الأسبوع:
2025-05-10@13:57:42 GMT

ماهي أبعاد الحرب بين الهند وباكستان؟

تاريخ النشر: 10th, May 2025 GMT

ماهي أبعاد الحرب بين الهند وباكستان؟

منذ لحظة انفصال باكستان عن الهند عام 1947، ظلت العلاقات بين الدولتين النوويتين متوترة، تسودها الشكوك والصدامات المتكررة، في ظل صراع أوسع على الجغرافيا والدين والهوية. ومع صعود الصين وانكفاء النفوذ الأمريكي عن بعض الساحات، أعيد ترتيب خرائط النفوذ، ليصبح هذا الصراع أكثر من مجرد قضية حدودية. فقد جاء انفصال باكستان عن الهند وفق خطة تقسيم وضعتها بريطانيا، أُقيمت بموجبها باكستان كدولة للمسلمين، بينما ظلت الهند متعددة الأديان.

ومنذ ذلك الحين، دخل البلدان أربع حروب دارت كلها حول إقليم كشمير المتنازع عليه، الذي يمثل في الحقيقة صراعًا على الماء والموقع الاستراتيجي أكثر من كونه مجرد خلاف ديني.

حرب 1947- 1948 جاءت بعد الاستقلال مباشرة، تبعتها حرب 1965 إثر محاولة باكستان استغلال اضطرابات الهند الداخلية، ثم جاءت الحرب الثالثة عام 1971 وانتهت بانفصال بنغلاديش، وكانت أكبر انتصار هندي في تاريخ المواجهات. أما الحرب الرابعة فكانت في 1999، عُرفت بحرب كارجيل، وهي صدام محدود بعد أن امتلك الطرفان السلاح النووي، وكانت مؤشرًا خطيرًا على ما قد يجرّه التصعيد.

اليوم تعود التوترات من جديد، لكن في سياق دولي مختلف. فالتصعيد الحالي لا ينفجر من فراغ، بل يأتي وسط تغيرات عالمية حساسة. اللافت أن إشعال جبهة جديدة بين الهند وباكستان جاء بعد أن شارفت الحرب الروسية الأوكرانية على نهايتها لصالح واشنطن، التي وضعت يدها فعليًا على الثروات الأوكرانية من الحبوب، والمعادن، واليورانيوم، ومصانع السلاح السوفييتي القديمة. فهل نحن بصدد تكرار النموذج الأوكراني في شبه القارة الهندية؟ هل ستمتد اليد الغربية لجني موارد جديدة من منطقة جنوب آسيا تحت غطاء "ضبط التوتر" أو "إعادة الإعمار بعد الحرب"؟ خصوصًا أن الهند تحتوي على ثروات معدنية وموقع بحري حيوي، وباكستان مفتاح العبور إلى مشروع الحزام والطريق الصيني.

يقع هذا الصراع في منطقة استراتيجية غنية بالممرات البحرية الحيوية، فبحر العرب والمحيط الهندي تمر عبرهما ناقلات النفط الخليجية، والسلع الآسيوية نحو أوروبا، ويجاورهما مضيق هرمز، الذي يشكل نقطة ارتكاز للطاقة العالمية. ومن الشرق، يمر مضيق ملقا الذي تعتمد عليه التجارة الصينية باتجاه إفريقيا وأوروبا. أي اضطراب في تلك المنطقة قد يشل نصف تجارة الطاقة والبضائع العالمية. هذا ما يفسر الاهتمام الأمريكي والياباني المتصاعد بالهند، كعنصر رئيسي في استراتيجية تطويق الصين بحريًا.

الصراع لم يعد جغرافيًا فحسب، بل تحول إلى خط من خطوط التماس في الصراع على الممرات العالمية، فالهند تعمل بدعم أمريكي وإسرائيلي على بناء ممر تجاري يبدأ من موانئها غربًا إلى الخليج، ومن ثم إلى إسرائيل، لينتهي بأوروبا، في مشروع ينافس طريق الحرير الصيني. في المقابل، تعمل الصين وباكستان على تأمين الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني عبر ميناء جوادار، بما يختصر المسافة إلى إفريقيا وأوروبا ويتجاوز قناة السويس.

وتتضح خيوط المؤامرة أكثر عند ربطها بمشروع «قناة بن غوريون» الإسرائيلية، التي يُفترض أن تمر من صحراء النقب إلى البحر الأحمر وتستقبل البضائع القادمة من الهند عبر الخليج، إن نجاح المشروع مرهون بتهجير سكان غزة لتأمين عمق أمني وجغرافي لهذا الخط، ما يربط الحرب في كشمير بغزة ضمن الخلفية الاقتصادية والاستراتيجية ذاتها. في هذا السياق، يبدو أن الفشل في جرّ مصر إلى صراع مباشر في غزة أو سيناء، رغم الضغوط والمخططات المحكمة، دفع العقل المدبر للمؤامرة العالمية إلى تحويل الأنظار شرقًا. مصر، رغم كل الضغوط، تمسكت بالحسابات الوطنية، ورفضت الانجرار إلى مستنقع حرب كانت ستُستخدم لإكمال مشروع «قناة بن غوريون» وتهجير سكان غزة، وكذلك فشلت محاولات استدراج إيران إلى مواجهة شاملة عبر تصعيد في لبنان أو سوريا أو البحر الأحمر، حيث تمكنت طهران من الرد المحسوب دون الانخراط في صراع شامل قد تستغله القوى الكبرى لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط. وبعد هذا الإخفاق المزدوج، وبدلًا من أن تبقى المنطقة دون توتر كافٍ لتبرير استمرار الإنفاق العسكري وتدفق السلاح، تم تحريك الجبهة الهندية الباكستانية، والتي تم إعدادها سابقًا ضمن خرائط النزاع «الاحتياطي» لإشغال آسيا وتعديل موازين مشروع «الحزام والطريق». فالمؤامرة لا تنام، والجبهات تُفتح تباعًا بحسب ما يُحقق مصالح المجمع الصناعي العسكري ويُعيد هيكلة التجارة العالمية بما يخدم مراكز القوى التقليدية.

أما القوى الكبرى، فهي تتدخل وفق مصالحها، لا لوقف الصراع بل لضبطه بما لا يُفسد أهدافها. الولايات المتحدة تدعم الهند عسكريًا وتقنيًا، وتسعى لتحويلها إلى «يابان آسيوية» في وجه الصين. والصين، في المقابل، تدعم باكستان وتعتبرها مفتاحًا حيويًا لمشروع طريق الحرير، وتستثمر مليارات الدولارات في البنية التحتية هناك. أما روسيا فتسير على حبل مشدود بين حليفين، فالهند حليفتها التاريخية، والصين شريكها الاستراتيجي في مواجهة الغرب. أوروبا حتى الآن تكتفي بدور المراقب، لكنها تدرك أن أي تهديد للممرات التجارية سيصيب قلبها الاقتصادي في مقتل.

يبقى أن نشير إلى أن الهند عضو رئيسي في مجموعة بريكس، وصراعها مع باكستان المدعومة من الصين، يُربك وحدة التكتل ويهدد مستقبل مشاريعه، خاصةً في ظل التوتر الصيني الهندي الكامن داخل المجموعة. فالحرب تُضعف الثقة بين الأعضاء، وتُشوش على مساعي إنشاء عملة موحدة أو نظام تجاري مستقل عن الغرب. وإذا كانت أوكرانيا قد فتحت بوابة الغرب نحو مواردها، فإن كشمير قد تكون بوابة جديدة نحو ثروات آسيا، في ظل صراع لا يُشعل فقط بالرصاص، بل يُدار بالعقود، والسفن، والأقمار الصناعية.

اقرأ أيضاًالهند: الجيش الباكستاني حرك قواته إلى مناطق متقدمة

البنيان المرصوص.. باكستان تطلق عملية عسكرية شاملة للرد على الهند

وزير الخارجية الأمريكي يحث الهند وباكستان على خفض التصعيد

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مجموعة بريكس البريكس الهند وباكستان الحرب بين الهند وباكستان

إقرأ أيضاً:

نائب ترامب: الصراع بين الهند وباكستان ليس من شأننا.. وسننسحب من مفاوضات أوكرانيا في هذه الحالة

(CNN) --  قال نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، الخميس، إن الصراع بين الهند وباكستان "ليس من شأننا بالأساس"، مع أنه وترامب يشجعان الدولتين على التهدئة.

وأضاف فانس، في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية: "ما يمكننا فعله هو محاولة تشجيع هؤلاء الأشخاص على التهدئة قليلاً، لكننا لن نتورط في حرب ليست من شأننا بالأساس ولا علاقة لها بقدرة أمريكا على السيطرة عليها".

 وذكر: "كما تعلمون، لا يمكن لأمريكا أن تطلب من الهنود إلقاء أسلحتهم، ولا يمكننا أن نطلب من الباكستانيين إلقاء أسلحتهم، ولذلك، سنواصل السعي إلى حل هذه المسألة عبر القنوات الدبلوماسية".

وتابع: "أملنا وتوقعاتنا ألا يتفاقم هذا الوضع إلى حرب إقليمية أوسع نطاقًا، أو صراع نووي، وفي الوقت الحالي، لا نعتقد أن ذلك سيحدث".

ولا تزال التوترات مشتعلة بين الهند وباكستان، كما ذكرت مصادر لشبكة CNN، حيث زعم مسؤولون هنود أن باكستان أطلقت صواريخ وطائرات مسيرة على مواقع عسكرية في الهند والشطر الخاضع لإدارة الهند من كشمير.

ونفت إسلام آباد هذا الادعاء، متهمةً نيودلهي "بنشر معلومات مضللة".

مقالات مشابهة

  • الهند وباكستان.. هل ينزلق صراع كشمير نحو الكارثة؟
  • صراع الهند وباكستان.. ساحة أعطت الصين "فرصة الاختبار"
  • تاريخ أسود من الصراع .. الهند وباكستان في مواجهة قوية| ماذا يحدث؟
  • تشريح: الصراع بين (باكستان والهند) هو احد فصول العالم الجديد
  • نائب ترامب: الصراع بين الهند وباكستان ليس من شأننا.. وسننسحب من مفاوضات أوكرانيا في هذه الحالة
  • د. علي عبدالحكيم الطحاوي يكتب: الهند وباكستان صراع نووي محتمل
  • تشريح :الصراع بين (باكستان والهند) هو احد فصول العالم الجديد!
  • جذور الصراع في كشمير بين الهند وباكستان
  • ليست الحرب الأولى.. لماذا خاضت الهند وباكستان 3 حروب سابقة على صراع 2025؟