرب بين الهند وباكستان؟

منذ لحظة انفصال باكستان عن الهند عام 1947، ظلت العلاقات بين الدولتين النوويتين متوترة، تسودها الشكوك والصدامات المتكررة، في ظل صراع أوسع على الجغرافيا والدين والهوية. ومع صعود الصين وانكفاء النفوذ الأمريكي عن بعض الساحات، أعيد ترتيب خرائط النفوذ، ليصبح هذا الصراع أكثر من مجرد قضية حدودية. فقد جاء انفصال باكستان عن الهند وفق خطة تقسيم وضعتها بريطانيا، أُقيمت بموجبها باكستان كدولة للمسلمين، بينما ظلت الهند متعددة الأديان.

ومنذ ذلك الحين، دخل البلدان أربع حروب دارت كلها حول إقليم كشمير المتنازع عليه، الذي يمثل في الحقيقة صراعًا على الماء والموقع الاستراتيجي أكثر من كونه مجرد خلاف ديني.

حرب 1947- 1948 جاءت بعد الاستقلال مباشرة، تبعتها حرب 1965 إثر محاولة باكستان استغلال اضطرابات الهند الداخلية، ثم جاءت الحرب الثالثة عام 1971 وانتهت بانفصال بنغلاديش، وكانت أكبر انتصار هندي في تاريخ المواجهات. أما الحرب الرابعة فكانت في 1999، عُرفت بحرب كارجيل، وهي صدام محدود بعد أن امتلك الطرفان السلاح النووي، وكانت مؤشرًا خطيرًا على ما قد يجرّه التصعيد.

اليوم تعود التوترات من جديد، لكن في سياق دولي مختلف. فالتصعيد الحالي لا ينفجر من فراغ، بل يأتي وسط تغيرات عالمية حساسة. اللافت أن إشعال جبهة جديدة بين الهند وباكستان جاء بعد أن شارفت الحرب الروسية الأوكرانية على نهايتها لصالح واشنطن، التي وضعت يدها فعليًا على الثروات الأوكرانية من الحبوب، والمعادن، واليورانيوم، ومصانع السلاح السوفييتي القديمة. فهل نحن بصدد تكرار النموذج الأوكراني في شبه القارة الهندية؟ هل ستمتد اليد الغربية لجني موارد جديدة من منطقة جنوب آسيا تحت غطاء "ضبط التوتر" أو "إعادة الإعمار بعد الحرب"؟ خصوصًا أن الهند تحتوي على ثروات معدنية وموقع بحري حيوي، وباكستان مفتاح العبور إلى مشروع الحزام والطريق الصيني.

يقع هذا الصراع في منطقة استراتيجية غنية بالممرات البحرية الحيوية، فبحر العرب والمحيط الهندي تمر عبرهما ناقلات النفط الخليجية، والسلع الآسيوية نحو أوروبا، ويجاورهما مضيق هرمز، الذي يشكل نقطة ارتكاز للطاقة العالمية. ومن الشرق، يمر مضيق ملقا الذي تعتمد عليه التجارة الصينية باتجاه إفريقيا وأوروبا. أي اضطراب في تلك المنطقة قد يشل نصف تجارة الطاقة والبضائع العالمية. هذا ما يفسر الاهتمام الأمريكي والياباني المتصاعد بالهند، كعنصر رئيسي في استراتيجية تطويق الصين بحريًا.

الصراع لم يعد جغرافيًا فحسب، بل تحول إلى خط من خطوط التماس في الصراع على الممرات العالمية، فالهند تعمل بدعم أمريكي وإسرائيلي على بناء ممر تجاري يبدأ من موانئها غربًا إلى الخليج، ومن ثم إلى إسرائيل، لينتهي بأوروبا، في مشروع ينافس طريق الحرير الصيني. في المقابل، تعمل الصين وباكستان على تأمين الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني عبر ميناء جوادار، بما يختصر المسافة إلى إفريقيا وأوروبا ويتجاوز قناة السويس.

وتتضح خيوط المؤامرة أكثر عند ربطها بمشروع «قناة بن غوريون» الإسرائيلية، التي يُفترض أن تمر من صحراء النقب إلى البحر الأحمر وتستقبل البضائع القادمة من الهند عبر الخليج، إن نجاح المشروع مرهون بتهجير سكان غزة لتأمين عمق أمني وجغرافي لهذا الخط، ما يربط الحرب في كشمير بغزة ضمن الخلفية الاقتصادية والاستراتيجية ذاتها. في هذا السياق، يبدو أن الفشل في جرّ مصر إلى صراع مباشر في غزة أو سيناء، رغم الضغوط والمخططات المحكمة، دفع العقل المدبر للمؤامرة العالمية إلى تحويل الأنظار شرقًا. مصر، رغم كل الضغوط، تمسكت بالحسابات الوطنية، ورفضت الانجرار إلى مستنقع حرب كانت ستُستخدم لإكمال مشروع «قناة بن غوريون» وتهجير سكان غزة، وكذلك فشلت محاولات استدراج إيران إلى مواجهة شاملة عبر تصعيد في لبنان أو سوريا أو البحر الأحمر، حيث تمكنت طهران من الرد المحسوب دون الانخراط في صراع شامل قد تستغله القوى الكبرى لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط. وبعد هذا الإخفاق المزدوج، وبدلًا من أن تبقى المنطقة دون توتر كافٍ لتبرير استمرار الإنفاق العسكري وتدفق السلاح، تم تحريك الجبهة الهندية الباكستانية، والتي تم إعدادها سابقًا ضمن خرائط النزاع «الاحتياطي» لإشغال آسيا وتعديل موازين مشروع «الحزام والطريق». فالمؤامرة لا تنام، والجبهات تُفتح تباعًا بحسب ما يُحقق مصالح المجمع الصناعي العسكري ويُعيد هيكلة التجارة العالمية بما يخدم مراكز القوى التقليدية.

أما القوى الكبرى، فهي تتدخل وفق مصالحها، لا لوقف الصراع بل لضبطه بما لا يُفسد أهدافها. الولايات المتحدة تدعم الهند عسكريًا وتقنيًا، وتسعى لتحويلها إلى «يابان آسيوية» في وجه الصين. والصين، في المقابل، تدعم باكستان وتعتبرها مفتاحًا حيويًا لمشروع طريق الحرير، وتستثمر مليارات الدولارات في البنية التحتية هناك. أما روسيا فتسير على حبل مشدود بين حليفين، فالهند حليفتها التاريخية، والصين شريكها الاستراتيجي في مواجهة الغرب. أوروبا حتى الآن تكتفي بدور المراقب، لكنها تدرك أن أي تهديد للممرات التجارية سيصيب قلبها الاقتصادي في مقتل.

يبقى أن نشير إلى أن الهند عضو رئيسي في مجموعة بريكس، وصراعها مع باكستان المدعومة من الصين، يُربك وحدة التكتل ويهدد مستقبل مشاريعه، خاصةً في ظل التوتر الصيني الهندي الكامن داخل المجموعة. فالحرب تُضعف الثقة بين الأعضاء، وتُشوش على مساعي إنشاء عملة موحدة أو نظام تجاري مستقل عن الغرب. وإذا كانت أوكرانيا قد فتحت بوابة الغرب نحو مواردها، فإن كشمير قد تكون بوابة جديدة نحو ثروات آسيا، في ظل صراع لا يُشعل فقط بالرصاص، بل يُدار بالعقود، والسفن، والأقمار الصناعية.

اقرأ أيضاًالهند: الجيش الباكستاني حرك قواته إلى مناطق متقدمة

البنيان المرصوص.. باكستان تطلق عملية عسكرية شاملة للرد على الهند

وزير الخارجية الأمريكي يحث الهند وباكستان على خفض التصعيد

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مجموعة بريكس البريكس الهند وباكستان الحرب بين الهند وباكستان

إقرأ أيضاً:

في فترة عصيبة.. ماذا أراد الرئيس الإندونيسي من زيارته إلى باكستان وروسيا؟

جاكرتا- عاد الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو، فجر الجمعة، إلى بلاده بعد زيارة باكستان وروسيا، وحطت طائرته في مطار كوالا نامو بمدينة ميدان عاصمة إقليم سومطرة الشمالية، وهو الأقرب بالطريق البري إلى الجزء الجنوبي من إقليم آتشيه، الأكثر تضررا من فيضانات إعصار سينيار الذي ضرب أقاليم آتشه وسومطرة الشمالية والغربية، ابتداءً من الـ26 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وكان لافتا ألا يؤجل الرئيس الإندونيسي زيارته إلى البلدين، تأكيدا على أهمية العلاقات معهما، رغم إدراكه لعظم أثر الكارثة التي حلت بنحو 3 ملايين شخص في 3 أقاليم، حيث توصف بأنها الأقسى منذ زلزال تسونامي بالو الذي ضرب جزيرة سولاويسي في سبتمبر/أيلول عام 2018.

وفور عودته، زار برابوو بعض المناطق في إقليم آتشه، وقدم اعتذاره لضحايا الفيضانات في آتشه وعموم جزيرة سومطرة، إذ لم يتم تلبية جميع احتياجات المتضررين من الفيضانات، بما في ذلك تأخر إعادة تشغيل التيار الكهربائي في إقليم آتشيه حتى الآن.

ووعد الرئيس بأن حكومته ستبذل قصارى جهدها للاستجابة لمعاناة المتضررين ميدانيا، الذين تجاوز عددهم 800 ألف شخص، في حين تجاوزت البيوت المدمرة بشكل كلي أو جزئي الـ158 ألف منزل، في 52 محافظة ومدينة موزعة بين 3 أقاليم سومطرية، وهو عدد يتجاوز عدد المنازل المدمرة في تسونامي آتشيه الشهير عام 2004.

إعادة التوازن مع باكستان

العنوان الأبرز من زيارة برابوو سوبيانتو كان تعزيز علاقاتها الثنائية مع باكستان وروسيا، وهما دولتان عضوتان في منظمة شنغهاي للتعاون، ذلك التحالف السياسي والاقتصادي والأمني الأوراسي الذي  يضم أيضا دولا كالصين وإيران، ودول آسيا الوسطى.

وشوهدت يوم الثلاثاء الماضي مقاتلات سلاح الجو الباكستاني وهي ترافق طائرة الرئاسة الإندونيسية في المجال الجوي الباكستاني، قبل أن يستقبلها الرئيس آصف علي زرداري ورئيس الوزراء شهباز شريف في مطار إسلام آباد.

إعلان

وكانت هذه الزيارة هي الأولى لزعيم أكبر دولة في جنوب شرق آسيا وكبرى دول العالم الإسلامي إلى باكستان منذ 7 سنوات، وفي بيان صحفي عقب لقاءات القادة، قال رئيس الوزراء شهباز شريف إن البلدين اتفقا على إعادة التوازن إلى تجارتهما الثنائية، التي تبلغ قيمتها حاليا 4.5 مليارات دولار أميركي، 90% منها تتكون من صادرات إندونيسيا من زيت النخيل.

كما أعلن شريف عن استعداد باكستان لدعم تطوير كليات الطب والجامعات في إندونيسيا من خلال إرسال أطباء وأطباء أسنان وأساتذة طب باكستانيين، وتم توقيع 7 مذكرات تفاهم بين البلدين:

اتفاقية بين وزارة التعليم العالي والعلوم والتكنولوجيا الإندونيسية ولجنة التعليم العالي الباكستانية، بشأن الاعتراف المتبادل بشهادات ودرجات التعليم العالي. اتفاقية بين إندونيسيا وباكستان بشأن برنامج "المنح الدراسية الإندونيسية". مذكرة تفاهم بشأن الشراكة الإستراتيجية في تسهيل الأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة بين البلدين. مذكرة تفاهم بين الأرشيف الوطني الإندونيسي وقسم مجلس الوزراء ممثلاً بالأرشيف الوطني الباكستاني، بشأن التعاون في مجال الأرشفة. مذكرة تفاهم بين الوكالة الوطنية الإندونيسية لمكافحة المخدرات ووزارة الداخلية وهيئة مكافحة المخدرات في باكستان، بشأن التعاون في منع ومكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية والمواد المسببة للإدمان. مذكرة تفاهم بين وكالة ضمان المنتجات الحلال الإندونيسية وهيئة الحلال الباكستانية بشأن التجارة الحلال وإصدار الشهادات المعتمدة. مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الصحة. الرئيس الروسي بوتين (يمين) أشار إلى اعتبار إندونيسيا شريكا تقليديا لروسيا (رويترز)عودة إلى روسيا

وفي لقائه الثاني مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ آخر لقاء بينهما على هامش الذكرى الثمانين لانتصار الصين في حرب المقاومة، في 3 سبتمبر/أيلول الماضي في بكين، أكد بوتين التزام روسيا بدعم جهود إندونيسيا لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة، لا سيما تطوير الطاقة النووية.

يذكر أن روسيا كانت واحدة من أكثر الدول نشاطًا في توفير التكنولوجيا النووية لإندونيسيا خلال السنوات الأخيرة للمساعدة في تلبية احتياجات البلاد من الكهرباء.

وحسب مصادر صحفية إندونيسية، فقد أكد الرئيس الروسي استعداد بلاده لتقديم المساعدة إذا قررت إندونيسيا إشراك روسيا في تطوير التكنولوجيا النووية المدنية، وقال "هناك العديد من الآفاق في قطاع الطاقة، بما في ذلك الطاقة النووية، وأعلم أن إندونيسيا لديها خطط في هذا الصدد".

بوتين قَبِل دعوة الرئيس الإندونيسي برابوو (يسار) لزيارة إندونيسيا في عام 2026 أو 2027 (رويترز)

ونقلت مواقع إندونيسية عن بوتين قوله "لقد تطورت علاقتنا بشكل مطرد للغاية في العام الذي نحتفل فيه بمرور 75 عامًا على العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا، كما تعمل اللجنة الاقتصادية المشتركة بشكل جيد، وقد تطورت العلاقات الاقتصادية والتجارية أيضًا خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، وارتفعت قيمة تجارتنا بنسبة 17%".

إعلان

كما ناقش الزعيمان التعاون المحتمل في القطاعين، الصناعي والزراعي، بما فيها قضية القمح. وصرح بوتين بأن موسكو وجاكرتا اتفقتا على تعميق التعاون في الشؤون الدفاعية والعسكرية، وهو مسار مهم للصناعة الدفاعية الإندونيسية التي تسعى لتنويع تسلحها بشكل لافت خلال الفترة الماضية.

وأشار الرئيس بوتين إلى إندونيسيا باعتبارها شريكا تقليديا لروسيا، وسلط الضوء على التعاون التقني العسكري القوي والعدد المتزايد من العسكريين الإندونيسيين الذين يدرسون في المؤسسات العسكرية الروسية.

وأضاف "تقبل مؤسسات التعليم العالي العسكرية أيضا العديد من الخبراء العسكريين الإندونيسيين، ونحن على استعداد لزيادة هذا العدد".

وأشار بوتين إلى تحسن العلاقات في القطاعين الإنساني والسياحي، مدعوما بربط الرحلات الجوية المباشرة، وسياسات الإعفاء من التأشيرة بين مواطني البلدين.

وفيما يتعلق بدور إندونيسيا في المجتمع الدولي، أعرب الرئيس بوتين عن تقديره لعضوية إندونيسيا الكاملة في مجموعة "بريكس"، وأشار إلى المناقشات حول إمكانية التعاون في مجال التجارة الحرة بين إندونيسيا والاتحاد الاقتصادي الأوراسي.

تعثر التبادل مع واشنطن

وتأتي هاتان الزيارتان إلى باكستان وروسيا في الوقت الذي تتحدث فيه تقارير صحفية عن شيء من التعثر في المفاوضات التجارية بين إندونيسيا والولايات المتحدة.

ففي يوليو/تموز الماضي، اتفقت إندونيسيا والولايات المتحدة على إلغاء الرسوم الجمركية على أكثر من 99% من السلع الأميركية، وإلغاء جميع الحواجز غير الجمركية التي تواجه الشركات الأميركية، في حين ستخفض واشنطن الرسوم الجمركية التي هددت بفرضها على المنتجات الإندونيسية من 32% إلى 19%.

ومع ذلك، أفادت وكالة رويترز ومواقع إخبارية أخرى بأن الاتفاق التجاري معرض الآن لخطر الانهيار، بعد أن تراجعت إندونيسيا عن عدة التزامات تعهدت بها كجزء من الاتفاق، حسب ما قال مسؤول أميركي يوم الثلاثاء، دون تقديم مزيد من التفاصيل.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يلتقى نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية باكستان
  • وزير الحرب الأمريكي: نعيد هيكلة الجيش لضمان الاستعداد لأي صراع
  • في فترة عصيبة.. ماذا أراد الرئيس الإندونيسي من زيارته إلى باكستان وروسيا؟
  • أكد عدم اطلاعهم عليها بعد.. مسؤول بالكرملين: قد لا نرحب بالمقترحات الأمريكية الأخيرة بشأن الصراع في أوكرانيا
  • مقتل معلمتين جراء إطلاق نار نفذه مسلحون غرب باكستان
  • محاكمة نادرة في باكستان.. السجن 14 عاما لرئيس المخابرات السابق
  • علي فوزي يكتب.. السودان بين الصراع والبحث عن قائدٍ وطني
  • طفولتي تلاشت ببساطة.. عرائس الرياح الموسمية في باكستان
  • عطاف: الحركية التي تطبع العلاقات “الجزائرية-التونسية” تقوم على ثلاثة أبعاد أساسية
  • الصين ترحب بانضمام الدول المتقاربة في رؤيتها إلى مجموعة أصدقاء الحوكمة العالمية