مدارس “النصيرات” بغزة.. تلاميذ ينعشون فصولاً دمرها الاحتلال
تاريخ النشر: 11th, May 2025 GMT
الثورة / متابعات
وسط ركام الحرب وفي ظل غياب المقاعد، يجلس مجموعة من الطلاب بمدرسة الرازي التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة على قطع بالية من القماش، محاولين انتزاع حقهم في التعليم من قلب الدمار.
دفاترهم على الأرجل، وجدران الصفوف متهالكة بفعل القصف، لكنهم يصرّون على الحضور والتعلم، في مشهد يلخص معاناة آلاف الأطفال في قطاع غزة، الذين يواصلون الدراسة رغم المجاعة، والدمار، والخطر المحدق.
هذه المشاهد تكررت في مراكز تعليمية عدة تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” في مناطق غرب خان يونس والمنطقة الوسطى، بعد أن توقفت معظم أنشطة التعليم بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة منذ 19 شهراً وأوامر الإخلاء.
وفي 15 مارس 2025م، قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، إنها افتتحت 130 مقرا تعليميا مؤقتا في غزة، ما أتاح التعلم المباشر لنحو 47 ألف طفل بأنحاء القطاع.
في أحد الصفوف شبه المدمّرة، يجلس الطفل يزن الغصين، واضعًا دفتره على ركبتيه، يقول : “نتعلم رغم ظروف الحرب والقصف وقلة الأدوات.. نوجّه رسالة للعالم: أوقفوا الحرب وأدخلوا المساعدات والمستلزمات التعليمية”.
الحق بالتعليم
رغم الابتسامة الخجولة على وجه يزن، إلا أن نظراته تحمل قلقًا يتجاوز عمره.. يسأل متى ستنتهي الحرب، ومتى يعود إلى مقعده الخشبي الذي حُطم في الحرب.
ليس وحده من يتحدى الظروف، فإلى جانبه أدهم الخطيب يؤكد أنه وزملاءه يصرّون على ممارسة حقهم في التعليم.
ويضيف “نواصل حقنا في التعليم جلوساً على الأرض رغم الحرب والحصار، ونتمنى انتهاء الحرب لنعود إلى منازلنا ومدارسنا ونتعلم مثل أطفال العالم”.
ومع انطلاق العام الدراسي الجديد في قطاع غزة، خلت العديد من الغرف الصفية من المقاعد والطاولات، ما اضطر الطواقم التعليمية لتوجيه الطلبة للجلوس على الأرض، بعد فرش سجاجيد صلاة مهترئة أو قطع من النايلون.
هذا الوضع تسبب، وفق شكاوى أولياء الأمور، في تشتيت انتباه الطلاب وإصابتهم بآلام في الظهر، نتيجة غياب الحد الأدنى من مقومات الراحة داخل الصفوف.
ويأتي ذلك بالتزامن مع أزمة حادة في توفر القرطاسية، وعلى رأسها الكتب المدرسية، التي كانت توزع مجانًا على الطلبة في بداية كل عام دراسي قبل اندلاع حرب الإبادة المستمرة.
واستهدف الجيش الإسرائيلي بصورة مباشرة أكثر من 400 مدرسة في قطاع غزة، منذ بدئه حرب الإبادة، وفق تقرير لوكالة “أونروا” .
وأشارت الأونروا إلى أن 88% من مدارس القطاع تحتاج إلى ترميم أو إعادة تأهيل كاملة، وأن أكثر من 70% من المدارس معظمها مدارس لجأ إليها النازحون الفلسطينيون تعرضت لاستهداف مباشر من الجيش الإسرائيلي.
ويشارك الطالب أسامة الهباش زملاءه الرأي، قائلا: “نأتي إلى المدرسة رغم الدمار والخطر.. مدارسنا مستهدفة، لكننا نتمسك بحقنا في التعلم”.
ويضيف: “قادمين نتعلم رغم الاستهدافات.. نتمنى أن تنتهي الحرب ونعود إلى الطاولات والكراسي كباقي أطفال العالم”.
ووفق إحصائية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي، فإن الجيش الإسرائيلي قصف على مدى أكثر من 15 شهرا من بداية الإبادة ألفاً و166 منشأة تعليمية، منها 927 مدرسة وجامعة وروضة أطفال ومركزاً تعليمياً دُمرت بالكامل، إضافة إلى استشهاد 12 ألفا و800 طالب و800 معلم وإداري.
وقدر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، قيمة الأضرار والخسائر في قطاع التعليم بفعل الحرب الإسرائيلية، بأكثر من ملياري دولار.
وفي 22 يناير الماضي، أعلنت وزارة التعليم في غزة، أن 95% من المباني المدرسية والتعليمية تعرضت لأضرار مختلفة فيما خرجت 85% منها عن الخدمة نتيجة تدميرها بشكل كلي أو جزئي خلال أشهر الإبادة.
ومنذ بدء إسرائيل حرب الإبادة على غزة في 7 أكتوبر 2023م، يواجه أطفال القطاع أوضاعا كارثية، حيث أفادت تقارير حكومية فلسطينية بأن الأطفال والنساء يشكلون ما يزيد على 60% من إجمالي ضحايا الإبادة الجماعية المتواصلة.
ويشكل الأطفال دون سن 18 عاما 43% من إجمالي عدد سكان دولة فلسطين الذي بلغ نحو 5.5 مليون نسمة مع نهاية عام 2024م، توزعوا بواقع 3.4 مليون في الضفة الغربية و2.1 مليون بقطاع غزة، وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يفرج عن 11 أسيرا من غزة بأوضاع صحية صعبة
أفرج الاحتلال الإسرائيلي، الخميس، عن 11 أسيرا فلسطينيا اعتقلهم خلال حرب الإبادة الجماعية وذلك بعد شهور من التعذيب وسوء المعاملة والإهمال الطبي.
ووصل الأسرى المفرج عنهم إلى قطاع غزة عبر معبر "كيسوفيم" العسكري، شرق مدينة دير البلح وسط القطاع، حيث تم نقلهم مباشرة إلى مستشفى "شهداء الأقصى" لتلقي الرعاية الطبية.
وذكر مصدر طبي أن الأسرى يخضعون لفحوص طبية، وتبدو عليهم آثار واضحة للإرهاق والتعذيب وسوء التغذية.
وفي تقرير سابق، نقلت منظمة "بيتسيلم" الحقوقية في سلسلة تقارير عن أسرى أطلق سراحهم على دفعات أن الاحتلال يتبع سياسة هيكلية ممنهجة قوامها التنكيل والتعذيب والإهمال الطبي بحق الأسرى جميعا.
وتعرض الأسرى، وفق المنظمة، لـ"العنف الشديد المتكرر والتعسفي والاعتداء الجنسي والإهانة والتحقير والتجويع المتعمد والحرمان من النوم ومنع العلاج الطبي".
وبين الأسرى أطفال ونساء وعاملون بالطواقم الطبية والدفاع المدني ورجال مدنيون، واعتقلهم الجيش منذ بدء معاركه البرية في غزة يوم 27 تشرين الأول / أكتوبر.
وبين الفينة والأخرى، يفرج الاحتلال عن أعداد من الفلسطينيين الذين اعتقلهم منذ بدء الإبادة.
وفي 17 نيسان / أبريل الجاري قال نادي الأسير الفلسطيني إن الاحتلال الإسرائيلي اعتقل آلاف المواطنين من قطاع غزة وسط تكتم شديد وإخفاء قسري منذ 7 أكتوبر 2023.
وأضاف في بيان أن المعتقلين يتعرضون لظروف "احتجاز قاسية ومرعبة تهدف إلى إيقاع أكبر ضرر ممكن بحقهم".
ولم يذكر النادي رقما محددا لعدد الأسرى الفلسطينيين من قطاع غزة القابعين في السجون الإسرائيلية بسبب تعمد إخفاء المعلومات بخصوصهم والاعتقال المتواصل للفلسطينيين من القطاع في إطار حرب الإبادة المتواصلة.
وخلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الذي دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني / يناير الماضي، أفرج الاحتلال عن مئات الأسرى الذين اعتقلهم من غزة مقابل الإفراج أسرى إسرائيليين محتجزين بالقطاع.